الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمن التَّحْرِيم الكوني: قَوْله تَعَالَى: {وحرمنا عَلَيْهِ المراضع من قبل} وَقَوله سُبْحَانَهُ: {مُحرمَة عَلَيْهِم أَرْبَعِينَ سنة يتيهون فِي الأَرْض} .
وَمن التَّحْرِيم الديني: قَوْله عز وجل: {حرمت عَلَيْكُم الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير وَمَا أهل لغير الله بِهِ} وَقَوله {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وَبَنَات الْأَخ وَبَنَات الْأُخْت} وَقَوله سُبْحَانَهُ: {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إليّ محرما عل طاعم يطعمهُ} وَقَوله تَعَالَى: {قل إِنَّمَا حرم رَبِّي الْفَوَاحِش} .
فَجَمِيع مَا تقدم يُقَال لما كَانَ كونياً مِنْهُ حَقِيقَة كونية، وَلما كَانَ دينياً مِنْهُ حَقِيقَة دينية.
الْقدر وَنفي احتجاج العصاة بِهِ:
وَإِذا عرفت هَذَا فَاعْلَم أَن من ظن أَن الْقدر حجَّة لأهل الْمعاصِي فقد غلط غَلطا بَينا، واقتدى بِأَهْل الْكفْر الَّذين حكى الله عَنْهُم، أَنهم قَالُوا:{لَو شَاءَ الله مَا أشركنا، وَلَا آبَاؤُنَا، وَلَا حرمنا من دونه من شَيْء} ثمَّ قَالَ:
وَلَو كَانَ الْقدر حجَّة لم يعذب الله سُبْحَانَهُ المكذبين للرسل كقوم نوح وَعَاد وَثَمُود وَقوم فِرْعَوْن وَغَيرهم. وَلم يَأْمر بِإِقَامَة الْحُدُود على العصاة المرتكبين لَهَا، وَلَا يحْتَج أحد بِالْقدرِ إِلَّا إِذا كَانَ مُتبعا لهواه بِغَيْر هدى من الله. وَمن ظن ذَلِك فَعَلَيهِ أَن لَا يذم كَافِرًا، وَلَا عَاصِيا، وَلَا يُعَاقِبهُ إِذا اعْتدى عَلَيْهِ، وَلَا يفرق بَين من يفعل الْخَيْر، وَمن يفعل الشَّرّ، وَهَذَا خلاف مَا تَقْتَضِيه عقول جَمِيع الْعُقَلَاء، وَمَا تَقْتَضِيه جَمِيع كتب الله الْمنزلَة وَمَا تَقْتَضِيه كَلِمَات أَنْبيَاء الله عليهم السلام.
فَلَا تمسك بعقل وَلَا شرع، وَقد قَالَ الله سُبْحَانَهُ:{أم حسب الَّذين اجترحوا السَّيِّئَات أَن نجعلهم كَالَّذِين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَوَاء محياهم ومماتهم سَاءَ مَا يحكمون} . وَقَالَ تَعَالَى: {أفحسبتم أَنما خَلَقْنَاكُمْ عَبَثا وأنكم إِلَيْنَا لَا ترجعون} . وَغير ذَلِك من الْآيَات القرآنية وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة، وَمن ظن أَن فِي مُحَاجَّة آدم ومُوسَى حجَّة للمحتجين بِالْقدرِ حَيْثُ قَالَ مُوسَى: أَنْت أَبُو الْبشر خلقك الله بِيَدِهِ، وَنفخ فِيك من روحه، وأسجد لَك مَلَائكَته،
أخرجتنا ونفسك من الْجنَّة. فَقَالَ لَهُ آدم: أَنْت الَّذِي اصطفاك الله بِكَلَامِهِ، وَكتب لَك التَّوْرَاة بِيَدِهِ، فَلم تلومني على أَمر قدره الله عَليّ قبل أَن أخلق؟ . قَالَ: فحج آدم مُوسَى ". هَكَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا.
وَوجه الحَدِيث: أَن مُوسَى عليه السلام، إِنَّمَا لَام أَبَاهُ آدم عليه السلام لأكله الشَّجَرَة الَّتِي كَانَت سَببا لإخراجه، وَذريته من الْجنَّة، وَلم يلمه على كَونه أذْنب ذَنبا وَتَابَ مِنْهُ، فَإِن مُوسَى يعلم أَن التائب من الذَّنب لَا يلام. وَقد ثَبت فِي الصَّحِيح فِي الحَدِيث الْقُدسِي أَنه [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم قَالَ:
(يَا عبَادي إِنَّمَا هِيَ أَعمالكُم أحصيها لكم ثمَّ أوفيكم إِيَّاهَا، فَمن وجد خيرا فليحمد الله سُبْحَانَهُ، وَمن وجد غير ذَلِك فَلَا يَلُومن إِلَّا نَفسه ".
الصَّحَابَة رضي الله عنهم ومركزهم من الْولَايَة:
ولنرجع إِلَى شرح الحَدِيث الَّذِي نَحن بصدد شَرحه فَنَقُول: اعْلَم أَن الصَّحَابَة لَا سِيمَا أكابرهم الجامعين بَين الْجِهَاد بَين يَدي رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم، وَالْعلم بِمَا جَاءَ بِهِ، وأسعدهم الله سُبْحَانَهُ من مُشَاهدَة النُّبُوَّة وصحبة
رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء، وبذلهم أنفسهم وَأَمْوَالهمْ فِي الْجِهَاد فِي سَبِيل الله سُبْحَانَهُ حَتَّى صَارُوا خير الْقُرُون بالأحاديث الصَّحِيحَة. فهم خيرة الْخيرَة، لِأَن هَذِه الْأمة هِيَ كَمَا أكْرمهم الله بِهِ بقوله: كُنْتُم خير أمة أخرجت، للنَّاس وَكَانُوا الشُّهَدَاء على الْعباد كَمَا فِي الْقُرْآن الْعَظِيم. فهم خير الْعباد جَمِيعًا، وَخير الْأُمَم سابقهم ولاحقهم، وأولهم وَآخرهمْ. وَهَؤُلَاء الصَّحَابَة رضي الله عنهم، هم خير فروعهم، وَأفضل طوائفهم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
فتقرر بِهَذَا أَن الصَّحَابَة رضي الله عنهم خير الْعَالم بأسره من أَوله إِلَى آخِره، لَا يفضلهم أحد إِلَّا الْأَنْبِيَاء وَالْمَلَائِكَة، وَلِهَذَا لم يعدل مثلُ أحد ذَهَبا مُدَّ أحدهم، وَلَا نصيفَه.
فَإِذا لم يَكُونُوا رَأس الْأَوْلِيَاء، وصفوة الأتقياء، فَلَيْسَ لله أَوْلِيَاء، وَلَا أتقياء، وَلَا بررة، وَلَا أصفياء.
وَقد نطق الْقُرْآن الْكَرِيم بِأَن الله قد رَضِي عَن أهل بيعَة الشَّجَرَة وهم جُمْهُور الصَّحَابَة إِذْ ذَاك.
وَثَبت عَنهُ [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم ثبوتا متواترا أَن الله سُبْحَانَهُ اطلع على أهل بدر فَقَالَ: (اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فقد غفرت لكم) . وَشهد النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم لجَماعَة مِنْهُم بِأَنَّهُم من أهل الْجنَّة.
فَقَوله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم فِي هَذَا الحَدِيث:
(من عادى لي وليا) ، يصدق عَلَيْهِم صدقا أوليا، ويتناولهم بفحوى الْخطاب.
فَانْظُر أرشدك الله إِلَى مَا صَارَت الرافضة أقماهم الله، تَصنعهُ بهؤلاء الَّذين هم
رُؤْس الْأَوْلِيَاء ورؤساء الأتقياء، وقدوة الْمُؤمنِينَ، وأسوة الْمُسلمين، وَخير عباد الله أَجْمَعِينَ من الطعْن واللعن والثلب والسب والشتم والثلم، وَانْظُر إِلَى أَي مبلغ بلغ الشَّيْطَان الرَّجِيم بهؤلاء المغرورين المجترئين على هَذِه الْأَعْرَاض المصونة المحترمة المكرمة؟ {} .
فيالله الْعجب من هَذِه الْعُقُول الرقيقة، والأفهام الشنيعة، والأذهان المختلة، والإدراكات المعتلة، فَإِن هَذَا التلاعب الَّذِي تلاعب بهم الشَّيْطَان يفهمهُ أقصر النَّاس عقلا، وأبعدهم فطانة، وأجمدهم فهما، وأقصرهم فِي الْعلم باعا، وَأَقلهمْ اطلاعاً.
فَإِن الشطيان لَعنه الله سَوَّلَ لَهُم بِأَن هَؤُلَاءِ الصَّحَابَة رضي الله عنهم الَّذين لَهُم المزايا الَّتِي لَا يُحِيط بهَا حصر، وَلَا يحصيها حد وَلَا عد، أحقاء بِمَا يهتكون من أعراضهم الشَّرِيفَة، ويجحدون من مناقبهم المنيفة حَتَّى كَأَنَّهُمْ لم يَكُونُوا هم الَّذين أَقَامُوا أعمدة الْإِسْلَام بسيوفهم، وشادوا قُصُور الدّين برماحهم، واستباحوا الممالك الكسروية والقيصرية، وأطفأوا الْملَّة النَّصْرَانِيَّة والمجوسية، وَقَطعُوا حبائل الشّرك من الطوائف المشركة من الْعَرَب وَغَيرهم، وأوصلوا دين الْإِسْلَام إِلَى أَطْرَاف الْمَعْمُور من شَرق الأَرْض وغربها، ويمنيها وشمالها، فاتسعت رقْعَة الْإِسْلَام وطبقت الأَرْض شرائع الْإِيمَان، وانقطعت علائق الْكفْر وانقصمت حباله، وانفصمت أوصاله، ودان بدين الله سُبْحَانَهُ الْأسود والأحمر، والوثني، والملي.
فَهَل رَأَيْت أَو سَمِعت بأضعف من هَؤُلَاءِ تمييزا، وَأكْثر مِنْهُم جهلا، وأزيف مِنْهُم رَأيا؟ ! ياالله الْعجب يعادون خير عباد الله وأنفعهم للدّين، الَّذِي بعث بِهِ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ، وهم لم يعاصروهم، وَلَا عاصروا من
أدركهم، وَلَا أذنبوا إِلَيْهِم بذنب، وَلَا ظلموهم فِي مَال، وَلَا دم وَلَا عرض، بل قد صَارُوا تَحت أطباق الثرى وَفِي رَحْمَة وَاسع الرَّحْمَة مُنْذُ مئتين من السنين. وَمَا أحسن مَا قَالَه بعض أُمَرَاء عصرنا، وَقد رام كثير من أهل الرَّفْض أَن يفتنوه ويوقعوه فِي الرَّفْض:" مَالِي ولقوم بيني وَبينهمْ زِيَادَة على اثْنَتَيْ عشرَة مائَة من السنين ". وَهَذَا الْقَائِل لم يكن من أهل الْعلم بل هُوَ عبد صيَّره مَالِكه أَمِيرا، وهداه عقله إِلَى هَذِه الْحجَّة الْعَقْلِيَّة الَّتِي يعرفهَا بالفطرة، كل من لَهُ نصيب من عقل، فَإِن عَدَاوَة من لم يظلم المعادي فِي مَال وَلَا دم وَلَا عرض، وَلَا كَانَ معاصرا لَهُ حَتَّى ينافسه فِيمَا هُوَ فِيهِ، يعلم كل عَاقل أَنه لَا يعود على الْفَاعِل بفائدة.
هَذَا على فرض أَنه لَا يعود عَلَيْهِ بِضَرَر فِي الدّين. فَكيف وَهُوَ من أعظم الذُّنُوب الَّتِي لَا يُنجي فاعلها إِلَّا عَفْو الْغَرِيم الْمَجْنِي عَلَيْهِ بظلمه فِي عرضه؟ {} . انْظُر عافاك الله، مَا ورد فِي غيبَة الْمُسلم من الْوَعيد الشَّديد مَعَ أَنَّهَا ذكر الْغَائِب بِمَا فِيهِ كَمَا صَحَّ عَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فِي بَيَانهَا لما سَأَلَهُ السَّائِل عَن ذَلِك ثمَّ سَأَلَهُ عَن ذكره بِمَا لَيْسَ فِيهِ جعل ذَلِك من الْبُهْتَان، كَمَا هُوَ ثَابت فِي الصَّحِيح، وَلم يرخص فِيهَا بِوَجْه من الْوُجُوه.
وَقد أوضحنا ذَلِك فِي الرسَالَة الَّتِي دفعنَا بهَا، مَا قَالَه النَّوَوِيّ وَغَيره من جَوَاز الْغَيْبَة فِي سِتّ صور، وزيفنا مَا قَالُوهُ تزييفاً لَا يبْقى بعده شكّ وَلَا ريب، وَمن يقي فِي صَدره حرج وقف عَلَيْهَا، فَإِنَّهُ دَوَاء لهَذَا الدَّاء الَّذِي هلك بِهِ كثير من عباد الله سُبْحَانَهُ.
فَإِذا كَانَ هَذَا حَرَامًا بَينا، وذنباً عَظِيما فِي غيبَة فَرد من أَفْرَاد الْمُسلمين
الْأَحْيَاء الْمَوْجُودين، فَكيف غيبَة الْأَمْوَات الَّتِي صَحَّ عَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] النَّهْي عَنْهَا بقوله:
(لَا تسبوا الْأَمْوَات فَإِنَّهُم قد أفضوا إِلَى مَا قدمُوا "؟ {.
فيكف إِذا [كَانَ] هَؤُلَاءِ المسبوبين الممزقة اعراضهم المهتوكة حرماتهم هم خير الخليقة، وَخير الْعَالم كَمَا قدمنَا تَحْقِيقه؟} {. فسبحان الصبور الْحَلِيم} {} .
فيا هَذَا المتجرئ على هَذِه الْكَبِيرَة المتقحم على هَذِه الْعَظِيمَة، إِن كَانَ الْحَامِل لَك عَلَيْهَا والموقع لَك فِي وبالها هُوَ تأميلك الظفر بِأَمْر دُنْيَوِيّ، وَعرض عَاجل، فَاعْلَم أَنَّك لَا تنَال مِنْهُ طائلا، وَلَا تفوز مِنْهُ بنقير وَلَا قطمير.
فقد جربنَا وجرب غَيرنَا من أهل العصور الْمَاضِيَة، أَن من طلب الدُّنْيَا بِهَذَا السَّبَب [الَّذِي] فتح بَابه الشَّيْطَان الرَّجِيم، وشيوخ الْمَلَاحِدَة من الباطنية والقرامطة والإسماعيلية تنكدت عَلَيْهِ أَحْوَاله وَضَاقَتْ عَلَيْهِ معايشه، وعاندته طَالبه وَظهر عَلَيْهِ كآبة المنظر، وقَمَاءةٌ الْهَيْئَة ورثاثة الْحَال، حَتَّى يعرفهُ غَالب من رَآهُ أَنه رَافِضِي، وَمَا علمنَا بِأَن رَافِضِيًّا، أَفْلح فِي دِيَارنَا هَذِه قطّ.
وَإِن كَانَ الْحَامِل لَك على ذَلِك الدّين فقد كذبت على نَفسك، وَكَذبَك شَيْطَانك وَهُوَ كذوب.
فَإِن دين الله هُوَ كِتَابه وَسنة رَسُوله، فَانْظُر هَل ترى فيهمَا إِلَّا الْإِخْبَار
لنا بالرضى عَن الصَّحَابَة، [وَأَنَّهُمْ] أشداء على الْكفَّار، وَأَن الله يغِيظ [بهم] الْكفَّار، وَأَنه لَا يلْحق بهم غَيرهم، وَلَا يماثلهم سواهُم؟ {} .
وهم الَّذين أَنْفقُوا من قبل الْفَتْح وقاتلوا، وأنفقوا بعده كَمَا حَكَاهُ الْقُرْآن الْكَرِيم، وهم الَّذين جاهدوا فِي الله حق جهاده، وَجَاهدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبيله.
وهم الَّذين قَامُوا بفرائض الدّين، ونشروها فِي الْمُسلمين، وهم الَّذين وَردت لَهُم فِي السّنة المطهرة المناقب الْعَظِيمَة، والفضائل الجسيمة عُمُوما وخصوصا. وَمن شكّ فِي هَذَا نظر فِي دواوين الْإِسْلَام، وَفِيمَا يلْتَحق بهَا من المسندات والمستدركات والمعاجيم، وَنَحْوهَا فَإِنَّهُ سيجد هُنَالك مَا يشفي عِلَلَه ويروى غَلَلًه وَيَردهُ عَن غوايته، وَيفتح لَهُ أَبْوَاب هدايته.
هَذَا إِذا كَانَ يعرف أَن الشَّرِيعَة الإسلامية هِيَ الْكتاب وَالسّنة وَأَنه لَا شَرِيعَة بَين أظهرنَا من الله وَرَسُوله إِلَّا ذَلِك.
فَإِن كَانَ لَا يدرى بِهَذَا وَيَزْعُم أَن لَهُ سلفا فِي هَذِه الْمعْصِيَة الْعَظِيمَة والخصلة الذميمة، فقد غره الشَّيْطَان بمخذول مثله، ومفتون مثل فتنته، وَقد نزه الله عز وجل عُلَمَاء الْإِسْلَام سابقهم ولاحقهم ومجتهدهم، ومقلدهم عَن الْوُقُوع فِي هَذِه البلية الحالقة للدّين المخرجة لمرتكبها من سَبِيل الْمُؤمنِينَ إِلَى طَرِيق الْمُلْحِدِينَ.
موقف أهل الْبَيْت من الصَّحَابَة:
فَإِن زعم أَنه قد قَالَ بِشَيْء من هَذَا الضلال الْمُبين قَائِل من أهل الْبَيْت المطهرين، فقد افترى عَلَيْهِم الْكَذِب الْبَين، وَالْبَاطِل الصُّراحَ. فَإِنَّهُم مجمعون سابقهم ولاحقهم، على تَعْظِيم جَانب الصَّحَابَة الأكرمين، وَمن لم يعلم بذلك فَلْينْظر فِي الرسَالَة الَّتِي ألفتها فِي الْأَيَّام الْقَدِيمَة الَّتِي سميتها (إرشاد الغبي إِلَى مَذْهَب أهل الْبَيْت فِي صحب النَّبِي) . فَإِنِّي نقلت فِيهَا نَحْو أَرْبَعَة عشر إِجْمَاعًا عَنْهُم من طرق مروية عَن أكابرهم وَعَن المتابعين لَهُم المتمسكين بمذهبهم.
فيا أَيهَا الْمَغْرُور بِمن اقتديت، وعَلى من اهتديت، وَبِأَيِّ حَبل تمسكت وَفِي أَي طَرِيق سلكت. يالك الويل وَالثُّبُور، كَيفَ أذهبت دينك فِي أَمر يُخَالف كتاب الله سُبْحَانَهُ، وَسنة رَسُوله [صلى الله عليه وسلم] ، وَيُخَالف جَمِيع الْمُسلمين مُنْذُ قَامَ الدّين إِلَى هَذِه الْغَايَة، وَكَيف رضيت لنَفسك بِأَن تكون خصما لله سُبْحَانَهُ ولكتابه وَلِرَسُولِهِ [صلى الله عليه وسلم] ، ولسنته ولصحابته وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين؟ {} أَيْن يتاه بك، وَإِلَى أَي هوة يرْمى بك، أما يخرج نَفسك من هَذِه الظُّلُمَات المتراكمة إِلَى أنوار هَذَا الدّين الَّذِي جَاءَنَا بِهِ الصَّادِق المصدوق عَن رب الْعَالمين، وَأجْمع عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ أَجْمَعُونَ، وَلم يُخَالف فِيهِ مُخَالف يعْتد بِهِ فِي إِجْمَاع الْمُسلمين اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون رَافِضِيًّا خبيثا، أَو باطنيا ملحدا، أَو قَرْمَطِيًّا جَاحِداً أَو زنديقياً معانداً.