المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وصلاته وسلامه دوما على … مولى السيادة والرسالة والحسب والآل والأصحاب - قرة العين بفتاوى علماء الحرمين

[حسين المغربي]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌(مقدمة)

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌مسألة

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(باب في أحكام تتعلق بالقرآن)

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل) في استعمال الحرير والنقدين (ما قولكم) فيمن فرش على خالص الحرير شيئا كثيفا هل يجوز له الجلوس عليه أم لا؟ (الجواب) في المعيار: قال بعض حذاق التونسيين: يؤخذ من قولهم من فرش فوق النجاسة طاهرا وصلى صحت

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل) في خصوصياته صلى الله عليه وسلم

- ‌(فصل) في بيان الأعلام الطاهرة

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل) في أحكام المياه

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل) في إزالة النجاسة (ما قولكم) فيمن فرضه الإيماء في سجوده وأومأ إلى محل به نجاسة هل تبطل صلاته؛ لأنه يجب تطهير مكان المصلى وقد فسره بعضهم بأنه محل قيامه وسجوده وجلوسه أم لا تبطل أفيدوا الجواب؟ (الجواب) الراجح صحة صلاته؛ لأن مكان المصلي الذي يجب تطهيره هو ما تماسه أعضاؤه بالفعل وتفسير بعضهم بأنه محل قيامه إلخ يحمل على ما إذا سجد بالفعل فلا يجب على المومي طهارة محل السجود أفاده الزرقاني

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل) في الوضوء وما يتعلق باللحية وبقية الشعر

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل) في نواقض الوضوء

- ‌[مسألة]

- ‌مسألة

- ‌باب الغسل

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل) في التيمم

- ‌(فصل) في الحيض

- ‌[مسألة]

- ‌باب أوقات الصلاة

- ‌باب الأذان

- ‌باب ستر العورة والخلوة

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب استقبال القبلة

- ‌[مسألة]

- ‌باب الصلاة

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب مبطلات الصلاة

- ‌[مسألة]

- ‌باب سجود السهو

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل) في قضاء الفوائت. (ما قولكم) في شخص ترك صلاة الظهر والعصر إلى أن بقي إلى الغروب قدر ما يسع أربع ركعات، فهل إذا صلى الظهر قبل العصر في هذه الحالة تبطل صلاته أم لا

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب النافلة

- ‌باب في الجماعة

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌‌‌ مسألة

- ‌ مسألة

- ‌‌‌‌‌[مسألة]

- ‌‌‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌مسألة

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل) في أحكام المساجد

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل) في قصر صلاة المسافر

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب الجمعة

- ‌مسألة

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌[مسألة]

- ‌باب كسوف الشمس

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب الجنائز

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب الزكاة

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل) في مصرف الزكاة

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل في زكاة الفطر)

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب الصوم

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب اليمين

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب في النذر

- ‌[مسألة]

- ‌باب الجهاد

- ‌[مسألة]

- ‌كتاب النكاح

- ‌[مسألة] يحرم خطبة امرأة راكنة لغير فاسق ولو لم يقدر صداق، وفسخ عقد الثاني

- ‌فصل في أركان النكاح

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل)

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل) في الأنكحة الفاسدة

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل في المحرمات)

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل في بعض مسائل الصداق)

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌مسألة

- ‌(فصل في الوليمة)

- ‌[مسألة]

- ‌باب الخلع

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب في الطلاق

- ‌[مسألة]

- ‌باب الطلاق

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة] يلزم الطلاق ولو بالهزل كالعتق والنكاح والرجعة

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل في الكنايات الظاهرة)

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة] يلزمه طلقة واحدة دخل أو لم يدخل في قوله: "فارقتك"، وتكون رجعية في المدخول بها، وإن نوى أكثر لزمه. اهـ. من أقرب المسالك

- ‌(فصل) في الكنايات الخفية، وهي المحتملة للطلاق وغيره، وذلك

- ‌(فصل في تعليق الطلاق)

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب تفويض الطلاق

- ‌مسألة

- ‌(فصل في الرجعة)

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب الظهار

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب العدة

- ‌‌‌[مسألة]الخلوة بالزوجة وإن أوجبت العدة لكنها لا تحل المبتوتة ولا يحلها إلا إيلاج بالغ قدر الحشفة منتشرًا بلا حائل مباح لا في دبر أو في كحيض، وتصادقا على ذلك، والعبرة بالسابق من إقرار أو إنكار، وأن يكون ذلك في نكاح لازم علمت خلوته ولو بامرأتين، ولو مغمى عليه إن علمت هي كما في المجموع في باب النكاح

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌‌‌[مسألة]اليائسة من الحيض كبنت سبعين سنة -أي: الموفية للسبعين- لا الداخلة فيها، والتي لم تر الحيض أصلاً لصغرها، أو لكون عادتها عدم الحيض، وتسمى في عرف بعض النساء بالبغلة عدة كل واحدة منهن ثلاثة اشهر، ولو كانت رقيقًا وتمم الكسر من الشهر الرابع، وألغي يوم الطلاق فلا يحسب من العدة، فإن طلقها بعد الفجر لم يحسب ذلك اليوم من الثلاثة الأشهر، وإن طلقت قبل الفجر فإن كان مبدأ العدة أول شهر، فالثلاثة الأشهر سواء كانت كاملة أو ناقصة أو بعضها، وأما بنت الخمسين إلى السبعين، فيسأل النساء عن الدم النازل عليها، فإن قلن: ليس بحيض، فعدتها ثلاثة أشهر، وإن قلن إنه حيض فعدتها ثلاثة قروء، وأما من انقطع حيضها بعد الخمسين فلا عدة لها إلا ثلاثة أشهر اتفاقًا، ودم من لم تبلغ خمسين حيض قطعًا. اهـ ملخصًا من حاشية الخرشي، وأقرب المسالك، و (ص)

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل) في بيان عدة من فقد زوجها

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة] إذا غاب رجل فرفعت زوجته أمرها

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل في بيان الاستبراء)

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(باب الرضاع)

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة] يحرم الرضاع بوصول اللبن لجوف الرضيع ولو مصة واحدة وإن بسعوط، أي صب في أنفه

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب النفقات

- ‌[مسألة]

- ‌مسألة

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة] يستمر المسكن للحامل المطلقة طلاقًا بائنًا دون النفقة إن مات زوجها المطلق لها قبل وضعها لأنه حق تعلق بذمته فلا يسقطه الموت، سواء كان المسكن له أم لا، فقد كراه أم لا، وأما البائن غير الحامل إذا مات زوجها فيستمرّ المسكن لها لانقضاء العدة، والأجرة فيهما من رأس المال، بخلاف الرجعية والتي في العصمة فلا يستمر لها المسكن إن مات إلا إذا كان له، أو فقد كراه كما مر، وتسقط الكسوة والنفقة في الجميع، أي من في العصمة والرجعية والبائن حاملاً أو لا لكون الحمل صار وارثًا. اهـ (در) بتصرف

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة] للزوجة ذات القدر الامتناع من السكنى مع أقارب الزوج في دار واحدة ولو الأبوين ولو بعد رضاها ابتداء سكناها معهم، ولو لم يثبت الضرر عليها باطلاعهم على حالها والتكلم فيها إلا لما فيه لشرط عند العقد أن تسكن معهم فليس لها الامتناع من السكنى معهم، ما لم يحصل منهم ضرر أو اطلاع على عوراتها وإلا فلها الامتناع، قال البناني: ولها الامتناع من السكنى مع خدمه وجواريه ولو لم يحصل بينها وبينهم مشاجرة، وأما الوضيعة التي لا قدر لها فليس لها الامتناع من السكنى مع أقاربه إلا لشرط أو حصول ضرر فلها الامتناع اهـ ملخصا من أقرب المسالك و (ص)

- ‌[مسألة]

- ‌باب الحضانة

- ‌[مسألة]

- ‌‌‌[مسألة]إذا أسقطت من تستحق الحضانة حقها منها بلا عذر ثم أرادت العود لها، فلا كلام لها سواء أسقطها بعوض أو غيره وتبقى الحضانة لمن انتقلت إليه. اهـ ملخصًا منهما

- ‌[مسألة]

- ‌باب البيوع

- ‌[مسألة] إذا حصلت مزايدة في سلعة من شخص، فللبائع إلزام المشتري، ولو طال الزمان أو انقضى المجلس حيث لم يجر عرف بعدم إلزامه، كما عندنا بمصر من أن الرجل إذا زاد في السلعة وأعرض عنه صاحبها أو انقضى المجلس فإنه لا يلزمه

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة] إن عرض سلعته للبيع فقال له شخص: بكم تبيعها؟ فقال له: بكذا، فقال: أخذتها به، فقال البائع: لم أرد البيع، فإنه يصدق بيمين فإن نكل فالبيع لازم اهـ من أقرب المسالك، وهذا إذا لم تقم قرينة تدل على إرادة البيع ولا على عدمه، وأما إن قامت قرينة تدل على عدم أرادة البيع، فالقول قول البائع بلا

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب في الصرف

- ‌[مسألة]

- ‌مسألة

- ‌[مسألة]

- ‌مسألة

- ‌[مسألة]

- ‌ فصل

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل في الربا)

- ‌(فصل في علة ربا النساء وربا الفضل)

- ‌(فصل) في القرض

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل)

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل في الخيار)

- ‌(فصل في عيوب المبيع)

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌مسألة

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل)

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل في الإقالة)

- ‌(فصل في المرابحة)

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل في المداخلة)

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل) في اختلاف المتبايعين

- ‌[مسألة]

- ‌(فصل) في السلم

- ‌[مسألة]

- ‌باب في الرهن

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب الفلس

- ‌[مسألة]

- ‌باب الحجر

- ‌باب الصلح

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب في الحوالة

- ‌باب في الضمان

- ‌[مسألة]

- ‌باب في الشركة

- ‌(فصل)

- ‌[مسألة]

- ‌باب الوكالة

- ‌باب في الإقرار

- ‌باب في الاستلحاق

- ‌[مسألة]

- ‌باب في الوديعة

- ‌باب في الإعارة

- ‌[مسألة]

- ‌باب الغصب

- ‌[مسألة]

- ‌باب في الاستحقاق

- ‌[مسألة]

- ‌باب في الشفعة

- ‌باب في القسمة

- ‌باب في القراض

- ‌باب في المساقاة

- ‌[مسألة]

- ‌باب في الإجارة

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌(باب الجعالة)

- ‌باب الوقف

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌مسألة

- ‌كتاب الوقف، فإنه يقبل قول الناظر في الجهات التي يصرف عليها إن كان أمينا، وإذا ادعى الناظر أنه صرف الغلة صدق إن كان أمينا، ما لم يكن عليه شهود في أصل الوقف، وإلا فلا يصرف إلا بإطلاعهم ولا يقبل بدونهم، وإذا ادعى أنه صرف على الوقف مالا من عنده صدق من غير يمين إن لم يكن منهما وإلا فيحلف، وله أن يقترض لمصلحة الوقف من غير إذن الحاكم، ويصدق في ذلك، نقله دس عن شب كما في ص

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌مسألة

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب أولى ما هنا من أخذهم من المسجد شيئا وجعله حوانيت؛ إذ هو أحرى بعدم الجواز، والله أعلم

- ‌باب الهبة

- ‌[مسألة]

- ‌باب في اللقطة

- ‌[مسألة]

- ‌باب في الدعاوى والإيمان

- ‌[مسألة]

- ‌مسألة

- ‌باب القضاء

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب في الشهادات

- ‌باب في المحظورات

- ‌باب في البغي

- ‌[مسألة]

- ‌باب الردة

- ‌باب حد الزنا

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب النسب والحدود

- ‌[مسألة]

- ‌باب السرقة

- ‌باب الحرابة

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌باب حد الشارب

- ‌باب في الرقيق

- ‌(باب العتق)

- ‌باب التدبير

- ‌باب الكتابة

- ‌[مسألة]

- ‌باب أم الولد

- ‌(فصل في الولاء)

- ‌[مسألة]

- ‌باب في الوصايا

- ‌[مسألة]

- ‌‌‌[مسألةأخرى]

- ‌[مسألة

- ‌[مسألة] لا يجوز بيع الوصي عقار محجوره إلا لسبب كالنفقة ووفاء الدين وغير ذلك مما فيه مصلحة لليتيم، ويشهد العدول أنه إنما باعه بكذا ومثل الوصي الحاكم

- ‌[مسألة] استحسن كثير من المتأخرين أن العرف الجاري بين الناس كأهل البوادي والأرياف وغيرهم يموت الواحد منهم ولا يوصي على أولاده اعتمادا على أخ أو جد أو عم لهم يعرف بالشفقة عليهم ينزل منزلة التصريح بإيصائه عليهم، وله البيع في القليل والكثير، فيمضي ولا ينقض، وليس للولد بعد كبره كلام، وهي مسألة نافعة كثيرة الوقوع، لا سيما في هذه الأزمنة، لكن لا يبيع إلا ما دعت إليه الضرورة، ولا بد من إظهار المبيع والمناداة عليه لحصول الرغبة فيه وثبوت أنه الأولى في البيع من غيره، وعدم وجود زائد على الثمن الذي أعطى فيه، وثبوت السداد في الثمن، وأن يكون الثمن عينا حالا كما ذكروه في باب الحجر

- ‌باب الفرائض

- ‌مسألة

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

- ‌[مسألة]

الفصل: وصلاته وسلامه دوما على … مولى السيادة والرسالة والحسب والآل والأصحاب

وصلاته وسلامه دوما على

مولى السيادة والرسالة والحسب

والآل والأصحاب من نالوا العلا

بشهود بدر المصطفى فخر العرب

فشريف أم سيد لكنه

دون الذي وافاه شرف من أب

في قول جمع وهو مختار الأميـ

ـر وقال بعض بالتساوي وانتسب

لمصاحب النعمان غير محمد

والفرع يحوي ما لأصل من نسب

هذا الذي قد شمت في فتوى الجها

بذة الكرام عليهم رحمات رب

قد قاله المفتي بمذهب مالك

حالا محمد عابد نال الأرب

(فائدة) محل قولهم السلف ينزهون ويفوضون في كل نص أوهم التشبيه؛ فيقولون في الوجه وجها لا كالوجوه، ولا يؤولونه بالذات بخلاف الخلف، إذا لم يضطروا للتأويل وإلا فهم يؤولون كالخلف، فقد ذكر البخاري في صحيحه عند تفسير قوله تعالى من آخر سورة القصص:} كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ {أن وجهه بمعنى ذاته، وقال أهل الحديث: إنه تفسير ابن عباس فهذا تأويل وقع من بعض السلف، وهو ابن عباس لداعي اضطراره هنا للتأويل إذ يلزم على عدمه دخول اليد والرجل والعين التي ثبتت لله تعالى بالنص تحت عموم ما قبل، ألا وهو:} كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ {وهو بديهي البطلان، أفاده بعض أفاضل العصر.

(فائدة) مما يبطل قول البعض بعدم جواز نداء الأموات والاستغاثة بهم ما أخرجه ابن جرير الطبري في تاريخه بسند رجاله ثقات: أن خالد بن الوليد لما حاصر مسليمة مع بني حنيفة، جعل يعتزي ويقول: وامحمداه. اهـ فتنبه أفاده بعض أفاضل العصر.

[مسألة]

في المدونة سوق الهدي لغير مكة ضلال، أي لما فيه من تغيير معالم الشريعة، قال الأمير: والبدنة في معنى الهدي، لقوله تعالى:} وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ {قال الدسوقي والدردير وبعث حيوان منذور بلفظ بعير أو خروف أو ذبيحة أو استصحابه، أو بعث لحمه لمن نذر له من نحو ولي ليذبح عنده، ويهدي ثوابه له ضلال أيضا على المشهور، ومذهب المدونة قال في التوضيح: لأن في بعثه شبها بسوق الهدي، وقد علمت أن سوق الهدي لغير مكة من الضلال، ومقابل المشهور ما لمالك في الموازية، وبه قال أشهب من جواز بعثه أو استصحابه؛ لأن إطعام المساكين بأي بلد طاعة، قال الدردير: ولا يضر قصد زيارة ولي واستصحاب

ص: 356

شيء من الحيوان معهم ليذبح هناك للتوسعة على أنفسهم، وعلى فقراء المحل من غير نذر، ولا تعيين فيما يظهره. اهـ، ولا يخفاك أن نحر النوق للأمراء عند مرورهم على بيت الناحر نحرها بمرورهم؛ بحيث لا ينحرها إذا لم يمروا؛ لأن في هذا حينئذ شبها ظاهرا بسوق الهدي لغير مكة، وعلى مقابل المشهور يكون جائزا حينئذ نظرا، إلى أنه إطعام للمساكين، وإطعام المساكين طاعة، وأما إن لم يقيد الناحر نحرها بمرورهم، بحيث إنه ينحرها ولو لم يمروا توسعة على الفقراء، ودفعا لشررهم، فهو جائر لا يضر هذا حكم النحر فتأمله، وأما حكم الأكل منها فالإباحة على أي حالة لقول العلامة الأمير في مجموعه مع الشرح وما ذبحوه يعني أهل الكتاب لعيسى وصليب وصنم إن ذكروا عليه اسم الله أكل أي من الكراهة، ولو قدموا غيره؛ لأنه يعلو ولا يعلى عليه، وإلا يذكروا عليه اسم الله، فإن قصدوا إهداء الثواب من الله، فكذلك يؤكل بمنزلة الذبح للولي. اهـ، المراد وذلك لأن التسمية لا تشترط من كافر، نعم يكره أكل هذا كالأول بخلاف المذبوح للولي، قال عبد الباقي: وعلة الكراهة فيهما قصدهم تعظيم شركهم مع قصد الذكاة، قال ابن سراج: ويلحق به ما يعمله المحموم من طعام، ويضعه على الطريق، ويسميه ضيافة الجان. اهـ فتأمل؛ والله أعلم.

(فائدة) ذكر سيدي علي الأجهوري المالكي في غاية البيان لحل شرب ما لا يغيب العقل من الدخان، نقلا عن الشيخ خليل ما نصه قاعدة تنفع الفقيه يعرف بها الفرق بين المسكر والمفسد والمرقد، فالمسكر ما غيب العقل دون الحواس مع نشاط وطرب وفرح، والمفسد ما غيب العقل دون الحواس لا مع نشاط وطرب وفرح والمرقد، ما غيب العقل والحواس، وينبني على الإسكار ثلاثة أحكام: الحد، والنجاسة، وتحريم القليل إذا تقرر ذلك، فللمتأخرين في الحشيشة قولان: قيل: إنها مسكرة، وبه قال الشيخ عبد الله المنوفي قال: لأنا رأينا من يتعاطاها يبيع أمواله لأجلها، فلولا أن لهم فيها طربا لما فعلوا ذلك، قلت: وبهذا قال الزركشي من الشافعية، فقال: لا يجوز من الحشيشة لا قليل ولا كثير، وقيل: إنها من المفسدات وصحح هذا القول الشيخ أبو الحسن في شرح المدونة، والعلامة ابن مرزوق، والشهاب القرافي وتبعه عليه المحققون؛ لأن المتعاطين لها لا يميلون إلى القتال والنصرة بل عليهم الذلة والمسكنة، قلت: وبهذا قال ابن دقيق العيد من الشافعية فقال: والأفيون وهو لبن الخشخاش أقوى فعلا من الحشيشة؛ لأن القليل منه يسكر مع أنه طاهر

ص: 357

بالإجماع، وكذا الحشيشة طاهرة، وقال النووي في شرح المهذب: لا يحرم أكل القليل الذي لا يسكر من الحشيشة بخلاف الخمرة، فإنه يحرم قليلها الذي لا يسكر. اهـ، ومثل الحشيشة البنج والأفيون؛ فيجوز أكل القليل الذي لا يسكر من الثلاثة، وأما الواصل إلى التأثير في العقل والحواس منها فحرام، ثم قال: إذا تقرر هذا، فنقول: شرب الدخان ليس مما يغيب العقل أصلا، وليس بنجس، وما كان كذلك لم يحرم استعماله لذاته، بل لما يعرض عنه من ضرر ونحوه، فمن لم يضره لم يحرم عليه، ومن ضره بإخبار عارف يوثق به، أو بتجربة في نفسه حرم عليه، وقد جرى الخلاف في الأشياء التي لم يرد في الشرع حكمها، والمرجح منه تحريم الضار دون غيره، وأنت خبير بأن ما يحصل منه لبعض مبتدئي شربه من الفتور كما يحصل لمن ينزل في الماء الحار، أو لمن يشرب مسهلا ليس من تغييب العقل في شيء كما يظنه بعض من لا معرفة له، وإن سلم أنه مما يغيب العقل؛ فليس من المسكر قطعا؛ لأنه ليس مع نشاط وفرح كما علم، وحينئذ فيجوز استعماله لمن لا يغيب عقله كاستعمال الأفيون لمن لا يغيب عقله، وهذا يختلف باختلاف الأمزجة، والقلة والكثرة، فقد يغيب عقل شخص ولا يغيب عقل آخر، وقد يغيب منه استعمال الكثير دون القليل، فلا يسع عاقلا أن يقول: إنه حرام لذاته مطلقا، إلا إذا كان جاهلا أو مكابرا معاندا، فإنه بعد الوقوف على كلام أهل المذهب، ومعرفته يصير الحكم بحل ما لا يغيب العقل منه لذاته من قسم البديهي الذي لا يسع عاقلا إنكاره، ولنذكره بصورة الشكل الأول من القياس الذي هو بديهي؛ الإنتاج فنقول: إن شرب الدخان المذكور لا يغيب العقل مع نشاط وفرح وهو طاهر، وكل ما كان كذلك يجوز استعمال القدر الذي لا يغيب العقل منه والصغرى بينة؛ إذ هي من الوجدانيات والمشاهدات، والكبرى دليلها ما سبق من كلام الأئمة؛ فالنتيجة بديهية، فمنكرها منكر البديهي، فإن قلت قولك: إن الدخان المذكور طاهر ممنوع؛ لأنه يبل بالخمر، قلت: إن تحقق هذا فحرمته لأمر عارض لا لذاته، وإن لم يتحقق ذلك فالأصل الطهارة، وهذا على فرض صحته، إنما هو فيما يأتي من بلاد النصارى ونحوها، وأما ما يأتي من بلاد التكرور ونحوها، فهو محقق السلامة من هذا على أن ابن رشد جازم بطهارة دخان النجس، فإن قلت: استعمال هذا سرف، وهو حرام، قلت: صرف المال في المباحات على هذا الوجه ليس بسرف، فإن قلت: هو مضر فيحرم لضرره، قلت: إن تحقق

ص: 358

هذا فحرمته لأمر عارض كما سبق فيحرم على من يضره خاصة دون غيره، ودعوى أنه مضر مطلقا بلا دليل، كيف وقد ثبت نفعه بالمشاهدة في بعض الأمراض كإزالة الطحال هذا، وقد أفتى العلامة الشيخ محمد النحريري الحنفي بأن شرب الدخان إنما يحرم على من ضره بإخبار طبيب عارف مسلم يوثق به أو بتجربة، وإلا فهو حلال. اهـ.

وأفتى مرة أخرى على سؤال رفع إليه بأنه لا يحرم إلا على من يغيب عقله أو يضره، ونص السؤال. (ما قولكم رضي الله عنكم) في شرب الدخان الحادث في هذا الزمان، هل يحرم على من لا يغيب عقله ولا يضر جسده، وهل ورد حديث في ذمه، ولو ضعيفا أم لا، أفتونا مأجورين.

(ونص الجواب):

الحمد لله رب العالمين، رب زدني علما، لا يحرم إلا على من يغيب عقله أو يضره، ومن لا فلا، وأما ورود حديث في شأن ذلك، فغير منقول في شيء مما وقفنا عليه من كتب الحديث لا على طريق الصحة، ولا على طريق الضعف، بل ولا على طريق الوضع ممن التزم ذكر الموضوعات، وأما ما ينقل على الألسنة فهو من أكاذيب أهل عصرنا، والله سبحانه وتعالى أعلم بحقيقة الحال، وكتبه عبد الله بن محمد النحريري الحنفي حامدا مصليا، وأفتى شيخ الشافعية في زمنه الشيخ علي الزيادي الشافعي على سؤال رفع إليه أنه يحرم شربه لمن يغيب عقله دون غيره، وكذا أفاد الشيخ العارف بالله تعالى العلامة عبد الرءوف المناوي الشافعي، وكذلك الشيخ الفقيه المتقن المحرر الشيخ محمد الشوبري الشافعي، ونص ما كتبه ليس شرب الدخان حراما لذاته، بل هو كغيره من المباحات ودعوى كونه حراما لذاته من الدعاوى التي لا دليل عليها، وإنما منشؤها إظهار المخالفة على وجه المجازفة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وكتبه محمد بن أحمد الشوبري الشافعي. انتهى.

وقد أفاده ذلك العالم الكامل الشيخ مرعي الحنبلي رحمه الله تعالى، فإنه كتب على سؤال يتضمن حكم شرب الدخان المذكور ما نصه شربه ليس بحرام لذاته، حيث لم يترتب عليه مفسدة بل هو بمنزلة شرب دخان النار التي لم ينفخها نافخ، وباتفاق لا قائل بتحريم ذلك، ولا تقتضي قواعد الشريعة تحريم الدخان المذكور، ولا شبهة أن البدع الحادثة تعرض على قواعد الشريعة، فإن أشبهت المباح فمباحة، أو الحرام فمحرمة، إلى غير ذلك من بقية الأحكام، وإذا تدبر العاقل أمر الدخان وجده ملحقا

ص: 359

بالبدع المباحة إن لم يترتب عليه مفسدة، ولم يرد في ذمه حديث عند فقهاء الحنابلة، والله أعلم، وكتبه الفقير مرعي المقدسي الحنبلي، وأفتى بذلك الشيخ العلامة العارف بالله تعالى الشيخ أحمد المالكي، ونص ما كتبه الدخان المذكور حرام لمن يغيب عقله، أو يؤذي جسده إذا أخبره بذلك طبيب عارف يوثق به، أو علم ذلك من نفسه بتجربة، وإلا فهو غير حرام، والله أعلم، وأما ما ورد من الأحاديث المتعلقة بذمه، فهو باطل لا أصل له، وقد ذكر الشيخ العلامة عبد الرءوف المناوي المذكور، أنه ورد عليه أسئلة كثيرة تشتمل على أحاديث في ذم الدخان لا أصل لها، وأنه لم يوجد حديث بذمه أصلا، والله أعلم.

فقد اتضح لك أن شرب ما لا يغيب العقل من الدخان غير محرم لذاته باتفاق المذاهب الأربعة، وإذا ثبت هذا فلا يحرم بمنع ولي الأمر على من علم انتفاعه به ولم يغيبه؛ لأنه حينئذ صار مطلوبا باستعماله، فترك استعماله ترك لما طلب منه، وطاعة الإمام لا تجب في مثل هذا على أحد القولين الآتيين، وكذلك إن لم يعلم ذلك ولم يضره ولم يغيب عقله، إن علم أن سبب منع ولي الأمر من استعماله اعتقاد حرمته، وإن علم أن لسبب المنع من استعماله مصلحة أخرى مع اعتقاد إباحته حرم؛ لأنه تجب طاعة السلطان في غير المعصية، فإذا منع من مباح وجبت طاعته، وإن لم يعلم سبب ذلك، فإنه يحمل على الأول، والمظنون بل المحقق أنه لا يمنع الناس من المباح الذي لا يعتقد حرمته على أنه قد يقال: إن منع الإمام من المباح لا يعمل به إلا إذا كان مذهبه ذلك، وأفتى الشيخ عبد الله الحنفي المذكور أن منع الإمام من المباح لغو لا يوجب حرمته، وليس له منع الناس منه، وأفتى العلامة ابن القاسم الشافعي بأن منع الإمام من المباح إنما يوجب المنع ظاهرا فقط، ونص ما كتبه نهي الإمام يمنع ارتكاب المنهي عنه، وإن كان مباحا على ظاهر كلام أصحابنا، ويكفي الانكفاف ظاهرا، وهذا آخر ما أردنا إيراده من رسالة سيدي علي الأجهوري المذكور.

(فائدة) ذكر الزرقاني على العزية ما نصه: سئل سيدي علي الأجهوري عن الدخان، وأن شخصا ينقل أحاديث وهي:"إياكم والخمر والخضرة"، وأن حذيفة قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى شجرة فهز رأسه، فقلت: يا رسول الله، لم هزيت رأسك؟ فقال: "يأتي ناس في آخر الزمان يشربون من أوراق

ص: 360

هذه الشجرة ويصلون بها، وهم سكارى، أولئك هم الأشرار، بريئون مني، والله بريء منهم"، وعن علي: "من شربها فهو في النار أبدا، ورفيقه إبليس، فلا تعانقوا شارب الدخان، ولا تصافحوه، ولا تسلموا عليه، فإنه ليس من أمتي"، وفي خبر: "إنهم من أهل الشمال، وهو شراب الأشقياء، وهي شجرة خلقت من بول إبليس حين سمع قول الله عز وجل:} إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ {الآية، فدهش، فبال فخلقت من بوله" بينوا لنا الجواب عن هذه الأحاديث، وهل هي واردة، وماذا يترتب على راويها بالكذب، وماذا يلزمه حيث نفى الإيمان والإسلام عن شاربها من غير أصل، وهل يحرم استعماله أم لا؟

(فأجاب):

بما نصه: دعوى أن هذه الأحاديث واردة في الدخان كذب وافتراء كما بينه الحفاظ الأعيان، وركاكة تلك الألفاظ دالة أيضا على ذلك، قال الربيع بن خيثم: إن للحديث ضوءا كضوء النهار، ولغيره ظلمة كظلمة الليل، ومن كذب عليه صلى الله عليه وسلم متعمدا فهو من أهل النار كما في خبر الصحيحين:"من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" والكذب عليه صلى الله عليه وسلم كبيرة إجماعا حتى في الترغيب والترهيب، ولا التفات لقول إمام الحرمين بتكفير الكاذب عليه، ولا لمن شذ فجوره، كما في الترغيب والترهيب، ويلزمه التعزير اللائق بحاله بحسب اجتهاد الحاكم بسبب كذبه على الوجه المذكور، وبنفيه الإيمان والإسلام عن شاربه، ولا يحرم استعماله إلا لمن يغيب عقله أو يضره في جسده، أو يؤدي استعماله إلى ترك واجب عليه كنفقة من تلزمه نفقته، أو تأخيره الصلاة عن وقتها، أو نحو ذلك، والله أعلم.

وسئل أيضا عن جواز بيع الأفيون ونحوه فأجاب بما نصه: يجوز بيع الأفيون ونحوه من المفسدات التي تغيب العقل لا مع نشاط وطرب لمن يأكل منه القدر الذي لا يغيب عقله، وكذا لمن اعتاد أكله حتى صار يحصل له الضرر الشديد بالترك، وكذا لمن يستعمله في غير الأكل من الأدوية ونحوها، ثم قال: وأما بيع العشب المسمى بالدخان في هذا الزمان، وإن كان اسمه في كتب الطب الطباق، بكسر الطاء المهملة وفتح الموحدة المشددة، فلا يمنع بيعه إلا لمن تحقق أو غلب على الظن أنه إذا استعمله غيب عقله، وهو نادر جدا كما هو مشاهد. اهـ.

كذا في فتح الرحيم الرحمن شرح لامية الأستاذ ابن الوردي نصيحة الإخوان، تأليف الفاضل السيد الشريف مسعود بن حسن بن أبي بكر القناوي الشافعي نفعنا الله بسره، وأسرار أجداده آمين.

(ما قولكم) في دور مكة المشرفة، هل يجوز بيعها ووقفها وكراؤها أم لا؟ وهل الحسنة فيها بمائة ألف أم لا؟ أفتونا.

(الجواب):

في الفروق للقرافي بعد أن حقق عن الإمام أن مكة فتحت عنوة ما حاصله: أراضي العنوة اختلف العلماء فيها، هل تصير وقفا بمجرد الاستيلاء، وهو الذي حكاه الطرطوشي في تعليقه عن مالك، وللإمام قسمتها كسائر الغنائم، وهو مخير في ذلك، والقاعدة المتفق عليها أن مسائل الخلاف إذا

ص: 361

اتصل ببعض أقوالها قضاء حاكم؛ تعين القول به وارتفع الخلاف، فإذا قضى حاكم بثبوت ملك في أرض العنوة، ثبت الملك، وارتفع الخلاف، ويتعين ما حكم به الحاكم، وهذا التقرير يطرد في مكة ومصر وغيرهما، والقول بأن الدور وقف إنما يتناول الدور التي صادفها الفتح، أما إذا انهدمت تلك الأبنية، وبنى أهل الإسلام دورا غير دور الكفار، فهذه الأبنية لا تكون وقفا إجماعا، وحيث قال مالك: لا تكرى دور مكة، يريد ما كان في زمانه باقيا من دور الكفار التي صادفها الفتح، واليوم قد ذهبت تلك الأبنية، وعليه فتملك وتوهب وتوقف، وقال القاضي تقي الدين الفاسي: والقول بمنع كراء بيوت مكة فيه نظر؛ لأن غير واحد من علماء الصحابة وخلافهم عملوا بخلافه في أوقات مختلفة، ثم ذكر وقائع من ذلك عن عمر وعثمان وابن الزبير ومعاوية رضي الله عنهم، وعلى القول بجواز البيع والكراء، اقتصر ابن الحاج، فإنه قال بعد ذكر الخلاف: وأباحت طائفة من أهل العلم بيع رباع مكة، وكراء منازلها، منهم: طاووس، وابن دينار، وهو قول مالك، والشافعي، قال: والدليل على صحته قول مالك، ومن يقول بقوله قول الله عز وجل:} الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ {وقوله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن" فأثبت لأبي سفيان ملك داره، وأثبت لهم أملاكهم على دورهم، وأن عمر ابتاع دارا بأربعة آلاف درهم، وأن دور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيدي أعقابهم منهم: أبو بكر الصديق، والزبير بن العوام، وعمرو بن العاص، وغيرهم قد بيع بعضها وتصدق ببعضها، ولم يكونوا يفعلون ذلك إلا في أملاكهم، وتؤول سواء العاكف فيه والباد في البيت خاصة، والله أعلم.

وأما الحسنة فيها فبمائة ألف، ومن أعظمها الوقف إذ هو الصدقة الجارية، والحال ما ذكر، والله أعلم بالصواب.

(ما قولكم في عبد مملوك) وعند بنت صغيرة حرة، فولى رجلا أجنبيا على عقد ابنته على رجل رغبها بدون إذن سيده، ولا رفع أمر البنت إلى القاضي الموجود في البلد، فهل هذا العقد صحيح أم لا؟

(الجواب):

الحمد لله، نعم هذا العقد صحيح؛ لقوله في أقرب المسالك مع الشرح: كعبد أوصى على نكاح أنثى، فإنه يوكل من يتولى عقدها ولو أجنبيا. اهـ، فأنت خبير بأن العبد إذا كان وصيا على نكاح أنثى يوكل من يتولى عقدها، ولو أجنبيا ولم يتوقف على إذن سيده، ولا إلى الرفع إلى القاضي، فكيف لا يكون ذلك كذلك في العبد إذا كان أبا لحرة، بل هو أولى والله سبحانه وتعالى أعلم.

(ما قولكم) في رجل عقد على امرأتين ثم طلق واحدة منهما، وقد دخل بإحداهما ولم يدخل بالأخرى، ثم مات ولم تعلم المطلقة ولم تنقض العدة، فماذا يخص كلا منهما من الميراث، وهل لكل منهما الصداق كاملا، أم كيف الحال أفيدوا الجواب؟

(الجواب):

الحمد لله رب العالمين، رب زدني علما؛ للزوجة المدخول بها الصداق كاملا للمس، وأما الميراث فنصف ما يخص

ص: 362

الزوجة لا منازع للمدخول بها فيه، ونصفه الآخر تنازعها فيه الزوجة الأخرى؛ لأنها تقول لها: أنت المطلقة فلك نصفه وأنا نصفه، وتقول المدخول بها للأخرى: أنت المطلقة فلا شيء لك من الميراث؛ لأن طلاقك قبل الدخول، وهو يقع بائنا، فيقسم بينهما ذلك النصف، فيصير للمدخول بها ثلاثة أرباع الميراث، وللثانية ربعه، وللثانية أيضا ثلاثة أرباع الصداق؛ لأن نصفه لا منازع لها فيه، ونصفه الآخر ينازعها فيه الوارث؛ لأنه يقول لها: أنت المطلقة، والمطلقة قبل الدخول لا تستحق إلا نصف الصداق، وهي تقول المطلقة هي المدخول بها، فأنا أستحق الصداق كاملا؛ لأنه يكمل بالموت فيقسم النصف الآخر بينها وبين الوارث، كما في المجموع وغيره، والله أعلم.

(ما قولكم) دام فضلكم في امرأة زوجها أبوها، وهي مراهقة على زيد لمهر معلوم، وقد غاب زوجها المذكور قبل الدخول بها ومات أبوها، وقد رفعت أمرها الآن إلى فضيلة قاضي جدة طالبة، تقدير النفقة لها في ذمة زوجها زيد المذكور، وفرض لها مولانا الحاكم الشرعي المشار إليه ثلاثة قروش صاغ دارج البلدة، كل يوم للنفقة والكسوة ومئونة السكن، وأذن لها بصرفها ذلك وبالاستدانة عند الحاجة، والرجوع على زوجها زيد المذكور بموجب إعلام شرعي صادر من محكمة جدة الشرعية بتاريخ 26 محرم سنة 39، فبعد تقدير النفقة لها على الوجه المسطور رفعت أمرها إلى الحاكم المنوه، طالبة تطليق نفسها من زوجها زيد المذكور على مذهب مالك رضي الله عنه، وقد أحال أمرها الحاكم المذكور إلى أحد علماء المالكية منيبا إياه في النظر في أمرها، والحكم فيه على مذهبه، فهل إن أثبتت عدم وجود ما تنفق به من ماله، وأنها لا تعلم مقره يصح تطليقها لعدم النفقة الواجبة لها كما ذكر أعلاه، أم لا أفتونا مأجورين؟

(الجواب):

في أقرب المسالك مع شرحه تجب نفقة الزوجة المطيقة للوطء على الزوج البالغ الموسر بها إن دخل بها ومكنته، أو لم يدخل بها ودعته هي، أو مجبرها، أو وكيلها له أي للدخول، ولو عند غير حاكم، وليس أحدهما أي الزوجين مشرفا على الموت عند الدعاء إلى الدخول، وإلا نفقة لها لعدم القدرة على الاستمتاع بها. اهـ.

والزوجة هنا قد غاب عنها الزوج قبل الدخول بها كما في السؤال، فلا تجب لها نفقة على الزوج حتى يقدرها الحاكم لها في ذمة الزوج، أو يحكم العالم المالكي بتطليقها عليه لعدم النفقة، نعم للعالم المالكي أن يجري في حقها حكم من فقد زوجها في أرض الإسلام في غير زمن الوباء، بأن يكشف أولا عن حال زوجها بالسؤال والإرسال للبلاد التي يظن بها ذهابه إليها للتفتيش عنه إن أمكن الإرسال، والأجرة عليها، وبعد العجز عن خبره يؤجل الحر أربعة أعوام والعبد نصفها، فإذا تم الأجل دخلت في عدة وفاة، ولا تحتاج إلى نية دخول فيها، وقدر بالشروع في العدة طلاق يتحقق وقوعه بدخول الزوج الثاني كما في أقرب المسالك وشرحه، لكن قال العلامة الصاوي: ومحل هذا

ص: 363

ما لم تخش العنت، وإلا فتطلق عليه للضرر، فهي أولى من معدومة النفقة، كذا قال الأشياخ. اهـ والله أعلم.

نعم لا تجب لها نفقة على مذهب مالك رضي الله عنه، ولكن حيث إنها تجب لها النفقة على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه كما أفتى به مولانا قاضي القضاة بمكة المحمية، وحكم به الحاكم الشرعي بجدة، فهل يجوز للعالم المالكي أن يستند في تطليقه على النفقة الواجبة لها على مذهب غيره خصوصا، وقد حكم حاكم بوجوبها أم لا يجوز له ذلك؟ وهل تصدق مطلقا في خشية العنت، وتطلق على زوجها كما قال العلامة الصاوي، أم لذلك شروط لا بد منها أفتونا مأجورين؟

نعم يجوز للعالم المالكي أن يستند في تطليقها من زوجها على مذهب غيره الذي حكم به الحاكم من وجوب نفقتها على زوجها قبل الدخول، ففي ضوء الشموع، قال العلامة الأمير عند قوله في مجموعه: وحرم المبتوتة حتى يولج بالغ، وعند الشافعي يكفي الصبي، ومن هنا الملفقة، ولأجل رفع الخلاف تحتاج لقاضيين يعقد شافعي، أي يحكم بصحة عقد الصبي، وتحليله المبتوتة، ويطلق مالكي لمصلحة ومعلوم أنه لا عدة من وطء الصبي، فيعقد من انتهاء أثر الطلاق، وإلا فالتلفيق جائز بدون القاضيين، لكنها لا تناسب الاحتياط في الفروج، فلذا كتب السيد البليدي وغيره من المحققين منع الملفقة. اهـ بتغيير ما.

قال الشيخ الصاوي على أقرب المسالك في باب القضاء: محمل قولهم حكم الحاكم لا يحل حراما هو الذي باطنه مخالف لظاهره، بحيث لو اطلع الحاكم على باطنه لم يحكم، وأما باطنه كظاهره كحكم الشافعي يحل المبتوتة بوطء الصغير فحكمه رافع للخلاف ظاهرا وباطنا، ولا حرمة على المقلد له في ذلك، وهي المسألة الملفقة. اهـ، ومسألتنا لا شك أنها من قبيل المسألة الملفقة كما لا يخفى، وتصدق المرأة في خشية العنت إذا مضى عليها من غيبة زوجها أكثر من أربعة أشهر، كما يؤخذ من مسألة الإيلاء، والله سبحانه وتعالى أعلم.

(ما قولكم) في طن الأذن هل ورد فيه شيء أم لا؟

(الجواب):

في الزرقاني على العزية: أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تتأكد عند طن الأذن، قال العلامة العدوي: أي لما ورد من قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا طنت أذن أحدكم فليذكرني، وليصل علي، وليقل: ذكر الله من ذكرني بخير" انتهى، قال شارحه إذا طنت أي صوتت، فليذكرني بأن يقول: محمد رسول الله، وليصل علي، أي يقول: صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر في حل قوله: وليقل: ذكر الله من ذكرني بخير ما حاصله أن الروح إذا تطهرت من القذر، تجول في الملكوت حتى تلحق بمقام النبي صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى، قائلا: يا رب أمتي أمتي، حتى ينفخ في الصور، فيذكر النبي صلى الله عليه وسلم الشخص، المذكور لله، ويسأله خيرا له، فإذا قدمت الروح بذلك الخير إلى جسدها تطن الأذن فيطلب من الشخص أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مكافأة له. اهـ عدوي.

(ما قولكم) دام فضلكم، فيما اعتيد

ص: 364

فعله الآن من الأذان في القبر بعد وضع الميت فيه وقبل إلحاده، ومن الأذان خلف المسافر على قصد رجوعه، هل لذلك أصل في الكتاب والسنة، أو في نصوص الأئمة مما يعتمد عليه بالنسبة للخواص والعوام؟

(الجواب):

فعل الأذان سنة لجماعة، طلبت غيرها بحضر أو سفر بكل مسجد وجامع، وبعرفة، ومزدلفة، وبكل موضع جرت العادة بالاجتماع فيه فيسن في جميع ذلك كفاية، ووجب في المصر كفاية وحرم قبل وقته كعلى امرأة على أحد القولين، وكره لها على الآخر كلسنن ولو راتبة، وكذا الجماعة مقيمين لم تطلب غيرها، ولفائتة خلافا للشافعية، وكذا الجماعة مقيمين لم تطلب غيرها، ولفائتة خلافا للشافعية، وكذا في ضروري، وفرض كفائي فيما يظهر، وندب لمسافر أو في فلاة، ولجماعة في فلاة، أو مسافرين لم يطلبوا غيرهم؛ فتعتريه أحكام خمسة، ليس منها الإباحة بل السنة، والوجوب، والحرمة، والكراهة، والندب، كما في عبد الباقي، والزرقاني على مختصر خليل، وأما فعله في غير ما ذكر فهو على ثلاثة أنواع؛ الأول فعله في أذن المولود عند ولادته في أذنه اليمنى، والإقامة في أذنه اليسرى، وهذا قد نص فقهاء المذاهب على ندبه وجرى به عمل علماء الأمصار بلا نكير، وفيه مناسبة تامة لطرد الشياطين به عن المولود لنفورهم، وفرارهم من الأذان، كما جاء في السنة.

النوع الثاني فعله خلف المسافر رجاء عوده من سفر لمقر وطنه، وهذا لم أره منصوصا إلا أنه جرى به عمل من يقتدى بعمله من علماء الأمصار، وفيه مناسبة حيث يطلب بحي على الصلاة، حي على الفلاح، إقباله على وطنه، وعوده من سفره، نظير ما اعتاد بعض المشايخ كتابته على بطن المرأة التي تعسر وضعها حملها، صلاة الفاتح، وأول سورة الفتح إلى:} وَيَهْدِيَكَ صِرَاطا مُسْتَقِيما {.

النوع الثالث: فعله في القبر بعد وضع الميت فيه وقبل لحده، وهذا لم ينص عليه أحد من الفقهاء، وليس فيه مناسبة؛ إذ لا سبيل لعود الميت للدنيا، ولم يجر به عمل من يقتدي به، بل قال ابن حجر في فتاويه الكبرى: هو بدعة، إذ لم يصح فيه شيء، وما نقل عن بعضهم فيه غير معول عليه، ثم رأيت الأصبحي أفتى بما ذكرته؛ فإنه سئل هل ورد في الأذان والإقامة خبر عند سد فتح اللحد؟

فأجاب بقوله: لا أعلم في ذلك خبرا ولا أثرا إلا شيئا يحكى عن بعض المتأخرين أنه قال: لعله مقيس على استحباب الأذان والإقامة في أذن المولود، وكأنه يقول: الولادة أول الخروج إلى الدنيا، وهذا آخر الخروج منها، وفيه ضعف، فإن هذا لا يثبت إلا بتوقيف، أعني تخصيص الأذان والإقامة، وإلا فذكر الله تعالى محبوب على كل حال، إلا في وقت قضاء الحاجة. اهـ كلامه رحمه الله، وبه يعلم أنه موافق لما ذكرته من أن ذلك بدعة، وما أشار إليه من ضعف القياس المذكور ظاهر جلي، يعلم دفعة بأدنى توجه، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب. اهـ كلام ابن حجر رحمه الله تعالى، والله ولي التوفيق والهداية لأقوم طريق.

(ما قولكم) فيما اشتهر على ألسنة الناس من قولهم: من قلد عالما لقي الله

ص: 365

سالما، هل هو حديث وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أم هو من كلام العلماء، وما مرادهم به، أفتونا مثابين؟

(الجواب)

الحمد لله، لم أقف على كونه حديثا مرويا عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ، وإنما وقفت في كتاب الميزان للشعراني نقلا عن الجلال السيوطي أنه قال: وقد استنبطت من حديث "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" أننا إذا اقتدينا بأي إمام كان اهتدينا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم خيرنا في الأخذ بقول من شئنا منهم من غير تعيين، وما ذلك إلا لكونهم كلهم على هدى من ربهم، ولو كان المصيب من المجتهدين واحدا والباقي مخطئا؛ لكانت الهداية لا تحصل لمن قلد الباقين، قال: فمن ثم كان محمد بن حزم يقول في حديث: "إذا اجتهد الحاكم وأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله أجران" المراد بالخطأ هنا عدم مصادفة الدليل لا الخطأ الذي يخرج صاحبه عن الشريعة، إذ لو خرج به عن الشريعة لم يحصل له به أجر، انتهى. اهـ كلام الشعراني في الميزان، وهو ظاهر في أن العلماء إنما اتخذوا قولهم: من قلد عالما

إلخ مأخوذ من حديث: "أصحابي كالنجوم

إلخ" على الاستنباط المذكور الذي هو من تنقيح المناط بالفاء خصوص أصحابي، واعتياد عمومه أي الأئمة ذوو الاجتهاد المطلق كالنجوم

إلخ، بقرينة بأيهم اقتديتم، إذ مجرد الصحبة لا دخل لها في الاقتداء بهم فافهم؛ لأن مرادهم بالعالم المجتهد المطلق، وعلى أن المراد به مطلق عالم، ولو غير مجتهد يأتي فيه قول الشيخ إبراهيم العلوي في ألفية الأصول:

وقول من قلد عالما لقي

الله سالما فغير مطلق

وقول النابغة القلاوي الشنقيطي في الصليحة:

وقال في إضاءة الدجنة

المقري قولة كالجنة

والحزم أن يسير من لم يعلم

مع رفقة مأمونة ليسلم

وليسلك المحجة البيضاء

فنورها للمهتدي استضاء

وفي بنيات الطريق يخشى

سار ضلالا أو هلاكا يغشى

أمننا الله من الآفات

في الدين والدنيا إلى الوفاة

فافهم، والله سبحانه وتعالى أعلم.

(ما قولكم) دام فضلكم في الزوجين اشتركا في الاكتساب كما جرى في أكثر قرى أندونسيا، واختلط المتحصل من كسبهما ولم يتميز، ومات أحد الزوجين عن الآخر، والورثة الأخرى ماذا يعمل هل يقسم المال بينهما بالسوية أم لا؟ ثم يقسم على الورثة أم يقسم بادئ بدء على جميع الورثة من غير أن يقسم بينهما بالسوية أو لا؟ أفيدونا ولكم الأجر والثواب؟

(الجواب):

في إعانة شيخنا اشتراك اثنين ليكون كسبهما بينهما، أي مكسوبهما ببدنهما خاصة، سواء اتفقا حرفة كخياطين، أو اختلفا فيها كخياط ورفاء تسمى شركة الأبدان، وهي باطلة لعدم المال، فمن انفرد بشيء فهو له، وما اشتركا فيه يوزع عليهما بنسبة أجرة المثل بحسب الكسب، وجوزها أبو حنيفة رضي الله عنه مطلقا، ومالك وأحمد رضي الله عنهما مع اتحاد الحرفة. اهـ، وهو صريح في أن المتحصل من كسب

ص: 366

الزوجين، ولم يتميز يوزع عليهما بنسبة أجر المثل بحسب الكسب، ثم يأخذ ورثة الميت منهما ما خصه بالتوزيع المذكور؛ ليقتسموه على مقتضى الإرث الشرعي فرضا وتعصيبا، والله سبحانه وتعالى أعلم.

(ما قولكم) دام فضلكم، هل يسوغ للمسلم إقراء السلام على الكافر أم لا، وعلى جوازه فما الدليل عليه أفتونا؟

(الجواب):

في شرح أقرب المسالك للعلامة الدردير، ويكره بدء الكفار بالسلام، فإن سلموا علينا بصيغتنا

رددنا

عليهم، أي لا على سبيل الوجوب، وإنما يندب لقوله تعالى:} وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنا {. اهـ بتوضيح من الصاوي عليه، وفي مشكاة المصابيح عن أبي هريرة قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه" رواه مسلم. اهـ.

(سئلت) هل تكون المملوكة معتوقة بقول سيدتها في حال غضبها وخصامها لها: لو ما كنت معتوقة لكنت بعتك، وأنكرت سبق عتق منها لها، ولا تصدق أم لا، بل يصح بيعها، وتصدق أفتونا؟

(فأجبت) بقولي: قول السيدة ما ذكر لمملوكتها يعد إقرارا بالعتق قبله، فلا ينفع فيه الإنكار، بل ينجز فيه العتق بالقضاء أي بحكم الحاكم، ويقبل منها الإنكار، ولا ينجز عليها العتق في الفتيا؛ لقول العلامة الدردير في شرحه على سيدي خليل بتغيير ما مع المتن إذا أقر الزوج على نفسه أنه تزوج أو تسرى بعد اليمين منه بالطلاق أنه لا يتزوج أو لا يتسرى، ثم قال: كنت كاذبا في إقراري بذلك، فلا يصدق أنه كان كاذبا، وحينئذ فينجز عليه الطلاق بالقضاء اهـ. قال الدسوقي: عليه أي بحكم الحاكم، وظاهره أنه يقبل منه، في الفتيا، وفي المدونة ما يشهد له، ونصها فإن لم تشهد البينة على إقراره بعد اليمين، وعلم هو أنه كاذب في إقراره بعد يمينه هل له المقام عليها بينه وبين الله تعالى، ومن المعلوم أنه ما يحل المقام عليه بجواز الفتيا، بل لا طريق لمعرفتها إلا منها. اهـ، بن اهـ، وقد نصوا على أن العتق كالطلاق في مثل ذلك، والله أعلم.

(فائدة) ومن شعر الشيخ محمد المغافري رحمه الله تعالى:

إذا ما اشترت بنت أباها فعتقه

بنفس الشرا شرعا عليها تأصلا

وميراثه إن مات من غير عاصب

ومن غير ذي فرض لها قد تأثلا

لها النصف بالميراث والنصف بالولا

فإن وهب ابنا أو شراه تفضلا

فأعتق شرعا ذلك الابن ما لها

سوى الثلث والثلثان للأخ أصلا

وميراثه فيه إذا مات قبلها

كميراثها في الأب من قبل يجتلى

ومولى أبيها ما لها الدهر فيه من

ولاء ولا إرث مع الأخ فاعتلا

قال في نفح الطيب: وهذه المسألة ذكر الغزالي في الوسيط أنه قضى فيها أربعمائة قاض، وغلطوا، وصورتها: ابنة اشترت أباها، فعتق عليها، ثم اشترى الأب ابنا فعتق عليه، ثم اشترى عبدا فأعتقه، ثم مات الأب فورثه الابن والبنت، للذكر مثل حظ

ص: 367

الأنثيين، ثم مات العبد المعتق فلمن يكون ولاؤه، وفرضها المالكية على غير هذا الوجه، وهي مشهورة. اهـ والله أعلم.

(فائدة) الذريعة التي يجب سدها شرعا: هو ما يؤدي من الأفعال المباحة إلى محظور منصوص عليه، لا مطلق محظور فمن هنا قال مالك وأبو حنيفة: يشتري الولي في مشهور الأقوال من مال يتيمته إذا كان نظرا له، وهو صحيح؛ لأنه من باب الإصلاح المنصوص عليه في آية:} وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ {إلخ، فلا يقال: لم ترك مالك أصله في التهمة والذرائع، وجوز له ذلك من نفسه مع يتيمته، لأنا نقول: قد أذن الله تعالى هاهنا في صورة المخالطة، ووكل الحاضنين في ذلك إلى أمانتهم، بقوله تعالى:} وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ {، وكل أمر مخوف، ووكل الله تعالى فيه المكلف إلى أمانته، لا يقال فيه: إنه يتذرع إلى محظور، فمنع منه كما جعل الله سبحانه النساء مؤتمنات على فروجهن مع عظم ما يتركب على قولهن في ذلك من الأحكام، ويرتبط به من الحل والحرمة، والأنساب، وإن جاز أن يكذبن، وهذا فن بديع فتأملوه، واتخذوه دستورا في الأحكام واصلوه، أفاده العلامة أبو بكر بن العربي في كتاب أحكام القرآن.

(فائدة) قال محمد بن علي بن حسين: النكاح بولي في كتاب الله تعالى ثم قرأ:} وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ {بضم التاء، وهي مسألة بديعة ودلالة صحيحة، أفاده العلامة أبو بكر بن العربي في كتاب أحكام القرآن، والله أعلم.

(فائدة) قال الإمام ابن العربي في كتابه أحكام القرآن: من غريب فنون الترجيح ترجيح العموم في خصوص العين على العموم في خصوص الحال، وذلك أن بعض علمائنا، قال: إن دم الحيض كسائر الدماء يعفى عن قليله تمسكا بعموم قوله تعالى:} أَوْ دَما مَسْفُوحا {فإنه يتناول الكثير دون القليل، وهو عموم في خصوص حال الدم، وقال بعض الآخر: قليله وكثيره سواء في التحريم، رواه أبو ثابت عن ابن القاسم، وابن وهب، وابن سيرين عن مالكا تمسكا بقوله تعالى:} قُلْ هُوَ أَذى {فإنه يعم القليل والكثير، وهو عموم في خصوص عين الدم؛ فترجح على الآخر؛ لأن حال العين أرجح من حال المحال، وقد بيناه في أصول الفقه، وهو مما لم نسبق عليه ولم نزاحم عليه. اهـ بتصرف.

(فائدة) نظم الشيخ إبراهيم الرياحي التنوسي الصلوات التي تفسد على الإمام دون المأموم بقوله:

وأي صلاة للإمام فسادها

تبين فالمأموم في ذاك تابع

سوى عدة ضاهت كواكب يوسف

وها أنا مبديها إليك وجامع

ففي حدث ينسى الإمام وسبقه

وقهقهة والخوف في العد رابع

وإعلام مأموم يفوز إمامه

بتنجيسه والبعض فيه منازع

وقطع إمام حين كشف لعورة

على ما لسحنون وقد قيل واسع

ومستخلف لفظا لغير ضرورة

لأجل رعاف هي وفي العد سابع

ص: 368

ومستخلف بالفتح لم ينو ثم من

بتسليمه فات التدارك تابع

وتارك قبلي الثلاث وطال إن

هموا فعلوا لكن به الخلف واقع

ومنحرف لا يستجاز انحرافه

وهذا من غريب بالتتمة طالع

وذا في صلاة ما الجماعة شرطها

وإلا فبطلان على الكل شائع

ونظم أيضا ما يحر فيه ربا الفضل والنسا بقوله:

إذا بعت مطعوما بمطعوم آخر

فإن كان بالتأجيل فامنعه مطلقا

ويحرم في الجنس التفاضل إن هما

يكونا ذوي قوت وذخر فينتقى

وحرمتهما في النقد والجنس واحد

وللنسا فامنع حيثما الجنس ما التقى

ومهما تبع عرضا بعرض فإنه

سوى الجنس بالتأجيل والفضل ينتقى

واجر اختلاف النفع مجرى تخالف

بجنس هنا فاحفظ فلا زلت ذا تقى

ونظم أيضا شروط الرجوع في النفقة على الصبي بقوله:

إن كان للصغير مال حين إن

أنفق والإنفاق بالعلم قرن

وقد نوى به الرجوع وحلف

عليه والإنفاق من غير سرف

وكان مال الطفل غير عين

فهذه ست بغير مين

ذكرها العلامة المتيطي

ففز بها واحذر من التفريط

ومن على القصد بشيء عار

فالنص بالرجوع في المعيار

(فائدة) قال العلامة التنبكتي في تكملة الديباج عقب ترجمته للعلامة محمد بن محمد بن القرشي التلمساني، الشهير بالمقري بفتح الميم وتشديد القاف المفتوحة ما نصه: ومن فوائده أنه قال: سألني السلطان أبو عنان عمن لزمته يمين على نفي العلم، فحلف جهلا على البت، هل يعيد أم لا؟ فأجبته بإعادتها، وقد أفتاه من حضر من الفقهاء بأن لا تعاد؛ لأنه أتى بأكثر مما أمر به على وجه يتضمنه، فقلت له: اليمين على وجه الشك غموس، قال ابن يونس: والغموس الحلف على تعمد الكذب وعلى غير يقين، لا شك أن الغموس محرمة، منهي عنها، والنهي يدل على الفساد، ومعناه في العقود عدم ترتب أثره فلا أثر لهذه اليمين، فوجب أن تعاد، وقد يكون من هذا اختلافهم فيمن إذنها السكوت فتكلمت، هل يجتزأ بذلك، والإجزاء هنا أقرب؛ لأنه الأصل، والصمات رخصة لغلبة الحياء، فإن قلت: البت أصل، وإنما يعتبر نفي العلم إذا تعذر، قلت: ليس رخصة كالصمات. اهـ.

(فائدة) قال العلامة التنبكتي في تكملة الديباج عقب ترجمة العلامة محمد بن جعفر الأسلمي ما نصه: قال الحضرمي: أنشدني المترجم له لأبي الحسن بن جبير بسنده إليه:

من الله فاسأل كل أمر تريده

فما يملك الإنسان نفعا ولا ضرا

ولا تتواضع للولاة فإنهم

من الكبر في حال يموج بهم سكرى

وإياك أن ترضى بتقبيل راحة

فقد قيل فيها إنها السجدة الصغرى

ص: 369

اهـ.

قلت: وعن سفيان الثوري: تقبيل يد الإمام العادل سنة، وعن الحسن: طاعة، وفي إحياء الغزالي قبل أبو عبيدة بن الجراح يد عمر بن الخطاب، فما أنكره، وقد ألف في رخصة تقبيلها الحافظ أبو بكر جزءا لطيفا، والله أعلم.

(ما قولكم) دام فضلكم فيما إذا خرب مسجد، أو خرب بعضه كسقفه، أو احتاج إلى زيادة نور أو هواء يفتح مناور، أو احتاج لمناورة، ولم يعلم لواقفه شرط، وتبرع بعض المسلمين بمبلغ عظيم لفعل ذلك، فهل والحال ما ذكر يجوز فعل ما ذكر بالمسجد المذكور، ولا سيما والمستولي على البلدة بعض ملوك الكفرة، فيكون المسجد المذكور ضد كنائسهم الموجودة الآن، أم لا يجوز أفتونا؟

(الجواب):

لا شك في جواز هدم المسجد المذكور وتعميره، وعمارة جيدة وتوسيعه، وجعل منارة به بل لا شك في أن ذلك الفعل من أعظم القربات التي يتضمنها قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية

" الحديث، وقوله تعالى:} إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ {الآية، إذ لا شك في أن تركه على ما هو عليه من نزول السقف، وعدم وجود منارة به، وخرابه ربما أدى لتعطيله عن العبادة، فلا يكون معمورا بها، وتعطيله عنها يؤدي إلى خرابه، وخرابه يؤدي إلى زوال أحكام المسجدية عنه، لا أصل الحبس كما نص على ذلك العلامة الأمير على عبد الباقي على سيدي خليل، أخذا مما كتبه السيد عن الحطاب من أنه لا يطلب للمسجد إذا خرب تحية، وأيضا قد نص العلامة الدردير، والعلامة الدسوقي وغيرهما ممن كتب على سيدي خليل على جواز توسيع المسجد، ولو بابتياع العقار العامر المحبس، وجبر الآبي من مستحق، وناظر على بيعه، فأولى الجبر في الملك ولا يعد غصبا، بل ولو يأخذ الطريق والمقبرة لتوسيعه، والله أعلم.

(ما قولكم) في مسجد احتاج للعمارة، فعزم ولد الواقف وهو الناظر عليه أن يبنيه من وقفه، فلم يتمكن من ذلك لاستيلاء من لا تأخذه الأحكام على إمامة المسجد ووقفه، فطلب رجل من الناظر أن يبنيه، فأذن الناظر له في ذلك على أن الناظر إن تمكن من وقف المسجد يسلم للباني كل سنة ما أمكن، وإلا فالباني على أجره، فهل تكون النظارة باقية للناظر، أو تكون النظارة للباني المذكور، وله النصب والعزل؛ أجيبونا بجواب شاف؟

(الجواب):

لا تكون النظارة للباني المذكور بمجرد بنائه، بل إنما تكون له إذا عزل الواقف الناظر، وأقام الباني أو عزل الناظر نفسه، وأقام الواقف، إن كان وإلا فالحاكم نفس الباني ناظرا، كما يؤخذ مما في الدسوقي والدردير على خليل من أن الواقف إذا شرط أن يكون فلان ناظر وقفه وجب اتباع شرطه، ولا يجوز العدول عنه لغيره، وليس للناظر الإيصاء بالنظر لغيره إلا أن يجعل له الواقف ذلك، وليس للقاضي عزله ولو بجنحة، وللواقف عزله ولو بغير جنحة، وللناظر عزل نفسه، فيولي الواقف من شاء إن كان حيا

ص: 370

وإلا فالحاكم. اهـ، والله تعالى أعلم.

(ما قولكم) دام فضلكم، في وقف قديم بيد مستحقيه، فقد شرطه المعتبر شرعا، وليس له سجل في دواوين القضاة، وبأيديهم مكاتبات، ونقول له: يستند إليها لدى الحاكم، والذي جرى عليه عمل قوامه من ذي سنين عديدة مقاسمة الغلة أثلاثا بينهم، لكل فريق منهم ثلث تجري قسمة ذلك الثلث في ذلك الفريق، ولم يعهد فيه قسمة بغير ما ذكر إلى الآن، فقام الفريق الأكثر عددا يطلب نقض القسمة المعهود فيه بقسمه على رءوس الطبقة الأخيرة بغير استناد إلى دليل شرعي، لكي تزيد أسهمهم من الغلة، وتنقص أسهم الفريقين للذين هم أقل عددا؛ فهل والحال ما ذكر لا يلتفت إلى نقض القسمة بغير رضا المستحقين، ويعمل بما جرى عليه القوام وبما عهد فيه، وهل إذا قام بما يلزم لمصالح الوقف من إجارة وعمارة وتقسيم غلة وغير ذلك واحد من أرشد المستحقين برضا بقية المستحقين، واختيارهم له مدة عشرين سنة؛ يعد من قوامه، ويستند إلى عمله أم كيف الحكم؛ أفتونا ولكم الثواب؟

(الجواب):

نعم يعمل بما جرى عليه عمل القوام، وبما عهد فيه، ولا ينقض؛ لأن العادة أن الأوقاف تكون في أيدي القوام، فلو لم يؤخذ بعلمهم ولا بإقرارهم لبطلت أوقاف كثيرة، وأيضا المظنون بحال المسلمين من القوام أنهم لا يجرون على عمل إلا لموافقة شرط الواقف كما يؤخذ من فتاوى الشيخ علي الأجهوري، ومقتضى قول العلامة الشيخ محمد عرفة الدسوقي عن الشيخ محمد الحطاب، أن الناظر إذا مات والواقف حي، جعل الواقف النظر لمن شاء، فإن مات فوصيه إن وجد وإلا فالحاكم. اهـ، إن من اختاره المستحقون ولو أكثر من مدة عشرين سنة لا يعد من قوامه بمجرد اختيارهم له، ولا يستند إلى عمله، والله أعلم.

(ما قول) علماء الإسلام نفع الله بهم الأنام، فيمن أوقف وقفا، وجعل فيه معينات معلومة، وعين للناظر جزءا معلوما من غلته، فهل يقضى له بأخذ نظارته المعينة، وإن ضاقت الغلة من المعينات، أو عمر الوقف بكل غلته؛ لأنها أجرة عامل في مقابلة عمله، ويؤخذ من ذلك ما في ابن الحاجب والتوضيح بما نصه، ومن خص معينا من الموقوف عليهم بدئ به إلا أن يعمل في ذلك عامل فيكون أولى بحقه أم لا؟ وهل يقدم الناظر عمارة الوقف من غلته، ولا منازعة للمستحقين ولا يلزمه الإذن من القاضي في العمارة، ولا بيان مصرف الوقف إذا كان الناظر أمينا، ولم يشترط الواقف ذلك ويدخل في ذلك قول الدسوقي، وللناظر أن يقترض لمصلحة الوقف من غير إذن القاضي، ويصدق في ذلك، وقول حجازي في حاشيته على الأمير الناظر أمين فيصدق في مصرف الوقف، ولا يلزم بيان ذلك عند القاضي وغيره، إلا أن يكون متهما أو يشترط الواقف ذلك فيعمل به أم لا، وهل يتوقف أخذ المستحق حقه من الوقف على إذن من الناظر، وليس للمستحقين مع الناظر أمر

ص: 371

ونهي في الوقف لئلا يختل نظام النظارة، ويفسد الأمر على الناظر، وتفوته المصالح التي قصدها الواقف أم لا؟ أجيبونا بجواب شاف، رضي الله عنكم أمين؟

(الجواب):

لا يظهر إعطاء الناظر حكم العامل المذكور في التوضيح إلا على ما ذكره البدر القرافي من أن الراجح أن للقاضي أن يجعل للناظر شيئا من الوقف إذا لم يكن له شيء، لا على ما ضعفه من إفتاء ابن عتاب بأن الناظر لا يحل له أخذ شيء من غلة الوقف، بل من بيت المال إلا إذا عين الواقف له شيئا. اهـ، والمسألة غير منصوص عليها؛ لكن ربما يستأنس لما ذكرناه بقول البجيرمي من الشافعية، واتبع شرط الواقف في استحقاق الناظر النظر، وفيما شرطه له من ريع الوقف، وفي غيره مطلقا، فإن لم يشترط له شيء فهو متبرع إلا إن فرض له الحاكم أجرة المثل بعد رفعه له، فإن أخذ شيئا من مال الوقف قبل ذلك أو بعده بغير ما قرر له ضمنه، ولا يبرأ إلا برده للقاضي، وأما تقديم الناظر عمارة الوقف من غلته، ولا كلام للمستحقين معه، فقد صرح به الأجهوري في فتاويه؛ حيث قال: البناء مقدم على معاليم المذكورين، وكذا الترميم بل في الدسوقي لو شرط الواقف أن يبدأ من غلته بمنافع أهله، ويترك إصلاح ما تهدم منه، أو يترك الإنفاق عليه إذا كان حيوانا، بطل شرطه، وتجب البداءة لمرمته، وتجب النفقة عليه من غلته لبقاء عينه. اهـ، ويؤخذ عدم لزوم استئذانه من القاضي في عمارته من قول الدسوقي، وللناظر أن يقترض

إلخ، ويؤخذ عدم لزوم بيانه مصرف الوقف إذا كان أمينا، ولا شرط من قول الشيخ حجازي المذكور في السؤال، وقول الشيخ الدسوقي، وإذا ادعى الناظر صرف الغلة صدق إن كان أمينا ما لم يكن عليه شهود في أصل الوقف، لا يصرف إلا بمعرفتهم. اهـ، ويؤخذ توقف أخذ المستحق حقه من الوقف على إذن من الناظر، وأن المستحقين ليس لهم مع الناظر لا أمر، ولا نهي مما في فتاوى الشيخ علي الأجهوري من أن قياس الناظر أن يكون كالوصي، ومقدم القاضي على الناظر في محجور أو حبس، فلا يعزل إلا بعد ثبوت موجبه مع ما ذكره الشافعية في كتبهم؛ من أن شرط الناظر عدالة وكفاية أي قوة وهداية للتصرف فيما هو ناظر عليه؛ لأن نظره ولاية عن الغير، واعتبر فيه ذلك كالوصي والقيم، ووظيفته عمارة وإجارة، وحفظ أصل وغلة، وجمعها وقسمتها على مستحقيها. اهـ، والله أعلم.

(ما قول) العلماء الأعلام أيد الله بهم دين الإسلام في مفاتيح الغيب الخمسة المذكورة في قوله تعالى آخر سورة لقمان:} إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {هل اطلع عليها النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته أم لا؟

(الجواب):

قال العلامة الصاوي على قوله تعالى:} وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدا {ما نصه: أي من حيث ذاتها، وأما بإعلام الله للعبد، فلا مانع منه كالأنبياء وبعض الأولياء، قال تعالى:} وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ {وقال تعالى:} عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ {قال العلماء: وكذا

ص: 372

الولي، فلا مانع من كون الله يطلع بعض عباده الصالحين على بعض هذه المغيبات؛ فتكون معجزة للنبي، وكرامة للولي، ولذلك قال العلماء: الحق أنه لم يخرج نبينا من الدنيا حتى أطلعه على تلك الخمس، ولكنه أمر بكتمها. اهـ، وقال في روح البيان في تفسير قوله تعالى:} وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ {أي لا يدركون يعني الملائكة والأنبياء وغيرهم بشيء من معلوماته إلا بما شاء أن يعلموا، وأن يطلعهم عليه كإخبار الرسل:} فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ {قال: وفي التأويلات النجمية يعلم محمد عليه السلام ما بين أيديهم من الأمور الأوليات قبل خلق الله الخلائق، كقوله: "أول ما خلق الله نوري"، وما خلفهم من أهوال القيامة، وفزع الخلق، وغضب الرب، وطلب الشفاعة من الأنبياء، وقولهم: نفسي نفسي، وحوالة الخلق بعضهم إلى بعض حتى بالاضطرار، يرجعون إلى النبي صلى الله عليه وسلم لاختصاصه بالشفاعة، ولا يحيطون بشيء من علمه يحتمل أن تكون الهاء كناية عنه عليه السلام، يعني هو شاهد على أحوالهم، يعلم ما بين أيديهم من سيرهم ومعاملاتهم، وقصصهم وما خلفهم من أمور الآخرة، وأحوال أهل الجنة والنار، وهم لا يعلمون شيئا من معلوماته إلا بما شاء أن يخبرهم عن ذلك. اهـ، قال شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة في الرسالة الرحمانية في بيان الكلمة العرفانية على الأولياء من علم الأنبياء بمنزلة قطرة من سبعة أبحر، وعلم الأنبياء من علم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بهذه المنزلة، وعلم نبينا من علم الحق سبحانه بهذه المنزلة. اهـ، وقال في تفسير قوله تعالى آخر سورة الجن:} عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ {أي هو عالم لجميع ما غاب عن الحس وحده، فلا يطلع على غيبه اطلاعا كاملا ينكشف به جلية الحال انكشافا تاما موجبا لعين اليقين أحدا من خلقه، إلا من ارتضى من رسول أي إلا رسولا ارتضاه واختاره لإظهاره على بعض غيوبه المتعلقة برسالته كما يعرب عنه بيان من ارتضى بالرسول تعلقا ما، إما لكونه من مبادي رسالته، بأن يكون معجزة دالة على صحتها، وإما لكونه من أركانها وأحكامها لعامة التكاليف الشرعية التي أمر بها المكلفون، وكيفيات أعمالهم وأجزيتها المترتبة عليها في الآخرة، وما تتوقف هي عليه من أحوال الآخرة التي من جملتها قيام الساعة، والبعث وغير ذلك من الأمور الغيبية التي بيانها من وظائف الرسالة، وأما ما لا يتعلق بها على أحد الوجهين من الغيوب التي من جملتها وقت قيام الساعة، فلا يظهر على غيبه أحدا أبدا على أن بيان وقته مخل بالحكمة التشريعية التي فاعليها يدور فلك الرسالة، وليس فيه ما يدل على نفي كرامات الأولياء المتعلقة بالكف، فإن اختصاص الغاية القاصية من مراتب الكشف بالرسل لا يستلزم عدم حصول مرتبة ما من تلك المراتب لغيرهم أصلا، ولا على أحد لأحد من الأولياء ما في مرتبة الرسل من الكشف الكامل الحاصل بالوحي الصريح بل اطلاعهم

ص: 373

بالإخبار الغيبي والتلقن من الحق، فيدخل في الرسول وارثه، قال الجنيد قدس سره: قعد غلام نصراني متنكرا، وقال: أيها الشيخ: ما معنى قوله عليه السلام: "اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله" فأطرقت رأسي ورفعت فقلت: أسلم أسلم، فقد حان إسلامك فأسلم الغلام، فهذا إما بطريق الفراسة أو بغيرها من أنواع الكشوف، وخرج من البين أهل الكهانة والتنجيم؛ لأنهم ليسوا من أهل الارتضاء والاصطفاء كالأنبياء، والأولياء فليس إخبارهم بطريق الإلهام والكشف، بل بالأمارات والظنون ونحوها، ولذا لا يقع أكثرها إلا كاذبا، من قال: أنا أخبر من أخبار الجن يكفر؛ لأن الجن كالإنس لا تعلم غيبا، وقد سبق أن الكهانة انقطعت اليوم فلا كهانة أبدا؛ لأن الشياطين منعوا من السماء، قال ابن الشيخ: إنه تعالى لا يطلع على الغيب الذي يختص به علمه إلا المرتضى الذي يكون رسولا، وما لا يختص به يطلع عليه غير الرسول إما بتوسط الأنبياء، أو بنصب الدلائل وترتيب المقدمات، أو بأن يلهم الله بعض الأولياء وقوع بعض المغيبات في المستقبل بواسطة الملك، فليس مراد الله بهذه الآية أن يطلع أحدا على شيء من المغيبات إلا الرسل؛ لظهور أنه تعالى قد يطلع على شيء من الغيب غير الرسل كما اشتهر أن كهنة فرعون، أخبروا بظهور موسى عليه السلام، وبزوال ملك فرعون على يده، وأن بعض الكهنة أخبروا بظهور نبينا محمد عليه السلام قبل زمان ظهوره، ونحو ذلك من المغيبات، وكانوا صادقين فيه، وأرباب الملل والأديان مطبقون على صحة علم التعبير، والمعبر قد يخبر عن وقوع الوقائع الآتية في المستقبل، ويكون صادقا فيه، ثم الآية قوله تعالى:} وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ {. اهـ.

(ما قولكم) في كتابة المصحف الشريف على حرف من حروفه السبعة المشهورة إذا أراد القارئ قراءته بذلك الحرف، هل يجوز لتسهل قراءته بذلك الحرف أم لا يجوز، وعلى الثاني فما المطلوب شرعا في كتابته أفتونا مثابين.

الحمد لله الملهم للصواب، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وسائر الأصحاب، أما بعد؛ فأقول: قال العلامة السيوطي في الإتقان ما نصه: القاعدة العربية أن اللفظ يكتب بحروف هجائية مع مراعاة الابتداء به، والوقف عليه، وقد مهد النحاة له أصولا وقواعد، وقد خالفها في بعض الحروف خط المصحف الإمام، وقال أشهب: سئل مالك هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء، فقال: لا إلا على الكتبة الأولى رواه الداني في المقنع، ثم قال: ولا مخالف له من علماء الأمة، وقال في موضع آخر: سئل مالك عن الحروف في القرآن، مثل الواو والألف، أترى أن يغير من المصحف إذ وجد فيه كذلك؟ قال: لا، قال أبو عمرو: يعني الواو والألف المزيدتين في الرسم المعدومتين في اللفظ، نحو: أولوا، وقال الإمام أحمد: يحرم

ص: 374

مخالفة خط مصحف عثمان في واو أو ياء أو ألف أو غير ذلك، وقال البيهقي في شعب الإيمان من يكتب مصحفا فينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به تلك المصاحف ولا يخالفهم ولا يغير مما كتبوه شيئا؛ فإنهم كانوا أكثر علما وأصدق قلبا ولسانا، وأعظم أمانة منا، فلا ينبغي أن نظن بأنفسنا استدراكا عليهم، قال: وينحصر أمر الرسم في ستة قواعد؛ الأولى: الحذف، والثانية: الزيادة، والثالثة: الهمز، والرابعة: البدل، والخامسة: الوصل والفصل، والسادسة: ما فيه قراءتان، فكتب على إحداهما، وأخذ في بيان الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة بما يعلم بالوقوف عليه، وقال في بيان السادسة، ومرادنا غير الشاذ من ذلك:} مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ {،} يُخَادِعُونَ {، و} وَاعَدْنَا {، و} الصَّاعِقَةُ {، و} الرِّيَاحِ {، و} تُفَادُوهُمْ {، و} تَظَاهَرُونَ {، و} لَا تُقَاتِلُوهُمْ {، ونحوها، ولولا دفاع،} فَرِهَانٌ {، طائرا، في آل عمران والمائدة، مضاعفة ونحوه: عاقدت أيمانكم،} الْأَوْلَيَانِ {،} لَامَسْتُمُ {،} قَاسِيَة {،} قِيَاما لِلنَّاسِ {،} خَطِيئَاتِكُمْ {في الأعراف،} طَّائِفِ {،} حَاشَا لِلَّهِ {،} وَسَيَعْلَمُ {،} الْكَافِرِ {،} تَزَاوَرُ {، زاكية،} فَلَا تُصَاحِبْنِي {،} لَاتَّخَذْتَ {،} مِهَادا {، و} حَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ {،} إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ {،} سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى {،} الْمُضْغَةَ عِظَاما فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ {،} سِرَاجا {،} بَلِ ادَّارَكَ {، ولا تصاعر،} رَبَّنَا بَاعِدْ {، أساورة؛ بلا ألف في الكل، وقد قرأت بها وبحذفها: وغيابت الجب، وأنزل عليه آيت في العنكبوت، وثمرت من أكمامها في فصلت، وجمالات،} فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ {، وهم في الغرفات آمنون بالتاء، وقد قرئت بالجمع والإفراد، وتقيه بالياء ولأهب بالألف، ويقض الحق بلا ياء، و} آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ {بألف فقط، ننجي من نشاء،} نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ {بنون واحدة، و} الصِّرَاطَ {كيف وقع، بصطة في الأعراف، والمصيطرون، ومصيطر بالصاد لا غير، وقد تكتب الكلمة صالحة للقراءتين نحو: فكهون بلا ألف وهي قراءة، وعلى قراءتها هي محذوفة رسما؛ لأنه جمع تصحيح.

(فرع):

فيما كتب موافقا لقراءة شاذة من ذلك} إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا {،} أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا {، ما بقي من الربو قرئ بضم الباء، وسكون الواو، فقاتلوكم، إنما طائركم،} طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ {،} تُسَاقِطْ {،} سَّامِرِ {،} وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ {، عليهم ثياب سندس،} خِتَامُهُ مِسْكٌ {،} فَادْخُلِي فِي عِبَادِي {.

(فرع):

وأما القراءات المختلفة المشهورة زيادة لا يحتملها الرسم، ونحوها: أوصى، ووصى، و} تَجْرِي تَحْتَهَا {، ومن تحتها، و} سَيَقُولُونَ اللَّهُ {، ولله، وما عملت أيديهم، و} مَا عَمِلَتْهُ {فكتابته على نحو قراءته، وكل ذلك وجد في مصاحف الإمام. اهـ، وخلاصته أن كتابة القرآن الكريم تجب أن تكون على رسم المصحف الإمام، ويحرم إخراجها عنه بأي وجه كان، والله سبحانه وتعالى أعلم.

(فائدة) قال الدميري في حياة الحيوان: ذكر الثعلبي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم سال الله أن يريه أهل الكهف، فقال تعالى: إنك لن تراهم، ولكن ابعث إليهم أربعة من كبار أصحابك ليبلغوهم رسالتك، ويدعوهم إلى الإيمان بك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل:"كيف أبعث إليهم؟ " فقال له جبريل عليه السلام: ابسط كساءك وأجلس على طرف من أطرافه أبا بكر، وعلى الطرف الثاني عمر، وعلى الطرف الثالث عثمان، وعلى الطرف الرابع عليا، ثم ادع

ص: 375

الريح الرخاء المسخرة لسليمان، فإن الله يأمرها أن تطيعك، ففعل ذلك صلى الله عليه وسلم فحملتهم الريح إلى باب الكهف، ففعلوا منه حجرا، فحمل عليهم الكلب، فلما رأهم حرك رأسه، وبصبص إليهم، وأومأ إليهم برأسه أن ادخلوا، فدخلوا الكهف، فقالوا: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد الله إلى الفتية أروحهم، فقاموا بأجمعهم فقالوا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فقالوا: معشر الفتية إن النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليكم السلام، فقالوا: وعلى محمد السلام ما دامت السماوات والأرض، وعليكم بما أبلغتم وقبلوا دينه، ثم قالوا: اقرءوا على محمد صلى الله عليه وسلم منا السلام، وأخذوا مضاجعهم وصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج المهدي، فيقال: إن المهدي يسلم عليهم فيحييهم الله ويردون عليه السلام، ثم يرجعون إلى رقدتهم، فلا يقومون حتى تقوم الساعة، ثم ردتهم الريح فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:"كيف وجدتموهم؟ " فأخبروه الخبر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اللهم لا تفرق بيني وبين أصحابي وأنصاري، واغفر لمن أحبني وأحب أهل بيتي وخاصتي". اهـ قلت: ويستفاد من هذا ثلاثة فوائد: الأولى: أن الريح الرخاء سخرت لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما سخرت لنبي الله سليمان عليه السلام، الثانية: إيمان أهل الكهف بنبينا صلى الله عليه وسلم، الثالثة: أن أهل الكهف من التابعين لا من الصحابة لاجتماعهم بكبار الصحابة وهم الخلفاء الأربعة الراشدون، ولم يجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

قال بعض القدماء من الأدباء مبينا أنواع الشعراء في بيتين ونصف:

الشعراء فاعلمن أربعة

فشاعر يجري ولا يجرى معه

وشاعر يخوض وسط المعمعة

وشاعر لا تشتهي أن تسمعه

وشاعر لا تستحي أن تصفعه

ثم ذيلها الفاضل الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي للأنواع الأربعة، وموضحا لمعناها بقوله:

فإن ترد بيان ما قد نوعه

فالمفلق الخنذيذ أعلى الأربعه

فالشاعر الأوسط قدما رفعه

ثم الشويعر الذي تدرعه

دون دراية فشعرور معه

والمجد في القاموس زاد الأربعه

بالمتشاعر الذي ما اخترعه

فالمفلق الخنذيذ لا يجرى معه

وهو فريد الفرقة الموزعه

صافي القريحة إذا ما انتزعه

فن إلى الشعر إليه استرجعه

يصوغه صوغا بليغا أودعه

من درر البديع ما قد أبدعه

أما الذي يخوض وسط المعمعه

فليس في الشعر عظيم المنفعه

لكن ينادم الأديب في السعه

ص: 376

إذا ما انتحى في الشعر لحنا ودعه

وشعره لم يك منه ذا ضعه

مذ خاض بحره فيا ما أنفعه

أما الذي لا تشتهي أن تسمعه

فالغث والسمين منه جمعه

من شعره لم ترج منه منفعه

بل شعره بين الأنام وضعه

أما الذي لا تستحي أن تصفعه

فاللحنة الجسور فيما جمعه

جناية اللسان لم تبق معه

بل جرحت كل نديم في دعه

لأجل ذا لا يستحي أن يصفعه

صيافي القريحة إذا ما استمعه

(ما قولكم) دام فضلكم، فيمن قسم ماله من بساتين ورباع على أولاده في حياته، وحاز كل منهم ما جعله له في حياة والده، ثم إنه ارتجع ما جعله لبعضهم، فغضب المنتزع منه، وقال: لا أريد من مال والدي شيئا، ولا آخذ من تركته لا قليلا ولا كثيرا، ثم بعد ذلك مات والده، وخلف نقودا كثيرة فاقتسم أولاده ما خلفه من النقود بينهم ما عدا المتنازل المذكور بناء على ما سمعوه من تنازله، فهل له حق في مطالبتهم فيما يخصه من ذلك بعد تنازله المذكور أم لا أفتونا؟

(الجواب):

الحمد لله الملهم للصواب، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وسائر الأصحاب.

أما بعد؛ فأقول: إنما يدخل في ميراث النقود المذكورة لا في المقسوم من الأراضي والبساتين على إخوانه، حيث حازوه من أبيهم قبل وفاته، ولم يعتصره منهم كما اعتصر منه ما أعطاه له من الأراضي والبساتين، ولو لم يكن بيدهم صكوك؛ لأن العبرة بالحوز وبقائه بأيديهم قبل وفاة أبيهم، وكذا يدخل فيما اعتصره منه والده من الأراضي والبساتين حيث كان باقيا بعد وفاته، ولم يخرج عن ملكه بوجه ما، ولا يعد قوله حين اعتصر والده منه ما وهبه له من الأراضي والبساتين، أنا لا أريد من ميراث والدي ولا شيئا مانعا له من ميراثه؛ لأن القاعدة المعمول بها عند المالكية والشافعية: أن إقرار الشخص وكذا تنازله وإبراؤه إنما يسري على نفسه فيما يملكه، لا فيما تعلق به حق للغير، ثم رأيت ابن حجر في تحفته مع المتن بعد قوله: ولغانم حر رشيد، ولو هو محجور عليه بفلس الإعراض عن الغنيمة، بقوله: أسقطت حقي منها قبل القسمة، وقوله: والأصح جوازه أي الإعراض إن ذكر بعد فرز الخمس، وقبل الأخماس الأربعة، وقوله: والأصح جوازه لجميعهم، ويصرف مصرف الخمس قال ما نصه: والأصح بطلانه أي الإعراض من ذوي القربى، وإن انحصروا في واحد؛ لأنهم لا يستحقونه بعمل فهو كالإرث وخصهم؛ لأن بقية مستحقي الخمس جهات عامة لا يتصور فيها إعراض. اهـ، وهو نص في المقصود، والله سبحانه وتعالى أعلم.

(ما قول) علماء الإسلام نفع بهم الأنام، في رجل أوصى بثلث ماله على يد ابن له يصرفه في سبيل البر والخير من قراءات قرآن في شهر رمضان، وأضاحي، وسقي ماء، وكسوة يتيم وأرملة،

ص: 377

ومستضعف، وطعام جائع وصلة رحم، وإخراج كل مساء صدقة، ولو طعاما مطبوخا، وجميع أنوع البر والخير بحسب اجتهاده، هذه ألفاظ الموصي، وفي الوصية إيصاء بمبلغ معلوم لمعينين، والثلث واسع يحمل الجميع، فهل المذكورات من قوله من قراءات قرآن

إلخ، تعد من المجهولات الدائمة أم لا؟ وهل تكون حصصها متساوية أم لا؟ وهل قوله صلة رحم تكون له حصة، ويستوعب بها جميع الأرحام، أم لا يلزم استيعابهم، وهل قوله في الوصية بحسب اجتهاده راجع إلى أصل التقسيم، وإلى التوزيع بين أهل كل حصة أم غير ذلك؟ الإفادة منتظرة ولكم من الله الأجر، ومنا الدعاء.

(الجواب):

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الملهم للصواب، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وسائر الأصحاب، أما بعد: فأقول قول الموصي في وصيته المذكورة بحسب اجتهاده، راجع إلى كل من أصل التقسيم والتوزيع بين أهل كل حصة لوجوه؛ (الوجه الأول) أن الجملة هنا واحدة لا متعددة، والعطف فيها للمفردات بالواو لا بالفاء ولا بثم. (الوجه الثاني) أن جميع المتعاطفات سيقت لغرض واحد. (الوجه الثالث) أن العامل هنا في جميع المتعاطفات واحد لا متعدد. (الوجه الرابع) أن هنا لم يقم دليل على إرادة البعض فهذه الوجوه ظاهرة ظهورا تاما في رجوع ما ذكر إلى كل من أصل التقسيم والتوزيع بلا خلاف، ولا شبهة كما يشهد لذلك ما ذكره الأصوليون من المذاهب في رجوع الاستثناء الواقع بعد جمل عطف بعضها على بعض.

(المذهب الأول) وهو الأصح أنه يعود للكل إلا أن يقوم دليل على إرادة البعض كما في قوله تعالى:} وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ {الآية فقوله:} إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا {عائد إلى فسقهم، وعدم قبول شهادتهم معا، إلا في الجلد لما قام عليه من الدليل، وسواء اختلف العامل في الجمل، لا بناء أم لا على أن العامل في المستثنى إنما هو إلا، لا الأفعال السابقة. (المذهب الثاني) أنه يعود للكل إن سيق الكل لغرض واحد، نحو حبست داري على أعمامي، ووقفت بستاني على إخواني، وسبلت سقايتي على جيراني؛ إلا أن يسافروا، وإلا فللأخيرة فقط نحو أكرم العلماء، وحبس ديارك على أقاربك وأعتق عبيدك إلا الفسقة منهم. (المذهب الثالث) إن عطفت بالواو عاد للكل أو بالفاء، أو ثم عاد للأخيرة فقط، وعليه ابن الحاجب.

(المذهب الرابع) أنه خاص بالجملة الأخيرة، واختاره أبو حيان. (المذهب الخامس) إن اتحد العامل فللكل، أو اختلف فللأخيرة خاصة، إذ لا يمكن حمل العوامل المختلفة في مستنثى واحد، وعليها البهابادي بناء على أن عامل المستثنى الأفعال السابقة دون إلا، أفاده السيوطي في الهمع، والله سبحانه وتعالى أعلم.

(فائدة) مجربة للحمى عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها، وهي موعوكة فقال لها:"ما لي أراك هكذا"

ص: 378

قالت: بأبي أنت، وأمي يا رسول الله، هذه الحمى، وسبتها، قال: يا عائشة، "لا تسبيها؛ فإنها مأمورة، وإن شئت علمتك كلمات، إذا قلتهن أذهبها الله عنك" قالت: كرامة يا رسول الله، قال:"قولي اللهم ارحم جلدي الرقيق، وعظمي الدقيق من شدة الحريق، يا أم ملدم إن كنت آمنت بالله العظيم، فلا تصدعي الرأس، ولا تأكلي اللحم، ولا تشربي الدم، وتحولي عني إلى من اتخذ مع الله إلها آخر" قالت: فقلتها فذهبت عني. اهـ.

(فائدة) في شرح الشبرخيتي على الأربعين النووية، بعث هارون الرشيد ليلا إلى الشافعي ليهجم عليه من غير إذن، فقال له: أجب، فقال الشافعي: في مثل هذا الوقت وبغير إذن، فقال: بذلك أمرت، فخرجت معه فلما صرت بباب الدار قال لي: اجلس ودخل، فقال له الرشيد: ما فعل محمد بن إدريس، قال: أحضرته، قال: ادخله فأدخلني فتأملني، ثم قال: يا محمد أرعبناك، فانصرف راشدا يا ربيع احمل معه بدرة دراهم؛ فلما خرجت، قلت للشافعي: بالذي سخر لك هذا الرجل ما الذي قلت؟ فإني أحضرتك وأنا أرى موضع السيف من قفاك، فقلت: سمعت مالك بن أنس يقول: سمعت نافعا يقول: سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الدعاء يوم الأحزاب فكفي، وهو اللهم إني أعوذ بك، وبنور قدسك، وبركة طهارتك، وعظيم جلالك من كل طارق إلا طارقا يطرق بخير، اللهم أنت غياثي فبك أغوث، وأنت عياذي فبك أعوذ، وأنت ملاذي فبك ألوذ، يا من ذلت إليك رقاب الجبابرة، وخضعت له مقاليد الفراعنة، أجرني من خزيك وعقوبتك، واحفظني في ليلي ونهاري، ونومي وقراري، لا إله إلا أنت تعظيما لوجهك، وتكريما وتشريفا لسبحات عرشك، فاصرف عني شر عبادك، واجعلني في حفظ عنايتك، وسرادقات حفظك وعد علي بخير يا أرحم الراحمين، وفي رواية عن الفضيل بن الربيع صاحب هارون أن الشافعي، قال له: قلت: شهد الله أنه لا إله إلا هو، اللهم إني أعوذ بنور قدسك، وبركة طهارتك، وبعظمة جلالك من كل عاهة وآفة وطارق الإنس والجن إلا طارقا يطرق بخير يا أرحم الراحمين، اللهم بك ملاذي قبل أن ألوذ، وبك غياثي قبل أن أغوث يا من ذلت له رقاب الفراعنة، وخضعت له مقاليد الجبابرة اللهم ذكرك شعاري ودثاري، ونومي وقراري، أشهد أن لا إله إلا أنت اضرب علي سرادقات حفظك، وقني وحفني برحمتك يا رحمن، قال الفضيل: فكتبتها وجعلتها في ردائي، وكان الرشيد كثير الغضب علي، وكان كلما هم أن يغضب حركتها في وجهه فيرضى. اهـ، والله أعلم.

وفيه أيضا وروى عن أبي يعلى أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا كنز الناس الذهب والفضة، فاكنزوا هؤلاء الكلمات اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم إنك أنت علام الغيوب. اهـ.

(فائدة) ينبغي لمن يطلب منه سجود التلاوة أن يدعو في حال السجود

ص: 379

بما ورد في الحديث، وهو: اللهم اكتب لي بها عندك أجرا، وضع عني بها وزرا، واجعلها لي عندك زخرا، واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود. اهـ، من شرح الشرنوبي على العزية.

(فائدة) في الشبرخيتي لما تعسر على سليمان بن داود عليه الصلاة والسلام فتح بيت المقدس، قال له أحد جلساء داود: وكان قد طعن في السن، ألا أعلمك كلمات كان أبوك يقولهن عند كربه فيكشف عنه؟ قال قل: بلي قال: اللهم بنورك اهتديت، وبفضلك استغنيت، وبك أصبحت وأمسيت، ذنوبي بين يديك، أستغفرك وأتوب إليك، فلما قالها فتح الباب. اهـ، قال: وأخرج ابن النجار عن معروف الكرخي من قال ثلاث مرات، وكان في غم فرج عنه غمه: اللهم احفظ أمة محمد، اللهم ارحم أمة محمد، اللهم عاف أمة محمد، اللهم أصلح أمة محمد، اللهم فرج عن أمة محمد. اهـ، قال: وأخرج البيهقي عن حماد بن سلمة أن عاصم بن إسحاق شيخ القراء في زمانه قال: أصابتني خصاصة، فجئت إلى بعض إخواني فأخبرته بأمري، فرأيت في وجهه الكراهة، فخرجت من منزله إلى الجبانة، وصليت ما شاء الله، ثم وضعت وجهي على الأرض وقلت: يا مسبب الأسباب، يا فاتح الأبواب، يا سامع الأصوات، يا مجيب الدعوات، يا قاضي الحاجات؛ اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك، قال: فوالله ما رفعت رأسي حتى سمعت وقعة بقربي فرفعت رأسي فإذا بحدأة طرحت كيسا أحمر، فإذا فيه ثمانون دينارا، وجوهرا ملفوفا في قطنة، فبعت الجوهر بمال عظيم، وفضل الدنانير فاشتريت منها عقارا وحمدت الله على ذلك. اهـ والله أعلم.

(فائدة) عن أبي محمد واسمه عبد الله بن يحيى بن أبي الهيثم الضبعي، يروي أن أناسا ضربوه بالسيوف فلم تقطع سيوفهم فيه، فسئل عن ذلك فقال: كنت أقرأ:} وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ {،} فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {،} لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ {،} إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {،} وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ {،} وَحِفْظا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ {،} وَحِفْظا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ {،} إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ {،} إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ {. اهـ.

(هذا دعاء آية الكرسي):

الحمد لله الذي خلق العالم، ويسر العلوم، وأجرى الأفلاك، وسخر النجوم، واستوى في علمه المنطوق والمفهوم، ويعلم الظاهر والسر المكتوم، ولكل حي عنده رزق مكتوب، وأجل محتوم ليوم معلوم:} اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ {أفنى القرون الماضية قوما بعد قوم، وأباد الدهور الماضية يوما بعد يوم، وعدل في أحكامه فلم يلحقه لوم سبحانه:} لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ {، تعبد البرايا فرضا بعد فرض، وأجزل العطايا فأفضل في البسط، وعدل في القبض سبحانه:} لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ {وأسبل على العصاة كثيف ستره، وأسكن

ص: 380

روعة الخائفين بأمنه، ومن على المؤمنين بلطفه وبمنه، ويسر الطاعة لعباده بحسن عونه سبحانه:} مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ {خلق العباد ورزقهم، وأهل الرشاد بطاعته وفقهم، ولمرضاته أسعفهم، واجتباهم وشرفهم، وأهل الفساد بعذابه خوفهم، سبحانه:} يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ {خلق ما شاء كيف شاء، واختص من شاء بما شاء، وقدر الأشياء على ما شاء؛ سبحانه:} وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ {مكون الدوائر وخالقها، ومنشئ الثقلين ومالكها، ورب المشرقين ورب المغربين وما بينهما؛ سبحانه:} وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا {فتبارك الله ربنا ذو الإحسان، لم يشاركه في الأزل قديم، أعد لأوليائه دار النعيم وأكرمهم فيها بالنظر إلى وجهه الكريم، وأعد لأعدائه عذاب الجحيم، يضل من يشاء، ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم؛ سبحانه:} وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ اللهم صل الله على نبيك، ورسولك المختار، صاحب المعجزات والآثار، والدلالة والأسرار، والكرامة والأنوار، صلى الله عليه وعلى آله الأخيار، والمهاجرين والأنصار، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أنزل علينا من خيراتك وبركاتك أفضل ما أنزلته على عبادك، وخصصت به أحبائك وأصفيائك، وارزقنا برد عفوك، وحلاوة مغفرتك، وانشر علينا رحمتك التي وسعت كل شيء علما، وارزقنا منك محبة وقبولا وأمانة، وإجابة تعم الحاضرين والغائبين، والأحياء والميتين، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم لا تخيبنا فيما سألناك، ولا تحرمنا ما رجوناك، واحفظنا في المحيا والممات، إنك مجيب الدعوات يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، من لازم هذا الدعاء صباحا ومساء رزقه الله من حيث لا يحتسب، وكان محفوظا، وأقل الذكر ثلاثا صباحا ومساء، والله سبحانه الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب.

(ما قولكم) في رجل مريض بداء الدق الذي طال به، وأنهكه حتى صار في غالب أوقاته في غيبوبة من حسه وتمييزه، وله وكيل يقوم بحل شئونه فكتب ذلك الوكيل وصية على لسانه، وأن ذلك المريض أقام ولد ذلك الوكيل وصيا على ثلثه، وعلى القيام بتقسيم تركته على ورثته، وحفظ مال القاصر منهم عنده إلى بلوغ رشده، وأحضر الوكيل شاهدين فقرأ أحدهما على المريض الوصية التي حررها الوكيل على لسانه، وقالا له نشهد عليك بما في هذه الوصية، فقال المريض: نعم، وذهب بهما إلى القاضي فشهدا عنده شهادة مجملة، بأن فلانا أشهدهما على هذه الوصية، فكتب القاضي شهادتهما، وقال في آخر تسجيله بموجب شهادة الرجلين المذكورين ثبتت لدي هذه الوصية، وصحت، وبعد أن توفى اللهُ المريضَ بقي الورثة تحت ضغط هذا الوكيل برهة من الزمان؛ لأن الموصي جعل له النظر على وصيه الذي هو ابن الوكيل إلى أن أثبت ولد الموصي المتوفى رشده لدى القضاة؛ فأخذ في تحقيق صحة الوصية المذكورة، أو بطلانها لما يعلمه من أن والده حين الإشهاد عليه بتلك الوصية

ص: 381

كان فاقد الشعور والتمييز، وأحضر شاهدي الوصية عند القاضي، فطلبهما تفصيل شهادتهما التي أجملاها أولا، وإن الموصي حين أشهدهما على الوصية هل كان عند حسه وتمييزه أم لا؟ فأجاب أحدهما إن الذي أشهد به إن حواسه قاصرة في ذلك الوقت، وأجاب الآخر بأن لا أعلم أن له حواسا وتمييزا، أم لا، فهل يلزم مع ما ذكر تنفيذ هذه الوصية أم لا، وهل قول القاضي في آخر تسجيله على الوصية ما ذكر يعتبر حكما أم لا؛ لأن الثبوت غير الحكم أفتونا مثابين.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الملهم للصواب، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله والأصحاب، أما بعد؛ فأقول: لا يلزم تنفيذ هذه الوصية، حيث إن أحد شاهديها يجزم بأن الموصي حين شهد على إيصائه قاصر الحواس، وثانيهما أفاد بعدم علمه بحسه حين الإيصاء، ولا بعدم حسه لقول التسولي في شرحه على العاصمية: إن من شرط صحة الوصية أن يعقل الموصي القربة في الأمور، وأن لا يكون فيها تناقض، ولا تخليط. اهـ.

وقول القاضي في تسجيله الوصية فبموجب شهادة الرجلين المذكورين ثبتت لدي هذه الوصية، وصحت ليس بحكم لوجهين، (الوجه الأول) أن قول القاضي المذكور ليس بثبوت ولا حكم؛ لأن مجرد شهادة الشاهدين لا تقوم به الحجة على ثبوت السبب عند الحاكم، حيث بقيت عنده ريبة أو لم تبق، ولكن بقي عليه أن يسأل الخصم هل له مطعن أو معارض، ونحو ذلك على أن هنا لم يحضر حينئذ خصم، وقد قال في التبصرة نقلا عن القرافي، فلا ينبغي أن يختلف في هذا أنه ليس ثبوتا ولا حكما لوجود الريبة أو عدم الإعذار. اهـ.

(الوجه الثاني) أنه على فرض قيام الحجة على سبب الحكم بشهادة الشاهدين المذكورين؛ لانتفاء الريبة، وحصول الشروط، فهذا الثبوت ليس بحكم، وإنما الحكم من لازمه فيتعين على الحاكم الحكم إذا سئل به فصار الحكم من لوازم الثبوت، فيجب أن يعتقد أنه حكم، فهذا معنى قول الفقهاء من أهل المذهب المشهور أن الثبوت حكم يريد في هذه الصورة الخاصة، وليس ذلك في جميع صور الثبوت على أن هذا التشهير مخالف لما نقله الشيخ تقي الدين عن مذهب مالك رضي الله تعالى عنه أن الصحيح عندهم أي الحنابلة وعند المالكية: أنه ليس بحكم، وقاله الشيخ سراج الدين أيضا، وقال: إنه التحقيق، وقال ابن عبد السلام: وليس قول القاضي ثبت عندي كذا حكما منه بمقتضى ما ثبت عنده، فإن ذلك أعم منه، قال: وإنما ذكرنا هذا؛ لأن بعض القرويين غلط في ذلك، وألف المازري جزءا في الرد عليه، وجلب فيه نصوص المذهب، أفاده ابن فرحون في تبصرته، ثم ساق كلامي القرافي في كتاب الفرق بين الفتاوى والأحكام في السؤال الثلاثين، وفي القواعد في الفرق الخامس والعشرين والمائتين فانظره، ثمت فإنه لا بد منه في تحقيق المسألة، والله سبحانه وتعالى أعلم.

(تم والحمد لله).

ص: 382