الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثر نوافل الصَّلَاة وَغَيرهَا فِي محبَّة الله لعَبْدِهِ:
قَالَ ابْن حجر " فِي الحَدِيث عظم قدر الصَّلَاة، فَإِنَّهُ نَشأ عَنْهَا محبَّة الله تَعَالَى للْعَبد الَّذِي تقرب بهَا. وَذَلِكَ لِأَن مَحل النجَاة الْقرْبَة، وَلَا وَاسِطَة فِيهَا بَين العَبْد وربه، وَلَا شَيْء أقرّ لعين العَبْد مِنْهَا، وَلِهَذَا جَاءَ فِي حَدِيث أنس الْمَرْفُوع: " وَجعلت قُرَّة عَيْني فِي الصَّلَاة " أخرجه النَّسَائِيّ وَغَيره بِسَنَد صَحِيح، وَمن كَانَت لَهُ قُرَّة عينه فِي شَيْء فَإِنَّهُ يود أَن لَا يُفَارِقهُ وَلَا يخرج مِنْهُ لِأَن فِيهِ نعيمه وَبِه تطيب حَيَاته.
وَلَا يحصل ذَلِك للعابد إِلَّا بالمصابرة على النصب فَإِن السالك عرضة الْآفَات والفتور ". انْتهى.
أَقُول: خص فِي كَلَامه هَذَا من بَين النَّوَافِل نوافل الصَّلَاة مَعَ أَن نوافل الصّيام وَالْحج وَالصَّدَََقَة وَنَحْوهَا ورد فِيهَا مَا ورد فِي التَّرْغِيب فِي نوافل الصَّلَاة.
وَبَعضهَا ورد فِي نوافله مَا أجره أعظم من أجر نوافل الصَّلَاة كَمَا فِي أَحَادِيث التَّرْغِيب فِي ذَلِك. وَقد قدمنَا طرفا مِنْهَا.
وَلَا وَجه لذَلِك فَإِن الحَدِيث صرح بِعُمُوم النَّوَافِل وَهِي تَشْمَل كل نَافِلَة، ونوافل كل نوع مَا خرج عَن فَرَائِضه مَعَ التَّرْغِيب فِي فعله.
فَإِن قَالَ: إِنَّه خص نوافل الصَّلَاة لما لَهَا من المزية، فَهَذِهِ المزية إِنَّمَا ترْتَفع
بارتفاع مَا وعد بِهِ عَلَيْهَا من الثَّوَاب. وَقد ذكرنَا أَنه ورد فِي بعض نوافل غَيرهَا مَا هُوَ أَكثر ثَوابًا من بَعْضهَا.
وَمَا ذكره من الِاسْتِدْلَال بِحَدِيث: " وَجعلت قُرَّة عَيْني فِي الصَّلَاة " فَهُوَ غير مُنَاسِب لِأَن سِيَاق الْكَلَام فِي بَيَان عَظِيم أجر نوافل الصَّلَاة للْمُصَلِّي. وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ شَيْء يحصل بِهِ التَّلَذُّذ لفاعل ذَلِك. وَلَيْسَ من الْجَزَاء الْمَوْعُود بِهِ.
لَكِن كَون الصَّلَاة جعلت قُرَّة عين رَسُول الله [[صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم] فِيهَا مِمَّا يُحَرك نشاط الراغبين فِي الْخَيْر إِلَى الاستكثار مِنْهَا، وَأَن تكون قُرَّة أَعينهم فِي الصَّلَاة كَمَا كَانَت قُرَّة عينه فِي الصَّلَاة. وَهَذِه الصَّلَاة الَّتِي كَانَت فِيهَا قُرَّة عين رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم تتَنَاوَل الْفَرَائِض والنوافل.
وَهَكَذَا، مِمَّا يرغب فِي الصَّلَاة، قَوْله [صلى الله عليه وسلم] وَآله وَسلم:" يَا بِلَال أَرحْنَا بِالصَّلَاةِ " أَي رُوحنَا بنفعها.
وَذَلِكَ وَإِن كَانَ مورده صَلَاة الْفَرَائِض لَكِن لنوافلها نصيب من هَذَا الرّوح.
قَالَ ابْن حجر فِي الْفَتْح: " وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة فِي الزِّيَادَة يَعْنِي حَدِيث الْبَاب: وَيكون من أوليائي وأصفيائي وَيكون جاري مَعَ النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء فِي الْجنَّة ".