الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما ذاك الشأن؟ قال: أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين (1)».
وقال الأعمش عن مجاهد عن عبيد بن عمير {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} (2) قال: " من شأنه أن يجيب داعيا، أو يعطي سائلا، أو يفك عانيا، أو يشفي سقيما. وقال الحسين بن فضيل: هو سوق المقادير إلى المواقيت "(3).
وجملة القول في ذلك أن التقدير اليومي: هو تأويل المقدور على العبد وإنفاذه فيه في الوقت الذي سبق أن يناله فيه لا يتقدمه ولا يتأخره. ثم إن هذا التقدير اليومي تفصيل من التقدير الحولي، والحولي تفصيل من التقدير العمري عند تخليق النطفة، والعمري تفصيل من التقدير العمري الأول يوم الميثاق، والعمري الأول تفصيل من التقدير الأزلي الذي خطه في الإمام المبين، والإمام المبين من علم الله عز وجل، وكذلك منتهى المقادير في آخريتها إلى علم الله عز وجل، فانتهت المقادير في أوليتها وآخريتها إلى علم الله عز وجل قال تعالى:{وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} (4)(5).
(1) سورة الرحمن الآية 29 (9){كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}
(2)
سورة الرحمن الآية 29
(3)
تفسير النسفي جـ 3، ص 456.
(4)
سورة النجم الآية 42
(5)
انظر: معارج القبول جـ3، ص93 - 94.
المرتبة الثالثة: المشيئة:
من مراتب الإيمان بالقدر:
الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة، وهما يجتمعان فيما كان وما سيكون ويفترقان في ما لم يكن ولا هو كائن. فما شاء الله تعالى كونه فهو كائن بقدرته لا محالة. وما لم يشأ الله تعالى لم يكن لعدم مشيئة الله
تعالى إياه ليس لعدم قدرته عليه (1).
وأدلة هذه المرتبة كثيرة من الكتاب والسنة والإجماع.
فمن الكتاب: قوله تعالى:. . . {كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} (2). وقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} (3) الآية. وقال تعالى عن نوح أنه قال لقومه. . . {إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ} (4) الآية. وقال أبو الأنبياء لقومه. . . {وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} (5) الآية.
ومن السنة: قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري: «اشفعوا لتؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء (6)» .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يكلمه في بعض الأمر، فقال الرجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت. فقال صلى الله عليه وسلم: أجعلتني والله عدلا؟ بل ما شاء الله وحده (7)» .
وفي حديث النواس بن سمعان سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من قلب إلا
(1) انظر: معارج القبول ص940، وشفاء العليل ص 44.
(2)
سورة آل عمران الآية 40
(3)
سورة هود الآية 118
(4)
سورة هود الآية 33
(5)
سورة الأنعام الآية 80
(6)
رواه البخاري جـ10/ 376 في الأدب باب قوله تعالى: (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها)، ومسلم برقم 2627 في البر باب استحباب الشفاعة، وأبو داود برقم 5131 في الأدب في الشفاعة، والترمذي برقم 2674 في العلم باب الدال على الخير كفاعله، والنسائي جـ5/ 78 في الزكاة باب الشفاعة في الصدقة، وأحمد جـ4/ 400، 403. وانظر: جامع الأصول حديث 4807، وشفاء العليل ص 44.
(7)
رواه أحمد جـ1/ 214، 224، 283، 347، والحاكم عن ابن عباس. انظر: كنز العمال جـ3، حديث 8377، وشفاء العليل ص45.