الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
أن لا يتجاوز حالة الضرورة للقواعد الشرعية.
المبحث الثامن: فتاوى العلماء في هذه المسألة
(1).
انعقدت الدورة التاسعة لمجلس هيئة كبار العلماء في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية في شهر شعبان عام 1396 هـ، وكانت قد تقدمت سفارة ماليزيا بجدة بمذكرة تستفسر فيها عن حكم إجراء عملية جراحية على ميت مسلم لأغراض مصالح الخدمات الطبية، كما جرى استعراض البحث المقدم في ذلك من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وتبين أن الموضوع ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: التشريح لغرض التحقق عن دعوى جنائية.
الثاني: التشريح لغرض التحقق عن أمراض وبائية لتتخذ على ضوئه الاحتياطات الكفيلة للوقاية منها.
الثالث: التشريح للغرض العلمي تعلما وتعليما.
وبعد تداول الرأي والمناقشة ودراسة البحث المقدم من اللجنة المشار إليه أعلاه قرر المجلس ما يلي:
بالنسبة للقسمين- الأول والثاني- فإن المجلس يرى أن في إجازتهما تحقيقا لمصالح كثيرة في مجالات الأمن والعدل ووقاية المجتمع من الأمراض الوبائية، ومفسدة انتهاك حرمة الجثة المشرحة مغمورة في جنب المصالح الكثيرة والعامة المتحققة
(1) قرار مجلس هيئة كبار العلماء رقم 47 وتاريخ 20/ 8 / 1396 في دورته التاسعة.
بذلك، وأن المجلس لهذا يقرر بالإجماع إجازة التشريح لهذين الغرضين سواء كانت الجثة المشرحة جثة معصوم أم لا.
وأما بالنسبة للقسم الثالث وهو التشريح للغرض التعليمي فنظرا إلى أن الشريعة الإسلامية قد جاءت بتحصيل المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها، وبارتكاب أدنى الضررين لتفويت أشدهما، وأنه إذا تعارضت المصالح أخذ بأرجحها، وحيث إن تشريح غير الإنسان من الحيوانات لا يغني عن تشريح الإنسان، وحيث إن في التشريح مصالح كثيرة ظهرت في التقدم العلمي في مجالات الطب المختلفة، فإن المجلس يرى جواز تشريح جثة الآدمي في الجملة، إلا أنه نظر إلى عناية الشريعة الإسلامية بكرامة المسلم ميتا كعنايتها بكرامته حيا وذلك لما روى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«كسر عظم الميت ككسره حيا (1)» ونظرا إلى أن التشريح فيه امتهان لكرامته وحيث إن الضرورة إلى ذلك منتفية بتيسير الحصول على جثث أموات غير معصومة. فإن المجلس يرى الاكتفاء بتشريح مثل هذه الجثث وعدم التعرض لجثث أموات معصومين والحال ما ذكر.
والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم (2).
(1) سنن أبو داود الجنائز (3207)، سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1616)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 105).
(2)
أحمد عيسى عاشور الفقه الميسر في العادات والمعاملات، ط 4، مكتبة الاعتصام، 1399 هـ 1979، ص 423 - 424.