المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث السادس عشر - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ١

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدِّمة الكتاب

- ‌أولاً:

- ‌ثانياً:

- ‌ثالثاً:

- ‌رابعاً:

- ‌خامساً:

- ‌سادساً:

- ‌سابعاً:

- ‌ثامناً:

- ‌كتاب الطّهارة

- ‌باب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب دخول الخلاء والاستطابة

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌باب السواك

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الواحد والعشرون

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌باب المسح على الخُفّين

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌بابٌ في المذي وغيره

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌باب الغسل من الجنابة

- ‌الحديث الواحد والثلاثون

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌باب التّيمّم

- ‌الحديث الأربعون

- ‌الحديث الواحد والأربعون

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌باب الحيض

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌الحديث التاسع والأربعون

الفصل: ‌الحديث السادس عشر

‌الحديث السادس عشر

16 -

عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه ، أنّه قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاءَ ، فأحمل أنا وغلامٌ نحوي إداوةً من ماءٍ وعنزةً ، فيستنجي بالماء. (1)

قال المصنف: العنزة: الحربة الصغيرة. والأداوة: إناء صغير من الجلد.

قوله: (يدخل الخلاء) المراد به هنا الفضاء. لقوله في الرّواية الأخرى " كان إذا خرج لحاجته " ولقرينة حمل العنزة مع الماء ، فإنّ الصّلاة إليها إنّما تكون حيث لا سترة غيرها. وأيضاً فإنّ الأخلية التي في البيوت كان خدمته فيها متعلقة بأهله.

وفهم بعضهم من تبويب (2) البخاريّ ، أنّها كانت تحمل ليستتر بها عند قضاء الحاجة.

وفيه نظرٌ ، لأنّ ضابط السّترة في هذا ما يستر الأسافل ، والعنزة ليست كذلك.

نعم يحتمل: أن يركزها أمامه ويضع عليها الثّوب السّاتر.

أو يركزها بجنبه لتكون إشارة إلى منع من يروم المرور بقربه.

(1) أخرجه البخاري (149 ، 150، 151 ، 214 ، 478) ومسلم (170 ، 271) من طرق عن عطاء بن أبي ميمونة عن أنس.

(2)

حيث قال (باب حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء)

ص: 141

أو تُحمل لنبش الأرض الصّلبة.

أو لمنع ما يعرض من هوامّ الأرض، لكونه صلى الله عليه وسلم كان يبعد عند قضاء الحاجة.

أو تُحمل لأنّه كان إذا استنجى توضّأ، وإذا توضّأ صلَّى.

وهذا أظهر الأوجه، وقد بوّب عليه البخاري (باب الصلاة إلى العنزة).

وفيه جواز استخدام الأحرار خصوصاً إذا أرصدوا لذلك ليحصل لهم التّمرّن على التّواضع. وفيه أنّ في خدمة العالم شرفاً للمتعلم.

وفيه حجّة على ابن حبيب حيث منع الاستنجاء بالماء لأنّه مطعوم ، لأنّ ماء المدينة كان عذْبا.

واستدل به بعضهم على استحباب التّوضّؤ من الأواني دون الأنهار والبرك، ولا يستقيم. إلَاّ لو كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم وجد الأنهار والبرك فعدل عنها إلى الأواني.

قوله: (أنا وغلام) زاد البخاري عقبها " منّا " أي: من الأنصار، وصرّح به الإسماعيليّ في روايته، ولمسلمٍ " نحوي " أي: مقارب لي في السّنّ.

والغلام هو المترعرع ، قاله أبو عبيد، وقال في المحكم: من لدن الفطام إلى سبع سنين.

وحكى الزّمخشريّ في أساس البلاغة: أنّ الغلام هو الصّغير إلى حدّ الالتحاء، فإن قيل له بعد الالتحاء غلام ، فهو مجاز.

ص: 142

وإيراد البخاري لحديث أنس مع قول أبي الدّرداء معلَّقاً: أليس فيكم صاحب النّعلين والطّهور والوساد (1) يعني ابن مسعود ، يشعر إشعاراً قويّاً بأنّ الغلام المذكور من حديث أنس هو ابن مسعود.

وقد قدّمنا أنّ لفظ الغلام يطلق على غير الصّغير مجازاً، وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لابن مسعود بمكّة وهو يرعى الغنم: إنّك لغلام معلّم. وعلى هذا فقول أنس " وغلام منّا " أي: من الصّحابة ، أو من خدم النّبيّ صلى الله عليه وسلم.

وأمّا رواية الإسماعيليّ التي فيها " من الأنصار " فلعلَّها من تصرّف الرّاوي حيث رأى في الرّواية " منّا " فحملها على القبليّة فرواها بالمعنى ، فقال من الأنصار، أو إطلاق الأنصار على جميع الصّحابة سائغ ، وإن كان العرف خصّه بالأوس والخزرج.

وروى أبو داود من حديث أبي هريرة قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا أتى الخلاء أتيته بماءٍ في ركوة فاستنجى. فيحتمل أن يفسّر به الغلام المذكور في حديث أنس.

ويؤيّده ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة ، أنّه كان يحمل مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم الإداوة لوضوئه وحاجته.

وأيضاً فإنّ في رواية أخرى لمسلمٍ ، أنّ أنساً وصفه بالصّغر في ذلك

(1) أورده في كتاب الوضوء. باب من حمل معه الماء لطهوره.

وقد وصله البخاري في كتاب المناقب (3532) وفي مواضع أخرى.

ص: 143

الحديث، فيبعد لذلك أن يكون هو ابن مسعود. والله أعلم.

ويكون المراد بقوله أصغرنا. أي: في الحال لقرب عهده بالإسلام. وعند مسلم في حديث جابر الطّويل الذي في آخر الكتاب " أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم انطلق لحاجته فاتّبعه جابر بإداوةٍ " فيحتمل أن يفسّر به المبهم، لا سيّما وهو أنصاريّ.

ووقع في رواية الإسماعيليّ من طريق عاصم بن عليّ عن شعبة " فأتبعه وأنا غلام " بتقديم الواو فتكون حاليّة.

لكن تعقّبه الإسماعيليّ ، بأنّ الصّحيح " أنا وغلام " أي: بواو العطف.

قوله: (إداوة) بكسر الهمزة إناء صغير من جلد.

قوله: (من ماء) أي: مملوءة من ماء.

قوله: (وعنزة) العنزة بفتح النّون عصاً أقصر من الرّمح لها سنان، وقيل: هي الحربة القصيرة. ووقع في رواية كريمة في آخر الحديث في " باب الصلاة إلى العنزة " العنزة. عصاً عليها زجّ بزايٍ مضمومة ثمّ جيم مشدّدة. أي: سنان.

وفي " الطّبقات " لابن سعد: أنّ النّجاشيّ كان أهداها للنّبيّ صلى الله عليه وسلم. وهذا يؤيّد كونها كانت على صفة الحربة ، لأنّها من آلات الحبشة.

وعند البخاري في الصّلاة ولفظه " ومعنا عكّازة أو عصاً أو عنزة " والظّاهر أنّ " أو " شكّ من الرّاوي لتوافق الرّوايات على ذكر العنزة. والله أعلم

ص: 144

قوله: (فيستنجي بالماء) وللبخاري عن هشام بن عبد الملك عن شعبة " يعني يستنجي بالماء " وقائل يعني. هو هشام. وقد رواه البخاري عن سليمان بن حرب فلم يذكرها، لكنّه رواه عقِبَه من طريق محمّد بن جعفر عن شعبة فقال: يستنجي بالماء. والإسماعيليّ من طريق ابن مرزوق عن شعبة " فأنطلق أنا وغلام من الأنصار معنا إداوة فيها ماء يستنجي منها النّبيّ صلى الله عليه وسلم ".

وللبخاري من طريق روح بن القاسم عن عطاء بن أبي ميمونة " إذا تبرّز (1) لحاجته أتيته بماءٍ فيغسل به "، ولمسلمٍ من طريق خالد الحذّاء عن عطاء عن أنس " فخرج علينا وقد استنجى بالماء ".

وقد بان بهذه الرّوايات أنّ حكاية الاستنجاء من قول أنس راوي الحديث، ففيه الرّدّ على الأصيليّ حيث تعقّب على البخاريّ استدلاله بهذا الحديث على الاستنجاء بالماء.

قال: لأنّ قوله " يستنجي به " ليس هو من قول أنس ، إنّما هو من قول أبي الوليد أي: أحد الرّواة عن شعبة، وقد رواه سليمان بن حرب عن شعبة فلم يذكرها، قال: فيحتمل أن يكون الماء لوضوئه. انتهى.

وقد انتفى هذا الاحتمال بالرّوايات التي ذكرناها.

(1) قال ابن حجر في " الفتح "(1/ 423): بوزن تفعَّل من البَراز بفتح الموحدة. وهو الفضاء الواسع. كنَّوا به عن الخارج من الدبر كما في الغائط.

ص: 145

وكذا فيه الرّدّ على من زعم أنّ قوله " يستنجي بالماء " مُدرج من قول عطاءٍ الرّاوي عن أنس فيكون مرسلاً. فلا حجّة فيه كما حكاه ابن التّين عن أبي عبد الملك البونيّ (1) فإنّ رواية خالد التي ذكرناها تدلّ على أنّه قول أنس حيث قال: فخرج علينا.

وفي الحديث الرّدّ على من كره الاستنجاء بالماء، وعلى من نفى وقوعه من النّبيّ صلى الله عليه وسلم.

وقد روى ابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ، أنّه سئل عن الاستنجاء بالماء ، فقال: إذاً لا يزال في يدي نتن.

وعن نافع ، أنّ ابن عمر كان لا يستنجي بالماء. وعن ابن الزّبير قال: ما كنّا نفعله.

ونقل ابن التّين عن مالك ، أنّه أنكر أن يكون النّبيّ صلى الله عليه وسلم استنجى بالماء. وعن ابن حبيب من المالكيّة ، أنّه منع الاستنجاء بالماء ، لأنّه مطعوم.

(1) مروان بن محمد الاسدي، الاندلسي، البوني، المالكي. فقيه، محدث، حافظ، من اهل قرطبة.، ورحل إلى القيروان، وطلب العلم بها، ثم استقر ببونة من بلاد إفريقية، وأخذ عن أبي الحسن القابسي وأحمد بن نصر الداوودي، وروى عنه حاتم بن محمد، وتوفي ببونة قبل سنة 440 هـ من آثاره: كتاب كبير شرح فيه الموطأ.

معجم المؤلفين (12/ 220) لكحالة.

ص: 146