الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمُصَدِّقُونَ لِكِتَابِهِ وَأَنْتُمْ مُخَالِفُونَ لَهُمَا فِي التَّغْيِيرِ وَالتَّحْرِيفِ (وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ) ضَبَطُوا أَمَرَ هُنَا بِوَجْهَيْنِ أَظْهَرَهُمَا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ وَالثَّانِي بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي عِيَاضٌ غَيْرَهُ
كَذَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
5 -
(بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ عَاشُوَرَاءَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ)
تَقَدَّمَ آنِفًا وَجْهُهُ وَتَأْوِيلُهُ فَلْيُرْجَعْ إِلَيْهِ
(فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ صُمْنَا يَوْمَ التَّاسِعِ) أَيْ فَقَطْ أَوْ مَعَ الْعَاشِرِ فَيَكُونُ مُخَالَفَةً فِي الْجُمْلَةِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَمَعَ هَذَا مَا كَانَ تَارِكًا لِتَعْظِيمِ الْيَوْمِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ نُصْرَةُ الدِّينِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَصُومُونَ شُكْرًا وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الشُّكْرِ سِيَّمَا عَلَى وَجْهِ الْمُشَارَفَةِ عَلَى مِثْلِ زَمَانِ وُقُوعِ النِّعْمَةِ فِيهِ بَلْ صَوْمُ الْعَاشِرِ أَيْضًا فِيهِ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ إِذِ الْفَتْحُ كَانَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ وَالصَّوْمُ مَا يَصِحُّ إِلَّا مِنْ أَوَّلِهِ وَلَوْ أَرَادَ صلى الله عليه وسلم مُخَالَفَتَهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ لَتَرَكَ الصَّوْمَ مُطْلَقًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الطِّيبِيُّ لَمْ يَعِشْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْقَابِلِ بَلْ تُوُفِّيَ فِي الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَالصَّحِيح أَنَّ الْمُرَاد صَوْم التَّاسِع مَعَ الْعَاشِر لَا نَقْلُ الْيَوْم لِمَا رَوَى أَحْمَد في مسنده من حديث بن عَبَّاسٍ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ خَالِفُوا الْيَهُود صُومُوا يَوْمًا قَبْله أو يوما بعده وقال عطاء عن بن عَبَّاس صُومُوا التَّاسِع وَالْعَاشِر وَخَالِفُوا الْيَهُود ذَكَره البيهقي
وهو يبين أن قول بن عَبَّاس إِذَا رَأَيْت هِلَال الْمُحَرَّم فَاعْدُدْ فَإِذَا كَانَ يَوْم التَّاسِع فَاصْبَحْ صَائِمًا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَاد بِهِ أَنَّ عَاشُورَاء هُوَ التَّاسِع بَلْ أَمَرَهُ أَنْ يَصُوم الْيَوْم التَّاسِع قَبْل عَاشُورَاء
فَإِنْ قِيلَ فَفِي آخِر الْحَدِيث قِيلَ كَذَلِكَ كَانَ يَصُومهُ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قَالَ نَعَمْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِهِ نَقْل الصَّوْم لَا صَوْم يَوْم قَبْله
الْأَوَّلِ فَصَارَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ مِنَ الْمُحَرَّمِ صَوْمُهُ سُنَّةً وَإِنْ لَمْ يَصُمْهُ لِأَنَّهُ عَزَمَ عَلَى صومه
قال التوربشتي قيل أريد بِذَلِكَ أَنْ يَضُمَّ إِلَيْهِ يَوْمًا آخَرَ لِيَكُونَ هَدْيُهُ مُخَالِفًا لِأَهْلِ الْكِتَابِ وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ لِأَنَّهُ وَقَعَ مَوْقِعَ الْجَوَابِ لِقَوْلِهِمْ إِنَّهُ يَوْمٌ يعظمه اليهود
وروى عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ صُومُوا التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ وَخَالِفُوا الْيَهُودَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَبَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ المستحب صوم التاسع فقط
وقال بن هَمَّامٍ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ يَوْمًا أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا فَإِنْ أَفْرَدَهُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلتَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ وَرَوَى أَحْمَدُ خَبَرَ صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَخَالِفُوا الْيَهُودَ وَصُومُوا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ يَوْمًا وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ تَحْصُلُ بِأَحَدِهِمَا وَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ فَيَجْمَعُونَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
ذَكَرَهُ فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
(مُعَاوِيَةَ بْنِ غَلَابٍ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ (قَالَ كَذَلِكَ كَانَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ) لَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ آخِرًا فَكَأَنَّهُ صَامَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قيل قد صرح بن عَبَّاس بِأَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَئِنْ بَقِيت إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِع فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الَّذِي كَانَ يَصُومهُ هُوَ العاشر وبن عَبَّاس رَاوِي الْحَدِيثَيْنِ مَعًا فَقَوْله هَكَذَا كَانَ يَصُومهُ مُحَمَّد أَرَادَ بِهِ وَاَللَّه أَعْلَم قَوْله لَئِنْ بَقِيت إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِع عَزَمَ عَلَيْهِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَصُومهُ إِنْ بَقِيَ
قَالَ بن عَبَّاس هَكَذَا كَانَ يَصُومهُ وَصَدَقَ رضي الله عنه هَكَذَا كَانَ يَصُومهُ لَوْ بَقِيَ فَتَوَافَقَتْ الروايات عن بن عَبَّاس وَعُلِمَ أَنَّ الْمُخَالَفَة الْمُشَار إِلَيْهَا بِتَرْكِ إِفْرَاده بَلْ يُصَام يَوْم قَبْله أَوْ يَوْم بَعْده وَيَدُلّ عَلَيْهِ أَنَّ فِي رِوَايَة الْإِمَام أَحْمَد قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم لَئِنْ بَقِيت إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِع يَعْنِي لِصَوْمِ عَاشُورَاء وَخَالِفُوا الْيَهُود فَصُومُوا قَبْله يَوْمًا وَبَعْده يَوْمًا فَذِكْر هَذَا عَقِب قَوْله لَأَصُومَنَّ التَّاسِع يُبَيِّنُ مُرَاده
وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق