المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الثالث والأربعون - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ١

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدِّمة الكتاب

- ‌أولاً:

- ‌ثانياً:

- ‌ثالثاً:

- ‌رابعاً:

- ‌خامساً:

- ‌سادساً:

- ‌سابعاً:

- ‌ثامناً:

- ‌كتاب الطّهارة

- ‌باب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب دخول الخلاء والاستطابة

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌باب السواك

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الواحد والعشرون

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌باب المسح على الخُفّين

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌بابٌ في المذي وغيره

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌باب الغسل من الجنابة

- ‌الحديث الواحد والثلاثون

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌باب التّيمّم

- ‌الحديث الأربعون

- ‌الحديث الواحد والأربعون

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌باب الحيض

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌الحديث التاسع والأربعون

الفصل: ‌الحديث الثالث والأربعون

‌الحديث الثالث والأربعون

43 -

عن عائشة رضي الله عنها ، أنّ فاطمةَ بنتَ أبي حبيشٍ ، سألتِ النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقالت: إنّي أُستحاض فلا أطْهر ، أفأدعُ الصّلاة؟ قال: لا، إنّ ذلك عرقٌ ، ولكن دعي الصّلاة قدرَ الأيّام التي كنتِ تحيضين فيها ، ثمّ اغتسلي وصلِّي.

وفي روايةٍ: وليس بالحيضة ، فإذا أقبلتِ الحيضة فاتركي الصلاة فيها ، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلّي. (1)

قوله: (فاطمة بنت أبي حبيش) بالحاء المهملة والموحّدة والشّين المعجمة بصيغة التّصغير. اسمه قيس بن المطّلب بن أسد ، وهي غير فاطمة بنت قيس التي طُلِّقت ثلاثاً. (2)

قوله: (أُستَحاض) بضمّ الهمزة وفتح المثنّاة ، يقال: استحيضت المرأة إذا استمرّ بها الدّم بعد أيّامها المعتادة فهي مستحاضة.

والاستحاضة. جريان الدّم من فرج المرأة في غير أوانه.

(1) أخرجه البخاري (226 ، 300 ، 314 ، 319 ، 324) ومسلم (333) من طرق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به.

(2)

قال الشارح في موطن آخر: وقع في سنن أبي داود عن فاطمة بنت قيس. فظنَّ بعضهم أنها القرشية الفهرية ، والصواب أنها بنت أبي حبيش. واسم أبي حبيش قيس. انتهى

وسيأتي إن شاء الله حديث القرشية في الطلاق رقم (322).

ص: 366

قوله: (فلا أطهر) في هذا الحديث التّصريح ببيان السّبب ، وهو قولها " إنّي أستحاض " وكان عندها أنّ طهارة الحائض لا تعرف إلَاّ بانقطاع الدّم فكنّتْ بعدم الطّهر عن اتّصاله، وكانت علمت أنّ الحائض لا تصلي ، فظنّت أنّ ذلك الحكم مقترن بجريان الدّم من الفرج ، فأرادت تحقّق ذلك فقالت: أفأدع الصّلاة؟

قوله: (لا) أي: لا تدعي الصّلاة.

قوله: (عرق) بكسر العين ، هو المسمّى بالعاذل. بالذّال المعجمة.

قوله: (دعي الصّلاة) يتضمّن نهي الحائض عن الصّلاة ، وهو للتّحريم ويقتضي فساد الصّلاة بالإجماع.

قوله: (قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها) وكَلَ ذلك إلى أمانتها وردّه إلى عادتها، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص.

واختلف العلماء في أقلّ الحيض وأقلّ الطّهر.

ونقل الدّاوديّ: أنّهم اتّفقوا على أنّ أكثره خمسة عشر يوماً.

وقال أبو حنيفة: لا يجتمع أقلّ الطّهر وأقلّ الحيض معاً. فأقلّ ما تنقضي به العدّة عنده ستّون يوماً.

وقال صاحباه: تنقضي في تسعة وثلاثين يوماً بناء على أنّ أقلّ الحيض ثلاثة أيّام ، وأنّ أقلّ الطّهر خمسة عشر يوماً ، وأنّ المراد بالقرء الحيض، وهو قول الثّوريّ.

وقال الشّافعيّ: القرء الطّهر وأقلّه خمسة عشر يوماً، وأقلّ الحيض يوم وليلة. فتنقضي عنده في اثنين وثلاثين يوماً ولحظتين. وهو موافق

ص: 367

لقصّة عليّ وشريح.

قال الدّارميّ: أخبرنا يعلى بن عبيد حدّثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عامرٍ - هو الشّعبيّ - قال: جاءت امرأةٌ إلى عليٍّ تخاصم زوجها طلَّقها ، فقالت: حِضت في شهر ثلاث حيضٍ، فقال عليٌّ لشريحٍ: اقض بينهما. قال: يا أمير المؤمنين وأنت هاهنا؟ قال: اقض بينهما. قال: إن جاءت من بطانة أهلها ممّن يرضى دينه وأمانته تزعم أنّها حاضت ثلاث حيض. تطهر عند كلّ قرء وتصلي جاز لها وإلَاّ فلا. قال عليّ: قالون ، قال: وقالون بلسان الرّوم: أحسنت ".

إذا حمل ذكر الشّهر فيها على إلغاء الكسر، ويدلّ عليه رواية هشيم عن إسماعيل فيها بلفظ " حاضت في شهر أو خمسة وثلاثين يوماً "

قوله: (ثمّ اغتسلي وصلي) لَم يذكر غسل الدّم ، وفي رواية لهما " فاغسلي عنك الدّم وصلي " أي: بعد الاغتسال.

وهذا الاختلاف واقعٌ بين أصحاب هشام.

منهم: من ذكر غسل الدّم ولَم يذكر الاغتسال.

ومنهم: من ذكر الاغتسال ولَم يذكر غسل الدّم، كلّهم ثقات وأحاديثهم في الصّحيحين.

فيُحمل على أنّ كلّ فريق اختصر أحد الأمرين لوضوحه عنده.

وفيه اختلاف ثالث ذكره البخاري في " باب غسل الدّم " من رواية أبي معاوية. فذكر مثل حديث الباب ، وزاد ، قال هشام بن عروة قال أبي: ثمّ توضّئي لكل صلاة.

ص: 368

وادّعى بعضهم: أنّ هذا معلّق، وليس بصواب بل هو بالإسناد المذكور عن محمّد عن أبي معاوية عن هشام ، وقد بيّن ذلك التّرمذيّ في روايته.

وادّعى آخر: أنّ قوله " ثمّ توضّئي " من كلام عروة موقوفاً عليه.

وفيه نظرٌ؛ لأنّه لو كان كلامه. لقال ثمّ تتوضّأ بصيغة الإخبار ، فلمّا أتى به بصيغة الأمر شاكله الأمر الذي في المرفوع. وهو قوله " فاغسلي ".

ولَم ينفرد أبو معاوية بذلك ، فقد رواه النّسائيّ من طريق حمّاد بن زيد عن هشام ، وادّعى أنّ حمّاداً تفرّد بهذه الزّيادة، وأومأ مسلم أيضاً إلى ذلك. (1)

وليس كذلك، فقد رواه الدّارميّ من طريق حمّاد بن سلمة ، والسّرّاج من طريق يحيى بن سليمٍ كلاهما عن هشام. (2)

وفي الحديث دليل على أنّ المرأة إذا ميّزت دم الحيض من دم الاستحاضة تعتبر دم الحيض وتعمل على إقباله وإدباره، فإذا انقضى قدره اغتسلت عنه. ثمّ صار حكم دم الاستحاضة حكم الحدث

(1) روى مسلم الحديث من طرق عن هشام. ثم قال: وفي حديث حماد بن زيد زيادة حرف تركنا ذكره. انتهى.

يقصد قوله (وتوضئي لكل صلاة) كما قال البيهقي رحمه الله.

(2)

وتابعهم أيضاً أبو حمزة السكري وأبو عوانة. عند ابن حبان في " صحيحه "(1354 - 1355) وغيرهم. انظر التلخيص الحبير (1/ 433) والبدر المنير (3/ 112).

ص: 369

فتتوضّأ لكل صلاة، لكنّها لا تصلي بذلك الوضوء أكثر من فريضة واحدة مؤدّاة أو مقضيّة لظاهر قوله " ثمّ توضّئي لكل صلاة "، وبهذا قال الجمهور.

وعند الحنفيّة. أنّ الوضوء متعلّق بوقت الصّلاة فلها أن تصلي به الفريضة الحاضرة وما شاءت من الفوائت ما لَم يخرج وقت الحاضرة.

وعلى قولهم المراد بقوله " وتوضّئي لكل صلاة " أي: لوقت كلّ صلاة، ففيه مجاز الحذف ويحتاج إلى دليل.

وعند المالكيّة. يستحبّ لها الوضوء لكل صلاة ، ولا يجب إلَاّ بحديثٍ آخر.

وقال أحمد وإسحاق: إن اغتسلت لكل فرض فهو أحوط.

وفيه جواز استفتاء المرأة بنفسها ومشافهتها للرّجل فيما يتعلق بأحوال النّساء، وجواز سماع صوتها للحاجة. وفيه غير ذلك.

وقد استنبط منه الرّازيّ الحنفيّ: أنّ مدّة أقلّ الحيض ثلاثة أيّام وأكثره عشرة لقوله " قدر الأيّام التي كنت تحيضين فيها "؛ لأنّ أقلّ ما يطلق عليه لفظ " أيّام ثلاثةٌ وأكثره عشرةٌ ، فأمّا دون الثّلاثة فإنّما يقال يومان ويوم ، وأمّا فوق عشرة فإنّما يقال أحد عشر يوماً. وهكذا إلى عشرين.

وفي الاستدلال بذلك نظرٌ.

قوله: (وليس بالْحَيضة) بفتح الحاء كما نقله الخطّابيّ عن أكثر المحدّثين أو كلّهم، وإن كان قد اختار الكسر على إرادة الحالة ، لكنّ

ص: 370

الفتح هنا أظهر.

وقال النّوويّ: وهو متعيّن أو قريب من المتعيّن؛ لأنّه صلى الله عليه وسلم أراد إثبات الاستحاضة ونفي الحيض. وأمّا قوله " فإذا أقبلت الحيضة " فيجوز فيه الوجهان معاً جوازاً حسناً. انتهى كلامه.

والذي في روايتنا بفتح الحاء في الموضعين. والله أعلم.

واتّفق العلماء على أنّ إقبال المحيض يعرف بالدّفعة من الدّم في وقت إمكان الحيض ، واختلفوا في إدباره.

فقيل: يعرف بالجفوف، وهو أن يخرج ما يحتشى به جافّاً.

وقيل: بالقصّة البيضاء. وإليه ميل البخاري. لِمَا رواه مالك في " الموطأ " عن علقمة بن أبي علقمة المدنيّ عن أمّه - واسمها مرجانة مولاة عائشة قالت: كان النّساء يبعثن إلى عائشة بالدّرجة فيها الكرسف فيه الصّفرة، فتقول: لا تعجلن حتّى ترين القصّة البيضاء.

وفيه أنّ القصّة البيضاء علامةٌ لانتهاء الحيض ويتبيّن بها ابتداء الطّهر.

واعترض على من ذهب إلى أنّه يعرف بالجفوف بأنّ القطنة قد تخرج جافّة في أثناء الأمر فلا يدلّ ذلك على انقطاع الحيض، بخلاف القصّة وهي ماء أبيض يدفعه الرّحم عند انقطاع الحيض.

قال مالك: سألت النّساء عنه. فإذا هو أمرٌ معلومٌ عندهنّ يعرفنه عند الطّهر.

واستدل البخاري بهذا الحديث على جواز وطء المستحضة.

ص: 371

فأخرج عبد الرّزّاق وغيره من طريق عكرمة عن ابن عباس ، قال: المستحاضة لا بأس أن يأتيها زوجها ، ولأبي داود من وجه آخر عن عكرمة قال: كانت أمّ حبيبة تستحاض ، وكان زوجها يغشاها.

وهو حديثٌ صحيحٌ. إن كان عكرمة سمعه منها. وإذا جازت الصّلاة فجواز الوطء أولى؛ لأنّ أمر الصّلاة أعظم من أمر الجماع.

وروى عبد الرّزّاق والدّارميّ من طريق سالم الأفطس ، أنّه سأل سعيد بن جبير عن المستحاضة. أتُجامع؟ قال: الصّلاة أعظم من الجماع.

ونقل ابن المنذر عن إبراهيم النّخعيّ والحكم والزّهريّ وغيرهم، المنع من وطء المستحاضة.

وما استدل به البخاري على الجواز ظاهر فيه.

ص: 372