الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: الذين توسطوا في القدر.
الخاتمة: في بيان بعض آثار الإيمان بالقدر في حياة المسلم.
وأخيرا أسأله تعالى أن يتقبل صوابه ويتجاوز عن خطئه إنه سميع مجيب وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
الفصل الأول:
تعريف القدر
ومراتبه:
القدر لغة: بتحريك الدال وتسكن مصدر قدرت الشيء بفتح الدال مخففة أقدر قدرا.
ويقال فيه: قدرت أقدر تقديرا بتشديد الدال.
ومعناه: القضاء والحكم، ومبلغ الشيء.
والقدر، كالقدر: جمعهما جميعا أقدار. وقيل القدر: الاسم.
والقدر: المصدر وهو يأتي مرادا به المصدر: وهو التقدير. ويأتي مرادا به المفعول وهو المقدر.
وفي الاصطلاح: ما يقدره الله عز وجل من القضاء ويحكم به من الأمور.
قال عز وجل: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (1) أي الحكم. كما قال تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} (2) فإذا قلنا إن الله تعالى قدر الأشياء فمعناه: أنه تعالى علم مقاديرها وأحوالها وأزمانها قبل إيجادها ثم أوجد منها ما سبق في علمه أنه يوجده على نحو ما سبق في علمه.
(1) سورة القدر الآية 1
(2)
سورة الدخان الآية 4
مراتب القدر:
الإيمان بالقدر لا يتم حتى نؤمن بأربع مراتب وهي:
العلم، والكتابة، والمشيئة، والخلق.
المرتبة الأولى: وهي الإيمان بعلم الرب سبحانه وتعالى المحيط بكل شيء، فإنه سبحانه علم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون.
ومن ذلك الخلق فإنه سبحانه علم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم وعلم أرزاقهم وآجالهم وأحوالهم وأعمالهم وشقاوتهم وسعادتهم ومن هو منهم من أهل الجنة، ومن هو منهم من أهل النار من قبل أن يخلقهم ومن قبل أن يخلق الجنة والنار علم كل ذلك بعلمه الذي هو صفته ومقتضى اسمه العليم الخبير.
وهذه المرتبة قد اتفق عليها الرسل عليهم الصلاة والسلام من أولهم إلى خاتمهم، واتفق عليها جميع السلف ومن تبعهم ولم يخالف فيها إلا مجوس (1) هذه الأمة.
وإليك بعض الأدلة من الكتاب والسنة التي تقرر هذه المرتبة:
أولا: الأدلة من الكتاب: قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (2). وقال تعالى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (3). وقال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا} (4) الآية.
ثانيا: الأدلة من السنة. ومن ذلك ما يلي:
1 -
ما روي عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله، لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس
(1) القدرية الأولى الغلاة منهم وسيأتي التعريف بهم قريبا - إن شاء الله.
(2)
سورة البقرة الآية 30
(3)
سورة آل عمران الآية 29
(4)
سورة الأنعام الآية 59