المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث السادس: حكم الشرع في بعض الأعمال المستحدثة في الطب والجراحة: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٥٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ النقل عن الحنابلة:

- ‌ الديون التي على الإنسان هل تمنع وجوب الزكاة

- ‌ النقل عن الحنفية:

- ‌ النقل عن المالكية:

- ‌ النقل عن الشافعية:

- ‌الفتاوى

- ‌ القول الراجح في مسألة المياه

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌الأدعية التي تقال للتخلص من وسوسة الشيطان

- ‌الأدعية المستجابةوالأوقاتالتي يتحرى فيها المسلم الدعاء

- ‌شهادة الجوارح على الإنسان يوم القيامة

- ‌حكم الوفاء بنذر الطاعة

- ‌حكم النذر في حالة الغضب

- ‌حلف الرجل وهو في حالة قد لا يملك شعوره

- ‌الشرك الأصغر لا يخرج من الملة

- ‌حكم لعن الأبناء والزوجةوهل يعد لعنها طلاقا

- ‌حول طريقة ذكر الله عند الصوفية

- ‌واقع الدعوة والمحاور التييجب التركيز عليها من الدعاة

- ‌شفقة الآباء ورحمتهم بأولادهم:

- ‌ما ورد في الأولاد وتأثيرهم على الآباء:

- ‌أسباب كثرة الانحراف في الشباب:

- ‌أهمية الوقت والحرص على استغلاله فيما يفيد:

- ‌مسئولية الآباء وأولياء الأمور:

- ‌القدوة الحسنة والقدوة السيئة:

- ‌حكم تربية الكفار لأولاد المسلمين:

- ‌فتح المدارس والمستشفيات في بلاد الإسلام:

- ‌تمهيد:

- ‌ تعريف الشرط

- ‌ تعريف الواجب:

- ‌ الفرق بين الشرط والواجب:

- ‌المطلب الأول: كون الطواف سبعة أشواط:

- ‌المطلب الثاني: الإسلام:

- ‌المطلب الثالث: العقل:

- ‌المطلب الرابع: النية:

- ‌المطلب الخامس: كون الطواف داخل المسجد:

- ‌المطلب السادس: كون الطواف بالبيت:

- ‌المطلب السابع: الابتداء من الحجر الأسود:

- ‌المطلب الثامن: الوقت:

- ‌الخاتمة:

- ‌تأملات في قوله تعالى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}

- ‌المسألة الثانية: في بيان معنى الأمهات:

- ‌المسألة الثالثة: في فائدة الإضافة في قوله تعالى: وأزواجه:

- ‌المسألة الرابعة: في فائدة الإضافة في قوله تعالى:{أُمَّهَاتُهُمْ}

- ‌المسألة الخامسة: في وجه كون أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات للمؤمنين:

- ‌المسألة السابعة: هل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات للمؤمنين فقط

- ‌المسألة الثامنة: هل يقال لإخوان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم أخوال للمؤمنين

- ‌المسألة التاسعة: هل يقال لسراري النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين

- ‌المسألة العاشرة: هل النساء اللاتي عقد عليهن صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بهن معدودات في أمهات المؤمنين

- ‌المسألة الحادية عشرة: في ذكر عدد أزواجه صلى الله عليه وسلم

- ‌المسألة الثانية عشرة: في ذكر بعض فضائلهن وخصائصهن:

- ‌المسألة الثالثة عشرة: في واجبنا نحو أزواجه صلى الله عليه وسلم

- ‌المسألة الرابعة عشرة: في الحكمة من تعدد أزواجه صلى الله عليه وسلم

- ‌الحكم الشرعي لاستقطاعالأعضاء وزرعها تبرعا أو بيعا

- ‌مقدمة:

- ‌المبحث الثاني: إباحة التطبيب والجراحة:

- ‌المبحث الثالث: أهمية علم التشريح:

- ‌المبحث الرابع: مدى شرعية التشريح:

- ‌المبحث الخامس: قواعد الطب الإسلامي:

- ‌المبحث السادس: حكم الشرع في بعض الأعمال المستحدثة في الطب والجراحة:

- ‌المبحث السابع: حكم الانتفاع بأجزاء الآدمي في حالات الاضطرار:

- ‌المبحث الثامن: فتاوى العلماء في هذه المسألة

- ‌الخاتمة:

- ‌كلمة توجيهية في الدورة الرابعة والثلاثينللمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلاميبمكة المكرمة عام (1416 ه

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌المبحث السادس: حكم الشرع في بعض الأعمال المستحدثة في الطب والجراحة:

‌المبحث السادس: حكم الشرع في بعض الأعمال المستحدثة في الطب والجراحة:

الإسلام بطبيعته يشجع البحث العلمي ويدعو إليه فالله تعالى يقول: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (1). إلا أن للبحث العلمي في بعض الأحيان هفواته التي لا تغتفر، وشطحاته التي لا تصيب الهدف، وعلى ذلك لا بد من تمحيص النتائج على ضوء القواعد التي وضعها صاحب الشرع سبحانه وتعالى، العليم بأحوال عباده فإنه كما قال:{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} (2).

قطع الأعضاء البشرية لغرض الزرع:

لما كان مما يجوز للطبيب أن يعمل مبضعه في جسم المريض من أجل علاجه وإبعاد الأذى عنه، فهل له مثل ذلك ولكن في جسم سليم ليخلص جسما آخر هو بحاجة إلى العلاج؟

أي هل يجوز أن يكون علاج المريض جزءا أو قطعة أو عضوا من جسم سليم؟ فيكون الأول معطيا والآخر آخذا أو متلقيا.

بالنسبة لزرع عضو في جسم المريض من أجل إنقاذه لا إشكال عليه في الشريعة الإسلامية، فإنه علاج مباح ما دام حصل إذن الشرع بالعلاج وإذن المريض بالتداوي وتقبله ولكن الصعوبة كل الصعوبة في قطع العضو من الحي أو الميت.

(1) سورة الزمر الآية 9

(2)

سورة يوسف الآية 76

ص: 332

فلنتكلم أولا على استقطاع عضو حي لإنقاذ حي بحاجة إلى ذلك العضو:

أول ما نلجأ إليه في مثل هذا الأمر هو البحث في الشريعة الإسلامية قبل غيرها، فإن أجازت هذا العمل ترتب عليه الجواز من الناحية الطبية وإلا فلا، والحقيقة أنه لا نص على هذه القضية بصراحة في القرآن الكريم ولا في السنة المطهرة، بل هي قضية تندرج تحت غيرها من القواعد الكلية كما أسلفت فيما سبق، والقواعد الفقهية تراعي ثلاثة أمور في الغالب هي:

دينية: تتصل بمدى حرمة الانتفاع بأجزاء الآدمي حيا أو ميتا.

فقهية أو قانونية: تتعلق بالوسيلة الفنية التي يمكن بواسطتها بلورة هذا الانتفاع.

تزاحم المصالح: أي المفاضلة بين المصالح المتزاحمة.

نجد أن الفقهاء أجازوا الانتفاع بلبن الظئر، وذلك بتأجيرها أو استئجارها، فقد اختلفوا في الناحيتين الأولى والثانية، ولكن هذا الاختلاف دل على سعة الأفق والتوقعات المستقبلية لما يجد ويستحدث، مما يحفز المختص في أن يبحث مدى شرعية استقطاع الأعضاء من جسم حي أو ميت لغرض الزرع، وعليه فلا بد من الموازنة والترجيح بين أدلة الإباحة وأدلة الحظر:

هل جسم الإنسان من الأموال وهل هو ملك لصاحبه؟

والصحيح أن جسم الإنسان ليس مالا له ولا يجوز بيعه.

ص: 333

فلا الشرع ولا الطبع ولا العقل يجيز بيع الأجزاء الآدمية، لأن الله كرمه وميزه عن غيره، والأصل في المبيعات أن تكون أشياء خارجة عن الإنسان، وأعضاؤه ليست خارجة عنه (1).

وإذا أراد الناس أن يقولوا: ولكن الإنسان تضمن قيمته إذا قتل، قلنا: إن هذا استدلال فاسد لأن الأصل في الضمان في الفقه الإسلامي يتمثل في القضاء الكامل للمضمون صورة ومعنى وإن جاز في بعض الحالات فإنه على سبيل الاستثناء (2).

وهو قول الجماهير من أهل العلم.

وعند الحنفية: أن أطراف الإنسان تعتبر من قبيل الأموال بالنسبة لصاحبها، ومعنى الأطراف هنا ينسحب على أي عضو أو جزء من الأجزاء الإنسانية معزولا عن باقي الأعضاء التي لا يجوز التصرف بمجموعها.

ولكن الإنسان يستطيع أن يضحي بجزء من أجزاء بدنه لإنقاذ حياته (3)، فهي كالمال خلق وقاية للنفس (4).

ونجد أن

(1) السرخسي، ج 5، ص 125، البخاري، ج 1، ص 171، 175، 176.

(2)

انظر الكاساني، ج 7، ص 56.

(3)

الطوارئ تكملة البحر الرائق، ج 8، ص 311.

(4)

الكاساني، ج 7، ص 257، 297.

ص: 334

الحنفية أنفسهم أجازوا العقد على ". منافع الأشياء- بالإجارة- بالرغم من أن المنافع لي! ست من الأموال عندهم، وهو استحسان تبرره الضرورة (1).

هل أجزاء الإنسان المنفصلة عنه طاهرة؟

إن من شروط صحة العقد أن يكون محل العقد طاهرا منتفعا به طبعا وشرعا (2)، فلا يصح العقد على نجس أو محرم.

لم يتفق الفقهاء على طهارة الجزء المنفصل، فعند الحنفية أن ما انفصل عن جسم حي وكان فيه دم فهو نجس لا يجوز الانتفاع به (3).

ونص أيضا على أنه لا يجوز التداوي بعظم الآدمي أو أي جزء منه لعدم الطهارة أو الكرامة الإنسانية.

أما المذاهب الأخرى فالراجح فيها أن أجزاء الآدمي المنفصلة طاهرة كجملته (4)، كما ذهب نفر إلى جواز بيع أجزاء

(1) السرخسي، ج 1، ص 78، 79، الزيلعي، ج 6، ص 202.

(2)

ابن الهمام، ج 5، ص 251، محمصاني، النظرية العامة للموجبات، ج1، ص 9.

(3)

ابن عابدين، ج 1، ص 142، وذهبت الفتاوى الهندية: أنه لا يجوز الانتفاع بسعر لآدمي، ج 3، ص 88.

(4)

السرخسي، ج 5، ص 125، 354، ابن الهمام، ج 2، ص 65، الكاساني، ج 5، ص 142.

ص: 335

الإنسان إذا كان يستفاد منها (1).

أما بالنسبة لجثة الإنسان فالراجح في المذاهب الفقهية أنها طاهرة خلافا لبقية الميتات (2) لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تنجسوا أمواتكم فإن المؤمن لا ينجس حيا أو ميتا (3)» ، ولكن منع النووي من الانتفاع بأي جزء من أجزائه بعد الموت لحرمته وكرامته ويتعين دفنه.

ويحسن بنا أن نفهم أن حرمة استعمال الدواء النجس إنما تكون عند عدم وجود الطاهر، فإن لم يوجد الطاهر جاز استعمال النجس للضرورة وليس في هذا مخالفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها» أو «لا شفاء في نجس (4)» .

ويجوز للإنسان أن ينتفع بجزء من أجزائه للتداوي بشرط أن تكون المصلحة في ذلك أعظم من ترك الجزء، وتطبيقا لذلك يجوز لصق ما انفصل من الجسد في موضعه (5)، كما يجوز ترقيع الجلد المحروق من مكان آخر سليم.

ومعلوم في الفقه الإسلامي أنه لا يجوز بيع الأجزاء الآدمية لأنها ليست ملكا للشخص بل هي بمجموعها مسخرة للإنسان ليقوم بطاعة ربه وقضاء حوائجه، ولكن إذا كان بالهبة وبدون

(1) الحطاب، ج 1، ص 230، عبد الرحمن بن رجب، القواعد، ج 4، القاهرة 1933 م قاعدة رقم 5/ 2.

(2)

النووي، ج2، ص 560، 563.

(3)

القرطبي، ج 2، ص 230.

(4)

النووي، ج2، ص 138، 562.

(5)

النووي، ج 3، ص 139، المغني، ج 7، ص 812.

ص: 336