المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث التاسع والثلاثون - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ١

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدِّمة الكتاب

- ‌أولاً:

- ‌ثانياً:

- ‌ثالثاً:

- ‌رابعاً:

- ‌خامساً:

- ‌سادساً:

- ‌سابعاً:

- ‌ثامناً:

- ‌كتاب الطّهارة

- ‌باب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب دخول الخلاء والاستطابة

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌باب السواك

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الواحد والعشرون

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌باب المسح على الخُفّين

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌بابٌ في المذي وغيره

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌باب الغسل من الجنابة

- ‌الحديث الواحد والثلاثون

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌باب التّيمّم

- ‌الحديث الأربعون

- ‌الحديث الواحد والأربعون

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌باب الحيض

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌الحديث التاسع والأربعون

الفصل: ‌الحديث التاسع والثلاثون

‌الحديث التاسع والثلاثون

39 -

عن أبي جعفرٍ محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنهم ، أنّه كان هو وأبوه عند جابر بن عبد الله ، وعنده قومه (1)، فسألوه عن الغُسل؟ فقال: صاعٌ يكفيك، فقال رجلٌ: ما يكفيني ، فقال جابرٌ: كان يكفي مَن هو أوفى منك شعراً ، وخيراً منك - يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمّ أَمَّنا في ثوبٍ.

وفي لفظٍ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُفْرِغ الماء على رأسه ثلاثاً. (2)

قال المصنف: الرجل الذي قال (ما يكفيني) هو الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وأبوه محمد بن الحنفية.

قوله: (عن أبي جعفر) المعروف بالباقر.

قوله: (هو وأبوه) أي: عليّ بن الحسين

قوله: (عند جابر بن عبد الله)(3) الأنصاري الصحابي المشهور ،

(1) وقع في طبعة الأرنوؤط (وعنده قوم) وهي خطأ سيأتي التنبيه عليها أثناء الشرح.

(2)

أخرجه البخاري (249 ، 252 ، 253) ومسلم (239) من طرق عن أبي جعفر به.

(3)

بن عمرو بن حرام السلمي. يكنَّى أبا عبد الله وأبا عبد الرحمن وأبا محمد أقوال.

وفي الصحيح عنه ، أنه كان مع من شهد العقبة. وروى مسلم عن جابر قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة ، قال جابر: لَم أشهد بدراً ولا أحداً منعني أبي فلمّا قتل لَم أتخلَّف. وفي مصنف وكيع عن هشام بن عروة قال: كان لجابر بن عبد الله حلقةٌ في المسجد. يعني النبوي. يؤخذ عنه العلم ، وروى البغوي من طريق عاصم بن عمر بن قتادة قال: جاءنا جابر بن عبد الله ، وقد أصيب بصره ، وقد مسَّ رأسه ولحيته بشيء من صُفرة.

قال يحيى بن بكير وغيره: مات جابر سنة 78 ، وقال علي بن المديني: مات جابر بعد أن عُمِّر فأوصى ألا يصلّي عليه الحجاج.

قلت: وهذا موافق لقول الهيثم بن عدي: إنه مات سنة 74 ، وفي الطبري وتاريخ البخاري ما يشهد له. وهو أن الحجاج شهد جنازته ، ويقال: مات سنة 73 ، ويقال: إنه عاش 94 سنة. قاله في الإصابة (1/ 434).

ص: 330

عاش إلى سنة سبع وسبعين على الصحيح ، وقيل: مات في التي بعدها ، وقيل قبل ذلك.

قوله: (وعنده) أي: عند جابر.

قوله: (قومه) وللبخاري " وعنده قومٌ " كذا في النّسخ التي وقفت عليها من البخاريّ ، ووقع في العمدة " وعنده قومه " بزيادة الهاء ، وجعلها شرّاحها ضميراً يعود على جابر ، وفيه ما فيه.

وليست هذه الرّواية في مسلمٍ أصلاً ، وذلك وارد أيضاً على قوله. إنّه يُخرِّج المتّفق عليه.

قوله: (فسألوه عن الغسل) أفاد إسحاق بن راهويه في " مسنده " ، أنّ متولي السّؤال هو أبو جعفر الرّاوي ، فأخرج من طريق جعفر بن محمّد عن أبيه قال: سألت جابراً عن غسل الجنابة.

وبيّن النّسائيّ في روايته سبب السّؤال ، فأخرج من طريق أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي جعفر ، قال: تمارَينا في الغسل عند جابر ، فكان أبو جعفر تولى السّؤال.

ونسب السّؤال في هذه الرّواية إلى الجميع مجازاً؛ لقصدهم ذلك ،

ص: 331

ولهذا أفرد جابر الجواب فقال " يكفيك " وهو بفتح أوّله؛ لأنّ ذلك كان عن الكمّيّة كما أشعر بذلك قوله في الجواب " يكفيك صاع ".

وللبخاري عن أبي جعفر، قال: قال لي جابر بن عبد الله. وأتاني ابن عمك يُعرِّض بالحسن بن محمد ابن الحنفية. قال: كيف الغسل من الجنابة؟ فقلت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ ثلاثةَ أكفٍّ ، ويفيضها على رأسه، ثم يفيض على سائر جسده. فقال لي الحسن: إني رجلٌ كثيرُ الشعر، فقلت: كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر منك شعراً. وهذا عن الكيفيّة ، وهو ظاهرٌ من قوله " كيف الغسل "

ولكنّ الحسن بن محمّد في المسألتين جميعاً هو المنازع لجابر في ذلك ، فقال في جواب الكمّيّة " ما يكفيني " أي: الصّاع ، ولَم يُعلِّل ، وقال في جواب الكيفيّة " إنّي كثير الشّعر " أي: فأحتاج إلى أكثر من ثلاث غرفات ، فقال له جابر في جواب الكيفيّة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر شعراً منك وأطيب. أي: واكتفى بالثّلاث ، فاقتضى أنّ الإنقاء يحصل بها ، وقال في جواب الكمّيّة ما تقدّم.

وناسب ذكر الخيريّة؛ لأنّ طلب الازدياد من الماء يلحظ فيه التّحرّي في إيصال الماء إلى جميع الجسد ، وكان صلى الله عليه وسلم سيّد الورعين ، وأتقى النّاس لله وأعلمهم به. وقد اكتفى بالصّاع فأشار جابر إلى أنّ الزّيادة على ما اكتفى به تنطّعٌ ، قد يكون مثاره الوسوسة فلا يلتفت إليه.

قوله: (يكفيك الصاع) هو إناء يسع خمسة أرطال وثلثا بالبغدادي

ص: 332

، وقال بعض الحنفية ثمانية. (1)

قوله: (فقال رجلٌ) زاد الإسماعيليّ " منهم " أي: من القوم ، وهذا يؤيّد ما ثبت في روايتنا؛ أنّ هذا القائل هو الحسن بن محمّد بن عليّ بن أبي طالب الذي يعرف أبوه بابن الحنفيّة كما جزم به صاحب العمدة ، وليس هو من قوم جابر؛ لأنّه هاشميّ وجابر أنصاريّ.

قوله: (أَوفَى) يحتمل الصّفة والمقدار. أي: أطول وأكثر.

قوله: (وخيرٌ منك) بالرّفع عطفاً على أوفى المخبر به عن هو ، وفي رواية الأصيليّ " أو خيراً " بالنّصب عطفاً على الموصول.

قوله: (ثمّ أمَّنا) فاعل أمّنا هو جابر كما أخرج البخاري ذلك واضحاً من فعله في كتاب الصّلاة ، ولا التفات إلى من جعله من مقوله ، والفاعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي هذا الحديث بيان ما كان عليه السّلف من الاحتجاج بأفعال النّبيّ صلى الله عليه وسلم والانقياد إلى ذلك ، وفيه جواز الرّدّ بعنفٍ على من يماري بغير علمٍ إذا قصد الرادُّ إيضاحَ الحقّ وتحذير السّامعين من مثل ذلك ، وفيه كراهية التّنطّع والإسراف في الماء.

فائدة: أخرج ابن أبي شيبة من طريق هلال بن يساف - أحد التابعين - قال: كان يقال: من الوضوء إسراف ولو كنت على شاطئ نهر. وأخرج نحوه عن أبي الدرداء وابن مسعود.

(1) تقدّم الكلام على مقداره والخلاف فيه. انظر حديث عائشة برقم (33).

ص: 333

وروي في معناه حديث مرفوع. أخرجه أحمد وابن ماجه بإسنادٍ لين من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. (1)

قوله: (يفرغ) بضمّ أوّله.

قوله: (ثلاثاً) أي: غرفات. زاد الإسماعيليّ " قال شعبة: أظنّه من غسل الجنابة " وفيه " وقال رجلٌ من بني هاشم: إنّ شعري كثير فقال جابر: شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثر من شعرك وأطيب ".

وللبخاري " كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ ثلاثة أكفٍّ " وهي جمع كفٍّ ، والكفّ تذكّر وتؤنّث ، والمراد أنّه يأخذ في كل مرّة كفّين ، ويدلّ على ذلك رواية إسحاق بن راهويه من طريق الحسن بن صالح عن جعفر بن محمّد عن أبيه. قال في آخر الحديث " وبسط يديه ".

ويؤيّده حديث جبير بن مطعم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمّا أنا فأفيض على رأسي ثلاثاً، وأشار بيديه كلتيهما. أخرجاه.

والكفّ اسم جنسٍ فيحمل على الاثنين. ويحتمل: أن تكون هذه الغرفات الثّلاث للتّكرار.

ويحتمل: أن يكون لكل جهةٍ من الرّأس غَرفةٌ كما تقدم في حديث القاسم بن محمّد عن عائشة (2).

(1) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بسعد، وهو يتوضأ، فقال: ما هذا السرف؟ فقال: أفي الوضوء إسراف؟ قال: نعم، وإنْ كنت على نهر جار. أخرجاه من طريق ابن لهيعة عن حيي بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرحمن الْحُبلي عن عبد الله بن عمرو.

(2)

رواية القاسم تقدم ذكرها في شرح حديث عائشة رضي الله عنها برقم (32)

ص: 334

فائدة: روى البخاري ومسلم عن أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، ويتوضأ بالمد " (1)

قوله: (إلى خمسة أمداد) أي: كان ربما اقتصر على الصاع - وهو أربعة أمداد - وربما زاد عليها إلى خمسة، فكأن أنساً لم يطّلع على أنه استعمل في الغسل أكثر من ذلك لأنه جعلها النهاية.

وقد روى مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها ، أنها كانت تغتسل هي والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد هو الفرق.

قال ابن عيينة والشافعي وغيرهما: هو ثلاثة آصع، وروى مسلم أيضا من حديثها ، أنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من إناء يسع ثلاثة أمداد.

فهذا يدل على اختلاف الحال في ذلك بقدر الحاجة، وفيه رد على من قدر الوضوء والغسل بما ذكر في حديث أنس كابن شعبان من المالكية، وكذا من قال به من الحنفية مع مخالفتهم له في مقدار المد والصاع.

وحمله الجمهور على الاستحباب ، لأنَّ أكثر من قدر وضوءه وغسله صلى الله عليه وسلم من الصحابة قدرهما بذلك، ففي مسلم عن سفينة مثله، ولأحمد وأبي داود بإسناد صحيح عن جابر مثله، وفي الباب عن عائشة وأم سلمة وابن عباس وابن عمر وغيرهم.

(1) قال ابن حجر في موضع آخر: المد إناء يسع رطلاً وثلثاً بالبغدادي، قاله جمهور أهل العلم، وخالف بعض الحنفية. فقالوا: المد رطلان.

ص: 335

وهذا إذا لم تدع الحاجة إلى الزيادة، وهو أيضاً في حق من يكون خلقه معتدلاً، وإلى هذا أشار البخاري في أول كتاب الوضوء بقوله " وكره أهل العلم الإسراف فيه وأن يجاوزوا فعل النبي صلى الله عليه وسلم ".

ص: 336