الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهَا الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي ذمّ طول الأمل ومدح قصره. وَمِنْهَا الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي مدح الْخَوْف من الله عز وجل، ومراقبته.
وَمِنْهَا الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي مدح حسن الظَّن بِاللَّه، وَلَو لم يكن مِنْهَا إِلَّا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم قَالَ:
(قَالَ الله عز وجل أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي) . وَحَدِيث جَابر عِنْد مُسلم وَغَيره أَنه سمع النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم قبل مَوته بِثَلَاثَة أَيَّام يَقُول:
(لَا يموتن أحدكُم إِلَّا وَهُوَ يحسن الظَّن بِاللَّه عز وجل ".
وَمِنْهَا الصَّبْر وَقد ورد مدحه وَكَون الله مَعَ الصابرين وَمَا لَهُم من الْأجر الْعَظِيم فِي الْكتاب وَالسّنة.
وَبِالْجُمْلَةِ فاستيفاء الْفَرَائِض الْبَاطِنَة، والمحرمات الْبَاطِنَة الَّتِي تَركهَا من الْفَرَائِض يطول جدا، فلنقتصر على هَذَا الْمِقْدَار، وَبِه يتَبَيَّن أَن مَا ذكره الطوفي من اشْتِمَال خِصَال الْإِسْلَام على الْفَرَائِض الظَّاهِرَة، واشتمال خِصَال الْإِيمَان الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث على الْفَرَائِض الْبَاطِنَة غير صَحِيح.
مقَام الْإِحْسَان وَلمن يكون:
وَأما قَول الطوفي: والمركب مِنْهُمَا وَهُوَ الْإِحْسَان كَمَا تضمنه حَدِيث جِبْرِيل إِلَخ فَأَقُول: وَجه تركبه مِنْهُمَا أَنه [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم قَالَ فِي الْإِحْسَان لما سَأَلَهُ السَّائِل عَنهُ:
(أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ، فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك) فَأمره أَن يعبد الله سُبْحَانَهُ على هَذِه الصّفة، وَهِي كَأَنَّهُ يرَاهُ فمجموع الْإِحْسَان هُوَ الْعِبَادَة مَعَ الْحُضُور والمراقبة ومزيد الْخُشُوع فِيهَا.
وَلَكِن لَا يخفاك أَن كَون الْإِحْسَان يتركب من مَجْمُوع الْإِسْلَام وَالْإِيمَان مَبْنِيّ على أَن الْعِبَادَة مَعَ هَذِه المراقبة تحصل لكل مُؤمن وَهُوَ مَمْنُوع.
فَإِن هَذِه رُتْبَة وَرَاء الْإِيمَان بمسافات طَوِيلَة ودرجات كَثِيرَة، لِأَن الْإِيمَان يحصل للْعَبد بِمُجَرَّد إيمَانه بِاللَّه وملائكة وَكتبه وَرُسُله وَالْقدر خَيره وشره وَقد عرفناك أَن هَذَا حَاصِل لغالب الْعباد، وَلَو كَانَ الْإِحْسَان من مَجْمُوع الْإِسْلَام وَالْإِيمَان لزم أَن يحصل لكل مُسلم مُؤمن، وَأَنه إِذا لم يحصل لَهُ ذَلِك وَلم يعبد الله كَأَنَّهُ يرَاهُ لم يحصل الْإِيمَان. وَهَذَا بَاطِل من القَوْل وتكليف بِمَا لَا يستطيعه من أهل الْإِيمَان إِلَّا من هُوَ الكبريت الْأَحْمَر والغراب الأبقع، وكل عَالم بِهَذِهِ الشَّرِيعَة الغراء لَا يخفى عَلَيْهِ مثل هَذَا.
فالإحسان هُوَ موهبة يتفضل الله بهَا على خلص عباده وَجلة صفوته وأكابر أوليائه وَأهل محبته.
فَالَّذِي يَنْبَغِي أَن يُقَال إِن الْإِحْسَان مَشْرُوط بِالْإِسْلَامِ وَالْإِيمَان، وَأَنه لَا يتم إِلَّا لمن حصل لَهُ هَذَانِ الْأَمْرَانِ وَهُوَ شَيْء ثَالِث، لَيْسَ هُوَ عين أَحدهمَا وَلَا مركب مِنْهُمَا، وَفرق بَين الشّطْر وَالشّرط، فَإِن الشَّرْط خَارج عَن الْمَشْرُوط وَإِن استلزم عَدمه عَدمه بِخِلَاف الشّطْر فَإِنَّهُ جزؤه الَّذِي تركب مِنْهُ مَعَ غَيره.
فالطوفي لما صرح بتركيب الْإِحْسَان من الْإِسْلَام وَالْإِيمَان، استلزم كَلَامه هَذَا، أَنَّهُمَا جزآن لَهُ، وليسا كَذَلِك، بل هما شَرْطَانِ لَهُ، من فقدهما أَو أَحدهمَا فقد الْإِحْسَان كَمَا هُوَ مَفْهُوم الشَّرْط. فَلَا بُد من هَذَا، وَإِلَّا استلزم كَلَامه الْبَاطِل، وَهُوَ أَن كل من اجْتمع لَهُ الْإِسْلَام وَالْإِيمَان يكون قد بلغ رُتْبَة الْإِحْسَان، وَهَذَا غلط من القَوْل، وشطط من الرَّأْي، وعبء من التَّكْلِيف ثقيل لَا ينوء بِهِ غَالب عباد الله الْمُؤمنِينَ.
والمراتب تَتَفَاوَت بتفاوت هَذِه المقامات، وَإِن كَانَ بَينهَا فِي الْعُلُوّ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، وَأعظم محصلات هَذَا الْمقَام الإحساني هُوَ الْخُشُوع
وَالْخَوْف والخشية من الله عز وجل كَمَا قَالَ عز وجل: {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} . وَفِي الحَدِيث الْمُتَّفق عَلَيْهِ فِي السَّبْعَة الَّذين يظلهم الله فِي ظله وَمِنْهُم رجل دَعَتْهُ امْرَأَة ذَات منصب وجمال فَقَالَ: إِنِّي أَخَاف الله.
وَكَذَلِكَ فِي حَدِيث الثَّلَاثَة الَّذين انطبقت عَلَيْهِم الصَّخْرَة فَقَالَ صَاحب الْمَرْأَة الَّتِي دَعَتْهُ فَتَركهَا: " اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنِّي إِنَّمَا فعلت ذَلِك رَجَاء رحمتك وخشية عذابك " وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا.
وَكَذَلِكَ حَدِيث الرجل الَّذِي أَمر أَوْلَاده بإحراقه إِذا مَاتَ فَقَالَ لَهُ الله عز وجل: " لم فعلت هَذَا؟ قَالَ: خشيتك يَا رب وَأَنت أعلم فغفر الله لَهُ ". وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا.
وَأخرج ابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم عَن الله سُبْحَانَهُ أَنه قَالَ:
(وَعِزَّتِي لَا يجْتَمع على عبد خوفان وأمنان: إِذا خافني فِي الدُّنْيَا أمنته يَوْم الْقِيَامَة، وَإِذا أمنني فِي الدُّنْيَا أخفته يَوْم الْقِيَامَة) .
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم:
(قَالَ الله عز وجل: أخرجُوا من النَّار من ذَكرنِي يَوْمًا أَو خافني فِي مقَام) . وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم يَقُول:
(من خَافَ أدْلج، وَمن أدْلج بلغ الْمنزلَة، سلْعَة الله غَالِيَة، أَلا إِن سلْعَة الله الْجنَّة) .
وَأخرج البُخَارِيّ وَغَيره من حَدِيث أبي ذَر، أَنه [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم
قَالَ:
(وَالله لَو تعلمُونَ مَا أعلم لضحكتم قَلِيلا، ولبكيتم كثيرا، وَمَا تلذذتم بِالنسَاء على الْفرش، ولخرجتم إِلَى الصعدات تجأرون إِلَى الله، وَالله لَوَدِدْت أَنِّي شَجَرَة تعضد) وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أنس.
وَمن ذَلِك حَدِيث أنس عَن التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه: أَنه [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم دخل على شَاب وَهُوَ فِي الْمَوْت، فَقَالَ: " كَيفَ تجدك: قَالَ: أرجوا الله يَا رَسُول الله وَإِنِّي أَخَاف ذُنُوبِي، فَقَالَ [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم: لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قلب عبد مُؤمن فِي مثل هَذَا الموطن إِلَّا أعطَاهُ الله مَا يَرْجُو وآمنه مِمَّا يخافٍ: وَإِسْنَاده حسن، وَفِي إِسْنَاده جَعْفَر بن سُلَيْمَان الضبعِي وَلكنه صَدُوق. أخرج لَهُ مُسلم وَوَثَّقَهُ الْجُمْهُور، وَتكلم فِيهِ قوم مِنْهُم الدَّارَقُطْنِيّ.
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ من حَدِيث أبي ريحانه عَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم قَالَ:
(حرمت النَّار على عين دَمَعَتْ أَو بَكت من خشيَة الله) . وَأخرجه الْحَاكِم وَصَححهُ من حَدِيث أنس، وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم، وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة " أَن
رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم قَالَ:
(لَا يلج النَّار رجل بَكَى من خشيَة الله حَتَّى يعود اللَّبن فِي الضَّرع) . وَالْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب كَثِيرَة.
وَمن أعظم الْأَسْبَاب الموصلة إِلَى مقَام الْإِحْسَان الزّهْد فِي الدُّنْيَا، وَفِي ذَلِك ترغيبات كَثِيرَة: وَمِنْهَا مَا أخرجه ابْن ماجة من حَدِيث سهل بن سعد قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم فَقَالَ:
(يَا رَسُول الله دلَّنِي على عمل إِذا عملته أَحبَّنِي الله تَعَالَى وأحبني النَّاس. قَالَ: ازهد فِي الدُّنْيَا يحبك الله، وازهد فِيمَا فِي أَيدي النَّاس يحبك النَّاس) ، وَفِي إِسْنَاده خَالِد بن عَمْرو الْقرشِي الْأمَوِي السعيدي وَفِيه مقَال.
وَأخرج مُسلم وَغَيره من حَدِيث أبي سعيد أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم [قَالَ] :
(إِن الدُّنْيَا خضرَة حلوة وَإِن الله تَعَالَى مستخلفكم فِيهَا فَينْظر كَيفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الله، وَاتَّقوا النِّسَاء) وَأخرج مُسلم عَن عبد الله ابْن عَمْرو. سَأَلَهُ رجل فَقَالَ لَهُ عبد الله: " أَلَك امْرَأَة تأوي إِلَيْهَا؟ قَالَ نعم. قَالَ أَلَك مسكن تسكنه؟ قَالَ نعم. قَالَ فَأَنت من الْأَغْنِيَاء؟ قَالَ فَإِنِّي لي خَادِمًا قَالَ فَأَنت من الْمُلُوك ".
وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ، وَابْن مَاجَه من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم قَالَ:
(قد أَفْلح من أسلم ورزق كفافاً وَقدمه الله تَعَالَى بِمَا آتَاهُ) .
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم يَقُول:
(اللَّهُمَّ اجْعَل رِزْقِي آل مُحَمَّد قوتاً. وَفِي رِوَايَة كفافاً) . وَأخرج مُسلم من حَدِيث المسْتَوْرَد قَالَ: قَالَ: رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم:
(مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا كَمَا يَجْعَل أحدكُم إصبعه هَذِه فِي اليم، وَأَشَارَ بالسبابة فَلْينْظر بِمَا ترجع) .
وَأخرج أَحْمد بِإِسْنَاد رُوَاته ثِقَات، وَالْبَزَّار، وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد من حَدِيث أبي مُوسَى أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم قَالَ:
(من أحب دُنْيَاهُ أضرّ بآخرته وَمن أحب آخرته أضرّ بدنياه فآثروا مَا يبْقى على مَا يفنى) .
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من حَدِيث أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ عِنْد مَوته: يَا معشر الْأَشْعَرِيين: ليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم يَقُول:
(حلوة الدُّنْيَا مرّة الْآخِرَة، وَمرَّة الدُّنْيَا حلوة الْآخِرَة) .
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث كَعْب بن مَالك قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم:
(مَا ذئبان جائعان أُرسلا فِي غنم بأفسد لَهَا من حرص الْمَرْء على المَال والشرف لدينِهِ) . وَأخرج الطَّبَرَانِيّ مو أَبُو يعلى بِإِسْنَاد جيد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة نَحوه. وَأخرج الْبَزَّار أَيْضا بِإِسْنَاد حسن من حَدِيث ابْن عمر نَحوه.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث عَمْرو بن عَوْف الْأنْصَارِيّ قَالَ: " لما قدم عَلَيْهِ بجزية الْبَحْر بن [قَالَ] : أَبْشِرُوا وأملوا مَا يسركم، فوَاللَّه مَا الْفقر أخْشَى عَلَيْكُم، وَلَكِن أخْشَى أَن تبسط الدُّنْيَا عَلَيْكُم كَمَا بسطت على من كَانَ من قبلكُمْ فتنافسوها كَمَا تنافسوها فتهلككم كَمَا أهلكتهم ".
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ:
(جلس رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم على الْمِنْبَر، وَجَلَسْنَا حوله فَقَالَ: إِن مِمَّا أَخَاف عَلَيْكُم مَا يفتح عَلَيْكُم من زهرَة الدُّنْيَا وَزينتهَا) . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي ذَر قَالَ:
(قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم: يَا أَبَا ذَر. قلت: لبيْك يَا رَسُول الله، فَقَالَ: مَا يسرني أَن عِنْدِي مثل أُحد
هَذَا ذَهَبا يمْضِي عَلَيْهِ ثَالِثَة وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَار إِلَّا شَيْء أرصده لدين إِلَّا أَن أَقُول فِي عباد الله هَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا، عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله وَمن خَلفه ثمَّ سَار فَقَالَ: إِن الْأَكْثَرين هم الأقلون يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا من قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله وَمن خَلفه. وَقَلِيل ماهم ".
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا شبع نَبِي الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم ثَلَاثَة أَيَّام تباعا من خبز حِنْطَة حَتَّى فَارق الدُّنْيَا ".
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَقَالَ: حَدِيث صَحِيح من حَدِيث ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم يبيت اللَّيَالِي المتتابعة وَأَهله طاوياً لَا يَجدونَ عشَاء، وَإِنَّمَا كَانَ أَكثر خبزهم الشّعير ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث عَائِشَة قَالَت: " مَا شبع آل مُحَمَّد من خبز الشّعير يَوْمَيْنِ مُتَتَابعين حَتَّى قبض رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم ".
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ بِرِجَال ثِقَات من حَدِيث أنس أَن فَاطِمَة رضي الله عنها ناولت النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم كسرة من خبز شعير، فَقَالَ:" هَذَا طَعَام أكله أَبوك مُنْذُ ثَلَاثَة أَيَّام ".
وَأخرج ابْن ماجة بِإِسْنَاد حسن وَالْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: " أَتَى رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم بِطَعَام سخن فَأكل، فَلَمَّا فرغ قَالَ: الْحَمد لله مَا دخل بَطْني طَعَام سخن مُنْذُ كَذَا وَكَذَا ".
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَقَالَ: حسن من حَدِيث أبي أُمامة قَالَ: " قَالَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم: عرض عليَّ رَبِّي عز وجل ليجعل لي بطحاء مَكَّة ذَهَبا، قلت: لَا يَا رب. وَلَكِن أشْبع يَوْمًا وأجوع يَوْمًا أَو قَالَ ثَلَاثًا أَو نَحْو هَذَا. فَإِذا جعت تضرعت إِلَيْك وذكرتك، وَإِذا شبعت شكرتك وحمدتك ".
وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: " خرج رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم من أَيْدِينَا وَلم يشْبع من خبز الشّعير ". وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد جيد من حَدِيث كَعْب بن عجْرَة قَالَ: " أتيت النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم فرأيته متغيراً قَالَ: فَقلت بِأبي أَنْت مَالِي أَرَاك متغيرا؟ فَقَالَ: مَا يدْخل جوفي مَا يدْخل جَوف ذَات كبد مُنْذُ ثَلَاث ".
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث سهل بن سعد قَالَ: " مَا رأى رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم النقي من حِين ابتعثه الله تَعَالَى حَتَّى قَبضه الله، فَقيل هَل كَانَ لكم فِي عهد رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم مناخل؟ فَقَالَ: مَا رأى رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم منخلا من حِين ابتعثه الله تَعَالَى حَتَّى قَبضه الله، فَقيل: فَكيف كُنْتُم تَأْكُلُونَ الشّعير غير منخول؟ قَالَ: كُنَّا نطحنه وننفخه فيطير مَا طَار، وَمَا بَقِي ثريناه فأكلناه ".
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا من حَدِيث عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: " إِن كُنَّا لنَنْظُر إِلَى الْهلَال ثمَّ الْهلَال ثمَّ الْهلَال ثَلَاثَة أهلة فِي شَهْرَيْن، وَمَا أوقد فِي
فِي أَبْيَات النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم نَار. قَالَ عُرْوَة يَا خَالَة فَمَا كَانَ يعيشكم؟ قَالَت: الأسودان: التَّمْر وَالْمَاء ".
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أنس " أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم عصب بَطْنه بعصابة من الْجُوع ".
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث أنس قَالَ: قَالَ [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم: لقد أَتَت عليَّ ثَلَاثُونَ من بَين يَوْم وَلَيْلَة وَمَالِي ولبلال طَعَام يَأْكُلهُ ذُو كبد إِلَّا شَيْء يواريه إبط بِلَال ". وَأخرج ابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: نَام رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم على حَصِير فَقَامَ وَقد أثر فِي جنبه قُلْنَا يَا رَسُول الله: " لَو اتخذنا لَك وطاء فَقَالَ مَالِي وللدنيا مَا أَنا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كراكب استظل تَحت شَجَرَة ثمَّ رَاح وَتركهَا ". وَأخرجه أَحْمد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس. وَأخرج نَحوه ابْن ماجة بِإِسْنَاد صَحِيح وَالْحَاكِم وَصَححهُ من حَدِيث عمر بن الْخطاب وَنَحْوه من حَدِيثه فِي الصَّحِيح فِي قصَّة دُخُوله على رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم لما [آلى] من نِسَائِهِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث عَائِشَة قَالَت: " إِنَّمَا كَانَ فرَاش رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم الَّذِي ينَام عَلَيْهِ أدما حشوه لِيف ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي بردة بن أبي مُوسَى قَالَ: " أخرجت لنا عَائِشَة كسَاء ملبدا، وإزاراً غليظا فَقَالَت: قبض رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم فِي هذَيْن " والملبد:
(المرقع) . وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث عَمْرو بن الْحَارِث قَالَ: " مَا ترك رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم عِنْد مَوته درهما. وَلَا دِينَارا وَلَا عبدا، وَلَا أمة، وَلَا شَيْئا إِلَّا بغلته الْبَيْضَاء الَّتِي كَانَ يركبهَا وسلاحه وأرضا جعلهَا لِابْنِ السَّبِيل.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث عَائِشَة قَالَت: " توفّي رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم وَدِرْعه مَرْهُونَة عِنْد يَهُودِيّ فِي ثَلَاثِينَ صَاعا من شعير ".
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص قَالَ: " إِنِّي لأوّل الْعَرَب رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله، وَلَقَد كُنَّا نغزو مَعَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم مَا لنا طَعَام إِلَّا ورق الحُبْلة وَهَذَا السَّمَر حَتَّى إِن كَانَ أَحَدنَا ليضع كَمَا تضع الشَّاة مَاله خلط "[والحبلة] والسمر من شجر الْبَادِيَة.
وَأخرج مُسلم وَغَيره من حَدِيث خَالِد بن عُمَيْر الْعَدوي قَالَ: " خَطَبنَا خَالِد ابْن عزوان وَفِي خطبَته وَلَقَد رَأَيْتنِي سَابِع سَبْعَة مَعَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم مَا لنا طَعَام إِلَّا ورق الشّجر حَتَّى قرحت أشداقنا ".
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث خباب بن الأرث " أَنهم لم يَجدوا مَا يغطوا
بِهِ رَأس مُصعب بن عُمَيْر لما قتل يَوْم أحد إِلَّا بردة إِذا غطو بهَا رَأسه خرجت رِجْلَاهُ، وَإِذا غطوا بهَا رجلَيْهِ خرج رَأسه فَأَمرهمْ [صلى الله عليه وسلم] أَن يغطوا بهَا رَأسه ".
وَأخرج البُخَارِيّ وَغَيره من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: " لقد رَأَيْت سبعين من أهل الصّفة مَا مِنْهُم رجل عَلَيْهِ رِدَاء، إِمَّا إِزَار أَو كسَاء قد ربطوا فِي أَعْنَاقهم مِنْهَا مَا يبلغ نصف السَّاقَيْن، وَمِنْهَا مَا يبلغ الْكَعْبَيْنِ فيجمعه بِيَدِهِ كَرَاهِيَة أَن ترى عَوْرَته ".
وَمن الْخِصَال الَّتِي يبلغ بهَا العَبْد مقَام الْإِحْسَان: الرِّفْق والأناة والحلم وَحسن الْخلق وطلاقة الْوَجْه، وإفشاء السَّلَام.
فَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث عَائِشَة قَالَت: " قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم: إِن الله رَفِيق يحب الرِّفْق فِي الْأَمر كُله ".
وَأخرج مُسلم وَغَيره عَنْهَا قَالَت: " قَالَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم:
(إِن الرِّفْق لَا يكون فِي شَيْء إِلَّا زانه، وَلَا ينْزع من شَيْء إِلَّا شانه) . وَأخرج مُسلم وَغَيره من حَدِيث جرير بن عبد الله عَنهُ [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم " من يحرم الرِّفْق يحرم الْخَيْر زَاد أَبُو دَاوُد كُله ". وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ من حَدِيث
أبي الدَّرْدَاء عَنهُ [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم: " من أعْطى حَظه من الرِّفْق فقد أعْطى حَظه من الْخَيْر. وَمن حرم حَظه من الرِّفْق حرم حَظه من الْخَيْر ". وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا من حَدِيث أنس عَنهُ [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم قَالَ:
(يسروا وَلَا تُعَسِّرُوا، وبشروا وَلَا تنفرُوا) . وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " عَنهُ [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم:
(إِنَّمَا بعثتم ميسرين، وَلم تبعثوا معسرين ".
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث عَائِشَة قَالَت: " مَا خير رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم بَين أَمريْن قطّ إِلَّا اخْتَار أيسرهما مَا لم يكن إِثْمًا ".
وَأخرج مُسلم من حَدِيث ابْن عَبَّاس قَالَ: " قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم للأشج: " إِن فِيك خَصْلَتَيْنِ يحبهما الله وَرَسُوله: الْحلم والأناة ". وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث النواس بن سمْعَان قَالَ: " سَأَلت رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم عَن الْبر وَالْإِثْم فَقَالَ: الْبر حسن الْخلق، وَالْإِثْم مَا حاك فِي صدرك وكرهت أَن يطلع عَلَيْهِ النَّاس ": وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث ابْن عَمْرو قَالَ: لم يكن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم فَاحِشا، وَكَانَ يَقُول:" إِن من خياركم أحسنكم أَخْلَاقًا. وَالْأَحَادِيث فِي الثَّنَاء على حسن الْخلق كَثِيرَة جدا ".
وَأخرج مُسلم وَغَيره من حَدِيث أبي ذَر قَالَ: " قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم:
(لَا تحقرن من الْمَعْرُوف شَيْئا وَلَو أَن تلقى أَخَاك بِوَجْه طلق) . وَأخرج أَحْمد التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ من حَدِيث جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم:
(كل مَعْرُوف صَدَقَة وَإِن من الْمَعْرُوف أَن تلقى أَخَاك بِوَجْه طلق وَأَن تفرغ من دلوك فِي إِنَاء أَخِيك) . وصدره فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث حُذَيْفَة وَجَابِر.
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن حبَان وَصَححهُ من حَدِيث أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم
(تبسمك فِي وَجه أَخِيك لَك صَدَقَة الحَدِيث) . وَأخرجه الْبَزَّار من حَدِيث ابْن عمر. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث عدي بن حَاتِم قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم: " اتَّقوا النَّار وَلَو بشق تَمْرَة فَمن لم يجد فبكلمة طيبَة) .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث ابْن عَمْرو " أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم: أَي الْإِسْلَام خير؟ قَالَ: تطعم الطَّعَام وتقرئ السَّلَام على من عرفت وَمن لم تعرف ". وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم:
(لَا تدْخلُوا الْجنَّة حَتَّى تؤمنوا، وَلَا تؤمنوا، حَتَّى تحَابوا. أَلا أدلكم على شَيْء إِذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السَّلَام بَيْنكُم) .
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن صَحِيح من حَدِيث عبد الله بن سَلام قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم يَقُول: يأيها النَّاس أفشوا السَّلَام، وأطعموا الطَّعَام، وصلوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام تدْخلُوا الْجنَّة بِسَلام "، وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن حبَان وَصَححهُ من حَدِيث ابْن عمر قَالَ:" قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم: اعبدوا الرَّحْمَن وأفشوا السَّلَام وأطعموا الطَّعَام تدْخلُوا الْجنان ". وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَصَححهُ من حَدِيث أبي شُرَيْح أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي بِشَيْء يُوجب لي الْجنَّة، قَالَ:" طيب الْكَلَام وبذل السَّلَام وإطعام الطَّعَام ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا