المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثاني 2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ١

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدِّمة الكتاب

- ‌أولاً:

- ‌ثانياً:

- ‌ثالثاً:

- ‌رابعاً:

- ‌خامساً:

- ‌سادساً:

- ‌سابعاً:

- ‌ثامناً:

- ‌كتاب الطّهارة

- ‌باب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب دخول الخلاء والاستطابة

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌باب السواك

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الواحد والعشرون

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌باب المسح على الخُفّين

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌بابٌ في المذي وغيره

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌باب الغسل من الجنابة

- ‌الحديث الواحد والثلاثون

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌باب التّيمّم

- ‌الحديث الأربعون

- ‌الحديث الواحد والأربعون

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌باب الحيض

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌الحديث التاسع والأربعون

الفصل: ‌ ‌الحديث الثاني 2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

‌الحديث الثاني

2 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يَقبلُ اللهُ صلاةَ أحدِكم إذا أحدثَ حتّى يتوضّأ. (1)

قوله: (عن أبي هريرة) جزم ابن الكلبي بأنه عمير بن عامر.

وجزم ابن إسحاق بأنه عبد الرحمن بن صخر. ورواه بعض أصحابه عن أبي هريرة ، قال: كان اسمي عبد شمس بن صخر فسمَّاني النبيُّ صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن. رواه الحاكم في " المستدرك ".

ويقويه ما رواه بن خزيمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: كان اسمي عبد شمس. وصحَّحه جمعٌ من المتأخرين. ومال الدمياطي إلى قول ابن الكلبي.

وقال ابن خزيمة: اسمه عبد الله أو عبد الرحمن.

قلت: وفيه اختلاف كثير جداً. وما ذكرناه أقربُ إلى الصحة مع ما فيها. والله أعلم.

أسلم عام خيبر ، ودوسٌ قبيلة أبي هريرة ينتسبون إلى دوس بن عدثان - بضم المهملة وبعد الدال الساكنة مثلثة - ابن عبد الله بن زهران، ينتهي نسبهم إلى الأزد.

(1) أخرجه البخاري (135، 6954) ومسلم (225) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همّام عن أبي هريرة رضي الله عنه -

ص: 37

وروى البخاري عنه قال: ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدٌ أكثر حديثاً عنه مني إلَاّ كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب.

قوله: (فإنه كان يكتب ولا أكتب).هذا استدلال من أبي هريرة على ما ذكره من أكثرية ما عند عبد الله بن عمرو. أي: ابن العاص على ما عنده.

ويستفاد من ذلك أنَّ أبا هريرة كان جازماً بأنه ليس في الصحابة أكثر حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم منه إلا عبد الله، مع أن الموجود المروي عن عبد الله بن عمرو أقلّ من الموجود المروي عن أبي هريرة بأضعاف مضاعفة.

فإن قلنا الاستثناء منقطع فلا إشكال، إذ التقدير: لكن الذي كان من عبد الله. وهو الكتابة لم يكن مني، سواء لزم منه كونه أكثر حديثاً لِمَا تقتضيه العادة أم لا.

وإن قلنا الاستثناء متصل. فالسبب فيه من جهات:

أحدها: أنَّ عبد الله كان مشتغلاً بالعبادة أكثر من اشتغاله بالتعليم فقلَّت الرواية عنه.

ثانيها: أنه كان أكثر مقامه بعد فتوح الأمصار بمصر أو بالطائف. ولم تكن الرحلة إليهما ممن يطلب العلم كالرحلة إلى المدينة، وكان أبو هريرة متصديا فيها للفتوى والتحديث إلى أن مات، ويظهر هذا من كثرة من حمل عن أبي هريرة، فقد ذكر البخاري ، أنه روى عنه ثمانمائة

ص: 38

نفس من التابعين، ولم يقع هذا لغيره.

ثالثها: ما اختُصَّ به أبو هريرة من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم له بأن لا ينسى ما يحدثه به. متفق عليه. وفي المستدرك للحاكم من حديث زيد بن ثابت قال: كنت أنا وأبو هريرة وآخر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادعوا. فدعوت أنا وصاحبي. وأمَّن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم دعا أبو هريرة فقال: اللهمَّ إني أسألك مثل ما سألك صاحباي، وأسألك علما لا ينسى. فأمَّن النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: ونحن كذلك يا رسول الله، فقال: سبقكما الغلام الدوسي.

رابعها: أن عبد الله كان قد ظفر في الشام بِحْمل جَمَل من كتب أهل الكتاب فكان ينظر فيها ، ويحدث منها فتجنب الأخذَ عنه لذلك كثيرٌ من أئمة التابعين. والله أعلم.

قوله: (لا يقبل) المراد بالقبول هنا ما يرادف الصّحّة. وهو الإجزاء.

وحقيقة القبول ثمرة وقوع الطّاعة مجزئة رافعة لِمَا في الذّمّة. ولَمَّا كان الإتيان بشروطها مظنّة الإجزاء الذي القبول ثمرته عبّر عنه بالقبول مجازاً.

وأمّا القبول المنفيّ في مثل قوله صلى الله عليه وسلم: من أتى عرّافاً لَم تقبل له صلاة. (1) فهو الحقيقيّ؛ لأنّه قد يصحّ العمل ويتخلف القبول لمانعٍ،

(1) أخرجه مسلم في " صحيحه "(2230) من حديث صفية عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى عرَّافا فسأَلَه عن شيء لم تُقبل له صلاةٌ أربعين ليلة.

ص: 39

ولهذا كان بعض السّلف يقول: لأن تقبل لي صلاة واحدة أحبّ إليّ من جميع الدّنيا، قاله ابن عمر. قال: لأنّ الله تعالى قال: إنّما يتقبّل الله من المتّقين. (1)

قوله: (أحدث) زاد البخاري: قال رجلٌ من حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فساءٌ أو ضراطٌ " أي: وجد منه الحدث، والمراد به الخارج من أحد السّبيلين.

وإنّما فسّره أبو هريرة بأخصّ من ذلك تنبيهاً بالأخفّ على الأغلظ؛ ولأنّهما قد يقعان في أثناء الصّلاة أكثر من غيرهما.

وأمّا باقي الأحداث المختلف فيها بين العلماء - كمسّ الذّكر ولمس المرأة والقيء ملء الفم والحجامة - فلعل أبا هريرة كان لا يرى النّقض بشيءٍ منها. وعليه مشى البخاري كما قال " باب من لَم ير الوضوء إلَاّ من المخرجين ".

وقيل: إنّ أبا هريرة اقتصر في الجواب على ما ذكر ، لعلمه أنّ السّائل كان يعلم ما عدا ذلك، وفيه بُعد.

(1) أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق "(31/ 146) من طريق هشام بن يحيى عن أبيه ، قال: دخل سائلٌ إلى ابن عمر ، فقال لابنه: أعطه ديناراً فأعطاه. فلمَّا انصرف ، قال ابنه عقيل: تقبل الله منك يا أبتاه ، فقال: لو علمتُ أنَّ الله تقبَّل منّي سجدةً واحدةً. أو صدقةَ درهمٍ لَم يكن غائبٌ أحبَّ إليَّ من الموت ، تدري ممن يتقبل الله؟ إنما يتقبل الله من المتقين.

وجاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه أيضاً ، أخرجه ابن المبارك في " الزهد "(87)

ص: 40

واستدل بالحديث على بطلان الصّلاة بالحدث. سواء كان خروجه اختياريّاً أم اضطراريّاً، وعلى أنّ الوضوء لا يجب لكل صلاة ، لأنّ القبول انتفى إلى غاية الوضوء ، وما بعدها مخالف لِمَا قبلها ، فاقتضى ذلك قبول الصّلاة بعد الوضوء مطلقاً.

قوله: (يتوضّأ) أي: بالماء أو ما يقوم مقامه، وقد روى النّسائيّ بإسنادٍ قويّ عن أبي ذرّ مرفوعاً " الصّعيد الطّيّب وضوء المسلم " فأطلق الشّارع على التّيمّم أنّه وضوء لكونه قام مقامه، ولا يخفى أنّ المراد بقبول صلاة من كان محدثاً فتوضّأ. أي: مع باقي شروط الصّلاة. والله أعلم.

والوضوء بالضّمّ هو الفعل، وبالفتح الماء الذي يتوضّأ به على المشهور فيهما. وحكي: في كلّ منهما الأمران.

وهو مشتقّ من الوضاءة، وسمّي بذلك لأنّ المصلي يتنظّف به فيصير وضيئاً.

واختلف السّلف في معنى الآية (إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا ..)

قال الأكثرون: التّقدير إذا قمتم إلى الصّلاة محدثين.

وقال آخرون: بل الأمر على عمومه من غير تقدير حذف، إلَاّ أنّه في حقّ الْمُحدث على الإيجاب، وفي حقّ غيره على النّدب.

وذهب إلى استمرار الوجوب قومٌ كما جزم به الطحاوي ، ونقله ابن عبد البر عن عكرمة وابن سيرين وغيرهما.

واستبعده النووي. وجنح إلى تأويل ذلك إنْ ثبت عنهم، وجزم

ص: 41

بأنَّ الإجماع استقرَّ على عدم الوجوب. ويمكن حمل الآية على ظاهرها من غير نسخ، ويكون الأمر في حق المحدثين على الوجوب، وفي حق غيرهم على الندب، وحصل بيان ذلك بالسنة.

وقال بعضهم: كان على الإيجاب ثمّ نسخ فصار مندوباً.

ويدلّ لهذا ما رواه أحمد وأبو داود من طريق عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطّاب ، أنّ أسماء بنت زيد بن الخطّاب حدّثتْ أباه عبد الله بن عمر عن عبد الله بن حنظلة الأنصاريّ ، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة طاهراً كان أو غير طاهر، فلمّا شقّ عليه وضع عنه الوضوء إلَاّ من حدث.

ولمسلمٍ من حديث بريدة: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يتوضّأ عند كلّ صلاة، فلمّا كان يوم الفتح صلَّى الصّلوات بوضوءٍ واحد، فقال له عمر: إنّك فعلتَ شيئاً لَم تكن تفعله؟ فقال: عمداً فعلته. أي: لبيان الجواز.

وللبخاري عن أنس قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يتوضّأ عند كل صلاةٍ ، قلت: كيف كنتم تصنعون؟ قال: يجزئ أحدنا الوضوء ما لَم يُحدث.

وموجب الوضوء القيام إلى الصّلاة حسب، ويدلّ له ما رواه أصحاب السّنن من حديث ابن عبّاس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إنّما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصّلاة.

واستنبط بعض العلماء من قوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصّلاة) إيجاب النّيّة في الوضوء؛ لأنّ التّقدير إذا أردتم القيام إلى الصّلاة فتوضّئوا لأجلها، ومثله قولهم: إذا رأيت الأمير فقم، أي: لأجله.

ص: 42

وتمسّك بهذه الآية مَن قال: إنّ الوضوء أوّل ما فرض بالمدينة، فأمّا ما قبل ذلك. فنقل ابن عبد البرّ اتّفاق أهل السّير على أنّ غسل الجنابة إنّما فرض على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو بمكّة كما فرضت الصّلاة، وأنّه لَم يصل قطّ إلَاّ بوضوءٍ.

قال: وهذا ممّا لا يجهله عالم.

وقال الحاكم في " المستدرك ": وأهل السّنّة بهم حاجة إلى دليل الرّدّ على من زعم أنّ الوضوء لَم يكن قبل نزول آية المائدة. ثمّ ساق حديث ابن عبّاس: دخلتْ فاطمة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهي تبكي ، قالت: هؤلاء الملأ من قريش قد تعاهدوا ليقتلوك. فقال: ائتوني بوضوءٍ. فتوضّأ .. الحديث (1).

قلت: وهذا يصلح ردّاً على من أنكر وجود الوضوء قبل الهجرة، لا على من أنكر وجوبه حينئذٍ.

وقد جزم ابن الجهم المالكيّ بأنّه كان قبل الهجرة مندوباً.

وجزم ابن حزم بأنّه لَم يشرع إلَاّ بالمدينة.

ورُدّ عليهما: بما أخرجه ابن لهيعة في " المغازي " التي يرويها عن أبي الأسود - يتيم عروة - عنه ، أنّ جبريل علَّم النّبيّ صلى الله عليه وسلم الوضوء عند

(1) أخرجه أحمد في " المسند "(2762 - 3485) وابن حبان (6502) والحاكم في " المستدرك "(2/ 80) والضياء في " المختارة "(4/ 160) وغيرهم من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه. مطوَّلاً. وقال الحاكم: حديث صحيح.

ص: 43

نزوله عليه بالوحي. وهو مرسلٌ. ووصله أحمد من طريق ابن لهيعة أيضاً ، لكن قال: عن الزّهريّ عن عروة عن أسامة بن زيد عن أبيه.

وأخرجه ابن ماجه من رواية رشدين بن سعد عن عقيل عن الزّهريّ نحوه، لكن لَم يذكر زيد بن حارثة في السّند. وأخرجه الطّبرانيّ في " الأوسط " من طريق الليث عن عقيل موصولاً.

ولو ثبت لكان على شرط الصّحيح، لكنّ المعروف رواية ابن لهيعة.

ص: 44