المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث السادس والثلاثون - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ١

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدِّمة الكتاب

- ‌أولاً:

- ‌ثانياً:

- ‌ثالثاً:

- ‌رابعاً:

- ‌خامساً:

- ‌سادساً:

- ‌سابعاً:

- ‌ثامناً:

- ‌كتاب الطّهارة

- ‌باب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب دخول الخلاء والاستطابة

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌باب السواك

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الواحد والعشرون

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌باب المسح على الخُفّين

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌بابٌ في المذي وغيره

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌باب الغسل من الجنابة

- ‌الحديث الواحد والثلاثون

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌باب التّيمّم

- ‌الحديث الأربعون

- ‌الحديث الواحد والأربعون

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌باب الحيض

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌الحديث التاسع والأربعون

الفصل: ‌الحديث السادس والثلاثون

‌الحديث السادس والثلاثون

36 -

عن أمّ سلمة رضي الله عنها زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، قالت: جاءت أمّ سليمٍ امرأة أبي طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت: يا رسولَ الله ، إنّ الله لا يستحيي من الحقّ ، فهل على المرأة من غُسلٍ إذا هي احتَلَمتْ؟ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم ، إذا رأتِ الماء. (1)

قوله: (عن أمّ سلمة) هي هند بنت أبي أمية المخزومية أم المؤمنين. (2)

(1) أخرجه البخاري (130 ، 278 ، 3150 ، 5740 ، 5770) ومسلم (313) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة عن أمِّها به.

(2)

قال أبو عمر: يقال اسمها رملة، وليس بشيء، واسم أبيها حذيفة، وقيل سهيل، ويلقب زاد الراكب، لأنه كان أحد الأجواد، فكان إذا سافر لا يترك أحداً يرافقه ومعه زاد، بل يكفي رفقته من الزّاد، وأمها عاتكة بنت عامر الكنانيّة، وكانتْ زوجَ ابنِ عمها أبي سلمة بن عبد الأسد بن المغيرة، فمات عنها فتزوجها النّبيّ صلى الله عليه وسلم في جمادى الآخرة سنة أربع، وقيل سنة ثلاث، وكانت ممن أسلم قديماً هي وزوجها وهاجرا إلى الحبشة، فولدت له سلمة، ثم قدما مكّة وهاجرا إلى المدينة، فولدت له عمر ودُرَّة وزينب. قاله ابن إسحاق.

قيل: إنها أوّل امرأة خرجت مهاجرة إلى الحبشة، وأول ظعينة دخلت المدينة. ويقال: إن ليلى امرأة عامر بن ربيعة شركتها في هذه الأوليّة.

وكانت أم سلمة موصوفةً بالجمال البارع، والعقل البالغ، والرأي الصّائب، وإشارتها على النّبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الحديبيّة تدلّ على وفور عقلها وصواب رأيها.

وهي آخر أمهات المؤمنين موتاً، فقد ثبت في صحيح مسلم ، أنَّ الحارث بن عبد اللَّه بن أبي ربيعة وعبد اللَّه بن صفوان دخلا على أم سلمة في خلافة يزيد بن معاوية، فسألا عن الجيش الّذي يخسف به، وكان ذلك حين جهّز يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة بعسكر الشّام إلى المدينة، فكانت وقعة الحرّة سنة 63. الإصابة (8/ 404)

ص: 315

قوله: (جاءت أم سليم) هي بنت ملحان والدة أنس بن مالك.

وقد سألتْ عن هذه المسألة أيضاً خولة بنت حكيم عند أحمد والنّسائيّ وابن ماجه ، وفي آخره " كما ليس على الرّجل غسل إذا رأى ذلك ، فلم ينزل " ، وسهلة بنت سهيل عند الطّبرانيّ ، وبسرة بنت صفوان عند ابن أبي شيبة.

قوله: (إنّ الله لا يستحيي من الحقّ) قدّمتْ هذا القول تمهيداً لعذرها في ذكر ما يُستحى منه.

والمراد بالحياء هنا. معناه اللّغويّ إذ الحياء الشّرعيّ خير كلّه ، وهو الذي يقع على وجه الإجلال والاحترام للأكابر، وهو محمود.

وأمّا ما يقع سبباً لترك أمر شرعيّ فهو مذموم، وليس هو بحياءٍ شرعيّ، وإنّما هو ضعف ومهانة، وهو المراد بقول مجاهد: لا يتعلم العلم مستحيٍ. (1) وهو بإسكان الحاء. و " لا " في كلامه نافية لا ناهية؛ ولهذا كانت ميم يتعلم مضمومة، وكأنّه أراد تحريض المتعلمين على ترك العجز والتّكبّر لِمَا يؤثّر كلّ منهما من النّقص في التّعليم.

والحياء لغة: تغيّر وانكسار ، وهو مستحيلٌ في حقّ الله تعالى ، فيُحمل هنا على أنّ المراد ، أنّ الله لا يأمر بالحياء في الحقّ ، أو لا يمنع

(1) قول مجاهد. علَّقه البخاري في كتاب العلم. باب الحياء في العلم بلفظ " لا يتعلَّم العلم مستحي ولا مستكبر ".

قال الحافظ في " الفتح "(1/ 229): وصله أبو نعيمٍ في " الحلية " من طريق عليّ بن المدينيّ عن ابن عيينة عن منصور عنه، وهو إسناد صحيح على شرط البخاري.

ص: 316

من ذكر الحقّ. وقد يقال إنّما يحتاج إلى التّأويل في الإثبات (1) ولا يشترط في النّفي أن يكون ممكناً ، لكن لَمّا كان المفهوم يقتضي أنّه يستحيي من غير الحقّ عاد إلى جانب الإثبات ، فاحتيج إلى تأويله. قاله ابن دقيق العيد.

قوله: (هل على المرأة من غسل)" من " زائدة ، وقد سقطت في رواية البخاري في الأدب. (2)

قوله: (احتلَمَتْ) الاحتلام افتعال من الحلم - بضمّ المهملة وسكون اللام - وهو ما يراه النّائم في نومه ، يقال: منه حلم بالفتح واحتلم ، والمراد به هنا أمر خاصّ منه وهو الجماع.

وفي رواية أحمد من حديث أمّ سليمٍ ، أنّها قالت: يا رسولَ الله إذا رأت المرأة أنّ زوجها يجامعها في المنام. أتغتسل؟.

وفيه الرّدّ على من منع من الاحتلام في حقّ المرأة دون الرّجل. كما حكاه ابن المنذر وغيره عن إبراهيم النّخعيّ ، واستبعد النّوويّ في " شرح المهذّب " صحّته عنه. لكن رواه ابن أبي شيبة عنه. بإسنادٍ جيّدٍ.

(1) قال الشيخ ابن باز رحمه الله (1/ 504): الصواب أنه لا حاجة إلى التأويل مطلقاً ، فإن االله يوصف بالحياء الذي يليق به ، ولا يشابه فيه خلقه كسائر صفاته ، وقد ورد وصفه بذلك في نصوص كثيرة فوجب إثباته له على الوجه الذي يليق به. وهذا قول أهل السنة في جميع الصفات الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة ، وهو طريق النجاة. فتنبّه واحذر.

(2)

أي: في كتاب الأدب من صحيح البخاري (6091). فالشارح إذا أطلق ، فإنه يقصد الصحيح ، وإذا أراد الأدب المفرد قيَّده.

ص: 317

قوله: (إذا رأتِ الماء) أي: المنيّ بعد الاستيقاظ ، وفي رواية الحميديّ عن سفيان عن هشام " إذا رأت إحداكنّ الماء فلتغتسل. وزاد. فقالت أمّ سلمة: وهل تحتلم المرأة؟ " وكذلك روى هذه الزّيادة أصحاب هشامٍ عنه غير مالكٍ فلم يذكرها.

وقد أخرجه البخاري من رواية أبي معاوية عن هشام ، وفيه " أَوَتحتلم المرأة؟ " وهو معطوفٌ على مقدّرٍ يظهر من السّياق ، أي: أترى المرأة الماء وتحتلم؟ وفيه " فغطّت أمّ سلمة وجهها " وللبخاري من رواية يحيى القطّان عن هشام " فضحكت أمّ سلمة ".

ويجمع بينهما. بأنّها تبسّمت تعجّباً ، وغطّت وجهها حياء.

ولمسلمٍ من رواية وكيع عن هشام " فقالت لها: يا أمّ سليمٍ فضحت النّساء " وكذا لأحمد من حديث أمّ سليمٍ. وهذا يدلّ على أنّ كتمان مثل ذلك من عادتهنّ؛ لأنّه يدلّ على شدّة شهوتهنّ للرّجال.

وقال ابن بطّالٍ: فيه دليل على أنّ كل النّساء يحتلمن.

وعَكَسَه غيره ، فقال: فيه دليل على أنّ بعض النّساء لا يحتلمن ، والظّاهر أنّ مراد ابن بطّالٍ الجواز لا الوقوع ، أي: فيهنّ قابليّة ذلك.

وفيه دليلٌ على وجوب الغسل على المرأة بالإنزال ، ونفى ابن بطّالٍ الخلاف فيه ، وقد قدّمناه عن النّخعيّ.

وكأنّ أمّ سليمٍ لَم تسمع حديث " الماء من الماء "(1) أو سمعِتْه وقام

(1) أخرجه مسلم (343) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وسيأتي كلام الشارح عليه في الحديث الآتي برقم (38)

ص: 318

عندها ما يوهم خروج المرأة عن ذلك ، وهو ندور بروز الماء منها.

وقد روى أحمد من حديث أمّ سليمٍ في هذه القصّة ، أنّ أمّ سلمة قالت: يا رسولَ الله: وهل للمرأة ماء؟ فقال: هنّ شقائق الرّجال. وروى عبد الرّزّاق في هذه القصّة " إذا رأت إحداكنّ الماء كما يراه الرّجل ". وروى أحمد من حديث خولة بنت حكيم في نحو هذه القصّة " ليس عليها غسل حتّى تُنزل كما يُنزل الرّجل ".

وفيه ردٌّ على من زعم أنّ ماء المرأة لا يبرز، وإنّما يعرف إنزالها بشهوتها ، وحمل قوله " إذا رأت الماء " أي: علِمت به (1) لأنّ وجود العلم هنا متعذّرٌ. لأنّه إذا أراد به علمها بذلك وهي نائمةٌ فلا يثبت به حكمٌ؛ لأنّ الرّجل لو رأى أنّه جامع ، وعلم أنّه أنزل في النّوم ثمّ استيقظ فلم ير بَلَلاً ، لَم يجب عليه الغسل اتّفاقاً ، فكذلك المرأة.

وإن أراد به علمها بذلك بعد أن استيقظت فلا يصحّ؛ لأنّه لا يستمرّ في اليقظة ما كان في النّوم إن كان مشاهداً ، فحَمْل الرّؤية على ظاهرها هو الصّواب.

وفيه استفتاء المرأة بنفسها ، وسياق صور الأحوال في الوقائع الشّرعيّة لِمَا يستفاد من ذلك. وفيه جواز التّبسّم في التّعجّب.

(1) يردّه رواية مسلم (314) من حديث عائشة. وفيه: هل تغتسل المرأة إذا احتلمت وأبصرت الماء؟.

ص: 319