الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليست الأبوة أبوة نسب كما بينه تعالى بقوله: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} (1)
ويدل لذلك أيضا حديث أبي هريرة عند أبي داود والنسائي وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم، فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، ولا يستطب بيمينه (2)» «وكان يأمر بثلاثة أحجار وينهى عن الروث والرمة (3)» . فقوله خياله في هذا الحديث: «إنما أنا لكم بمنزلة الوالد (4)» يبين معنى أبوته المذكورة كما لا يخفى " (5).
وقال في كتابه: (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب) عندما أورد هذا الإشكال: " والجواب ظاهر، وهو أن الأبوة المثبتة دينية والأبوة المنفية طينية "(6).
والخلاصة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أب للمؤمنين أبوة دينية تفوق أبوة النسب وتعلوها قدرا ومكانة وشأنا؛ ولهذا صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين (7)» . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. والله أعلم.
(1) سورة الأحزاب الآية 40
(2)
سنن النسائي الطهارة (40)، سنن أبو داود الطهارة (8)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (313)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 247)، سنن الدارمي الطهارة (674).
(3)
صحيح البخاري المناقب (3860)، سنن النسائي الطهارة (40)، سنن أبو داود الطهارة (8)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (313)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 247)، سنن الدارمي الطهارة (674).
(4)
سنن النسائي الطهارة (40)، سنن أبو داود الطهارة (8)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (313)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 247)، سنن الدارمي الطهارة (674).
(5)
أضواء البيان (15/ 570، 571).
(6)
طبع في آخر أضواء البيان (10/ 239).
(7)
رواه البخاري (1/ 22)، ومسلم (1/ 67).
المسألة السابعة: هل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات للمؤمنين فقط
؟ أو أمهات للمؤمنين والمؤمنات؟
في هذا قولان مشهوران لأهل العلم:
الأول: أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات للمؤمنين فقط.
ويستدلون على ذلك بما جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن امرأة قالت لها: يا أمي، فقالت:" أنا أم رجالكم ولست أم نسائكم ". قال ابن العربي: " وهو الصحيح "(1)، وقال ابن كثير:" وهذا أصح الوجهين في مذهب الشافعي رحمه الله "(2).
والثاني: أنهن أمهات للمؤمنين والمؤمنات. ويستدلون على ذلك بما جاء عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: " أنا أم الرجال منكم والنساء "(3).
يقول القرطبي مرجحا هذا القول: ". . . والذي يظهر لي أنهن أمهات الرجال والنساء، تعظيما لحقهن على الرجال والنساء، يدل عليه صدر الآية {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} (4) وهذا يشمل الرجال والنساء ضرورة، ويدل على ذلك حديث " أبي هريرة وجابر، فيكون قوله:{وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} (5) عائدا إلى الجميع. ثم إن في مصحف أبي بن كعب: " وأزواجه أمهاتهم
(1) أحكام القرآن (3/ 542).
(2)
تفسير القرآن العظيم لابن كثير (6/ 381).
(3)
رواه ابن سعد في الطبقات كما في الدر المنثور للسيوطي (21/ 567)، ولم أهتد إليه في الطبقات.
(4)
سورة الأحزاب الآية 6
(5)
سورة الأحزاب الآية 6