المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حكم الصيام: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٣٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ التعريف الاصطلاحي لأهل السنة والجماعة

- ‌ صفات الفرقة الناجية

- ‌ هل يجب على كل مسلم أن يكون له فرقة إسلامية ويكون لها أمير جماعة

- ‌ الطريق الصحيح الذي فيه سعادتنا وسلامة الإسلام

- ‌ الجماعة التي تطبق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌ ما هي السلفية

- ‌ ما هي الوهابية

- ‌ من خير الكتب علما واستدلالا وحسن بيان وقوة في رد الباطل ونصرة الحق وسلامة في العقيدة

- ‌ الكتب المفيدة التي تجب علينا مطالعتها حتى نفهم ديننا

- ‌ أفضل كتاب يبحث في التوحيد والعقائد الإسلامية

- ‌من هم المتنطعون؟وهل يعتبر التمسك بالسنة تشددا

- ‌ حكم الإسلام في الطرق الصوفية اليوم

- ‌ رأي الدين في التصوف الموجود الآن

- ‌ هل ما يفعله الصوفية من رقص وغناء وتمايل ذات اليمين والشمال ذكر كما يسمونه حلال أم حرام

- ‌ ما يقوله الناس: إن الولي إذا مات ودفن في قبره يأتون الملائكة ويخرجونه من قبره ويصعد به إلى السماء

- ‌هل ذكر الله أفضل من الصلاة

- ‌ هل طريقة الذكر الموجودة بين أهل الطرق الصوفية الآن صحيحة أم خاطئة

- ‌ كيف رؤية أرباب الأحوال النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة

- ‌ هل يجوز لعن حاكم العراق

- ‌ هل يعتبر عمل المتطوعين في التعاون مع رجال الأمن من الرباط. . . أم لا

- ‌ رفع اليدين في الدعاء

- ‌بيان الحكمة في التشريع الإسلامي

- ‌المطلب الأول: مقدمات:

- ‌أولا: ضرورة بيان الحكمة في التشريع الإسلامي:

- ‌ بين العلة والحكمة:

- ‌ الحكمة قد لا يدركها العقل:

- ‌ لماذا يجب بيان الحكمة في التشريعات الإسلامية:

- ‌ثانيا: بين الحكمة والمصلحة:

- ‌ثالثا: إدراك الحكمة يقضي على كل خلاف:

- ‌رابعا: إدراك الحكمة في التشريعات وسيلة لضبط المصالح:

- ‌خامسا: معرفة الحكمة تقتضي الأخذ بأسباب العلم:

- ‌ حكمة التشريع الإسلامي وحاجة الناس إلى الدين:

- ‌ حكمة التشريع الإسلامي والدعوة الإسلامية:

- ‌المطلب الثاني:حكمة التشريع الإسلامي في تشريع أصول العبادات وأركان الإسلام:

- ‌ حكم الصلاة:

- ‌ حكمة تشريع الزكاة:

- ‌ حكم الصيام:

- ‌ حكم الحج:

- ‌ تعريف القدر

- ‌مراتب القدر:

- ‌المرتبة الثانية: الكتابة:

- ‌المرتبة الثالثة: المشيئة:

- ‌المرتبة الرابعة: مرتبة خلق الله سبحانه وتعالى الأعمال وتكوينه وإيجاده لها:

- ‌الفصل الثاني: انقسام الناس في القدر

- ‌المبحث الأول: الذين غلوا في إثبات القدر وهم الجبرية

- ‌أولا: في التعريف بالجبر والجبرية وأول من قال بهذه البدعة ونشرها:

- ‌ثانيا: رأي الجبرية في القدر

- ‌ثالثا: موقف أهل السنة والجماعة من القول بالجبر

- ‌المبحث الثاني: الذين غلوا في نفي القدر وهم القدرية

- ‌ أول من قال بهذه البدعة ونشرها

- ‌ثانيا: رأي القدرية في القدر

- ‌ثالثا: موقف أهل السنة والجماعة من هذه البدعة

- ‌المبحث الثالث: المتوسطون في القدروهم أهل السنة والجماعة

- ‌أولا: في‌‌ بيان معنى التوسط، والمراد بأهل السنة والجماعة، ولم سموا بذلك

- ‌ بيان معنى التوسط

- ‌ المراد بأهل السنة والجماعة، ولم سموا بذلك

- ‌ثانيا: مذهب أهل السنة والجماعة

- ‌الخاتمةفي آثار الإيمان بالقدر في حياة المسلم

- ‌ضرورة ترقيم كتب السنة ودور صاحب مفتاح كنوز السنة ومحمد فؤاد عبد الباقي في ذلك:

- ‌تعريف عام بكتاب الموطأ:

- ‌منهج كتاب مفتاح كنوز السنة:

- ‌الدليل على أن كتاب مفتاح كنوز السنة لم يستوعب جميع أحاديث الكتب التي اعتمدها في التخريج:

- ‌الآثار التي أهملها صاحب المفتاح من الترقيم من كتاب الموطأ:

- ‌الأحاديث التي تنتظم أبوابا مستقلة من كتاب الموطأ وأهملت من الترقيم:

- ‌بعض الخلل في ترقيم أحاديث الموطأ

- ‌الأبواب التي تمحضت لفقه مالك ورقمه فيها:

- ‌الأبواب التي تمحضت لفقه مالك وأهمل ترقيم الفقه فيها

- ‌ذكر بعض ما رقمه مالك مما عقب به مالك على الآثار ضمن الأبواب

- ‌بعض ما أهمله صاحب المفتاح من الترقيم مما حكاه مالك عن أهل العلم:

- ‌بعض الأخطاء التي حدثت في منهجية العزو في كتاب المفتاح

- ‌الكشف عن الاضطراب في ترقيم بعض أحاديث صحيح مسلم:

- ‌الخاتمة

- ‌نصيحة للدعاة وطلبة العلم

- ‌نصيحة في فضل صلاة الاستسقاء

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ حكم الصيام:

رابعا:‌

‌ حكم الصيام:

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (1).

معنى ذلك أن الصيام كفرض يهيئ النفوس للخير والبر، ويورث خشية الله، ويوقظ الضمائر، ويقوي الإرادة، ويعود المسلم الصبر والاحتمال " وبقدر ما تقوى الإرادة، يضعف سلطان العادة " حيث يتم هجر كثير من العادات السيئة. هذا من الناحية النفسية. وأما من الناحية الخلقية فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «. . . الصيام جنة (2)» . . . رواه أبو هريرة وأخرجه البخاري ومسلم في الصوم أي أنه يقي المسلم من المنكرات والشرور، ويأخذ النفس بالفضائل، فتزكو وتطهر، فلا تقول زورا، ولا تعمل به. قال صلى الله عليه وسلم:«من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه (3)» .

ومن حكم الصيام الاجتماعية، أنه مظهر فريد من مظاهر المساواة المطلقة بين الأغنياء والفقراء في الحرمان، كما أنه يفجر ينابيع الرحمة والعطف في النفوس والقلوب، فيولد الفرد المهذب، والمجتمع الفاضل، الذي يسمو بالأمة ويرفعها في سلم المجد.

وتتجلى حكمة الصوم كذلك في أنه مجال لإظهار المسلم إرادته العازمة على الامتثال لأحكام الله، والجازمة على عدم مخالفة شرع ارتضاه، والمصرة على أن تتصل بالله اتصال طاعة وانقياد، وبعد عن كافة ضرورات الجسد طمعا في حسنات الله، وإيثارا لما عنده، ورغبة في تحصيل فوائد الصوم المعنوية

(1) سورة البقرة الآية 183

(2)

صحيح البخاري الصوم (1904)، صحيح مسلم الصيام (1151)، سنن الترمذي الصوم (764)، سنن النسائي الصيام (2216)، سنن أبو داود الصوم (2363).

(3)

رواه البخاري، وأحمد وأبو داود والترمذي كذا في الجامع الصغير، وزاد في الكبير رمز ابن ماجة وابن حبان.

ص: 204

والحسية التي قد تظهر وقد لا تظهر، فإن ظهرت كان الاطمئنان لها أداة للاندفاع مع تيار الإيمان، وإن خفيت ظلت النفس واثقة من أن الديان قد أعد للإنسان ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فتتهيأ النفس به للكمال الإيماني، وتستجيب معه للهدي الإلهي.

إن من الغايات الكبرى للصيام بلوغ درجة التقوى " فالتقوى هي التي تستيقظ في القلوب وهي تؤدي، هذه الفريضة طاعة لله وإيثارا لرضاه. والتقوى هي التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية، ولو تلك التي تهجس في البال، والخاطبون بهذا القرآن يعلمون مقام التقوى عند الله "(1) ووزنها في مجالا التكليف، إنها غاية المؤمنين، والصوم هو أهم مدارج الوصول إليها، لذا يتجه المسلمون لتحقيق هذه الغاية وهم معتمدون على ضمائرهم، فلا رقابة لأحد عليهم، وإنما توجد الرقابة في أعماقهم، فتمنعهم عن مخالفة أوامر الله، لأنه ملأ أعماقهم، وصارت مهابته هي الرقيب الوحيد عليهم، ولذا فإن المسلم لا يتكلم بفاحش الكلام، أي لا يرفث، وإذا سبه أحد قال إني صائم، وإذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح أعظم الفرح بصومه الذي كان صادقا في إتيانه، ففي رواية لمسلم «. . . . للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك (2)»، على ما هو ثابت في الحديث القدسي عن رب العزة والجلال الذي قال: «كل عمل

(1) سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق، ج 3، ط 1990م، ص 168.

(2)

صحيح البخاري الصوم (1904)، صحيح مسلم الصيام (1151)، سنن النسائي الصيام (2215)، سنن ابن ماجه الصيام (1638)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 477)، موطأ مالك كتاب الصيام (690)، سنن الدارمي الصوم (1770).

ص: 205

ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به (1)» فلا غرو أن تتحقق التقوى من خلال الصوم مما له من هذه المكانة عند رب العرش الكريم.

ولكي يصل المسلم بالصوم من مرتبة التقوى، فإنه يجتهد في طلب غفران الله لذا يجتهد في أن يكون صيامه على نحو ما أراده الله تعالى. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (2)» متفق عليه.

وهكذا تتجلى أهم حكم الصيام في التقوى، وكما قرر علماء الشريعة الغراء ومنهم الشيخ عبد الرحمن السعدي، فإن التقوى "اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من المحبوبات وترك المنهيات؛ فالصيام الطريق الأعظم للوصول إلى هذه الغاية التي هي غاية سعادة العبد في دينه ودنياه وآخرته، فالصائم يتقرب إلى الله بترك المشتهيات تقديما لمحبته على محبة النفس ولهذا اختصه الله من بين الأعمال، حيث أضافه إلى نفسه في الحديث الصحيح، وهو من أصول التقوى، إذ الإسلام لا يتم بدونه، وفيه من زيادة الإيمان وحصول الصبر والتمرن على المشقات المقربة إلى رب السماوات، وأنه سبب لكثرة الحسنات من صلاة وقراءة وذكر وصدقة وما يحقق التقوى،، فيه من ردع الأنفس عن الأمور المحرمة من الأفعال المحرمة والكلام المحرم ما هو عماد التقوى"(3).

والصوم يحقق مصالح العباد، ويؤكد المنافع لهم والفوائد لعامهم وخاصهم، إنه تحصيل للخيرات، ومدرسة إيمانية عظيمة من أجل التنافس للحصول على الأجر المضاعف ولذا شرعه الله تعالى لنا كما كتبه على من قبلنا، غير أنه في

(1) صحيح البخاري اللباس (5927)، صحيح مسلم الصيام (1151)، سنن الترمذي الصوم (764)، سنن النسائي الصيام (2216)، سنن ابن ماجه الصيام (1638)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 273).

(2)

وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا ".

(3)

الشيخ عبد الرحمن السعدي، الإرشاد إلى معرفة الأحكام، 1400هـ مكتبة المعارف، ص 82 - 83.

ص: 206