المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الثامن والأربعون - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ١

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدِّمة الكتاب

- ‌أولاً:

- ‌ثانياً:

- ‌ثالثاً:

- ‌رابعاً:

- ‌خامساً:

- ‌سادساً:

- ‌سابعاً:

- ‌ثامناً:

- ‌كتاب الطّهارة

- ‌باب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب دخول الخلاء والاستطابة

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌باب السواك

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الواحد والعشرون

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌باب المسح على الخُفّين

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌بابٌ في المذي وغيره

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌باب الغسل من الجنابة

- ‌الحديث الواحد والثلاثون

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌باب التّيمّم

- ‌الحديث الأربعون

- ‌الحديث الواحد والأربعون

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌باب الحيض

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌الحديث التاسع والأربعون

الفصل: ‌الحديث الثامن والأربعون

‌الحديث الثامن والأربعون

48 -

عن عائشة رضي الله عنها ، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَتّكئُ في حجري ، فيقرأ القرآن وأنا حائضٌ. (1)

قوله: (فيقرأ القرآن) وللبخاري " كان يقرأ القرآن ، ورأسه في حجري ، وأنا حائض " فعلى هذا. فالمراد بالاتّكاء وضع رأسه في حجرها.

قال ابن دقيق العيد: في هذا الفعل إشارة إلى أنّ الحائض لا تقرأ القرآن؛ لأنّ قراءتها لو كانت جائزة لَمَا توهّم امتناع القراءة في حجرها حتّى احتيج إلى التّنصيص عليها. (2)

(1) أخرجه البخاري (293 ، 7110) ومسلم (301) من طريق منصور بن صفية عن أمِّه عن عائشة به.

(2)

قال البخاري في كتاب الحيض: باب: تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت ، وقال إبراهيم: لا بأس أن تقرأ الآية، ولم ير ابن عباس بالقراءة للجنب بأساً ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه " وقالت أم عطية: كنا نؤمر أن يخرج الحيض فيكبرن بتكبيرهم ويدعون. وقال ابن عباس، أخبرني أبو سفيان، أنَّ هرقل دعا بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ فإذا فيه: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ و {يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة} [آل عمران: 64] " الآية ، وقال عطاء: عن جابر: حاضت عائشة فنسكتِ المناسك غير الطواف بالبيت ولا تُصلي وقال الحكَم: إني لأذبح وأنا جنب، وقال الله عز وجل:{ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} [الأنعام: 121] انتهى

قال ابن حجر في " الفتح ": قيل مقصود البخاري بما ذكر في هذا الباب من الأحاديث والآثار أنَّ الحيض وما في معناه من الجنابة لا ينافي جميع العبادات بل صحت معه عبادات بدنية من أذكار وغيرها. فمناسك الحج من جملة ما لا ينافيها إلَاّ الطواف فقط.

وفي كون هذا مراده نظرٌ ، لأنَّ كون مناسك الحج كذلك حاصل بالنصِّ فلا يحتاج إلى الاستدلال عليه.

والأحسن ما قاله ابن رشيد تبعاً لابن بطال وغيره: إنَّ مراده الاستدلال على جواز قراءة الحائض والجنب بحديث عائشة ، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستثن من جميع مناسك الحج إلَاّ الطواف ، وإنما استثناه لكونه صلاة مخصوصة. وأعمال الحج مشتملة على ذكر وتلبية ودعاء ، ولم تمنع الحائض من شيء من ذلك فكذلك الجنب ، لأنَّ حدثها أغلظ من حدثه ، ومنع القراءة إنْ كان لكونه ذكراً لله فلا فرق بينه وبين ما ذكر ، وإن كان تعبداً فيحتاج إلى دليلٍ خاصٍ.

ولم يصحّ عند البخاري شيءٌ من الأحاديث الواردة في ذلك - وإن كان مجموع ما ورد في ذلك تقوم به الحجة عند غيره - لكن أكثرها قابل للتأويل كما سنشير إليه.

ولهذا تمسَّك البخاري ومن قال بالجواز غيره كالطبري وابن المنذر وداود بعموم حديث (كان يذكر الله على كل أحيانه) لأنَّ الذكر أعمُّ من أن يكون بالقرآن أو بغيره ، وإنما فرَّق بين الذكر والتلاوة بالعرف. والحديث المذكور وصله مسلم من حديث عائشة.

وأورد البخاري أثر إبراهيم - وهو النخعي - إشعاراً بأنَّ منع الحائض من القراءة ليس مجمعاً عليه. وقد وصله الدارمي وغيره بلفظ " أربعة لا يقرؤون القرآن الجنب والحائض وعند الخلاء وفي الحمام إلَاّ الآية ونحوها للجنب والحائض. وروي عن مالك نحو قول إبراهيم ، وروي عنه الجواز مطلقاً ، وروي عنه الجواز للحائض دون الجنب. وقد قيل إنه قول الشافعي في القديم.

ثم أورد أثر ابن عباس. وقد وصله ابن المنذر بلفظ " إن ابن عباس كان يقرأ ورده وهو جنب "

وأما حديث أم عطية فوجه الدلالة منه ما تقدَّم من أنه لا فرق بين التلاوة وغيرها.

ثم أورد البخاري طرفاً من حديث أبي سفيان في قصة هرقل ، وهو موصول عنده في " بدء الوحي " وغيره. ووجه الدلالة منه ، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى الروم وهم كُفَّار ، والكافر جنبٌ ، كأنه يقول إذا جاز مس الكتاب للجنب مع كونه مشتملاً على آيتين فكذلك يجوز له قراءته. كذا قاله ابن رشيد.

وتوجيه الدلالة منه إنما هي من حيث إنه إنما كتب إليهم ليقرءوه فاستلزم جواز القراءة بالنصِّ لا بالاستنباط.

وقد أجاب ممن منع ذلك - وهم الجمهور - بأنَّ الكتاب اشتمل على أشياء غير الآيتين فأشبه ما لو ذكر بعض القرآن في كتاب في الفقه أو في التفسير فإنه لا يُمنع قراءته ولا مسُّه عند الجمهور ، لأنه لا يقصد منه التلاوة. ونصَّ أحمد أنه يجوز مثل ذلك في المكاتبة لمصلحة التبليغ. وقال به كثيرٌ من الشافعية.

ومنهم من خص الجواز بالقليل كالآية والآيتين.

قال الثوري: لا بأس أن يعلِّم الرجل النصراني الحرف من القرآن عسى الله أن يهديه ، وأكره أن يعلّمه الآية هو كالجنب.

وعن أحمد أكره أن يضع القرآن في غير موضعه. وعنه إن رجى منه الهداية جاز وإلَاّ فلا.

وقال بعض من منع: لا دلالة في القصة على جواز تلاوة الجنب القرآن ، لأنَّ الجنب إنما منع التلاوة إذا قصدها وعرف أنَّ الذي يقرأه قرآن. أمَّا لو قرأ في ورقة ما لا يعلم أنه من القرآن فإنه لا يمنع وكذلك الكافر.

وأما أثر الحكَم - وهو الفقيه الكوفي - فوصله البغوي في " الجعديات " من روايته عن علي بن الجعد عن شعبة عنه. ووجه الدلالة منه أنَّ الذبح مستلزم لذكر الله بحكم الآية التي ساقها.

وفي جميع ما استدل به نزاع يطول ذكره ، ولكن الظاهر من تصرفه ما ذكرناه.

واستدل الجمهور على المنع بحديث علي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة. رواه أصحاب السنن. وصحَّحه الترمذي وابن حبان. وضعَّف بعضُهم بعضَ رواته.

والحقُّ أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة.

لكن قيل في الاستدلال به نظرٌ ، لأنه فعل مجرد فلا يدل على تحريم ما عداه.

وأجاب الطبري عنه: بأنه محمول على الأكمل جمعاً بين الادله.

وأما حديث ابن عمر مرفوعاً: لا تقرأ الحائضُ ولا الجنبُ شيئاً من القرآن. فضعيفٌ من جميع طرقه. انتهى كلامه

ص: 382

وفيه جواز ملامسة الحائض ، وأنّ ذاتها وثيابها على الطّهارة ما لَم يلحق شيئاً منها نجاسة، وهذا مبنيّ على منع القراءة في المواضع

ص: 383

المستقذرة، وفيه جواز القراءة بقرب محلّ النّجاسة، قاله النّوويّ.

وفيه جواز استناد المريض في صلاته إلى الحائض إذا كانت أثوابها طاهرة، قاله القرطبيّ.

ص: 384