الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
35 -
(بَاب كَرَاهِيَتِهِ لِلشَّابِّ)
(عَنِ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ) وَمَعْنَى المباشرة ها هنا اللَّمْسُ بِالْيَدِ وَهُوَ الْتِقَاءُ الْبَشَرَتَيْنِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عنه المنذري
6 -
(باب من أَصْبَحَ جُنُبًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ)
(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصْبِحُ جُنُبًا) قَالَ النَّوَوِيُّ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ بِجَوَازِ الِاحْتِلَامِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَفِيهِ خِلَافٌ الْأَشْهَرُ امْتِنَاعُهُ قَالُوا لِأَنَّهُ مِنْ تَلَاعُبِ الشَّيْطَانِ وَهُمْ مُنَزَّهُونَ عَنْهُ فَالْمُرَادُ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ وَلَا يَجْنُبُ مِنَ احْتِلَامٍ لِامْتِنَاعِهِ مِنْهُ
أَمَّا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ فَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ هَذِهِ الْأَعْصَارِ عَلَى صِحَّةِ صَوْمِ الْجُنُبِ سَوَاءٌ كَانَ مِنَ احْتِلَامٍ أَوْ جِمَاعٍ وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الصَّحَابَةِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
أَحَدًا ذَكَره وَلَا سَمَّاهُ
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ عَنْ عائشة
أن النبي صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي الْقُبْلَة لِلشَّيْخِ وَهُوَ صَائِم وَنَهَى عَنْهَا الشَّابَّ وَقَالَ الشَّيْخ يَمْلِك إِرْبه وَالشَّابّ تفسد صومه وأرخص فيها بن عباس للشيخ وَكَرِهَهَا لِلشَّابِّ
وَسَأَلَ فَتًى عَبْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ الْقُبْلَة وَهُوَ صَائِم فَقَالَ لَا فَقَالَ شَيْخ عِنْده لِمَ يُحْرِج النَّاس وَيُضَيِّق عليهم والله ما بذلك بأس فقال بن عُمَر أَمَّا أَنْتَ فَقَبِّلْ فَلَيْسَ عِنْد اِسْتك خَيْر وَرُوِيَ إِبَاحَة الْقُبْلَة عَنْ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَعَبْد اللَّه بْن عُمَر وَعَبْد اللَّه بْن عَبَّاس
وأما ما روى عن بن مَسْعُود أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي الْقُبْلَة قَوْلًا شَدِيدًا يَعْنِي يَصُوم مَكَانه فَقَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا مَحْمُول عَلَى مَا إِذَا أَنْزَلَ وَهَذَا التَّفْسِير من بعض الرواة لا من بن مَسْعُود
وَاَللَّه أَعْلَم
قَالَ الْحَافِظ شَمْس الدِّين بْن الْقَيِّم رحمه الله اِخْتَلَفَ السَّلَف فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة فَذَهَبَ بَعْضهمْ إِلَى إِبْطَال صَوْمه إِذَا أَصْبَحَ جُنُبًا وَاحْتَجُّوا بِمَا فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي قَصَصه مَنْ أَدْرَكَهُ الْفَجْر جُنُبًا فَلَا يَصُوم وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فَالْمَشْهُور عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحّ صَوْمه وَعَنْهُ رِوَايَة ثَانِيَة أَنَّهُ إِنْ عِلْم بِجَنَابَتِهِ ثُمَّ نَامَ حَتَّى يُصْبِح فَهُوَ مُفْطِر وَإِنْ لَمْ يَعْلَم حَتَّى أَصْبَحَ فَهُوَ صَائِم وَرُوِيَ هَذَا الْمَذْهَب عن طاوس وعروة بن الزبير
وَالتَّابِعِينَ وَحُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ إِبْطَالُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَقِيلَ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ وَلَيْسَ بشيء
وحكي عن طاووس وَعُرْوَةَ وَالنَّخَعِيِّ إِنْ عَلِمَ بِجَنَابَتِهِ لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا فَيَصِحُّ وَحُكِيَ مِثْلُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحُكِيَ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ دُونَ الْفَرْضِ
وَحُكِيَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ يَصُومُهُ وَيَقْضِيهِ ثُمَّ ارْتَفَعَ هَذَا الْخِلَافُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ بَعْدَ هَؤُلَاءِ عَلَى صِحَّتِهِ
وَفِي صِحَّةِ الْإِجْمَاعِ بَعْدَ الْخِلَافِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِأَهْلِ الْأُصُولِ
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ حُجَّةٌ عَلَى كُلِّ مُخَالِفٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَإِذَا انْقَطَعَ دَمُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ فِي اللَّيْلِ ثُمَّ طَلَعَ الْفَجْرُ قَبْلَ اغْتِسَالِهِمَا صَحَّ صَوْمُهُمَا وَوَجَبَ عَلَيْهِمَا إِتْمَامُهُ سَوَاءٌ تَرَكَتِ الْغُسْلَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا بِعُذْرٍ أَمْ بِغَيْرِهِ كَالْجُنُبِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِمَّا لَا نَعْلَمُ صَحَّ عَنْهُ أَمْ لَا انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ بِتَغْيِيرٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا
قَالَ أَبُو دَاوُدَ مَا أَقَلَّ مَنْ يَقُولُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ يَعْنِي يُصْبِحُ جُنُبًا فِي رَمَضَانَ وَإِنَّمَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا وَهُوَ صَائِمٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَفِي كِتَابِ النَّسَائِيِّ وَفِيهَا رَدٌّ على إبراهيم والنخعي وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي قَوْلِهِمَا وَلَا يُجْزِئُهُ صَوْمُهُ فِي الْفَرْضِ وَيُجْزِئُهُ فِي التَّطَوُّعِ
(مَا أَقَلَّ) صِيغَةُ تَعَجُّبٍ (مَنْ يَقُولُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ) الْمَرْوِيَّةَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَذْرَمِيِّ (يَعْنِي يُصْبِحُ جُنُبًا فِي رَمَضَانَ) وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُشَارٌ إِلَيْهَا لِقَوْلِهِ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فَعَبْدُ اللَّهِ الْأَذْرَمِيُّ يَقُولُ فِي رِوَايَتِهِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصْبِحُ جُنُبًا فِي رَمَضَانَ مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ثُمَّ يَصُومُ وَغَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَذْرَمِيِّ يَقُولُ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ثُمَّ يَصُومُ أَيْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ فِي رَمَضَانَ (وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ) الْمَرْوِيُّ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا وَهُوَ صَائِمٌ) أَيْ من غير
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَذَهَبَتْ طَائِفَة إِلَى أَنَّ الصَّوْم إِنْ كَانَ فَرْضًا لَمْ يَصِحّ وَإِنْ كَانَ نَفْلًا صَحَّ
وَرُوِيَ هَذَا عَنْ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيِّ وَالْحَسَن الْبَصْرِيِّ
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة رِوَايَة ثَالِثَة أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ فُتْيَاهُ إِلَى قَوْل الْجَمَاعَة
وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى صِحَّة صَوْمه مُطْلَقًا فِي الْفَرْض وَالنَّفْل وَقَالُوا حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة مَنْسُوخ
وَاسْتَشْكَلَتْ طَائِفَة ثُبُوت النَّسْخ وَقَالَتْ شَرْط النَّسْخ أَنْ يُعْلَم تَأَخُّرُهُ بِنَقْلٍ أَوْ بِأَنْ تُجْمِع الْأُمَّة
ذِكْرِ رَمَضَانَ
فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْحَدِيثَ مَرْوِيٌّ بِلَفْظَيْنِ أَحَدُهُمَا بِإِطْلَاقِ الصَّوْمِ حَالَةَ الْجَنَابَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ رَمَضَانَ كَمَا رَوَاهُ غَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَذْرَمِيِّ
وَثَانِيهِمَا صَوْمُهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ مُقَيَّدًا بِصَوْمِ رَمَضَانَ كَمَا رَوَاهُ الْأَذْرَمِيُّ لَكِنَّ الرُّوَاةَ لِرِوَايَةِ تَقْيِيدِ الصَّوْمِ بِرَمَضَانَ أَقَلُّ قَلِيلٍ جِدًّا مِنَ الرُّوَاةِ لِرِوَايَةِ إِطْلَاقِ الصَّوْمِ حَتَّى صَارَتْ قِلَّةُ رُوَاةِ التَّقْيِيدِ فِي مَحَلِّ التَّعَجُّبِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ رُوَاةَ الْإِطْلَاقِ أَكْثَرُ وَأَشْهَرُ وَرُوَاةُ التَّقْيِيدِ أَقَلُّ الْقَلِيلِ جِدًّا
وَالْأَذْرَمِيُّ تَفَرَّدَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ بِذِكْرِ رَمَضَانَ لَكِنْ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَفِي
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
عَلَى تَرْك الْخَبَر الْمُعَارِض لَهُ فَيُعْلَم أَنَّهُ منسوخ وكلا الأمرين منتف ها هنا فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّ خَبَر أَبِي هُرَيْرَة مُتَقَدِّم عَلَى خَبَر عَائِشَة وَالْجَوَاب عَنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يَصِحّ أَنْ يَكُون آخِر الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم إِبْطَال الصَّوْم بِذَلِكَ لِأَنَّ أَزْوَاجه أَعْلَم بِهَذَا الْحُكْم وَقَدْ أَخْبَرْنَ بَعْد وَفَاته صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يُصْبِح جُنُبًا وَيَصُوم وَلَوْ كَانَ هَذَا هُوَ الْمُتَقَدِّم لَكَانَ الْمَعْرُوف عِنْد أَزْوَاجه مِثْل حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَلَمْ يَحْتَجّ أَزْوَاجه بِفِعْلِهِ الَّذِي كَانَ يَفْعَلهُ ثُمَّ نُسِخَ وَمُحَال أَنْ يَخْفَى هَذَا عَلَيْهِنَّ فَإِنَّهُ كَانَ يَقْسِم بَيْنهنَّ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي الصَّوْم وَالْفِطْر
هَذَا مَعَ أَنَّ الْحَدِيث فِي مُسْلِم غَيْر مَرْفُوع وَإِنَّمَا فِيهِ كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَقُول فِي قَصَصه حَسْب وَفِي الْحَدِيث أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة لَمَّا حُوقِقَ عَلَى ذَلِكَ رَدَّهُ إِلَى الْفَضْل بْن عَبَّاس فَقَالَ سَمِعْت ذَلِكَ مِنْ الْفَضْل وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الَّذِي فِي مُسْلِم وَفِي لَفْظ حَدَّثَنِي الْفَضْل بْن عَبَّاس قال البخاري وقال همام وبن عَبْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَأْمُر بِالْفِطْرِ وَالْأَوَّل أَسْنَدَ
وَلَكِنَّ رَفْعَهُ صَحِيح رَوَاهُ سفيان عن عمرو بن يَحْيَى بْن جَعْدَة قَالَ سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن عَبْدٍ الْقَارِيّ قَالَ سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول لَا وَرَبّ هَذَا الْبَيْت مَا أَنَا قُلْته مَنْ أَدْرَكَهُ الصُّبْح وَهُوَ جُنُب فَلَا يَصُمْ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قَالَهُ وَمَعَ هَذَا فَقَدْ رَوَى النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيث أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بْن هِشَام قَالَ كُنْت مَعَ عَبْد الرَّحْمَن عِنْد مَرْوَان فَذَكَرُوا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة يَقُول مَنْ اِحْتَلَمَ وَعِلْم بِاحْتِلَامِهِ وَلَمْ يَغْتَسِل حَتَّى يُصْبِح فَلَا يَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْم قَالَ اِذْهَبْ فَسَلْ أَزْوَاج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَذَهَبَ وَذَهَبْت مَعَهُ فَذَكَر الْحَدِيث وَقَالَ فَأَتَيْت مَرْوَان فَأَخْبَرْته قَوْلهمَا يَعْنِي أُمّ سَلَمَة وَعَائِشَة فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ اِخْتِلَافهمْ تَخَوُّفًا أَنْ يَكُون أَبُو هُرَيْرَة يُحَدِّث عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
فَقَالَ مَرْوَان لِعَبْدِ الرَّحْمَن عَزَمْت عَلَيْك لَمَا أَتَيْته فَحَدَّثْته أَعَنْ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم تَرْوِي هَذَا قَالَ لَا إِنَّمَا حَدَّثَنِي فُلَان وَفُلَان وَلَا رَيْب أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة لَمْ يَسْمَع ذَلِكَ مِنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ مَرَّة أَخْبَرَنِيهِ الْفَضْل بْن عَبَّاس وَمَرَّة قَالَ أَخْبَرَنِيهِ أُسَامَة بْن زَيْد وَفِي رِوَايَة عَنْهُ أَخْبَرَنِيهِ فُلَان وَفُلَان وَفِي رِوَايَة أَخْبَرَنِي رَجُل وَفِي رِوَايَة أَخْبَرَنِيهِ مُخْبِر وَفِي رِوَايَة هَكَذَا كنت أحسب
كِتَابِ النَّسَائِيِّ انْتَهَى
يَعْنِي وَإِنْ كَانَ رُوَاةُ التَّقْيِيدِ بِرَمَضَانَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى رُوَاةِ الْإِطْلَاقِ قِلَّةً لَكِنْ لَيْسَتِ الْقِلَّةٌ بِحَيْثُ تُفْضِي إِلَى الْعَجَبِ بَلْ رِوَايَةُ التَّقْيِيدِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْأَذْرَمِيِّ وَكَذَا فِي النَّسَائِيِّ فَكَيْفَ يُقَالُ إِنَّ رُوَاةَ التَّقْيِيدِ قَلِيلَةٌ جِدًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(وَهُوَ) أَيِ الرَّجُلُ (وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ) وَلَفْظُ مُسْلِمٍ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِيَهُ وَهِي تَسْمَعُ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ (أُصْبِحُ) مِنَ الْإِصْبَاحِ (جُنُبًا) سُمِّيَ بِهِ لِكَوْنِ الْجَنَابَةِ سَبَبًا لِتَجَنُّبِ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ نَحْوِهِمَا فِي حُكْمِ الشَّرْعِ وَذَلِكَ بِإِنْزَالِ الْمَاءِ أَوْ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَفِي مَعْنَاهُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ (وَاللَّهِ إِنِّي لِأَرْجُوَ أَنْ أَكُونَ أخشاكم لله) قال الشيخ عزالدين بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيهِ إِشْكَالٌ لِأَنَّ الْخَوْفَ وَالْخَشْيَةَ حَالَةٌ تَنْشَأُ مِنْ مُلَاحَظَةِ شِدَّةِ النِّقْمَةِ الْمُمْكِنِ وُقُوعُهَا بِالْخَائِفِ وَقَدْ دَلَّ الْقَاطِعُ عَلَى أنه صلى الله عليه وسلم غَيْرُ مُعَذَّبٍ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ لَا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْخَوْفُ فَكَيْفَ أَشَدُّ الْخَوْفِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الذُّهُولَ جَائِزٌ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا حَصَلَ الذُّهُولُ عَنْ مُوجِبَاتِ نَفْيِ الْعِقَابِ حَدَثَ لَهُ الْخَوْفُ وَلَا يُقَالُ إِنَّ إِخْبَارَهُ بِشِدَّةِ الْخَوْفِ وَالْخَشْيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَكْثَرُ ذُهُولًا لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ بِشِدَّةِ الْخَوْفِ وَأَعْظَمِ الْخَشْيَةِ عِظَمٌ بِالنَّوْعِ لَا بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ أَيْ إِذَا صَدَرَ الْخَوْفُ مِنْهُ وَلَوْ فِي زَمَنٍ فَرْدٍ كَانَ أَشَدَّ مِنْ خَوْفٍ غَيْرِهِ قَالَهُ السُّيُوطِيُّ
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بَلْ يقع ذلك منه صلى الله عليه وسلم عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إلا القوم الخاسرون وَأَيْضًا هُوَ إِمَامٌ لِأُمَّتِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ هَيْئَاتِ الْخَيْرِ كُلِّهَا وَمِنْ جُمْلَتِهَا هَيْئَاتُ الْخَوْفِ بِاللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى
وَقَالَ الشَّيْخُ الْمُحَدِّثُ وَلِيُّ اللَّهِ الدَّهْلَوِيُّ رحمه الله وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْخَشْيَةِ لَازِمَهَا وَهُوَ الْكَفُّ عَمَّا لَا يَرْضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هَذِهِ الْخَشْيَةُ خَشْيَةُ هَيْبَةٍ وَإِجْلَالٍ لَا خَشْيَةَ تَوَقُّعِ مَكْرُوهِ انْتَهَى
وَفِي قَوْلِهِ لَأَرْجُوَ لَعَلَّ اسْتِعْمَالَهُ الرَّجَاءَ مِنْ جُمْلَةِ الْخَشْيَةِ وَإِلَّا فَكَوْنُهُ أَخْشَى وَأَعْلَمَ مُتَحَقِّقٌ قَطْعًا
قَالَهُ السِّنْدِيُّ (وَأَعْلَمَكُمْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَخْشَاكُمْ (بِمَا أَتَّبِعُ) أَيْ بما