الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَمَلِ إِذَا بَلَغُوا أَقْصَى الْعُمُرِ لِيَلْقَوُا اللَّهَ عَلَى خَيْرِ أَعْمَالِهِمْ وَلِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام اعْتَادَ مِنْ جِبْرِيلَ عليه السلام أَنْ يُعَارِضَهُ بِالْقُرْآنِ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَمَّا عَارَضَهُ فِي الْعَامِ الْأَخِيرِ مَرَّتَيْنِ اعْتَكَفَ فِيهِ مِثْلَ مَا كَانَ يَعْتَكِفُ
ذَكَرَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ
قَالَ المنذري وأخرجه البخاري والنسائي وبن مَاجَهْ
9 -
(بَاب الْمُعْتَكِفِ يَدْخُلُ الْبَيْتَ لِحَاجَتِهِ)
(وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ بَيَانُ أَنَّ الْمُعْتَكِفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتَهَ إِلَّا لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ فَإِنْ دَخَلَهُ لِغَيْرِهِمَا مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ لَا يَخْرُجُ إِلَّا لِحَاجَةِ الْوُضُوءِ الَّذِي لا بد منه
وقال إسحاق بن رَاهْوَيْهِ لَا يَخْرُجُ إِلَّا لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ غَيْرَ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَاجِبِ مِنَ الِاعْتِكَافِ وَالتَّطَوُّعِ فَقَالَ فِي الْوَاجِبِ لَا يَعُودُ مَرِيضًا وَلَا يَشْهَدُ جِنَازَةً وَفِي التَّطَوُّعِ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ حِينَ يَبْتَدِئُ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يَكُونُ فِي الِاعْتِكَافِ شَرْطٌ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَيْسَ يَنْبَغِي لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ لِحَاجَةٍ ما خلى الْجُمُعَةَ وَالْغَائِطَ وَالْبَوْلَ فَأَمَّا سِوَى ذَلِكَ مِنْ عِيَادَةِ مَرِيضٍ وَشُهُودِ جِنَازَةٍ فَلَا يَخْرُجُ لَهُ
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ فِي عِيَادَةِ مَرِيضٍ وَلَا شُهُودِ جِنَازَةٍ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَشْهَدَ الْجُمُعَةَ وَيَعُودَ الْمَرِيضَ وَيَشْهَدَ الْجِنَازَةَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
(وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يُونُسُ) أَيْ كَمَا رَوَى اللَّيْثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ كِلَيْهِمَا معا عن
عَائِشَةَ كَذَلِكَ رَوَاهُ يُونُسُ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللَّيْثَ وَيُونُسَ جَمَعَا بَيْنَ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ وَرَوَاهُ مَعْمَرُ وَزِيَادُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ عَمْرَةَ وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَلَمْ يُتَابِعْ أَحَدٌ مَالِكًا عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(فَيُنَاوِلُنِي رَأْسَهُ مِنْ خَلَلِ الْحُجْرَةِ) خَلَلٌ بِفَتْحَتَيْنِ الْفُرْجَةُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ وَالْجَمْعُ خِلَالٌ مِثْلُ جَبَلٍ وَجِبَالٍ (فَأُرَجِّلُهُ) مِنَ التَّرْجِيلِ بِالْجِيمِ الْمَشْطُ وَالدَّهْنُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ التَّنْظِيفُ وَالتَّطَيُّبُ وَالْغُسْلُ وَالْحَلْقُ وَالتَّزْيِينُ إِلْحَاقًا بِالتَّرَجُّلِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فِيهِ إِلَّا مَا يُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ
وَعَنْ مَالِكٍ يُكْرَهُ الصَّنَائِعُ وَالْحِرَفُ حَتَّى طَلَبُ الْعِلْمِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَخْرَجَ بَعْضَ بَدَنِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَادِحًا فِي صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْمُعْتَكِفَ مَمْنُوعٌ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَّا لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ وَفِيهِ أَنَّ تَرْجِيلَ الشَّعْرِ مُبَاحٌ لِلْمُعْتَكِفِ وَالدَّرَنِ
وَفِيهِ أَنَّ بَدَنَ الْحَائِضِ طَاهِرٌ غَيْرُ نَجَسٍ
وَفِيهِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ فِيهِ وَسَائِرُ بَدَنِهِ خَارِجٌ لَمْ يَحْنَثِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي
(فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ) مِنَ الزِّيَارَةِ (فَانْقَلَبْتُ) أَيْ إِلَى بَيْتِي (فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي) أَيْ يَرُدُّنِي إِلَى بَيْتِي (عَلَى رِسْلِكُمَا) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ عَلَى هَيْئَتِكُمَا
الرِّسْلُ السَّيْرُ السَّهْلُ وَجَاءَ فِيهِ الْكَسْرُ وَالْفَتْحُ بِمَعْنَى التُّؤَدَةِ وَتَرْكِ الْعَجَلِ (سُبْحَانَ اللَّهِ) إِمَّا أَيْ حَقِيقَةً تُنَزِّهُ اللَّهَ تَعَالَى عَنْ أَنْ يَكُونَ رَسُولُهُ مُتَّهَمًا بِمَا لَا يَنْبَغِي أَوْ كِنَايَةً عَنِ التَّعَجُّبِ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ) وفي رواية البخاري يبلغ من انسان مَبْلَغَ الدَّمِ أَيْ كَمَبْلَغِ الدَّمِ وَوَجْهُ التَّشْبِيهِ بَيْنَ طَرَفَيِ التَّشْبِيهِ