المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثالث 3 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ١

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدِّمة الكتاب

- ‌أولاً:

- ‌ثانياً:

- ‌ثالثاً:

- ‌رابعاً:

- ‌خامساً:

- ‌سادساً:

- ‌سابعاً:

- ‌ثامناً:

- ‌كتاب الطّهارة

- ‌باب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب دخول الخلاء والاستطابة

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌باب السواك

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الواحد والعشرون

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌باب المسح على الخُفّين

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌بابٌ في المذي وغيره

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌باب الغسل من الجنابة

- ‌الحديث الواحد والثلاثون

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌باب التّيمّم

- ‌الحديث الأربعون

- ‌الحديث الواحد والأربعون

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌باب الحيض

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌الحديث التاسع والأربعون

الفصل: ‌ ‌الحديث الثالث 3 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص

‌الحديث الثالث

3 -

عن عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم ، قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويلٌ للأعقابِ مِنَ النّار. (1)

قوله: (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) بن وئل السهمي. (2)

قوله: (وأبي هريرة)(3)

قوله: (عائشة) هي الصديقة بنت الصديق ، وأمها أم رومان.

وكان مولدها في الإسلام قبل الهجرة بثمان سنين أو نحوها. ومات النبي صلى الله عليه وسلم ولها نحو ثمانية عشر عاماً.

وقد حفظتْ عنه شيئاً كثيراً ، وعاشت بعده قريباً من خمسين سنة، فأكثَرَ الناسُ الأخذَ عنها، ونقلوا عنها من الأحكام والآداب شيئاً

(1) حديث عبد الله بن عمرو. أخرجه البخاري (60 ، 96 ، 161) ومسلم (241) من طريق أبي عوانة عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمرو. مطوَّلاً. وفيه قصة سيذكرها الشارح.

ورواه مسلم (241) من وجه آخر عن هلال بن يساف عن أبي يحيى عن عبد الله بن عمرو.

أمَّا حديث أبي هريرة. فأخرجه البخاري (163) ومسلم (242) من طريق محمد بن زياد عن أبي هريرة به. وأخرجه مسلم (242) من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عنه به.

أمَّا حديث عائشة. فأخرجه مسلم (240) من طريق سالم مولى شدّاد عنها.

ولم يخرّج البخاريُّ حديثَ عائشة كما قال ابن الملقن وعبد الحق في جمعه والزركشي في تصحيح العُمدة.

(2)

ستأتي ترجمته إن شاء الله في الصوم (201). وانظر حديث أبي هريرة الماضي.

(3)

تقدَّمت ترجمته في الحديث الماضي.

ص: 45

كثيراً حتى قيل إن ربع الأحكام الشرعية منقول عنها رضي الله عنها. وكان موتها في خلافة معاوية سنة ثمان وخمسين. وقيل: في التي بعدها.

ولَم تلد للنبي صلى الله عليه وسلم شيئاً على الصواب، وسألتْه أن تكتني. فقال: اكتني بابن أختك ، فاكتنت أم عبد الله. وأخرج ابن حبان في " صحيحه " من حديث عائشة ، أنه كنَّاها بذلك لما أُحضر إليه ابن الزبير ليحنكه ، فقال: هو عبد الله وأنتِ أم عبد الله. قالت: فلم أزل أكنى بها.

قوله: (ويلٌ) جاز الابتداء بالنّكرة لأنّه دعاء.

واختلف في معناه على أقوال:

أظهرها: ما رواه ابن حبّان في " صحيحه " من حديث أبي سعيد مرفوعاً: ويل وادٍ في جهنّم. (1)

قال ابن خزيمة: لو كان الماسح مؤدّياً لِلفرض لَمَا توعّد بالنّار، وأشار بذلك إلى ما في كتب الخلاف عن الشّيعة أنّ الواجب المسح أخذاً بظاهر قراءة (وأرجلكم) بالخفض.

وقد تواترت الأخبار عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في صفة وضوئه أنّه غسل

(1) قال ابن حجر في " الفتح ": وأمّا ما ورد في جهنّم. فلم يرد أنّه معناه في اللّغة، وإنّما أراد مَن قال الله ذلك فيه فقد استحقّ مَقرّاً من النّار.

وسيأتي مزيد بسط في معنى كلمة ويل في كتاب الحج إن شاء الله. انظر رقم (240)

ص: 46

رجليه ، وهو المبيّن لأمر الله، وقد قال في حديث عمرو بن عبسة. الذي رواه ابن خزيمة وغيره مطوّلاً في فضل الوضوء: ثمّ يغسل قدميه كما أمره الله.

ولَم يثبت عن أحدٍ من الصّحابة خلاف ذلك ، إلَاّ عن عليّ وابن عبّاس وأنس، وقد ثبت عنهم الرّجوع عن ذلك.

قال عبد الرّحمن بن أبي ليلى: أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غسل القدمين، رواه سعيد بن منصور. وادّعى الطّحاويّ وابن حزم أنّ المسح منسوخ. والله أعلم. وهو القول الأول.

القول الثاني: الاكتفاء بالمسح. لقوله تعالى (وأرجلِكم) عطفاً على (وامسحوا برءوسكم) فذهب إلى ظاهرها جماعةٌ من الصحابة والتابعين، فحكي عن ابن عباس في رواية ضعيفة ، والثابت عنه خلافه، وعن عكرمة والشعبي وقتادة، وهو قول الشيعة.

القول الثالث: عن الحسن البصري: الواجب الغسل أو المسح.

القول الرابع: عن بعض أهل الظاهر: يجب الجمع بينهما.

وحجة الجمهور. الأحاديث الصحيحة المذكورة وغيرها من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه بيان للمراد، وأجابوا عن الآية بأجوبة:

الجواب الأول: أنه قرئ (وأرجلَكم) بالنصب عطفاً على (أيديكم)، وقيل معطوف على محل برءوسكم كقوله:(يا جبال أوبي معه والطير) بالنصب.

الجواب الثاني: المسح في الآية محمولٌ لمشروعية المسح على الخُفّين ،

ص: 47

فحملوا قراءة الجر على مسح الخُفّين ، وقراءة النصب على غسل الرجلين.

وقرَّر ذلك أبو بكر بن العربي تقريراً حسناً فقال ما ملخصه:

بين القراءتين تعارض ظاهر، والحكم فيما ظاهره التعارض أنه إن أمكن العمل بهما وجب، وإلَاّ عمل بالقدر الممكن، ولا يتأتى الجمع بين الغسل والمسح في عضو واحد في حالة واحدة ، لأنه يؤدي إلى تكرار المسح ، لأن الغسل يتضمن المسح، والأمر المطلق لا يقتضي التكرار. فبقي أن يعمل بهما في حالين توفيقاً بين القراءتين وعملاً بالقدر الممكن.

الجواب الثالث: إنما عطفت على الرءوس الممسوحة ، لأنها مظنة لكثرة صب الماء عليها فلمنع الإسراف عطفت، وليس المراد أنها تمسح حقيقة.

ويدلُّ على هذا المراد قوله: (إلى الكعبين) ، لأن المسح رخصة فلا يقيد بالغاية؛ ولأن المسح يطلق على الغسل الخفيف، يقال: مسح أطرافه. لمن توضأ، ذكره أبو زيد اللغوي وابن قتيبة وغيرهما.

قوله: (للأعقاب)(1) أي: المرئيّة إذ ذاك فاللام للعهد ، ويلتحق

(1) وفي روايةٍ لمسلم (ويل للعراقيب ..)

قال النووي (3/ 131): العراقيب جمع عُرقوب بضم العين في المفرد وفتحها في الجمع. وهوالعصبة التي فوق العقب.

ص: 48

بها ما يشاركها في ذلك؛ والعقب مؤخّر القدم.

قال البغويّ: معناه ويل لأصحاب الأعقاب المقصّرين في غسلها. وقيل: أراد أنّ العقب مختصّ بالعقاب إذا قصّر في غسله.

وإنّما خُصّت بالذّكر لصورة السّبب كما في حديث عبد الله بن عمرو قال: تخلَّف عنا النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافرناها فأدركنا - وقد أرهقتنا الصلاة - ونحن نتوضأ، فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: ويل .. الحديث.

ولمسلم: رجعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكّة إلى المدينة حتّى إذا كنّا بماءٍ بالطّريق تعجّل قومٌ عند العصر، فتوضّئوا وهم عجالٌ ، فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لَم يمسّها الماء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويلٌ للأعقاب من النّار ، أسبغوا الوضوء. فيلتحق بها ما في معناها من جميع الأعضاء التي قد يحصل التّساهل في إسباغها. وفي الحاكم وغيره من حديث عبد الله بن الحارث " ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النّار ".

ومعنى قوله " أرهقتنا " الإرهاق الإدراك والغشيان.

قال ابن بطَّال: كأن الصحابة أخَّروا الصلاة في أول الوقت طمعاً أن يلحقهم النبي صلى الله عليه وسلم فيصلّوا معه، فلما ضاق الوقت بادروا إلى الوضوء ولعجلتهم لَم يسبغوه، فأدركهم على ذلك فأنكر عليهم.

قلت: ما ذكره من تأخيرهم قاله احتمالاً. ويحتمل أيضاً: أن يكونوا أخَّروا لكونهم على طهرٍ. ويحتمل: لرجاء الوصول إلى الماء،

ص: 49

ويدلُّ عليه. رواية مسلم " حتى إذا كنا بماء بالطريق تعجل قوم عند العصر " أي: قرب دخول وقتها فتوضئوا وهم عجال.

قوله " ونمسح على أرجلنا " انتزع منه البخاري أنَّ الإنكار عليهم كان بسبب المسح ، لا بسبب الاقتصار على غسل بعض الرجل، فلهذا قال في الترجمة " غسل الرجلين ، ولا يمسح على القدمين " وهذا ظاهر الرواية المتفق عليها.

وفي أفراد مسلم " فانتهينا إليهم وأعقابهم بيضٌ تلوح لَم يمسَّها الماء "(1)

فتمسك بهذا من يقول بإجزاء المسح، وبحمل الإنكار على ترك التعميم؛ لكن الرواية المتفق عليها أرجح ، فتحمل هذه الرواية عليها بالتأويل.

فيحتمل أن يكون معنى قوله " لَم يمسها الماء " أي: ماء الغسل جمعاً بين الروايتين. وأصرح من ذلك رواية مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً لَم يغسل عقبه ، فقال ذلك.

وأيضاً فمَن قال بالمسح لَم يوجب مسح العقب، والحديث حجة عليه.

(1) ليس عند مسلم لفظة " بيض " وإنما أخرجها البيهقي في " الكبرى "(1/ 112) من طريق إسحاق بن إبراهيم - شيخ مسلم فيه- عن جرير بسنده.

ورواها أيضاً ابن خزيمة في " صحيحه "(161) والبزار في " مسنده "(2363) كلاهما عن يوسف بن موسى عن جرير به.

ص: 50

وقال الطحاوي: لَمّا أمرهم بتعميم غسل الرجلين حتى لا يبقى منهما لمعةٌ ، دلَّ على أنَّ فرضها الغسل.

وتعقبه ابن المنير: بأن التعميم لا يستلزم الغسل، فالرأس تعم بالمسح وليس فرضها الغسل.

وقوله " أرجلنا " قابَلَ الجمعَ بالجمع ، فالأرجل موزَّعة على الرجال ، فلا يلزم أن يكون لكل رجل أرجل.

ص: 51