الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
59 -
(باب كيف يَصُومُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
(يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ) فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُخْلِيَ شَهْرًا مِنْ صِيَامٍ وَأَنَّ صَوْمَ النَّفْلِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِزَمَانٍ مُعَيَّنٍ بَلْ كُلُّ السَّنَةِ صَالِحَةٌ لَهُ إِلَّا رَمَضَانَ وَالْعِيدَ وَالتَّشْرِيقَ
قِيلَ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ فِي وَقْتٍ وَيَصُومُ بَعْضَهُ فِي سَنَةٍ أُخْرَى
وَقِيلَ كَانَ يَصُومُ تَارَةً مِنْ أَوَّلِهِ وَتَارَةً مِنْ آخِرِهِ وَتَارَةً بَيْنَهُمَا وَمَا يُخْلِي مِنْهُ شَيْئًا بِلَا صِيَامٍ لَكِنْ فِي سِنِينَ
وَقِيلَ فِي تَخْصِيصِ شَعْبَانَ بِكَثْرَةِ الصَّوْمِ لِكَوْنِهِ تَرْتَفِعُ فِيهِ أَعْمَالُ الْعِبَادِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ
فَإِنْ قِيلَ تَقَدَّمَ أَنَّ أَفْضَلَ الصَّوْمِ بَعْدَ رَمَضَانَ صَوْمُ الْمُحَرَّمِ فَكَيْفَ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي شَعْبَانَ دُونَ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
فَإِنْ قِيلَ يُحْمَل قَوْله فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْر عَلَى مَا عَدَا الْأَيَّام الْمَنْهِيّ عَنْ صَوْمهَا
قيل تعليله حِكْمَة هَذِهِ الْمُقَابَلَة وَذِكْره الْحَسَنَة بِعَشْرِ أَمْثَالهَا وَتَوْزِيع السِّتَّة وَالثَّلَاثِينَ يَوْمًا عَلَى أَيَّام السَّنَة يبطل هذا الحمل
الثاني أن النبي سُئِلَ عَمَّنْ صَامَ الدَّهْر فَقَالَ لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ وَفِي لَفْظ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَد فَإِذَا كَانَ هَذَا حَال صِيَام الدَّهْر فَكَيْف يَكُون أَفْضَل الصِّيَام الثَّالِث أَنَّ النبي ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ قَالَ أَفْضَل الصِّيَام صِيَام دَاوُدَ وَفِي لَفْظ لَا أَفْضَل مِنْ صَوْم دَاوُدَ كَانَ يَصُوم يَوْمًا وَيُفْطِر يَوْمًا فَهَذَا النَّصّ الصَّحِيح الصَّرِيح الرَّافِع لِكُلِّ إِشْكَال يُبَيِّن أَنَّ صَوْمَ يَوْمٍ وَفِطْرَ يَوْمٍ أَفْضَل مِنْ سَرْد الصَّوْم
مَعَ أَنَّهُ أَكْثَر عَمَلًا
وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْفِطْر أَفْضَل مِنْهُ لَمْ يُمْكِن أَنْ يُقَال بِإِبَاحَتِهِ وَاسْتِوَاء طَرَفَيْهِ
فَإِنَّ الْعِبَارَة لا تكون مستوية الطرفين ولا يمكن أن يقال هو أفضل من الفطر بشهادة النص لَهُ بِالْإِبْطَالِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُون مَرْجُوحًا وَهَذَا بَيِّنٌ لِكُلِّ مُنْصِفٍ
وَلِلَّهِ الْحَمْد
قَالَ الْحَافِظ شَمْس الدِّين بْن الْقَيِّم رحمه الله وَفِي صَوْمه صلى الله عليه وسلم شَعْبَان أَكْثَر مِنْ غَيْره ثَلَاث مَعَانٍ