المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الثاني والثلاثون - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ١

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدِّمة الكتاب

- ‌أولاً:

- ‌ثانياً:

- ‌ثالثاً:

- ‌رابعاً:

- ‌خامساً:

- ‌سادساً:

- ‌سابعاً:

- ‌ثامناً:

- ‌كتاب الطّهارة

- ‌باب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب دخول الخلاء والاستطابة

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌باب السواك

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الواحد والعشرون

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌باب المسح على الخُفّين

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌بابٌ في المذي وغيره

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌باب الغسل من الجنابة

- ‌الحديث الواحد والثلاثون

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌باب التّيمّم

- ‌الحديث الأربعون

- ‌الحديث الواحد والأربعون

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌باب الحيض

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌الحديث التاسع والأربعون

الفصل: ‌الحديث الثاني والثلاثون

‌الحديث الثاني والثلاثون

32 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه ، ثمّ توضّأ وضوءه للصّلاة ، ثمّ اغتسل ، ثمّ يُخلِّل بيديه شعره ، حتّى إذا ظنّ أنّه قد أَرْوى بشرته ، أفاض عليه الماء ثلاث مرّاتٍ ، ثمّ غسل سائر جسده. (1)

تمهيد: قال الشّافعيّ رحمه الله في الأمّ: فرض الله تعالى الغسل مطلقاً لَم يذكر فيه شيئاً يبدأ به قبل شيء ، فكيفما جاء به المغتسل أجزأه إذا أتى بغسل جميع بدنه. والاختيار في الغسل ما روت عائشة ، ثمّ روى حديث الباب عن مالكٍ عن هشام عن أبيه عن عائشة ، وهو في الموطّأ كذلك.

قال ابن عبد البرّ: هو من أحسن حديث روي في ذلك.

قلت: وقد رواه عن هشام - وهو ابن عروة - جماعة من الحفّاظ غير مالكٍ ، كما سنشير إليه.

قوله: (كان إذا اغتسل) أي: شرع في الفعل و " من " في قوله " من الجنابة " سببيّة.

قوله: (غسل يديه) وللبخاري " بدأ فغسل يديه ".

(1) أخرجه البخاري (245 ، 259 ، 269) ومسلم (316) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به.

ص: 283

يحتمل: أن يكون غسلهما للتّنظيف ممّا بهما من مستقذرٍ ، وسيأتي في حديث ميمونة تقوية ذلك.

ويحتمل: أن يكون هو الغسل المشروع عند القيام من النّوم.

ويدلّ عليه زيادة ابن عيينة في هذا الحديث عن هشام " قبل أن يدخلهما في الإناء " رواه الشّافعيّ والتّرمذيّ. وزاد أيضاً " ثمّ يغسل فرجه " وكذا لمسلمٍ من رواية أبي معاوية ، ولأبي داود من رواية حمّاد بن زيد كلاهما عن هشام.

وهي زيادةٌ جليلةٌ؛ لأنّ بتقديم غسله يحصل الأمن من مسّه في أثناء الغسل.

قوله: (يتوضّأ وضوءه للصّلاة) فيه احتراز عن الوضوء اللّغويّ.

ويحتمل: أن يكون الابتداء بالوضوء قبل الغسل سنّة مستقلة بحيث يجب غسل أعضاء الوضوء مع بقيّة الجسد في الغسل.

ويحتمل: أن يكتفي بغسلها في الوضوء عن إعادته، وعلى هذا فيحتاج إلى نيّة غسل الجنابة في أوّل عضوٍ.

وإنّما قدّم غسل أعضاء الوضوء تشريفاً لها ، ولتحصل له صورة الطّهارتين الصّغرى والكبرى ، وإلى هذا جنح الدّاوديّ شارح المختصر من الشّافعيّة ، فقال: يقدّم غسل أعضاء وضوئه على ترتيب الوضوء ، لكن بنيّة غسل الجنابة.

ونقل ابن بطّالٍ الإجماع على أنّ الوضوء لا يجب مع الغسل.

وهو مردودٌ. فقد ذهب جماعة منهم أبو ثورٍ وداود وغيرهما إلى أنّ

ص: 284

الغسل لا ينوب عن الوضوء للمحدث.

قوله: (ثم يُخلِّل بيديه) وللبخاري " ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها " أي: بأصابعه التي أدخلها في الماء.

ولمسلم " ثمّ يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشّعر " وللتّرمذيّ والنّسائيّ من طريق أبي عيينة " ثمّ يشرّب شعره الماء ".

قوله: (شعره) وفي رواية لهما " أصول الشعر " أي: شعر رأسه ، ويدلّ عليه رواية حمّاد بن سلمة عن هشام عند البيهقيّ " يخلِّل بها شقّ رأسه الأيمن فيتبع بها أصول الشّعر ، ثمّ يفعل بشقّ رأسه الأيسر كذلك ".

وقال القاضي عياض: احتجّ به بعضهم على تخليل شعر الجسد في الغسل ، إمّا لعموم قوله " أصول الشّعر " ، وإمّا بالقياس على شعر الرّأس ، وفائدة التّخليل إيصال الماء إلى الشّعر والبشرة ومباشرة الشّعر باليد ليحصل تعميمه بالماء ، وتأنيس البشرة لئلا يصيبها بالصّبّ ما تتأذّى به.

ثمّ هذا التّخليل غير واجب اتّفاقاً ، إلَاّ إن كان الشّعر ملبّداً بشيءٍ يحول بين الماء وبين الوصول إلى أصوله، والله أعلم.

قوله: (إذا ظنّ) يحتمل: أن يكون على بابه ويكتفى فيه بالغلبة.

ويحتمل: أن يكون بمعنى علم.

قوله: (أروى) هو فعلٌ ماضٍ من الإرواء ، يقال: أرواه إذا جعله ريّاناً ، والمراد بالبشرة هنا ما تحت الشّعر.

ص: 285

قوله: (أفاض عليه) أي: على شعره. والإفاضة الإسالة.

واستدل به من لَم يشترط الدّلك وهو ظاهرٌ.

وقال المازريّ: لا حجّة فيه؛ لأنّ أفاض بمعنى غسل، والخلاف في الغسل قائم.

قلت: ولا يخفى ما فيه. والله أعلم.

وقال القاضي عياض: لَم يأت في شيءٍ من الرّوايات في وضوء الغسل ذكر التّكرار.

قلت: بل ورد ذلك من طريقٍ صحيحةٍ أخرجها النّسائيّ والبيهقيّ من رواية أبي سلمة عن عائشة ، أنّها وصفت غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة. الحديث، وفيه: ثمّ يتمضمض ثلاثاً ، ويستنشق ثلاثاً ، ويغسل وجهه ثلاثاً ويديه ثلاثاً ، ثمّ يفيض على رأسه ثلاثاً.

قوله: (ثلاث مرات) وللبخاري " ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيديه " بضمّ المعجمة وفتح الرّاء جمع غرفةٍ ، وهي قدر ما يغرف من الماء بالكفّ ، وللكشميهنيّ " ثلاث غرفات " وهو المشهور في جمع القلة.

وفيه استحباب التّثليث في الغسل

قال النّوويّ: ولا نعلم فيه خلافاً إلَاّ ما تفرّد به الماورديّ. فإنّه قال: لا يستحبّ التّكرار في الغسل.

قلت: وكذا قال الشّيخ أبو عليّ السّنجيّ في شرح الفروع ، وكذا قال القرطبيّ. وحمل التّثليث في هذه الرّواية على رواية القاسم عن

ص: 286

عائشة في الصحيحين ، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة، دعا بشيءٍ نحو الحلاب فأخذ بكفّه، بدأ بشقّ رأسه الأيمن، ثمّ الأيسر، ثمّ أخذ بكفّيه، فقال بهما على رأسه " فإنّ مقتضاها أنّ كل غرفةٍ كانت في جهةٍ من جهات الرّأس.

وسيأتي في آخر الكلام على حديث ميمونة زيادة في هذه المسألة.

قوله: (ثمّ غسل سائر جسده) أي: بقيّة جسده ، وللبخاري " على جلده كلّه " وهذا التّأكيد يدلّ على أنّه عمّم جميع جسده بالغسل بعدما تقدّم ، وهو يؤيّد الاحتمال الأوّل ، أنّ الوضوء سنّةٌ مستقلة قبل الغسل ، وعلى هذا فينوي المغتسل الوضوء إن كان محدثاً وإلا فسنّة الغسل.

واستدل بهذا الحديث. على استحباب إكمال الوضوء قبل الغسل ، ولا يؤخّر غسل الرّجلين إلى فراغه ، وهو ظاهرٌ من قولها " كما يتوضّأ للصّلاة " وهذا هو المحفوظ في حديث عائشة من هذا الوجه.

لكن رواه مسلم من رواية أبي معاوية عن هشام فقال في آخره " ثمّ أفاض على سائر جسده ، ثمّ غسل رجليه ".

وهذه الزّيادة تفرّد بها أبو معاوية دون أصحاب هشامٍ.

قال البيهقيّ: هي غريبةٌ صحيحةٌ.

قلت: لكن في رواية أبي معاوية عن هشام مقالٌ.

نعم. له شاهدٌ من رواية أبي سلمة عن عائشة. أخرجه أبو داود الطّيالسيّ. فذكر حديث الغسل كما تقدّم عند النّسائيّ ، وزاد في آخره

ص: 287

" فإذا فرغ غسل رجليه ".

فإمّا أن تُحمل الرّوايات عن عائشة على أنّ المراد بقولها " وضوءه للصّلاة " أي: أكثره ، وهو ما سوى الرّجلين.

أو يُحمل على ظاهره ، ويستدلّ برواية أبي معاوية على جواز تفريق الوضوء.

ويحتمل: أن يكون قوله في رواية أبي معاوية " ثمّ غسل رجليه " أي: أعاد غسلهما لاستيعاب الغسل بعد أن كان غسلهما في الوضوء ، فيوافق قوله " ثمّ يفيض على جلده كلّه "

ص: 288