الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْهُدْنَةِ) بِوَزْنِ اللُّقْمَةِ أَيْ الصُّلْحِ هَلْ هُوَ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَهْلِ الشِّرْكِ (سَتُصَالِحُونَ الرُّومَ) الْخِطَابُ لِلْمُسْلِمِينَ (صُلْحًا) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ (آمِنًا) بِالْمَدِّ صِفَةُ صُلْحًا أَيْ صُلْحًا ذَا أَمْنٍ (وَتَغْزُونَ أَنْتُمْ) أَيْ فَتُقَاتِلُونَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ
(وَهُمْ) أَيْ الرُّومُ الْمُصَالِحُونَ مَعَكُمْ (عَدُوًّا مِنْ وَرَائِكُمْ) أَيْ مِنْ خَلْفِكُمْ
وَسَيَجِيءُ هَذَا الْحَدِيثُ فِي كِتَابِ الْمَلَاحِمِ فِي بَابِ مَا يُذْكَرُ مِنْ مَلَاحِمِ الرُّومِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ بن ماجه
5
([2768]
باب في العدو يؤتي)
بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ
(عَلَى غِرَّةٍ) أَيْ غَفْلَةٍ فَيَدْخُلُ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ عَلَى الْعَدُوِّ الْكَافِرِ وَيَقْتُلُهُ عَلَى غَفْلَةٍ مِنْهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَدُوَّ لَا يَعْلَمُ بِعَزْمِ قَتْلِهِ وَلَا يَقِفُ عَلَى إِرَادَتِهِ (وَيَتَشَبَّهُ) أَيِ الْمُسْلِمُ الدَّاخِلُ عَلَى الْعَدُوِّ (بِهِمْ) أَيْ بِالْأَعْدَاءِ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ فَيَتَشَبَّهُ بِهَيْئَتِهِمْ وَآدَابِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ وَالتَّلَفُّظِ بِالْكَلِمَاتِ الَّتِي فِيهَا تَوْرِيَةٌ بَلْ بِالْكَلِمَاتِ الْمُنْكَرَةِ عِنْدَ الشَّرْعِ كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا الصَّدَقَةَ وَقَدْ عَنَّانَا فَإِنَّ التَّلَفُّظَ بِأَمْثَالِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ لَا يَجُوزُ قَطْعًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ
وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بن إسحاق فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَنَا لَكَ بِهِ يارسول اللَّهِ أَنَا أَقْتُلُهُ قَالَ فَافْعَلْ إِنْ قَدَرْتَ على ذلك قال يارسول اللَّهِ لَا بُدَّ لَنَا أَنْ نَقُولَ قَالَ قُولُوا مَا بَدَا لَكُمْ فَأَنْتُمْ فِي حِلٍّ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى
فَأَبَاحَ لَهُ الْكَذِبَ لِأَنَّهُ مِنْ خُدَعِ الْحَرْبِ
قَالَ الْحَافِظُ وَقَدْ ظَهَرَ من سياق بن سَعْدٍ لِلْقِصَّةِ أَنَّهُمُ اسْتَأْذَنُوهُ فِي أَنْ يَشْكُوَا منه وأن يعيبوا دينه انتهى
قال بن الْمُنِيرِ هُنَا لَطِيفَةٌ هِيَ أَنَّ النَّيْلَ مِنْ عِرْضِهِ كُفْرٌ وَلَا يُبَاحُ إِلَّا بِإِكْرَاهٍ لِمَنْ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَأَيْنَ الْإِكْرَاهُ هُنَا وَأَجَابَ بِأَنَّ كَعْبًا كَانَ يُحَرِّضُ عَلَى قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ فِي قَتْلِهِ خَلَاصُهُمْ فَكَأَنَّهُ أَكْرَهَ النَّاسَ عَلَى النُّطْقِ بِهَذَا الْكَلَامِ بِتَعْرِيضِهِ إِيَّاهُمْ لِلْقَتْلِ فَدَفَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَعَ أَنَّ قُلُوبَهُمْ مُطْمَئِنَّةٌ بِالْإِيمَانِ انْتَهَى وَهُوَ حَسَنٌ نَفِيسٌ
وَالْمَقْصُودُ مِنْ عَقْدِ هَذَا الْبَابِ أَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ وَالْخَدِيعَةَ وَأَشْبَاهَهَا تَجُوزُ لِقَتْلِ الْعَدُوِّ الْكَافِرِ لَكِنْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِالْعَدُوِّ بَعْدَ الْأَمَانِ
وَالصُّلْحِ وَالذِّمَّةِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ
وَبَعْدَ الْأَمَانِ يَجُوزُ ذَلِكَ بِمَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ وَأَعَانَ عَلَى قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فَعَلَ بِكَعْبٍ الْيَهُودِيِّ وَقِصَّتُهُ كَمَا عِنْدَ بن إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ أَنَّ كَعْبًا كَانَ شَاعِرًا وَكَانَ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيُحَرِّضُ عَلَيْهِ كُفَّارَ قُرَيْشٍ وَكَانَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَكَانَ الْيَهُودُ وَالْمُشْرِكُونَ يُؤْذُونَ الْمُسْلِمِينَ أَشَدَّ الْأَذَى فَأَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ وَالْمُسْلِمِينَ بِالصَّبْرِ فَلَمَّا أَبَى كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ أَنْ يَنْزِعَ عَنْ أَذَاهُ وَقَدْ كَانَ عَاهَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ لَا يُعِينَ عَلَيْهِ أَحَدًا فَنَقَضَ كَعْبٌ الْعَهْدَ وَسَبَّهُ وَسَبَّ أَصْحَابَهُ وَكَانَ مِنْ عَدَاوَتِهِ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ الْبَشِيرَانِ بِقَتْلِ مَنْ قَتَلَ بِبَدْرٍ وَأَسْرِ مَنْ أَسْرَ قَالَ كَعْبٌ أَحَقٌّ هَذَا أَتَرَوْنَ أَنَّ مُحَمَّدًا قَتَلَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُسَمِّي هَذَانِ الرَّجُلَانِ فَهَؤُلَاءِ أَشْرَافُ الْعَرَبِ وَمُلُوكُ النَّاسِ وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ أَصَابَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ لَبَطْنُ الْأَرْضِ خَيْرٌ مِنْ ظَهْرِهَا فَلَمَّا أَيْقَنَ الْخَبَرَ وَرَأَى الْأَسْرَى مُقَرَّنِينَ كُبِتَ وَذَلَّ وَخَرَجَ إِلَى قُرَيْشٍ يَبْكِي عَلَى قَتْلَاهُمْ وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَى قِتَالِهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَشَبَّبَ بِنِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى آذَاهُمْ
كَذَا فِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ لِلزُّرْقَانِيِّ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ قَتْلَ كَعْبٍ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ كَمَا سَيَجِيءُ
هَذَا مُلَخَّصٌ مِنْ شَرْحِ أَبِي دَاوُدَ لِأَبِي الطَّيِّبِ
(مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ) أَيْ مَنِ الَّذِي يُنْتَدَبُ إِلَى قَتْلِهِ (قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ) لِأَنَّهُ كَانَ يَهْجُو النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمِينَ وَيُحَرِّضُ قُرَيْشًا (فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا) أَيْ قَوْلًا غَيْرَ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ يَسُرُّ كَعْبًا لِنَتَوَصَّلَ بِهِ إِلَى التَّمَكُّنِ مِنْ قَتْلِهِ وَإِنَّهُ اسْتَأْذَنَ أَنْ يَفْتَعِلَ شَيْئًا يَحْتَالُ بِهِ (فَأَتَاهُ) أَيْ أَتَى مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ (إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ) يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (وَقَدْ عَنَّانَا) بِالْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ الْأُولَى مِنَ الْعَنَاءِ وَهُوَ التَّعَبُ (قَالَ) أَيْ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ (وَأَيْضًا) أَيْ وَزِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ فَسَّرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَوْلُهُ (لَتَمَلُّنَّهُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْمِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَضْمُومَةِ وَبِالنُّونِ الْمُشَدَّدَةِ مِنَ الْمَلَالِ أَيْ لَيَزِيدَنَّ مَلَالَتُكُمْ وَضَجَرُكُمْ عَنْهُ (أَنْ نَدَعَهُ) أَيْ نَتْرُكَهُ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ أَمْرُهُ أَيْ أَمْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَيْ يَغْلِبُ النَّاسَ أَوْ يَغْلِبُهُ النَّاسُ كَذَا فِي فَتْحِ الْوَدُودِ (أَنْ تُسْلِفَنَا) السَّلَفُ وَالسَّلَمُ وَالْقَرْضُ (وَسْقًا) الْوَسْقُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا سِتُّونَ صَاعًا وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ (أَيَّ
شَيْءٍ تَرْهَنُونِي) أَيْ أَيَّ شَيْءٍ تَدْفَعُونَهُ إِلَيَّ يَكُونُ رَهْنًا (قَالَ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا قَالُوا وَهُوَ الظَّاهِرُ (نِسَاءَكُمْ) بِالنَّصْبِ أَيْ أُرِيدُ نِسَاءَكُمْ (يُسَبُّ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (رُهِنْتُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (اللَّأْمَةَ) بِاللَّامِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ (يُرِيدُ السِّلَاحَ) هَذَا تَفْسِيرُ اللَّأْمَةِ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ
وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ اللَّأْمَةُ الدِّرْعُ فَعَلَى هَذَا إِطْلَاقُ السِّلَاحِ عَلَيْهَا مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْبَعْضِ
وَفِي النِّهَايَةِ اللَّأْمَةُ مَهْمُوزَةٌ الدِّرْعُ وَقِيلَ السِّلَاحُ وَلَأْمَةُ الْحَرْبِ أَدَاتُهُ وَقَدْ يُتْرَكُ الهمز تخفيفا انتهى (ينضخ رَأْسُهُ) أَيْ يَفُوحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ (جَاءَ مَعَهُ) أَيْ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ (قَالَ دُونَكُمْ) أَيْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ لِأَصْحَابِهِ خُذُوهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[2769]
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُزَابَةَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ زَايٍ خَفِيفَةٍ وَبَعْدَ الْأَلِفِ مُوَحَّدَةٌ (الْإِيمَانُ قَيَّدَ الْفَتْكَ) بِفَتْحِ فَاءٍ وَسُكُونِ فَوْقِيَّةٍ
قَالَ