الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
النقل عن الشافعية:
أ - جاء في الأم تحت ترجمة (باب الدين مع الصدقة):
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أن عثمان بن عفان كان يقول: هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤد دينه حتى تحصل أموالكم فتؤدون منها الزكاة.
(قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وحديث عثمان يشبه -والله تعالى أعلم- أن يكون إنما أمر بقضاء الدين قبل حلول الصدقة في المال في قوله: هذا شهر زكاتكم، يجوز أن يقول: هذا الشهر الذي إذا مضى حلت زكاتكم، كما يقال شهر ذي الحجة، وإنما الحجة بعد مضي أيام منه.
(قال الشافعي) فإذا كانت لرجل مائتا درهم وعليه دينا مائتا درهم فقضى من المائتين شيئا قبل حلول المائتين، أو استعدى عليه السلطان قبل محل حول المائتين فقضاها فلا زكاة عليه؛ لأن الحول حال وليست مائتين.
(قال) وإن لم يقض عليه بالمائتين إلا بعد حولها فعليه أن يخرج منها خمسة دراهم، ثم يقضي عليه السلطان بما بقي منها.
(قال الشافعي) وهكذا لو استعدى عليه السلطان قبل الحول فوقف ماله ولم يقض عليه بالدين حتى يحول عليه الحول، كان عليه أن يخرج زكاتها، ثم يدفع إلى غرمائه ما بقي.
(قال الشافعي) ولو قضى عليه السلطان بالدين قبل الحول ثم حال الحول قبل أن يقبضه الغرماء لم يكن عليه فيه زكاة، لأن المال صار للغرماء دونه قبل الحول.
وفيه قول ثان: أن عليه فيه الزكاة من قبل أنه لو تلف كان منه، ومن قبل أنه لو طرأ له مال
غير هذا كان له أن يحبس هذا المال وأن يقضي الغرماء من غيره.
(قال الشافعي) وإذا أوجب الله عز وجل عليه الزكاة في ماله فقد أخرج الزكاة من ماله إلى من جعلها له فلا يجوز عندي -والله أعلم- إلا أن يكون كمال كان في يده فاستحق بعضه فيعطي الذي استحقه ويقضي دينه من شيء إن بقي له.
(قال الشافعي) وهكذا هذا في الذهب والورق والزرع والثمرة والماشية كلها لا يجوز أن يخالف بينها بحال؛ لأن كلا مما قد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في كله إذا بلغ ما وصف صلى الله عليه وسلم الصدقة.
(قال الشافعي) وهكذا هذا في صدقة الإبل التي صدقتها منها، والتي فيها الغنم وغيرها، كالمرتهن بالشيء، فيكون لصاحب الرهن ما فيه، ولغرماء صاحب المال ما فضل عنه، وفي أكثر من حال المرتهن وما وجب في مال فيه الصدقة من إجارة أجير وغيرها أعطى قبل الحول.
(قال الشافعي) ولو استأجر الرجل على أن يرعى غنمه بشاة منها بعينها فهي ملك للمستأجر، فإن قبضها قبل الحول فهي له، ولا زكاة على الرجل في ماشيته، إلا أن يكون ما تجب فيه الصدقة بعد شاة الأجير، وإن لم يقبض الأجير الشاة حتى حال الحول ففي غنمه الصدقة على الشاة حصتها من الصدقة؛ لأنه خليط بالشاة (قال الشافعي) وهكذا هذا في الرجل يستأجر بتمر نخلة بعينها أو نخلات لا يختلف إذا لم يقبض الإجارة.
(قال الشافعي) فإن استؤجر بشيء من الزرع قائم بعينه لم تجز الإجارة به؛ لأنه مجهول، كما لا يجوز بيعه، إلا أن يكون
مضى خبر لازم بجواز بيعه؟ فتجوز الإجارة عليه، ويكون كالشاة بعينها وتمر النخلة والنخلات بأعيانهن.
(قال الشافعي) وإن كان استأجره بشاة بصفة، أو تمر بصفة، أو باع غنما، فعليه الصدقة في غنمه وتمره وزرعه، ويؤخذ بأن يؤدى إلى الأجير والمشتري منه الصفة التي وجبت له من ماله الذي أخذت منه الزكاة أو غيره.
(قال الشافعي) وسواء كانت له عروض كثيرة تحمل دينه أو لم يكن له شيء غير المال الذي وجبت فيه الزكاة.
(قال الشافعي) ولو كانت لرجل مائتا درهم فقام عليه غرماؤه فقال: قد حال عليها الحول، وقال الغرماء: لم يحل عليها الحول، فالقول قوله، ويخرج منها الزكاة ويدفع ما بقي منها إلى غرمائه إذا كان لهم عليه مثل ما بقي منها أو أكثر.
(قال الشافعي) ولو كانت له أكثر من مائتي درهم فقال: قد حالت عليها أحوال ولم أخرج منها الزكاة، وكذبه غرماؤه، كان القول قوله ويخرج منها زكاة الأحوال، ثم يأخذ غرماؤه ما بقي منها بعد؛ الزكاة أبدا أولى بها من مال الغرماء؛ لأنها أولى بها من ملك مالكها.
(قال الشافعي) ولو رهن رجل رجلا ألف درهم بألف درهم أو ألفي درهم بمائة دينار فسواء، وإذا حال الحول على الدراهم المرهونة قبل أن يحل دين المرتهن أو بعده فسواء، ويخرج منها الزكاة قبل دين المرتهن.
(قال الشافعي) وهكذا أكل مال رهن وجبت فيه الزكاة (1).
(1) الأم 2/ 42 وما بعدها.
ب- وجاء في الأم أيضا تحت هذه الترجمة (باب الدين في الماشية):
قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا كانت لرجل ماشية فاستأجر عليها أجيرا في مصلحتها بسن موصوفة أو ببعير منها لم يسمه فحال عليها حول ولم يدفع منها في إجارتها شيء ففيها الصدقة، وكذلك إن كان عليه دين أخذت الصدقة وقضي دينه منها ومما بقي من ماله. ولو استأجر رجل رجلا ببعير منها أو أبعرة منها بأعيانها فالأبعرة للمستأجر، فإن أخرجها منه فكانت فيها زكاة زكاها، وإن لم يخرجها منه فهي إبله وهو خليط بها يصدق مع رب المال الذي فيها وفي الحرث والورق والذهب سواء، وكذلك الصدقة فيها كلها سواء (1).
ج- قال الشيرازي:
فإن كان ماشية أو غيرها من أموال الزكاة وعليه دين يستغرقه أو ينقص المال عن النصاب ففيه قولان، (قال في القديم) لا تجب الزكاة فيه؛ لأن ملكه غير مستقر؛ لأنه ربما أخذه الحاكم لحق الغرماء.
(وقال في الجديد) تجب الزكاة فيه؛ لأن الزكاة تتعلق بالعين، والدين يتعلق بالذمة؛ فلا يمنع أحدهما الآخر، كالدين وأرش الجناية. وإن حجر عليه في المال ففيه ثلاث طرق:
(أحدها) إن كان المال ماشية وجبت فيه الزكاة؛ لأنه قد
(1) الأم 2/ 22.
حصل له نماؤه، وإن كان غيرها فقيل قولين كالمغصوب.
(والثاني) تجب الزكاة فيه قولا واحدا؛ لأن الحجر لا يمنع وجوب الزكاة كالحجر على السفيه والمجنون.
(والثالث) وهو الصحيح أنه على قولين كالمغصوب؛ لأنه حيل بينه وبينه فهو كالمغصوب.
وأما قول الأول أنه حصل له النماء من الماشية فلا يصح؛ لأنه وإن حصل النماء إلا أنه ممنوع من التصرف فيه ويحول دونه. وقول الثاني لا يصح؛ لأن حجر السفيه والمجنون لا يمنع التصرف؛ لأن وليهما ينوب عنهما في التصرف، وحجر المفلس يمنع التصرف فافترقا.
(انتهى القسم الثاني ويليه القسم الثالث وهو الأخير في العدد القادم)