المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث التاسع والأربعون - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ١

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدِّمة الكتاب

- ‌أولاً:

- ‌ثانياً:

- ‌ثالثاً:

- ‌رابعاً:

- ‌خامساً:

- ‌سادساً:

- ‌سابعاً:

- ‌ثامناً:

- ‌كتاب الطّهارة

- ‌باب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب دخول الخلاء والاستطابة

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌باب السواك

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الواحد والعشرون

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌باب المسح على الخُفّين

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌بابٌ في المذي وغيره

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌باب الغسل من الجنابة

- ‌الحديث الواحد والثلاثون

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌باب التّيمّم

- ‌الحديث الأربعون

- ‌الحديث الواحد والأربعون

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌باب الحيض

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌الحديث التاسع والأربعون

الفصل: ‌الحديث التاسع والأربعون

‌الحديث التاسع والأربعون

49 -

عن معاذة ، قالت: سألت عائشة رضي الله عنها ، فقلتُ: ما بال الحائضِ تقضي الصّومَ ، ولا تقضي الصّلاةَ؟ فقالت: أحروريّةٌ أنتِ؟ فقلت: لستُ بحروريّةٍ ، ولكنّي أسأل. فقالتْ: كان يصيبُنا ذلك ، فنؤمَر بقضاء الصّومِ ، ولا نُؤمَر بقضاءِ الصّلاةِ. (1)

قوله: (عن معاذة) هي بنت عبد الله العدويّة، وهي معدودةٌ في فقهاء التّابعين.

قوله: (سأَلتُ عائشة) في رواية لهما " أنّ امرأةً قالت لعائشة: أتَجزي إحدانا صلاتها إذا طهرت؟ فقالت: أحروريّةٌ أنتِ؟ كنّا نحيض مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم فلا يأمرنا به أو قالت: فلا نفعله.

أتجزي بفتح أوّله، أي: أتقضي. وصلاتها بالنّصب على المفعوليّة، ويُروى أتُجزئ بضمّ أوّله والهمز، أي: أتكفي المرأة الصّلاة الحاضرة وهي طاهرة ولا تحتاج إلى قضاء الفائتة في زمن الحيض؟. فصلاتها على هذا بالرّفع على الفاعليّة، والأولى أشهر.

قوله: (ولا تقضي الصّلاة) نقل ابن المنذر وغيره إجماع أهل العلم على ذلك، وروى عبد الرّزّاق عن معمر أنّه سأل الزّهريّ عنه ، فقال: اجتمع النّاس عليه.

(1) أخرجه البخاري (315) ومسلم (335) واللفظ له. من طرق عن معاذة عن عائشة به.

ص: 385

وحكى ابن عبد البرّ عن طائفة من الخوارج ، أنّهم كانوا يوجبونه، وعن سمرة بن جندب ، أنّه كان يأمر به ، فأنكرت عليه أمّ سلمة.

لكن استقرّ الإجماع على عدم الوجوب كما قاله الزّهريّ وغيره. وفي الصحيحين عن أبي سعيد مرفوعاً: أليس إذا حاضت لَم تصل ولَم تصم؟.

قوله: (أحروريّة) الحروريّ منسوب إلى حروراء بفتح الحاء وضمّ الرّاء المهملتين وبعد الواو السّاكنة راءٌ أيضاً، بلدة على ميلين من الكوفة، والأشهر أنّها بالمدّ.

قال المبرّد: النّسبة إليها حروراويّ، وكذا كلّ ما كان في آخره ألف تأنيث ممدودة، ولكن قيل الحروريّ بحذف الزّوائد، ويقال لمن يعتقد مذهب الخوارج حروريّ؛ لأنّ أوّل فرقة منهم خرجوا على عليٍّ بالبلدة المذكورة فاشتهروا بالنّسبة إليها، وهم فِرَقٌ كثيرة، لكن من أصولهم المتّفق عليها بينهم الأخذ بما دلَّ عليه القرآن ورَدُّ ما زاد عليه من الحديث مطلقاً، ولهذا استفهمت عائشة معاذة استفهام إنكار.

وزاد مسلم في رواية عاصم عن معاذة ، فقلت: لا ، ولكنّي أسأل. أي: سؤالاً مجرّداً لطلب العلم لا للتّعنّت، وفهِمت عائشة عنها طلب الدّليل فاقتصرت في الجواب عليه دون التّعليل.

والذي ذكره العلماء في الفرق بين الصّلاة والصّيام ، أنّ الصّلاة تتكرّر فلم يجب قضاؤها للحرج بخلاف الصّيام، ولمن يقول بأنّ الحائض مخاطبة بالصّيام أن يفرّق بأنّها لَم تخاطب بالصّلاة أصلاً.

ص: 386

وقال ابن دقيق العيد: اكتفاء عائشة في الاستدلال على إسقاط القضاء بكونها لَم تؤمر به يحتمل وجهين:

أحدهما: أنّها أخذت إسقاط القضاء من إسقاط الأداء فيتمسّك به حتّى يوجد المعارض وهو الأمر بالقضاء كما في الصّوم.

ثانيهما: - قال وهو أقرب - أنّ الحاجة داعية إلى بيان هذا الحكم لتكرّر الحيض منهنّ عنده صلى الله عليه وسلم، وحيث لَم يبيّن دلَّ على عدم الوجوب، لا سيّما وقد اقترن بذلك الأمر بقضاء الصّوم كما في رواية عاصم عن معاذة عند مسلم.

قوله: (فلا يأمرنا به، أو قالت: فلا نفعله) كذا في هذه الرّواية بالشّكّ، وعند الإسماعيليّ من وجه آخر " فلم نكن نقضي ولَم نؤمر به ".

والاستدلال بقولها " فلم نكن نقضي " أوضح من الاستدلال بقولها " فلم نؤمر به " لأنّ عدم الأمر بالقضاء هنا قد ينازع في الاستدلال به على عدم الوجوب، لاحتمال الاكتفاء بالدّليل العامّ على وجوب القضاء. والله أعلم.

تكميل: قال أبو الزناد: إنَّ السننَ ووجوهَ الحق لتأتي كثيراً على خلاف الرأي، فما يجد المسلمون بُدَّاً من اتّباعها، من ذلك أنَّ الحائض تقضي الصيام ، ولا تقضي الصلاة. (1)

(1) قول أبي الزناد. ذكره البخاري معلّقاً في كتاب الصوم. باب الحائض تترك الصلاة والصوم. ولم يذكر ابن حجر من وصله. وقد وصله الخطيب في " الفقيه والمتفقّه "(1/ 392) من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه به.

ص: 387

قال الزين بن المنير: نظَرَ أبو الزناد إلى الحيض فوجده مانعاً من هاتين العبادتين، وما سلبَ الأهليةَ استحال أن يتوجَّه به خطاب الاقتضاء، وما يمنع صحةَ الفعل يمنع الوجوب، فلذلك استبعد الفرق بين الصلاة والصوم فأحال بذلك على اتباع السنة والتعبد المحض.

وقد سألتْ معاذةُ عائشةَ عن الفرق المذكور ، فأنكرت عليها عائشة السؤال وخشيت عليها أن تكون تلقَّنتْه من الخوارج الذين جرت عادتهم باعتراض السنن بآرائهم، ولم تزدها على الحوالة على النصِّ، وكأنها قالت لها: دعي السؤال عن العلة إلى ما هو أهم من معرفتها. وهو الانقياد إلى الشارع.

وقد تكلَّم بعض الفقهاء في الفرق المذكور، واعتمد كثيرٌ منهم على أنَّ الحكمة فيه أنَّ الصلاة تتكرر فيشق قضاؤها بخلاف الصوم الذي لا يقع في السنة إلَّا مرة. واختار إمام الحرمين أنَّ المتبع ذلك هو النصُّ ، وأن كل شيء ذكروه من الفرق ضعيف. والله أعلم.

وزعم المهلَّب: أنَّ السبب في منع الحائض من الصوم أنَّ خروج الدم يُحدث ضعفاً في النفس غالباً فاستعمل هذا الغالب في جميع الأحوال، فلمَّا كان الضعف يبيح الفطر ، ويوجب القضاء كان كذلك

ص: 388

الحيض.

ولا يخفى ضعفُ هذا المأخذ، فإنَّ المريض لو تحامل فصام صحَّ صومه بخلاف الحائض، وأن المستحاضة في نزف الدم أشدُّ من الحائض وقد أبيح لها الصوم.

وقول أبي الزناد: إنَّ السنن لتأتي كثيراً على خلاف الرأي. كأنه يشير إلى قول عليٍّ: لو كان الدين بالرأي لكان باطن الخف أحق بالمسح من أعلاه. أخرجه احمد وأبو داود والدارقطني. ورجال إسناده ثقات.

ونظائر ذلك في الشرعيات كثيرٌ. ومما يفرق فيه بين الصوم والصلاة في حق الحائض أنها لو طهرت قبل الفجر ونوت صحَّ صومها في قول الجمهور ، ولا يتوقف على الغسل، بخلاف الصلاة.

ص: 389