الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترجمة السيد معروف-عرفنا الله ببركته-في سنة مائتين) اهـ (1)
والذي أشار إليه في ترجمة معروف هو ما ذكر بعضهم أنه سمع مشايخ بغداد يحكون أن عون الدين ابن هبيرة كان سبب وزارته أنه قال: ضاق ما بيدي حتى فقدت القوة أياما، فأشار إلي بعض أهلي أن أمضي إلى قبر معروف الكرخي رحمه الله، وأسال الله عز وجل عنده؛ فإن الدعاء عنده مستجاب، قال: فأتيت قبر معروف الكرخي رحمه الله، فصليت عنده ودعوت، ثم خرجت لأقصد البلد؛ يعني: بغداد، فاجتزت بمحلة من محال بغداد، فرأيت مسجدا مهجورا، فدخلته لأصلي فيه ركعتين، فإذا مريض ملقى على بارية، فقعدت عند رأسه، فقلت له: ما تشتهي؟ فقال: سفرجلة، قال: فخرجت إلى بقّال هناك، فرهنت مئزري على سفرجلتين وتفاحة، وأتيته بذلك، فأكل من السفرجلة، ثم قال: أغلق باب المسجد، فأغلقته، فتنحى من البارية وقال: احفر ههنا، فحفرت، فإذا بكوز، فقال: خذ هذا، فأنت أحق به، فقلت: أما لك وارث؟ فقال: لا، إنما كان لي أخ وعهدي به بعيد، وبلغني أنه قد مات ونحن في الرصافة، قال: فبينما هو يحدثني؛ إذ قضى نحبه، فغسلته وكفنته، ثم أخذت الكوز وفيه مقدار خمس مائة دينار، وأتيت إلى دجلة لأعبرها، وإذا بملاح في سفينة عتيقة وعليه ثياب رثة، فقال: معي معي، وإذا به من أكثر الناس شبها بذلك الرجل، فقلت: من أين أنت؟ قال: من الرصافة، ولي بنات، وأنا صعلوك، فقلت: ما لك أحد؟ قال: لا، كان لي أخ، ولي منه زمان، وما أدري ما فعل الله به، فقلت: ابسط حجرك، فبسط، فصببت المال فيه، فبهت، فحدثته الحديث، فسألني أن آخذ نصفه، فقلت: لا والله ولا حبة، ثم صعدت إلى دار الخليفة، وكتبت رقعة، فخرج عليها إشراف المخزن، ثم تدرجت إلى الوزارة (2).
2470 - [الداعي المكرم عمران]
(3)
الداعي المكرم عمران بن الداعي المعظم محمد بن سبأ بن أبي السعود بن زريع بن العباس بن المكرم الهمداني، صاحب عدن والدملوة وغيرهما، ولي ذلك بعد وفاة أبيه.
(1)«مرآة الجنان» (3/ 346).
(2)
القصة في «مرآة الجنان» (1/ 462) في ترجمة معروف الكرخي.
(3)
«السلوك» (2/ 504)، و «تاريخ ابن خلدون» (4/ 279)، و «طراز أعلام الزمن» (2/ 473)، و «العقد الثمين» (6/ 423)، و «تحفة الزمن» (2/ 459)، و «تاريخ ثغر عدن» (2/ 183).
كان ملكا جوادا كريما، مئلافا، اقتفى سيرة أبيه مع أخلاق زائدة، وزيادة لائقة.
أثنى عليه عمارة في «مفيده» فقال فيه: لله در الداعي عمران ما أغزر ديمة جوده، وأكرم ينعة عوده، وأكثر وحشته في هذا الطريق من النظراء، وأقل مؤانسيه فيها من الملوك والأمراء، ولا يكذب من قال: إن الوفاء والجود ملة عمران خاتمها، بل حاتمها.
قال: ومما شاع من كرمه أن الأديب أبا بكر بن يحيى العيدي مدحه بقصيدة طويلة اقترحها عليه الداعي عمران، وصف فيها مجلسه وما يحتوي عليه من الآلات، وأولها:[من الكامل]
فلك مقامك والنجوم كئوس
…
بسعوده التثليث والتسديس
فطرب الداعي وارتاح، وسلم إليه ولده أبا السعود بن عمران وقال: قد أجزتك بهذا، فأقعده الأديب أبو بكر عن يمينه، فلم يلبث أن وصل أستاذ الدار يستأذنه في دخول الولد الدار إلى أهله، فأذن له الأديب في ذلك، فقال الداعي عمران للأديب: إذا أرغبوك في بيعه .. فاستنصف في الثمن، فلم يلبث إلا قليلا حتى خرج الولد في يده قدح من فضة فيه ألف دينار وسبع مائة دينار وخلعة، فقال له الداعي: بكم أتاك الولد، فأخبره بالمبلغ، فقال له الداعي: وقد أطلقت عليك مكس المركب الفلاني ألفي دينار، فاقبضها، وكتب له خطه بذلك، فقبضها.
وللأديب أبي بكر العيدي فيه القصائد المختارة، وكذلك للفقيه عمارة فيه المدائح الفائقة.
ولم يزل عمران المذكور قائما بدعوة الفاطميين إلى أن مات في سنة ستين وخمس مائة.
قال الجندي: (فنقله الأديب أبو بكر بن أحمد العيدي من عدن إلى مكة المشرفة بعد أن طلا بدنه بالممسكات، وقبره بمكة المشرفة.
قال: ومن مآثره الباقية بعدن المنبر المنصوب بجامعها، واسمه مكتوب عليه، وهو منبر له حلاوة في النفس، وطلاوة في العين) (1).
وتوفي عن ثلاثة أولاد صغار لم يبلغوا الحلم، وهم: منصور ومحمد وأبو السعود، وجعل كفالتهم إلى الأستاذ أبي الدر جوهر المعظمي، فنقلهم إلى عنده بالدملوة، وتم
(1)«السلوك» (2/ 504).