الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فدع عَنْك بهتاً صِيحَ فِي حجراته
…
وهات حَدِيثا مَا حَدِيث الرَّوَاحِل)
(يَقُولُونَ أقوالا وَلَا يعرفونها
…
وَلَو قيل هاتوا حققوا لم يحققوا)
(هـ) من الْحِيَل المكفرة والمنافية للدّين:
إِذا عرفت فَهَذَا فَاعْلَم أَن من هَذِه الْحِيَل الشيطانية مَا يسْتَلْزم كفر فَاعله وَكفر من أفتاه، وَذَلِكَ كمن يُفْتِي الْمَرْأَة بِأَن ترتد عَن الْإِسْلَام لأجل تبين من زَوجهَا.
وَكَمن يُفْتِي الْحَاج إِذا خَافَ الْفَوْت وخشي وجوب الْقَضَاء عَلَيْهِ من قَابل أَن يكفر بِاللَّه ويرتد عَن الْإِسْلَام، فَإِذا عَاد إِلَى الْإِسْلَام لم يلْزمه الْقَضَاء.
فاسمع واعجب من حِيلَة أوجبت كفر فاعلها وَكفر من أفتاه بهَا فَكَانَت ثَمَرَة هَذِه الْحِيلَة الملعونة هِيَ خُرُوج رجلَيْنِ مُسلمين من الْإِسْلَام إِلَى الْفِكر. فَهَل شَيْء من الشَّرّ يعدل هَذَا الشَّرّ؟ ! وَهُوَ نوع من معاصي الله يعدل الْكفْر بِاللَّه وَالْخُرُوج عَن دين الْإِسْلَام؟ .
وَهَذَا الْمُفْتِي وَإِن كَانَ قد ظلم نَفسه ابْتِدَاء وَخرج من الْإِسْلَام إِلَى الْكفْر فعلى نَفسهَا براقش تجنى. وَلَكِن الشَّأْن فِي ظلمه لهَذِهِ المسكينة وَهَذَا الْمِسْكِين اللَّذين استفتياه عَن الشَّرِيعَة الإسلامية فأخرجهما مِنْهَا بادئ بَدْء.
وَمن جملَة الْحِيَل الملعونة مَا قَالُوهُ فِي إِسْقَاط الْقصاص الشَّرْعِيّ أَنه إِذا جرح رجلا فخشي أَن يَمُوت من الْجرْح فَإِن يدْفع إِلَيْهِ دَوَاء مسموماً يَمُوت بِهِ فَيسْقط عَنهُ الْقصاص.
وَمِمَّا قَالُوهُ فِي إِسْقَاط حد السّرقَة أَن السَّارِق يَقُول هَذِه ملكي وَهَذِه دَاري وَهَذَا عَبدِي.
وَمن هَذِه الْحِيَل الملعونة أَنه إِذا اغتصب شَيْئا فَادَّعَاهُ الْمَغْصُوب عَلَيْهِ فَأنكرهُ فَطلب تَحْلِيفه قَالُوا: إِنَّه يقر بِهِ لوَلَده الصَّغِير فَيسْقط عَنهُ الْيَمين ويفوز بالمغضوب.
وَقَالُوا: إِذا أَرَادَ إِخْرَاج زَوجته من الْمِيرَاث فِي مَرضه أقرّ بِأَنَّهُ قد طَلقهَا ثَلَاثًا.
وَقَالُوا: إِذا كَانَ فِي يَده نِصَاب فَبَاعَهُ أَو وهبه قبل الْحول ثمَّ استرده سَقَطت عَنهُ الزَّكَاة. بل قَالُوا: إِذا كَانَ عِنْده نِصَاب من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَأَرَادَ إِسْقَاط زَكَاته فِي جَمِيع عمره، فَالْحِيلَةُ أَن يَدْفَعهَا إِلَى محتال مثله فِي آخر الْحول، وَيَأْخُذهُ مِنْهُ نَظِيره فيستأنفا الْحول، ثمَّ إِذا كَانَ آخر الْحول فعلا كَذَلِك فَلَا تجب عَلَيْهِمَا زَكَاة مَا عاشا. وَهَكَذَا إِذا كَانَ لَهُ عرُوض للتِّجَارَة قَالُوا: يَنْوِي آخر الْحول أَنَّهَا للْقنية ثمَّ ينْقض هَذِه النِّيَّة بعد سَاعَة، فَلَا تجب عَلَيْهِ زَكَاة مَا عَاشَ.
وَهَكَذَا قَالُوا إِذا أَرَادَ أَن يُجَامع فِي نَهَار رَمَضَان يَبْتَدِئ بِالْأَكْلِ وَالشرب ثمَّ يُجَامع بعد ذَلِك، فَلَا يجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة. بل قَالُوا إِنَّه إِذا نوى قبل الْجِمَاع قطع الصَّوْم لم تجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة.
وَهَكَذَا قَالُوا إِذا كَانَ لَهُ نِصَاب من السَّائِمَة فَأَرَادَ إِسْقَاط زَكَاتهَا، فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِك أَن يعلفها يَوْمًا وَاحِدًا ثمَّ تعود إِلَى السّوم.
وَكم نعد من هَذِه الْحِيَل الطاغوتية لهَؤُلَاء الشَّيَاطِين فَإِنَّهَا فِي الْغَالِب فِي كل بَاب من أَبْوَاب الشَّرِيعَة.
وَمن لم يعرف أَنَّهَا حيل بَاطِلَة معاندة للشريعة لَا يجوز التَّعَلُّق بِشَيْء مِنْهَا، وَلَا يتَحَلَّل فاعلها مِمَّا هُوَ عَلَيْهِ فَهُوَ بَهِيمَة لَيْسَ من هَذَا النَّوْع الإنساني وَلَا يسْتَحق