المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ النقل عن الحنابلة: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٥٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ النقل عن الحنابلة:

- ‌ الديون التي على الإنسان هل تمنع وجوب الزكاة

- ‌ النقل عن الحنفية:

- ‌ النقل عن المالكية:

- ‌ النقل عن الشافعية:

- ‌الفتاوى

- ‌ القول الراجح في مسألة المياه

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌الأدعية التي تقال للتخلص من وسوسة الشيطان

- ‌الأدعية المستجابةوالأوقاتالتي يتحرى فيها المسلم الدعاء

- ‌شهادة الجوارح على الإنسان يوم القيامة

- ‌حكم الوفاء بنذر الطاعة

- ‌حكم النذر في حالة الغضب

- ‌حلف الرجل وهو في حالة قد لا يملك شعوره

- ‌الشرك الأصغر لا يخرج من الملة

- ‌حكم لعن الأبناء والزوجةوهل يعد لعنها طلاقا

- ‌حول طريقة ذكر الله عند الصوفية

- ‌واقع الدعوة والمحاور التييجب التركيز عليها من الدعاة

- ‌شفقة الآباء ورحمتهم بأولادهم:

- ‌ما ورد في الأولاد وتأثيرهم على الآباء:

- ‌أسباب كثرة الانحراف في الشباب:

- ‌أهمية الوقت والحرص على استغلاله فيما يفيد:

- ‌مسئولية الآباء وأولياء الأمور:

- ‌القدوة الحسنة والقدوة السيئة:

- ‌حكم تربية الكفار لأولاد المسلمين:

- ‌فتح المدارس والمستشفيات في بلاد الإسلام:

- ‌تمهيد:

- ‌ تعريف الشرط

- ‌ تعريف الواجب:

- ‌ الفرق بين الشرط والواجب:

- ‌المطلب الأول: كون الطواف سبعة أشواط:

- ‌المطلب الثاني: الإسلام:

- ‌المطلب الثالث: العقل:

- ‌المطلب الرابع: النية:

- ‌المطلب الخامس: كون الطواف داخل المسجد:

- ‌المطلب السادس: كون الطواف بالبيت:

- ‌المطلب السابع: الابتداء من الحجر الأسود:

- ‌المطلب الثامن: الوقت:

- ‌الخاتمة:

- ‌تأملات في قوله تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}

- ‌المسألة الثانية: في بيان معنى الأمهات:

- ‌المسألة الثالثة: في فائدة الإضافة في قوله تعالى: وأزواجه:

- ‌المسألة الرابعة: في فائدة الإضافة في قوله تعالى:{أُمَّهَاتُهُمْ}

- ‌المسألة الخامسة: في وجه كون أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات للمؤمنين:

- ‌المسألة السابعة: هل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات للمؤمنين فقط

- ‌المسألة الثامنة: هل يقال لإخوان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم أخوال للمؤمنين

- ‌المسألة التاسعة: هل يقال لسراري النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين

- ‌المسألة العاشرة: هل النساء اللاتي عقد عليهن صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بهن معدودات في أمهات المؤمنين

- ‌المسألة الحادية عشرة: في ذكر عدد أزواجه صلى الله عليه وسلم

- ‌المسألة الثانية عشرة: في ذكر بعض فضائلهن وخصائصهن:

- ‌المسألة الثالثة عشرة: في واجبنا نحو أزواجه صلى الله عليه وسلم

- ‌المسألة الرابعة عشرة: في الحكمة من تعدد أزواجه صلى الله عليه وسلم

- ‌الحكم الشرعي لاستقطاعالأعضاء وزرعها تبرعا أو بيعا

- ‌مقدمة:

- ‌المبحث الثاني: إباحة التطبيب والجراحة:

- ‌المبحث الثالث: أهمية علم التشريح:

- ‌المبحث الرابع: مدى شرعية التشريح:

- ‌المبحث الخامس: قواعد الطب الإسلامي:

- ‌المبحث السادس: حكم الشرع في بعض الأعمال المستحدثة في الطب والجراحة:

- ‌المبحث السابع: حكم الانتفاع بأجزاء الآدمي في حالات الاضطرار:

- ‌المبحث الثامن: فتاوى العلماء في هذه المسألة

- ‌الخاتمة:

- ‌كلمة توجيهية في الدورة الرابعة والثلاثينللمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلاميبمكة المكرمة عام (1416 ه

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ النقل عن الحنابلة:

جباية الزكاة

(القسم الثاني)

إعداد: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

4 -

‌ النقل عن الحنابلة:

أ- قال الخرقي:

" وإذا كان له دين على مليء فليس عليه زكاة حتى يقبضه ويؤدي لما مضى ".

ب- وقال ابن قدامة:

وجملة ذلك أن الدين على ضربين:

أحدهما: دين على معترف به باذل له فعلى صاحبه زكاته، إلا أنه لا يلزمه إخراجها حتى يقبضه فيؤدي لما مضى، روي ذلك عن علي رضي الله عنه، وبهذا قال الثوري وأبو ثور وأصحاب الرأي.

وقال عثمان وابن عمر وجابر رضي الله عنهم وطاوس، والنخعي، وجابر بن زيد، والحسن، وميمون بن مهران، والزهري، وقتادة، وحماد بن أبي سليمان، والشافعي، وإسحاق،

ص: 27

وأبو عبيد: عليه إخراج الزكاة في الحال وإن لم يقبضه؛ لأنه قادر على أخذه والتصرف فيه فلزمه إخراج زكاته كالوديعة.

وقال عكرمة: ليس في الدين زكاة، وروي ذلك عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم؛ لأنه غير نام فلم تجب زكاته كعروض القنية.

وروي عن سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، وعطاء الخراساني، وأبي الزناد: يزكيه إذا قبضه لسنة واحدة.

ولنا: أنه دين ثابت في الذمة فلم يلزمه الإخراج قبل قبضه، كما لو كان على معسر، ولأن الزكاة تجب على طريق المواساة وليس من المواساة أن يخرج زكاة مال لا ينتفع به.

وأما الوديعة فهي بمنزلة ما في يده؛ لأن المستودع نائب عنه في حفظه ويده كيده، وإنما يزكيه لما مضى؛ لأنه مملوك له يقدر على الانتفاع به فلزمته زكاته كسائر أمواله.

الضرب الثاني: أن يكون على معسر أو جاحد أو مماطل به، فهذا هل تجب فيه الزكاة؟ على روايتين: إحداهما: لا تجب، وهو قول قتادة، وإسحاق، وأبي ثور، وأهل العراق؛ لأنه غير مقدور على الانتفاع به أشبه مال المكاتب.

والرواية الثانية: يزكيه إذا قبضه لما مضى، وهو قول الثوري، وأبي عبيد؛ لما روي عن علي رضي الله عنه في الدين المظنون، قال: إن كان صادقا فليزكه إذا قبضه لما مضى.

وروي نحوه عن ابن عباس، رواهما أبو عبيد.

ولأنه مملوك يجوز التصرف فيه فوجبت زكاته لما مضى كالدين على المليء.

وللشافعي قولان كالروايتين، وعن عمر بن عبد العزيز والحسن والليث والأوزاعي ومالك:

ص: 28

يزكيه إذا قبضه لعام واحد.

ولنا: أن هذا المال في جميع الأحوال على حال واحد؛ فوجب أن يتساوى في وجوب الزكاة أو سقوطها، كسائر الأموال، ولا فرق بين كون الغريم يجحده في الظاهر دون الباطن أو فيهما.

(فصل) وظاهر كلام أحمد: أنه لا فرق بين الحال والمؤجل؛ لأن البراءة تصح من المؤجل، ولولا أنه مملوك لم تصح البراءة منه، لكن يكون في حكم الدين على المعسر؛ لأنه لا يمكن قبضه في الحال (1).

(1) المغني 3/ 42.

ص: 29

ج- قال الخرقي:

" وإذا غصب مالا زكاه إذا قبضه لما مضى في إحدى الروايتين عن أبي عبد الله، والرواية الأخرى قال: ليس هو كالدين الذي متى قبضه زكاه، وأحب إلي أن يزكيه ".

د- وقال ابن قدامة في شرح ذلك:

قوله: "إذا غصب مالا " أي إذا غصب الرجل مالا، فالمفعول الأول المرفوع مستتر في الفعل، والمال هو المفعول الثاني، فكذلك نصيبه، وفي بعض النسخ:" وإذا غصب ماله " وكلاهما صحيح.

والحكم في المغصوب والمسروق والمجحود والضال واحد، وفي جميعه روايتان: إحداهما: لا زكاة فيه،

ص: 29

نقلها الأثرم والميموني.

ومتى عاد صار كالمستفاد يستقبل به حولا، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي في قديم قوليه؛ لأنه مال خرج عن يده وتصرفه، وصار ممنوعا منه؛ فلم يلزمه زكاته، كمال المكاتب. والثانية: عليه زكاته؛ لأن ملكه عليه تام فلزمته زكاته، كما لو نسي عند من أودعه، أو كما لو أسر، أو حبس، وحيل بينه وبين ماله.

وعلى كلتا الروايتين لا يلزمه إخراج زكاته قبل قبضه.

وقال مالك: إذا قبضه زكاه لحول واحد؛ لأنه كان في ابتداء الحول في يده، ثم حصل بعد ذلك في يده؛ فوجب أن لا تسقط الزكاة عن حول واحد.

وليس هذا بصحيح، لأن المانع من وجوب الزكاة إذا وجد في بعض الحول يمنع كنقص النصاب.

ص: 30

هـ- قال الخرقي:

" واللقطة إذا صارت بعد الحول كسائر مال الملتقط استقبل بها حولا ثم زكاها، فإن جاء ربها زكاها للحول الذي كان الملتقط ممنوعا منها ".

ووقال ابن قدامة في شرح ذلك:

ظاهر المذهب: أن اللقطة تملك بمضي حول التعريف، واختار أبو الخطاب أنه لا يملكها حتى يختار.

وهو مذهب الشافعي - ويذكر في موضعه إن شاء الله تعالى- ومتى ملكها استأنف حولا، فإذا مضى وجبت عليه زكاتها.

وحكى القاضي في موضع أنه إذا ملكها وجب عليه مثلها إن كانت مثلية، أو قيمتها إن لم تكن مثلية، وهذا مذهب الشافعي، ويذكر في موضعه إن شاء الله تعالى.

ومقتضى هذا أن لا تجب عليه

ص: 30

زكاتها؛ لأنه دين فمنع الزكاة كسائر الديون.

وقال ابن عقيل: يحتمل أن لا تجب الزكاة فيها لمعنى آخر، وهو أن ملكه غير مستقر عليها، ولصاحبها أخذها منه متى وجدها، والمذهب ما ذكره الخرقي.

وما ذكره القاضي يفضي إلى ثبوت معاوضة في حق من لا ولاية عليه بغير فعله ولا اختياره، ويقتضي ذلك أن يمنع الدين الذي عليه الميراث والوصية كسائر الديون، والأمر بخلافه.

وما ذكره ابن عقيل يبطل بما وهبه الأب لولده وبنصف الصداق فإن لهما استرجاعه، ولا يمنع وجوب الزكاة.

فأما ربها إذا جاء فأخذها فذكر الخرقي أنه يزكيها للحول الذي كان الملتقط ممنوعا منها، وهو حول التعريف، وقد ذكرنا في الضال روايتين وهذا من جملته.

وعلى مقتضى قول الخرقي أن الملتقط لو لم يملكها مثل من لم يعرفها، فإنه لا زكاة على ملتقطها، وإذا جاء ربها زكاها للزمان كله، وإنما تجب عليه زكاتها إذا كانت ماشية بشرط كونها سائمة عند الملتقط، فإن علفها فلا زكاة عليه على ما ذكرنا في المغصوب.

ص: 31

ز- قال الخرقي:

" والمرأة إذا قبضت صداقها زكته لما مضى ".

ح- وقال ابن قدامة في شرح ذلك:

وجملة ذلك أن الصداق في الذمة دين للمرأة، حكمه حكم الديون على ما مضى، إن كان على مليء به فالزكاة واجبة فيه، إذا قبضته أدت لما مضى، وإن كان على معسر أو جاحد فعلى الروايتين، واختار الخرقي وجوب الزكاة فيه، ولا فرق بين ما قبل

ص: 31

الدخول أو بعده؛ لأنه دين في الذمة، فهو كثمن مبيعها، فإن سقط نصفه بطلاقها قبل الدخول، وأخذت النصف فعليها زكاة ما قبضته دون ما لم تقبضه؛ لأنه دين لم تتعوض عنه، ولم تقبضه، فأشبه ما تعذر قبضه لفلس أو جحد، وكذلك لو سقط كل الصداق قبل قبضه لانفساخ النكاح بأمر من جهتها، فليس عليها زكاته لما ذكرنا، وكذلك القول في كل دين يسقط قبل قبضه من غير إسقاط صاحبه، أو يئس صاحبه من استيفائه.

والمال الضال إذا يئس منه فلا زكاة على صاحبه، فإن الزكاة مواساة فلا تلزم المواساة إلا مما حصل له.

وإن كان الصداق نصابا فحال عليه الحول ثم سقط نصفه وقبضت النصف فعليها زكاة النصف المقبوض؛ لأن الزكاة وجبت فيه ثم سقطت من نصفه لمعنى اختص به؛ فاختص السقوط به.

وإن مضى عليه حول قبل قبضه ثم قبضته كله زكته لذلك الحول.

وإن مضت عليه أحوال قبل قبضه ثم قبضته زكته لما مضى كله ما لم ينقص عن النصاب.

وقال أبو حنيفة: لا تجب عليها الزكاة ما لم تقبضه؛ لأنه بدل عما ليس بمال فلا تجب الزكاة فيه قبل قبضه كدين الكتابة.

ولنا: أنه دين يستحق قبضه، ويجبر المدين على أدائه؛ فوجبت فيه الزكاة كثمن المبيع، ويفارق دين الكتابة، فإنه لا يستحق قبضه، وللمكاتب الامتناع من أدائه ولا يصح قياسهم عليه فإنه عوض عن مال.

ص: 32

(فصل) فإن قبضت صداقها قبل الدخول ومضى عليه حول فزكته، ثم طلقها الزوج قبل الدخول رجع فيها بنصفه وكانت

ص: 32

الزكاة من النصف الباقي لها.

وقال الشافعي في أحد أقواله: يرجع الزوج بنصف الموجود ونصف قيمة المخرج؛ لأنه لو تلف الكل رجع عليها بنصف قيمته، فكذلك إذا تلف البعض.

ولنا: قول الله تعالى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} (1)، ولأنه يمكنه الرجوع في العين فلم يكن له الرجوع إلى القيمة كما لو لم يتلف منه شيء، ويخرج على هذا ما لو تلف كله فإنه ما أمكنه الرجوع في العين، وإن طلقها بعد الحول قبل الإخراج لم يكن له الإخراج من النصاب؛ لأن حق الزوج تعلق به على وجه الشركة، والزكاة لم تتعلق به على وجه الشركة، لكن تخرج الزكاة من غيره أو بقسمانه، ثم تخرج الزكاة عن حصتها، فإن طلقها قبل الحول ملك النصف مشاعا، وكان حكم ذلك كما لو باع نصفه قبل الحول مشاعا، وقد بينا حكمه.

(1) سورة البقرة الآية 237

ص: 33

(فصل) فإن كان الصداق دينا فأبرأت الزوج منه بعد مضي الحول ففيه روايتان:

إحداهما: عليها الزكاة؛ لأنها تصرفت فيه، فأشبه ما لو قبضته.

والرواية الثانية: زكاته على الزوج؛ لأنه ملك ما ملك عليه، فكأنه لم يزل ملكه عنه، والأول أصح، وما ذكرنا لهذه الرواية لا يصح؛ لأن الزوج لم يملك شيئا وإنما سقط الدين عنه.

ثم لو ملك في الحال لم يقتض هذا وجوب زكاة ما مضى.

ويحتمل أن لا تجب الزكاة على واحد منهما لما ذكرنا في الزوج، والمرأة لم تقبض الدين؛ فلم تلزمها زكاته، كما

ص: 33

لو سقط بغير إسقاطها، وهذا إذا كان الدين مما تجب فيه الزكاة إذا قبضه، فأما إن كان مما لا زكاة فيه فلا زكاة عليها بحال.

وكل دين على إنسان أبرأه صاحبه منه بعد مضي الحول عليه فحكمه حكم الصداق فيما ذكرنا.

قال أحمد: إذا وهبت المرأة مهرها لزوجها وقد مضى له عشر سنين، فإن زكاته على المرأة؛ لأن المال كان لها.

وإذا وهب رجل لرجل مالا فحال الحول ثم ارتجعه الواهب فليس له أن يرتجعه، فإن ارتجعه فالزكاة على الذي كان عنده.

وقال في رجل باع شريكه نصيبه من داره فلم يعطه شيئا، فلما كان بعد سنة قال: ليس عندي دراهم فأقلني فأقاله.

قال: عليه أن يزكي لأنه قد ملكه حولا (1).

(1) المغني 3/ 44 وما بعدها.

ص: 34

ط- قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

ولا بد في الزكاة من الملك.

واختلفوا في اليد، فلهم في زكاة ما ليس في اليد كالدين ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها تجب في كل دين وكل عين، وإن لم تكن تحت يد صاحبها، كالمغصوب والضال، والدين المجحود، وعلى معسر أو مماطل، وأنه يجب تعجيل الإخراج مما يمكن قبضه، كالدين على الموسر.

وهذا أحد قولي الشافعي، وهو أقواهما (1).

(1) مجموع الفتاوى 25/ 45.

ص: 34

ي- وسئل رحمه الله:

عن صداق المرأة على زوجها تمر عليه السنون المتوالية لا

ص: 34

يمكنها مطالبته به لئلا يقع بينهما فرقة، ثم إنها تتعوض عن صداقها بعقار، أو يدفع إليها الصداق بعد مدة من السنين، فهل تجب زكاة السنين الماضية؟ أم إلى أن يحول الحول من حين قبضت الصداق؟

فأجاب: الحمد لله، هذه المسألة فيها للعلماء أقوال:

قيل: يجب تزكية السنين الماضية، سواء كان الزوج موسرا أو معسرا، كأحد القولين في مذهب الشافعي، وأحمد، وقد نصره طائفة من أصحابهما.

وقيل: يجب مع يساره وتمكنها من قبضها، دون ما إذا لم يمكن تمكينه من القبض، كالقول الآخر في مذهبهما.

وقيل: تجب لسنة واحدة، كقول مالك، وقول في مذهب أحمد.

وقيل: لا تجب بحال، كقول أبي حنيفة، وقول في مذهب أحمد.

وأضعف الأقوال: من يوجبها للسنين الماضية، حتى مع العجز عن قبضه، فإن هذا القول باطل، فأما أن يجب لهم ما يأخذونه مع أنه لم يحصل له شيء، فهذا ممتنع في الشريعة، ثم إذا طال الزمان كانت الزكاة أكثر من المال، ثم إذا نقص النصاب وقيل: إن الزكاة تجب في عين النصاب، لم يعلم الواجب إلا بحساب طويل يمتنع إتيان الشريعة به.

وأقرب الأقوال قول من لا يوجب فيه شيئا بحال حتى

ص: 35

يحول عليه الحول، أو يوجب فيه زكاة واحدة عند القبض، فهذا القول له وجه، وهذا وجه، وهذا قول أبي حنيفة، وهذا قول مالك، وكلاهما قيل به في مذهب أحمد، والله أعلم (1).

(1) مجموع الفتاوى25/ 47.

ص: 36

ك- قال ابن مفلح:

ويعتبر تمام ملك النصاب في الجملة (و) فلا زكاة في دين الكتابة (و) لعدم استقرارها، ولهذا لا يصح ضمانها، وفيه رواية، فدل على الخلاف هنا، ولا في دين مؤجل، أو على معسر، أو مماطل، أو جاحد قبضه، ومغصوب، ومسروق، ومعرف، وضال رجع، وما دفنه ونسيه، وموروث، أو غيره وجهله، أو جهل عند من هو، وفي رواية صححها صاحب التلخيص وغيره، ورجحها بعضهم، واختارها ابن شهاب وشيخنا (وهـ) وفي رواية: تجب، اختاره الأكثر، وذكر صاحب الهداية والمحرر: ظاهر المذهب (وم ش) وجزم به جماعة في المؤجل (م 5)(وهـ)(1) لصحة الحوالة به والإبراء، فيزكي ذلك إذا قبضه لما مضى من السنين، خلافا لرواية عن مالك، وقال أبو الفرج: إذا قلنا تجب في الدين وقبضه، فهل يزكيه لما مضى؟ على روايتين، ويتوجه ذلك في بقية الصور، وقيد في المستوعب المجحود ظاهرا وباطنا.

وقال أبو المعالي: ظاهرا.

وقال غيرهما: ظاهرا أو باطنا أو فيهما، وإن كان به بينة فوجهان

(1) في مخطوط الدار: (و).

ص: 36

(م 6)، وقيل: تجب في مدفون بداره، ودين على معسر ومماطل، والروايتان في وديعة جحدها المودع، وجزم في الكافي بوجوبها في وديعة جهل عند من هي (م 7) ولا يخرج المودع إلا بإذن (1) ربها، نص عليه، وقيد الحنفية المدفون بمغارة (2) وعكسه المدفون في البيت، وفي المدفون في كرم أو أرض اختلاف المشايخ.

وتجب عندهم في دين على معسر، أو جاحد عليه بينة، أو علم به القاضي، وعلى مقر مفلس عند أبي حنيفة، لأن التفليس لا يصح عنده، وعند محمد: لا تجب لتحقق الإفلاس بالتفليس عنده، وقاله أبو يوسف، وقال في حكم الزكاة كقول أبي حنيفة، رعاية للفقراء.

ولو وجبت في نصاب، بعضه دين على معسر أو غصب أو ضال، ففي وجوب إخراج زكاة ما بيده قبل قبض الدين والغصب والضال وجهان (م 8 و 9) فإن قلنا لا، وكان الدين على مليء، فوجهان.

ومتى قبض شيئا من الدين أخرج زكاته ولو لم يبلغ نصابا، نص عليه (وش) خلافا للقاضي وابن عقيل ومالك، وخلافا لأبي حنيفة إن كان الدين بدلا عن مال غير زكوي ولم يقبض منه أربعين درهما أو أربعة دنانير، ويرجع المغصوب منه على الغاصب بالزكاة، لنقصه بيده كتلفه، وإن غصب رب المال بأسر أو حبس ومنع من التصرف في ماله لم تسقط زكاته في الأصح؛ لنفوذ تصرفه ولو حمل إلى دار الحرب، لأن عصمته بالإسلام، لقوله عليه الصلاة والسلام:

(1) في مخطوط الدار: بلا إذن.

(2)

في مخطوط الدار: بمفازة.

ص: 37

«فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم (1)» ، وعند أبي حنيفة تسقط؛ لأن العاصم دار الإسلام فلا يضمن بإتلاف، ويملك باستيلاء، ومن دينه حال على مليء باذل زكاه على الأصح، وفاقا، إذا قبضه، وعنه: أو قبله (2)(وم ش) ويزكيه لما مضى، قصد ببقائه عليه الفرار من الزكاة (و) أم لا (م) وعنه: لسنة واحدة، بناء على أنه يعتبر لوجوبها إمكان الأداء، ولم يوجد فيما مضى، ويجزئه إخراج الزكاة قبل قبضه (م) لزكاة (3) سنين، ولو منع التعجيل لأكثر من سنة لقيام الوجوب، وإنما لم تجب رخصة.

ولو ملك مائة نقدا ومائة مؤجلة زكى النقد لتمام حوله والمؤجل إذا قبضه.

وإذا ملك الملتقط اللقطة (4) استقبل بها (حولا) وزكى، نص عليه؛ لأنه لا شيء في ذمته.

وقيل: لا يلزمه لأنه مدين بها، فإن ملك ما يقابل قدر عوضها زكى في الطبعة الأولى: فإن مالك ما يقابل قدره عوضها زكى. وقيل: لا (وم) لعدم استقرار ملكه، وإذا ملكها الملتقط وزكى فلا زكاة إذا على ربها على الأصح، وهل يزكيها ربها حول التعريف كبعده (5) إذا لم يملكها الملتقط؟ فيه الروايتان في المال الضال، فإن لم يملك اللقطة وقلنا يتصدق بها، لم يضمن حتى يختار ربها الضمان، فيثبت حينئذ في ذمته كدين مجدد، وإن

(1) صحيح البخاري الإيمان (25)، صحيح مسلم الإيمان (22).

(2)

في الطبعة الأولى: أو قيل.

(3)

في مخطوط الدار: كزكاة.

(4)

في الطبعة الأولى: وإذا ملك اللقطتان لقطة.

(5)

في الطبعة الأولى: " لعبده " وفي تصحيحاتها: بعيدة.

ص: 38

أخرج الملتقط زكاتها عليه منها ثم أخذها ربها رجع عليه بما أخرج، وقيل: لا، إن قلنا لا تلزم ربها زكاتها، قال بعضهم: لوجوبها على الملتقط إذا، ويستقبل (1) بالصداق وعوض الخلع والأجرة بالعقد حولا، عينا كان ذلك أو دينا، مستقرا أو لا، نص عليه (وش) وكذلك مالك في غير نقد، للعموم، ولأنه ظاهر إجماع الصحابة، وعنه: حتى يقبض ذلك (وهـ) وعنه: لا زكاة في صداق قبل الدخول حتى يقبض فيثبت الانعقاد والوجوب قبل الدخول، قال صاحب المحرر بالإجماع، مع احتمال الانفساخ، وعنه: تملك قبل الدخول نصف الصداق، وكذا في الخلاف: في اعتبار القبض في كل دين لا في مقابلة مال أو مال غير زكوي عند الكل كموصى به وموروث وثمن مسكن، وعنه: لا حول لأجرة، اختاره شيخنا (خ) وقيدها بعضهم بأجرة العقار (خ) نظرا إلى كونها غلة أرض مملوكة، وعنه: ومستفاد، وذكرها أبو المعالي فيمن باع سمكا صاده بنصاب زكاة، فعلى الأول لا يلزمه الإخراج قبل القبض، وإن كان دينا من بهيمة الأنعام فلا زكاة (و) لاشتراط السوم فيها، بخلاف سائر الديون، فإن عينت زكيت كغيرها، وكذا الدية الواجبة لا تزكى (و) لأنها لم تتعين مالا زكويا؛ لأن الإبل في الدية فيها أصل أو أحدها، وتجب في قرض ودين وعروض تجارة (و) وكذا في مبيع قبل القبض، خلافا لرواية عن أبي حنيفة، جزم به صاحب المحرر وغيره، فيزكيه المشتري، ولو أزال ملكه عنه أو زال أو انفسخ

(1) في الطبعة الأولى: وليستقل بالصداق.

ص: 39

العقد بتلف مطعوم قبل قبضه.

ويزكي المبيع بشرط الخيار أو في خيار المجلس من حكم له بملكه ولو فسخ العقد، ودين السلم إن كان للتجارة ولم يكن أثمانا، وثمن المبيع ورأس مال السلم قبل قبض عوضهما ولو انفسخ العقد (1) جزم بذلك كله جماعة؛ لأن الطارئ لا يضعف ملكا تاما كمال الابن معرض لرجوع أبيه وتملكه، وفي الرعاية: إنما تجب الزكاة في ملك تام مقبوض، وعنه: أو مميز لم يقبض، قال: وفيما [صح] تصرف ربه [فيه] قبل قبضه أو ضمنه بتلفه، وفي ثمن المبيع ورأس مال السلم قبل قبض عوضهما، ودين السلم إن كان للتجارة ولم يكن أثمانا والمبيع في مدة الخيار قبل القبض، روايتان

(1) في مخطوط الدار: ولو انفسخ البعض.

ص: 40

وللبائع إخراج زكاة مبيع فيه خيار منه، فيبطل البيع في قدره، وفي بقيته روايتا تفريق الصفقة، وفي أيهما يقبل قوله في قيمة المخرج؟ وجهان.

وقال ابن حامد: إذا دلس البائع العيب فرد عليه فزكاته عليه، فأما مبيع غير متعين ولا متميز فيزكيه البائع، وكل دين سقط قبل قبضه لم يتعوض عنه سقطت زكاته (و)

ص: 40

وقيل: هل يزكيه من سقط عنه؟ يخرج على روايتين، وإن أسقطه زكاه (1) نص عليه (م) لأنه أتلف ما فيه الزكاة، فقيرا كان المدين أو غنيا، وعنه: يزكيه المدين المبرأ؛ لأنه [ملك] ما عليه، وحملها صاحب المحرر على أن بيد المدين نصابا منع الدين زكاته (وم) وإلا فلا شيء عليه.

وقيل: لا زكاة عليها (خ)(2) وإن أخذ ربه [به] عوضا أو أحال أو احتال -زاد بعضهم: وقلنا الحوالة وفاء- زكاه كعين وهبها، وعنه: زكاة التعويض على المدين، وقيل في ذلك وفي الإبراء: يزكيه ربه إن قدر وإلا المدين، والصداق كالدين (و) وقيل: سقوطه كله لانفساخ النكاح من جهتها، كإسقاطها وإن زكت صداقها كله ثم تنصف بطلاقها (3) رجع فيما بقي بكل حقه، وقيل: إن كان مثريا (4)(5) وإلا فبقيمة حقه، وقيل: يرجع ونصف ما بقي ونصف بدل ما أخرجت، وقيل: يخير بين ذلك ونصف قيمة ما أصدقها يوم العقد أو مثله، ولا تجزئها زكاتها منه بعد طلاقه، لأنه مشترك، وقيل: بلى، عن حقها وتغرم له نصف (6) ما أخرجت، ومتى لم تزكه رجع بنصفه كاملا وتزكيه هي، فإن تعذر فيتوجه: لا يلزم الزوج، وفيها- في الرعاية- بلى، ويرجع عليها

(1) في الطبعة الأولى: وإن أسقط ربه زكاة.

(2)

في الطبعة الأولى: (هـ).

(3)

في الطبعة الأولى: كله لم ينصف بطلاقها.

(4)

في مخطوط الدار: مليئا.

(5)

الصواب: إن كان مثليا كما يدل عليه السياق والمعنى.

(6)

في الطبعة الأولى: وقيل بلى في حقها وتعدم نصف.

ص: 41

إن تعلقت بالعين، وقيل: أو بالذمة، ويزكي المرهون على الأصح (و) ويخرجها الراهن منه بلا إذن إن عدم، كجناية رهن على دينه، وقيل: منه مطلقا، وقيل: إن تعلقت بالعين، وقيل: يزكي راهن موسر.

وإن أيسر معسر جعل بدله رهنا، وقيل: لا، وفي مال مفلس محجور عليه روايتا مدين، عند أبي المعالي والأزجي، وعند القاضي والشيخ كمغصوب.

وقيل: يزكي سائمة، لنمائها بلا تصرف، قال أبو المعالي: إن عين حاكم لكل غريم شيئا فلا زكاة، لضعف ملكه إذا، وإن حجر عليه بعد وجوبها لم تسقط، وقيل: بلى إن كان قبل تمكنه من الإخراج، وهل له إخراجها منه؟ فيه وجهان، ولا يقبل إقراره بها، جزم به بعضهم، وعنه: يقبل، كما لو صدقه الغريم، فأما قبل الحجر فإن الدين وإن لم يكن من جنس المال يمنع وجوب الزكاة في قدره في الأموال الباطنة (وم) قال أبو الفرج: وهي الذهب والفضة، وقال غيره: وقيمة عروض التجارة، وفي المعدن وجهان، وعنه: لا يمنع الدين الزكاة (وش) وعنه: يمنعها الدين الحال خاصة، جزم به في الإرشاد وغيره، ويمنعها في الأموال الظاهرة، كماشية وحب وثمرة أيضا، نص عليه، واختاره أبو بكر والقاضي وأصحابه، والحلواني وابن الجوزي وغيرهم، قال ابن أبي موسى: هذا الصحيح من مذهب أحمد، وعنه: لا يمنع (وم ش) وعنه: يمنع ما استدانه للنفقة على ذلك أو كان من ثمنه، وعنه: خلا الماشية، وهو ظاهر كلام الخرقي ومذهب ابن عباس، لتأثير ثقل المؤنة في المعشرات وعند (هـ) كل دين

ص: 42

مطالب به يمنع إلا في المعشرات؛ لأن الواجب فيها ليس بزكاة عنده، ومتى أبرأ المدين أو قضى من مال مستحدث ابتدأ حولا؛ لأن ما منع وجوب الزكاة منع انعقاد الحول (1)، وقطعه، وعنه: يزكيه (وم) فيبني إن كان في أثناء الحول. وبعده يزكيه في الحال.

(1) في الطبعة الأولى: مع انعقاد الحول.

ص: 43

ولا يمنع الدين خمس الركاز (1)، ويمنع أرش جناية عند التجارة زكاة قيمته؛ لأنه وجب جبرا لا مواساة، بخلاف الزكاة، وجعله بعضهم كالدين، ومن له عرض قنية يباع لو أفلس يفي بدينه.

فعنه: يجعل في مقابلة ما معه ويزكي (2) ما معه من المال الزكوي (وم) جمعا بين الحقين، وهو أحظ، وعنه: يجعل في مقابلة ما معه ولا يزكيه (وهـ) لئلا تحتمل المواساة ولأن عرض القنية كملبوسه في أنه لا زكاة فيهما، فكذا فيما يمنعها، وكذا الخلاف فيمن بيده ألف دينا -والمراد على مليء، وجزم به بعضهم- وعليه مثلها، يزكي ما معه على الأولى (وم) لا الثانية، فإن كان العرض للتجارة فنص في رواية أبي الحارث والمروذي: يزكي ما معه بخلاف ما لو كان للقنية، وحمله القاضي على أن الذي عنده للقنية فوق حاجته (3)، وقيل: إن كان فيما معه من المال الزكوي جنس الدين جعل في مقابلته، وحكى رواية: وإلا اعتبر الأحظ (وقيل: يعتبر) الأحظ للفقراء مطلقا، فمن له مائتا

(1) في الطبعة الأولى: خمس الزكاة.

(2)

في الطبعة الأولى: ما عليه معه ويزكي.

(3)

في الطبعة الأولى: وفق حاجته.

ص: 43

درهم وعشرة دنانير قيمتها مائتا درهم، جعل الدنانير قبالة دينه وزكى ما معه، ومن له أربعون شاة وعشرة أبعرة، ودينه قيمة أحدهما جعل قبالة الغنم وزكى بشاتين.

ونقد البلد أحظ للفقراء، وفوق نفعه زيادة المالية، ودين المضمون عنه يمنع الزكاة بقدره في ماله، دون الضامن، خلافا لما ذكره أبو المعالي، كنصاب غصب من غاصبه وأتلف فإن المنع يختص بالثاني، مع أن للمالك طلب كل منهما (و) ولو استأجر لرعي غنمه بشاة موصوفة صح، وهي كالدين في منعها للزكاة، وحيث منع دين الآدمي، فعنه: دين الله من كفارة ونذر مطلق ودين الحج ونحوه كذلك، صححه صاحب المحرر والرعاية (وم) وجزم به ابن البنا في خلافه في الكفارة والخراج، وقال: نص عليه وهو الذي احتج له القاضي في الكفارة.

وعنه: لا يمنع، وفي المحرر: الخراج من دين الله، وقدم أحمد الخراج على الزكاة، ويأتي في اجتماع العشر والخراج في أرض العنوة، وعند (هـ) لا يمنع إلا دين زكاة وخراج؛ لأن لهما مطالبا بهما، وأجاب القاضي بأن الكفارة عندنا على الفور، فإن منعها (1) وعلم الإمام بذلك طالبه بإخراجها كالزكاة، نص عليه في رواية إبراهيم بن هانئ: يجبر المظاهر (2) على الكفارة.

على أن هذا لا يؤثر في الحج، كذا الكفارة، ولأن الإمام لا يطالب بزكاة مال باطن، والدين يمنع منه، ويأتي في من

(1) في مخطوط الدار: فإن علمها.

(2)

في الطبعة الأولى: لخبر المظاهر.

ص: 44

منع الزكاة.

وإن نذر الصدقة بمعين (1) قال: لله على أن أتصدق بهذا، أو هو صدقة، فحال الحول، فلا زكاة لزوال ملكه أو نقصه، وعند ابن حامد: تجب، فقال في قوله إن شفى الله مريضي تصدقت من هاتين المائتين بمائة فشفي ثم حال الحول قبل الصدقة وجبت الزكاة، وفي الرعاية: إن نذر التضحية بنصاب معين- وقيل: أو قال جعلته ضحايا- فلا زكاة، ويحتمل وجوبها إذا تم حوله قبلها، وإن قال: لله علي الصدقة بهذا النصاب إذا حال الحول، فقيل: لا زكاة، وقيل: بلى، فتجزئه الزكاة منه في الأصح، ويبرأ بقدرها من الزكاة والنذر إن نواهما معا، لكون الزكاة صدقة، وكذا لو نذر الصدقة ببعض النصاب، هل يخرجها أو يدخل النذر في الزكاة وينويهما؟ وذكر ابن تميم إذا نذر الصدقة بنصاب إذا حال الحول، فقيل: لا زكاة، وقيل: بلى، فيجزئ إخراجها منه، ويبرأ بقدرها من الزكاة والنذر، ويحتمل أن لا يجزئ إخراجها منه، وإن نذر الصدقة ببعض النصاب وجبت الزكاة ووجب إخراجهما معا، وقيل: يدخل النذر في الزكاة وينويهما معا.

ولا زكاة في الفيء والخمس وكذا الغنيمة المملوكة إذا كانت أجناسا؛ لأن للإمام أن يقسم بينهم قسمة تحكيم، فيعطي كل واحد منهم من أي الأصناف شاء، فما تم ملكه على معين بخلاف الميراث، وإن كانت صنفا فكذلك عند أبي بكر والقاضي، والأشهر ينعقد الحول عليها إن بلغت حصة كل واحد نصابا، وإلا ابتنى على الخلطة، ولا يخرج قبل

(1) في الطبعة الأولى: لمعين.

ص: 45

القبض، كالدين، ولا زكاة في وقف على غير معين أو على المساجد والمدارس والربط ونحوها (هـ م) (1) قال أحمد في أرض موقوفة على المساكين: لا عشر لأنها كلها تصير إليهم، وسبق في الفصل الثاني خلاف الحنفية في العشر، ولم يصرحوا في الوقف على فقهاء مدرسة أو نحوها، ويتوجه الخلاف، وإن وقف سائمة أو أسامها الموقوف عليه على معينين كأقاربه ففيها الزكاة، نص عليه، وقيل: لا؛ لنقص ملكه، وكما لو قلنا: الملك لله، ولا يخرج منها لمنع نقل الملك في الوقف، وإن وقف أرضا أو شجرا عليه وجبت في الغلة، نص عليه، لجواز بيعها.

وقيل: تجب مع غنى الموقوف عليه، جزم به أبو الفرج والحلواني وابنه صاحب التبصرة، ولعله ظاهر ما نقله ابن سعيد وغيره، ومن وصى بدراهم في وجوه البر، أو ليشترى بها ما يوقف، فاتجر بها الوصي، فربحه مع المال فيما وصى، ولا زكاة فيهما، ويضمن إن خسر، نقل ذلك الجماعة، وقيل: ربحه إرث، ويأتي كلام صاحب الموجز وشيخنا في آخر الشركة، والمال الموصى به يزكيه من حال الحول على ملكه، وإن وصى بنفع نصاب سائمة زكاها مالك الأصل، ويحتمل: لا زكاة إن وصى به أبدا، ولا زكاة في حصة المضارب، ولا ينعقد الحول قبل استقراره، نص عليه، واختاره أبو بكر والقاضي والشيخ وغيره، وذكره في الوسيلة ظاهر المذهب، لعدم الملك أو لضعفه، لأنه وقاية رأس المال، واختار أبو الخطاب وغيره،

(1) في مخطوط الدار: ونحوها (و)

ص: 46

وقدمه في المستوعب وغيره: تجب الزكاة، وينعقد حوله بملكه بظهور الربح (وهـ ش) أو بغيره، على خلاف يأتي، كمغصوب ودين على مفلس، وأولى ليده وتنميته، فعلى هذا يعتبر بلوغ حصته نصابا، ودونه ينبني على الخلطة، ومذهب (م) يزكيها، وإن قلت بحول المالك، ولا يلزمه عندنا إخراجها قبل القبض، كالدين، ولا يجوز له إخراجها من مال المضاربة بلا إذن، نص عليه، لأنه وقاية، وقيل: يجوز؛ لدخولهما على حكم الإسلام، صححه صاحب المستوعب والمحرر، وقيل: يزكيها رب المال (هـ)(1). بحول أصله، لأنه نماؤه، والعامل لا يملكه على هذا، وأوجب أبو حنيفة فيمن اشترى بألف المضاربة عبدين فصار يساوي كل منهما ألفا زكاة قيمتهما على المالك، لشغل رأس ماله كلا منهما، كشغل الدين ذمة الضامن والمضمون، فلم يفضل ما يملكه المضارب، ولهذا لو أعتق المالك أحدهما عتق كله، واستوفى رأس ماله، وعندنا أن ذلك ممنوع، والحكم كعبد واحد مطلقا (وش) ويزكي رب المال حصته- نص عليه (و) كالأصل لأنه يملكه بظهوره، زاد بعضهم: في أظهر الروايتين، وهو سهو- قبل قبضها، وفيه احتمال، ويحتمل سقوطها قبله لتزلزله، وإذا أداها من غيره فرأس المال باق، وإن أدى منه حسب من المال والربح، ذكره القاضي وتبعه صاحب المستوعب والمحرر وغيرهما، وفي المغني: تحتسب من الربح ورأس المال

(1) في مخطوط الدار: رب المال (خ)

ص: 47

باق، لأنه وقاية ولا يقال مؤنة (1) كسائر المؤن، لأنه يلزم أن يحسب عليهما، وفي الكافي: هي من رأس المال، ونص عليه أحمد، لأنه واجب عليه كدينه، وليس لعامل إخراج زكاة تلزم رب المال إلا بإذنه، نص عليه، ومن شرط منهما زكاة حصته على الآخر جاز؛ لأنه شرط لنفسه نصف الربح وثمن عشره، ولا يصح أن يشترط رب المال زكاة رأس المال أو بعضه من الربح؛ لأنه قد يحيط بالربح، فهو كشرط فضل دراهم، سأله المروذي: يشترط المضارب على رب المال أن الزكاة من الربح، قال: لا، الزكاة على رب المال، وصححه شيخنا، كما يختص بنفعه في المساقاة إذا لم يثمر الشجر (2)، وركوب الفرس في الجهاد إذا لم يغنموا، كذا قال.

قال الشيخ في فتاويه: ويصح شرطها في المساقاة على العامل؛ لأنه جزء من النماء المشترك، فمعناه القدر المسمى [لك] مما يفضل عنها، ويحتمل أن لا يصح لأنا لا نعلم هل يوجد من الثمرة ما فيه العشر أو لا؟ فيصير نصيبه مجهولا، ولأنه يفضي (3) إلى أن يصح له القليل إذا كثرت الثمرة، والكثير إذا قلت، ولا نظير له (4).

(1) في الطبعة الأولى: ولا مال مؤنة.

(2)

في الطبعة الأولى: إذا لم يثمر عن ربح الشجر.

(3)

في الطبعة الأولى: ولأنه يفضل.

(4)

الفروع 2/ 323 وما بعدها.

ص: 48

ل- جاء في الإنصاف:

قوله: " ومن كان له دين على مليء -من صداق أو غيره-

ص: 48

زكاه إذا قبضه ".

هذا المذهب، وعليه الأصحاب.

وعنه: لا تجب فيه الزكاة، فلا يزكيه إذا قبضه.

وعنه: يزكيه إذا قبضه أو قبل قبضه، قال في الفائق: وعنه يلزمه في الحال، وهو المختار.

تنبيه: قوله: " على مليء " من شرطه أن يكون باذلا.

فائدة: الحوالة به والإبراء منه كالقبض، على الصحيح من المذهب.

وقيل: إن جعلا وفاء فكالقبض، وإلا فلا.

قوله: " زكاه إذا قبضه لما مضى "، يعني من الأحوال، وهذا المذهب، سواء قصد ببقائه الفرار من الزكاة أو لا.

وجزم به في المغني، والشرح، والوجيز وغيرهم، وقدمه في الفروع وغيره، وعليه الأصحاب، وعنه يزكيه لسنة واحدة، بناء على أنه يعتبر لوجوبها إمكان الأداء، ولم يوجد فيما مضى.

فوائد:

إحداها: يجزئه إخراج زكاته قبل قبضه لزكاة سنين، ولو منع التعجيل لأكثر من سنة؛ لقيام الوجوب وإنما لم يجب الأداء رخصة.

الثانية: لو ملك مائة نقدا ومائة مؤجلة، زكى النقد لتمام حوله، وزكى المؤجل إذا قبضه.

الثالثة: حول الصداق من حين العقد، على الصحيح من المذهب، عينا كان أو دينا، مستقرا كان أو لا، نص عليه، وكذا

ص: 49

عوض الخلع والأجرة، وعنه: ابتداء حوله من حين القبض لا قبله.

وعنه: لا زكاة في الصداق قبل الدخول حتى يقبض.

فيثبت الانعقاد والوجوب قبل الحول.

قال المجد: بالإجماع مع احتمال الانفساخ.

وعنه: تملك قبل الدخول نصف الصداق.

وكذا الحكم خلافا ومذهبا في اعتبار القبض في كل دين، إذا كان في غير مقابلة مال، أو مال زكوي عند الكل، كموصى به وموروث وثمن مسكن.

وعنه: لا حول لأجرة، فيزكيه في الحال كالمعدن، اختاره الشيخ تقي الدين، وهو من المفردات، وقيدها بعض الأصحاب بأجرة العقار، وهو من المفردات أيضا، نظرا إلى كونها غلة أرض مملوكة له.

وعنه أيضا: لا حول لمستفاد، وذكرها أبو المعالي فيمن باع سمكا صاده بنصاب زكاة، فعلى الأول لا يلزمه الإخراج قبل القبض.

الرابعة: لو كان عليه دين من بهيمة الأنعام فلا زكاة لاشتراط السوم فيها، فإن عينت زكيت لغيرها.

وكذا الدية الواجبة، لا تجب فيها الزكاة لأنها لم تتعين مالا زكويا، لأن الإبل في الذمة فيها أصل أو أحدها.

تنبيه: شمل قول المصنف: " من صداق أو غيره " القرض ودين عروض التجارة، وكذا المبيع قبل القبض، جزم به المجد

ص: 50

وغيره، فيزكيه المشتري، ولو زال ملكه عنه، أو زال، أو انفسخ العقد بتلف مطعوم قبل قبضه.

ويزكي المبيع بشرط الخيار، أو في خيار المجلس من حكم له بملكه.

ولو فسخ العقد.

ويزكي أيضا دين السلم إن كان للتجارة، ولم يكن أثمانا.

ويزكي أيضا ثمن المبيع ورأس مال السلم قبل قبض عوضهم، ولو انفسخ العقد.

قال في الفروع: جزم بذلك جماعة.

وقال في الرعاية: وإنما تجب الزكاة في ملك تام مقبوض.

وعنه: أو مميز لم يقبض.

ثم قال: قلت: وفيما صح تصرف ربه فيه قبل قبضه، أو ضمنه بتلفه.

وفي ثمن المبيع، ورأس مال المسلم قبل قبض عوضهما، ودين السلم إن كان للتجارة ولم يكن أثمانا، وفي المبيع في مدة الخيار قبل القبض، روايتان.

وللبائع إخراج زكاة مبيع فيه خيار منه، فيبطل البيع في قدره، وفي قيمته روايتا تفريق الصفقة، وفي أيهما تقبل.

قوله: " وفي قيمة المخرج وجهان ".

وأطلقهما في الفروع، وابن تميم.

قلت: الصواب قول المخرج.

فأما مبيع غير متعين ولا متميز فيزكيه البائع.

الخامسة: كل دين سقط قبل قبضه، ولم يتعوض عنه، تسقط زكاته، على الصحيح من المذهب.

وقيل: هل يزكيه من سقط عنه؟ يخرج على روايتين، وإن أسقطه ربه زكاه، نص

ص: 51

عليه، وهو الصحيح من المذهب، كالإبراء من الصداق ونحوه.

وقيل: يزكيه المبرأ من الدين؛ لأنه ملك عليه، وقيل: لا زكاة عليهما، وهو احتمال في الكافي وهو من المفردات.

وإن أخذ ربه عوضا، أو أحال أو احتال- زاد بعضهم وقلنا: الحوالة وفاء- زكاه على الصحيح من المذهب، كعين وهبها.

وعنه: زكاة التعويض على الدين.

وقيل في ذلك وفي الإبراء: يزكيه ربه إن قدر وإلا المدين.

السادسة: الصداق في هذه الأحكام كالدين فيما تقدم، على الصحيح من المذهب.

وقيل: سقوطه كله لانفساخ النكاح من جهتها كإسقاطها.

وإن زكت صداقها، قال الزركشي: وقيل: لا ينعقد الحول؛ لأن الملك فيه غير تام.

وقيل: محل الخلاف فيما قبل الدخول.

هذا إذا كان في الذمة.

أما إن كان معينا فإن الحول ينعقد من حين الملك، نص عليه، انتهى.

وإن زكت صداقها كله، ثم تنصف بطلاق، رجع فيما بقي بكل حقه، على الصحيح من المذهب.

وقيل: إن كان مثليا وإلا فقيمة حقه.

وقيل: يرجع بنصف ما بقي، ونصف بدل ما أخرجت.

وقيل: يخير بين ذلك ونصف قيمة ما أصدقها يوم العقد أو مثله.

ولا تجزيها زكاتها منه بعد طلاقه؛ لأنه مشترك.

وقيل: بلى عن حقها، وتغرم له نصف ما أخرجت، ومتى لم تزكه رجع بنصفه كاملا، وتزكيه هي، فإن تعذر، فقال في

ص: 52

الفروع: يتوجه، لا يلزم الزوج.

وقال في الرعاية: يلزمه، ويرجع عليها إن تعلقت بالعين.

وقيل: أو بالذمة.

ص: 53

فائدة: لو وهبت المرأة صداقها لزوجها، لم تسقط عنها الزكاة، على الصحيح من المذهب، قاله القاضي وغيره.

وعنه تجب على الزوج.

وفي الكافي احتمال بعدم الوجوب عليها.

قوله: " وفي الدين على غير المليء، والمؤجل، والمجحود، والمغصوب، والضائع، روايتان ".

وكذا لو كان على مماطل، أو كان المال مسروقا، أو موروثا، أو غيره، جهله، أو جهل عند من هو.

وأطلقهما في الفروع، والشرح، والرعايتين، والحاويين، والمستوعب، والمذهب الأحمد، والمحرر.

إحداهما: كالدين على المليء، فتجب الزكاة في ذلك كله إذا قبضه.

وهو الصحيح من المذهب.

قال في الفروع: اختاره الأكثر.

وذكره أبو الخطاب، والمجد ظاهر المذهب، وصححه ابن عقيل، وأبو الخطاب، وابن الجوزي، والمجد في شرحه، وصاحب الخلاصة، وتصحيح المحرر، ونصرها أبو المعالي، وقال: اختارها الخرقي وأبو بكر، وجزم به في الإيضاح والوجيز.

وجزم به جماعة في المؤجل؛ وفاقا للأئمة الثلاثة لصحة الحوالة به والإبراء، وشمله كلام الخرقي، وقطع به في التلخيص، والمغني، والشرح.

ص: 53

والرواية الثانية: لا زكاة فيه بحال، صححها في التلخيص وغيره، وجزم به في العمدة في غير المؤجل، [ورجحها بعضهم] واختارها ابن شهاب، والشيخ تقي الدين، وقدمه ابن تميم والفائق.

وقيل: تجب في المدفون في داره، وفي الدين على المعسر والمماطل.

وجزم في الكافي بوجوبها في وديعة، جهل عند من هي.

وعليه: ما لا يؤمل رجوعه، كالمسروق والمغصوب والمجحود لا زكاة فيه، وما يؤمل رجوعه كالدين على المفلس أو الغائب المنقطع خبره فيه الزكاة.

قال الشيخ تقي الدين: هذه أقرب.

وعنه: إن كان الذي عليه الدين يؤدي زكاته، فلا زكاة على ربه، وإلا فعليه الزكاة، نص عليه في المجحود، ذكرهما الزركشي وغيره.

فعلى المذهب يزكي ذلك كله إذا قبضه لما مضى من السنين، على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب، وجزموا به.

وقال أبو الفرج في المبهج: إذا قلنا تجب في الدين وقبضه، فهل يزكيه لما مضى أم لا؟ على روايتين.

قال في الفروع: ويتوجه ذلك في بقية الصور.

تنبيه: قوله: " المجحود " يعني سواء كان مجحودا باطنا

ص: 54

أو ظاهرا أو ظاهرا وباطنا، هذا المذهب، وعليه الأكثر، وقيده في المستوعب بالمجحود ظاهرا وباطنا، وقال أبو المعالي: ظاهرا.

فوائد:

منها: لو كان بالمجحود بينة، وقلنا: لا تجب في المجحود، ففيه هنا وجهان، وأطلقهما في الفروع [وابن تميم، وقال: ذكرهما القاضي].

أحدهما: تجب، وهو الصحيح، جزم به المجد في شرحه، وقدمه في الفائق [والرعايتين والحاويين].

الثاني: لا تجب.

ومنها: لو وجبت في نصاب بعضه دين على معسر، أو غصب أو ضال ونحوه، ففي وجوب إخراج زكاة ما بيده قبل قبض الدين والغصب والضال وجهان.

وأطلقهما في الفروع وابن تميم.

أحدهما: يجب إخراج زكاة ما بيده، وهو المذهب، قدمه في الرعايتين، والحاويين، وهو ظاهر ما قدمه المجد في شرحه.

فلو كانت إبلا خمسا وعشرين، منها خمس مغصوبة أو ضالة، أخرج أربعة أخماس بنت مخاض.

والثاني: لا يجب حتى يقبض ذلك.

فعلى هذا الوجه لو كان الدين على مليء، فوجهان.

وأطلقهما في الفروع وابن تميم والرعايتين والحاويين.

ص: 55

قلت: الصواب وجوب الإخراج.

ومنها: لو قبض شيئا من الدين، أخرج زكاته ولو لم يبلغ نصابا، على الصحيح من المذهب، ونص عليه في رواية صالح وأبي طالب وابن منصور، وقال: يخرج زكاته بالحساب ولو أنه درهم، وعليه أكثر الأصحاب، وقدمه في الفروع والمجد في شرحه، والفائق وغيرهم.

وقال القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول: لا يلزمه ما لم يكن المقبوض نصابا، أو يصير ما بيده ما يتمم به نصابا.

ومنها: يرجع المغصوب منه على الغاصب بالزكاة لنقصه بيده كتلفه.

ومنها: لو غصب رب المال بأسر أو حبس، ومنع من التصرف في ماله، لم تسقط زكاته، على الصحيح من المذهب؛ لنفوذ تصرفه فيه، وقيل: تسقط.

قوله: " وقال الخرقي: واللقطة إذا جاء ربها زكاها للحول الذي كان الملتقط ممنوعا منها ".

اللقطة قبل أن يعلم بها ربها حكمها حكم المال الضائع، على ما تقدم خلافا ومذهبا، وعند الخرقي: أن الزكاة تجب فيها إذا وجدها ربها لحول التعريف، وذكر المصنف الخرقي تأكيدا لوجوب الزكاة فيما ذكره.

ص: 56

فوائد:

إذا ملك الملتقط اللقطة بعد الحول، استقبل بها حولا

ص: 56

وزكاها، على الصحيح من المذهب.

نص عليه، وعليه جماهير الأصحاب، وجزم به الخرقي وغيره.

وقدمه في الفروع وغيره.

وقيل: لا يلزمه؛ لأنه مدين بها.

وحكي عن القاضي لا زكاة فيها؛ نظرا إلى أنه ملكها مضمونة عليه بمثلها، أو قيمتها، فهي دين عليه في الحقيقة، انتهى.

ولذلك قال ابن عقيل: لكن نظر إلى عدم استقرار الملك فيها، انتهى.

فعلى القول الثاني: لو ملك قدر ما يقابل قدر عوضها، زكى، على الصحيح.

وقيل: لا؛ لعدم استقرار ملكه لها، وتقدم كلام ابن عقيل.

وإذا ملكها الملتقط وزكاها فلا زكاة إذن على ربها، على الصحيح من المذهب، وعنه: بلى.

وهل يزكيها ربها حول التعريف أو بعده، إذا لم يملكها الملتقط؟ فيه الروايتان في المال الضال.

وإن لم يملك اللقطة -وقلنا: له أن يتصدق بها- لم يضمن حتى يختار ربها الضمان، فتثبت حينئذ في ذمته، كدين تجدد.

فإن أخرج الملتقط زكاتها عليه منها، ثم أخذها ربها، رجع عليه بما أخرج على الصحيح من المذهب.

وقال القاضي: لا يرجع عليه، إن قلنا: لا يلزم ربها زكاتها.

قال في الرعاية: لوجوبها على الملتقط إذن (1)

(1) الإنصاف، (3/ 18) وما بعدها.

ص: 57