الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثا: موقف أهل السنة والجماعة من هذه البدعة
لقد رفض أهل السنة والجماعة هذه البدعة وأنكروها بقوة الدليل والبرهان لكن اختلف حكمهم باختلاف هؤلاء القدرية.
فأما القدرية الأولى أصحاب معبد وغيلان القائلون بإنكار العلم المتقدم وأن الأمر أنف أي مستأنف فقد حكموا عليهم بالكفر.
روى مسلم وأبو داود والترمذي وأحمد، عن يحيى بن يعمر قال: كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين فقلنا لو لقينا أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما داخلا المسجد فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والأخر عن شماله فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي، فقلت: أبا عبد الرحمن إنه ظهر قبلنا ناس يقرأون القرآن ويتقفرون العلم - وذكر من شأنهم - وأنهم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف، فقال: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم براء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر ثم ساق حديث جبريل، وفيه «. . . وتؤمن بالقدر خيره وشره (1)» .
قال وكيع الجراح: " القدرية يقولون الأمر مستقبل وأن الله لم يقدر الكتابة والأعمال. . . إلى أن قال: هو كله كفر "(2).
وقال الشافعي: " ناظروا القدرية بالعلم فإن أقروا به خصموا وإن أنكروه كفروا "(3).
(1) رواه مسلم في كتاب الإيمان 1، وأبو داود في كتاب السنة 16، والترمذي في كتاب الإيمان 4، وأحمد 4/ 107.
(2)
الفتاوى جـ7، ص 385.
(3)
شرح الواسطية لابن رشيد ص 269 - 270.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ". . . وقد نص الأئمة كمالك والشافعي وأحمد على كفر هؤلاء الذين ينكرون علم الله القديم "(1).
وأما القدرية الثانية المثبتون للعلم والكتابة لكنهم يقولون إن العبد يخلق فعل نفسه فقد حكموا عليهم بأنهم مبتدعة ضالون.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ". . . وأما جمهور القدرية فهم يقرون بالعلم والكتاب المتقدم لكن ينكرون أن الله خلق أفعال العباد. . إلى أن قال: وكل هؤلاء مبتدعة ضالون "(2).
ويقول في موضع آخر: ". . . وأما هؤلاء - يعني الفرقة الثانية من القدرية - فإنهم مبتدعون ضالون لكن ليسوا بمنزلة أولئك (3). . . "(4).
ويقول الإمام ابن القيم: " وأما الفرقة الضالة: فإنهم اعتقدوا انفراد العبد بالخلق ثم صاروا إلى أنه إذا عصى فقد انفرد بخلق فعله والرب كاره له فكان العبد على هذا الرأي الفاسد مزاحما لربه في التدبير موقعا ما أراد إيقاعه شاء الرب أو كره "(5).
ويقول الإمام شارح الطحاوية: " والقدرية نفاة القدر جعلوا العباد خالقين مع الله تعالى ولهذا كانوا مجوس هذه الأمة، بل أردأ من المجوس من حيث إن المجوس أثبتوا خالقين وهم أثبتوا خالقين!! "(6).
(1) الفتاوى جـ 8، ص 288. وانظر: الفتاوى جـ 7، ص 385.
(2)
الفتاوى جـ 8، ص 288 - 289.
(3)
يريد القدرية الأولى.
(4)
الفتاوى جـ 7، ص 385.
(5)
شفاء العليل ص 124.
(6)
شرح الطحاوية ص 493 - 494.