الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصحابه، وأقام أهل بغداد عليه يوم العيد سنة المأتم، وهاشوا على شحنة مسعود، واقتتل الأجناد والعوام، وقتل جمع كثير، وأشرفت بغداد على النهب، فأمر الشحنة فنودي: إن سلطانكم آت بين يدي الخليفة وعلى كتفه الغاشية، فسكنوا، وسار مسعود ومعه الخليفة معتقلا إلى مراغة وبها داود بن محمود، وأرسل سنجر يهدد مسعودا ويخوفه، ويأمره أن يتلافى الأمر وأن يعيد المسترشد إلى دسته ويمشي في ركابه، فسارع إلى ذلك، وكان الخليفة قد جرح في فخذه في الواقعة، فأخفى أمره، وطوى ذلك عن كل أحد، ثم إنه ورد رسول من السلطان سنجر، فخرج الناس وخرج مسعود في جيشه لملاقاة الرسل، فهجم على سرادق المسترشد سبعة عشر من الباطنية فقتلوه، وقتلوا جميعا بظاهر مراغة، وجلس السلطان للعزاء، ووقع البكاء والنوح، وكتب مسعود إلى نائبه ببغداد أن يأخذوا البيعة لولد المسترشد، فبويع، ولقب بالراشد (1).
وفيها: توفي صاحب دمشق شمس الملوك إسماعيل بن تاج الملوك بوري بن طغتكين، ورتّب بعده في الملك أخوه محمود بن بوري.
وفيها: قتل أبو الأغر دبيس بن الأمير سيف الدولة صدقة الأسدي، ملك العرب.
وفيها: توفي الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي صاحب «تاريخ نيسابور» ، وقاضي الجماعة محمد بن أحمد التجيبي القرطبي المالكي.
وكان الحسن بن الحافظ لدين الله العبيدي ولي عهد أبيه ثلاثة أعوام، فظلم وغشم وفتك، حتى قيل: إنه قتل في ليلة أربعين أميرا، فخافه أبوه، وجهز لحربه جماعة، فالتقاهم، واختبطت مصر، ثم دس عليه أبوه من سقاه السم فمات (2).
وفيها: مات أبو طاهر الحداد الشاعر.
***
السنة الموفية ثلاثين بعد الخمس مائة
فيها: جاء أمير من جهة السلطان مسعود يطلب من الراشد بالله سبع مائة ألف دينار،
(1)«المنتظم» (10/ 270)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 61)، و «العبر» (4/ 75)، و «مرآة الجنان» (3/ 254)، و «البداية والنهاية» (12/ 709).
(2)
«الكامل في التاريخ» (9/ 60)، و «العبر» (4/ 78)، و «مرآة الجنان» (3/ 256)، و «شذرات الذهب» (6/ 148).
فاستشار الأعيان، فأشاروا بالتجنيد، فرد على مسعود بقوة نفس، وأخذ يتهيأ، فانزعج أهل بغداد، وعلقوا السلاح، ثم إن الراشد قبض على إقبال الخادم، وأخذت حواصله، فتألم العسكر لذلك، وشغّبوا، ووقع النهب، ثم جاء زنكي وسأل في إقبال سؤالا تحته إلزام، فأطلق له، واجتمع عند الراشد جملة من العساكر؛ فإنه ورد إليه زنكي بن آق سنقر من الشام والملك داود بن محمود بعساكر أذربيجان، وورد إليه صاحب قزوين وصاحب أصبهان في جندهما، وصاحب الحلة صدقة بن دبيس، فخرج بهم لحرب السلطان مسعود، فجاء عسكر مسعود، فنازلوا بغداد، وقاتلهم الناس، وخامر جماعة أمراء إلى الراشد، ثم بعد أيام وصل رسول مسعود يطلب من الراشد الصلح، فقرأ كتابه على الأمراء، فأبوا إلا القتال، فأقبل مسعود في خمسة آلاف راكب، ودام الحصار، واضطرب عسكر الخليفة، وجرت أمور يطول شرحها وذكرها، ثم كاتب السلطان مسعود زنكي بن آق سنقر ووعده ومناه، وكتب إلى الأمراء: إنكم إن قتلتم زنكي .. أعطيتكم بلاده، فعلم بذلك زنكي، فرحل هو والراشد عن بغداد، فدخلها مسعود، وأظهر العدل، واجتمع إليه الأعيان والعلماء، وحطوا على الراشد وطعنوا فيه، وقيل: إن مسعودا خوفهم وأرهبهم إن لم يخلعوا الراشد، فكتبوا محضرا بذلك، ووضعوا فيه خطوطهم بما يقتضي خلعه، وحكم ابن الكرخي الجزم بخلعه، وأحضروا محمد بن المستظهر، فبايعوه، ولقبوه: المقتفي لأمر الله، ثم أخذ مسعود جميع ما في دار الخلافة، حتى لم يدع فيها سوى أربعة أفراس (1).
وفيها: كانت وقعة بين الملك داود وبين قراسنقر، كسر فيها داود (2).
وفيها: توفي الحافظ أبو نصر إبراهيم بن الفضل الأصبهاني، وشيخ دمشق ومحدثها علي بن أحمد الغساني النحوي الزاهد، وأبو سهل محمد بن إبراهيم الأصبهاني المزكي، راوي مسند «الروياني» عن أبي الفضل الرازي.
وفيها: الشيخ الكبير أبو عبد الله محمد بن حمويه الجويني، ومسند أصبهان أبو بكر محمد بن علي الصالحاني، وفقيه الحرم أبو عبد الله محمد بن الفضل الصاعدي الفراوي النيسابوري، والله سبحانه أعلم.
(1)«المنتظم» (10/ 283)، و «الكامل في التاريخ» (9/ 71)، و «العبر» (4/ 79)، و «مرآة الجنان» (3/ 257)، و «البداية والنهاية» (12/ 712).
(2)
«الكامل في التاريخ» (9/ 80).