الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الخامس والأربعون
45 -
عن عائشة رضي الله عنها ، قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحدٍ ، كلانا جنبٌ. (1)
الحديث السادس والأربعون
46 -
وكان يأمرُني فأتّزر ، فيباشرُني وأنا حائضٌ. (2)
قوله: (فأتّزر) بتشديد التّاء المثنّاة بعد الهمزة، وأصله فأئتزر بهمزةٍ ساكنة بعد الهمزة المفتوحة ثمّ المثنّاة بوزن أفتعل.
وأنكر أكثر النّحاة الإدغام حتّى قال صاحب المفصّل: إنّه خطأ، لكن نقل غيره أنّه مذهب الكوفيّين، وحكاه الصّغانيّ في مجمع البحرين.
وقال ابن مالك: إنّه مقصور على السّماع ، ومنه قراءة ابن محيص (فليؤدّ الذي أتّمن) بالتّشديد، والمراد بذلك أنّها تشدّ إزارها على وسطها، وحدّد ذلك الفقهاء بما بين السّرّة والرّكبة عملاً بالعرف الغالب
قوله: (فيباشرني) المراد بالمباشرة هنا التقاء البشرتين، لا الجماع.
وللبخاري عنها قالت: كانت إحدانا إذا كانت حائضاً، فأراد
(1) أخرجه البخاري (299) من حديث إبراهيم عن الأسود عن عائشة. به.
وقد رواه مسلم بنحوه. وقد تقدّم الكلام عليه. برقم (33).
(2)
أخرجه البخاري (299) ومسلم (293) من رواية إبراهيم. زاد مسلم (عبد الرحمن بن الأسود) عن الأسود عن عائشة. به.
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها ، أمرها أن تتّزر في فور حيضتها، ثمّ يباشرها، قالت: وأيّكم يملك إربه، كما كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يملك إربه.
والمراد أنّه صلى الله عليه وسلم كان أملك النّاس لأمره، فلا يخشى عليه ما يخشى على غيره من أن يحوم حول الحمى، ومع ذلك فكان يباشر فوق الإزار تشريعاً لغيره ممّن ليس بمعصومٍ. وبهذا قال أكثر العلماء، وهو الجاري على قاعدة المالكيّة في باب سدّ الذّرائع.
وذهب كثيرٌ من السّلف والثّوريّ وأحمد وإسحاق. إلى أنّ الذي يمتنع في الاستمتاع بالحائض الفرج فقط.
وبه قال محمّد بن الحسن من الحنفيّة ورجّحه الطّحاويّ، وهو اختيار أصبغ من المالكيّة، وأحد القولين أو الوجهين للشّافعيّة. واختاره ابن المنذر.
وقال النّوويّ: هو الأرجح دليلاً لحديث أنس في مسلم: اصنعوا كلّ شيء إلَاّ الجماع. وحملوا حديث الباب وشبهه على الاستحباب جمعاً بين الأدلة.
وقال ابن دقيق العيد: ليس في حديث الباب ما يقتضي منع ما تحت الإزار؛ لأنّه فعلٌ مجرّدٌ. انتهى.
ويدلّ على الجواز أيضاً ما رواه أبو داود بإسنادٍ قويّ عن عكرمة عن بعض أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، أنّه كان إذا أراد من الحائض شيئاً ألقى على فرجها ثوباً.
واستدل الطّحاويّ على الجواز. بأنّ المباشرة تحت الإزار دون الفرج
لا توجب حدّاً ولا غسلاً ، فأشبهت المباشرة فوق الإزار.
فصّل بعض الشّافعيّة ، فقال: إن كان يضبط نفسه عند المباشرة عن الفرج ويثق منها باجتنابه جاز وإلَاّ فلا، واستحسنه النّوويّ.
ولا يبعد تخريج وجهٍ مفرّق بين ابتداء الحيض وما بعده لظاهر التّقييد بقولها " فور حيضتها "، ويؤيّده ما رواه ابن ماجه بإسنادٍ حسن عن أمّ سلمة أيضاً ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يتّقي سَورة الدّم ثلاثاً ثمّ يباشر بعد ذلك.
ويُجمع بينه وبين الأحاديث الدّالة على المبادرة إلى المباشرة على اختلاف هاتين الحالتين.