الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم يتفرع " (1).
فيقال: وجب البيع والحق يجب، وجوبا، وجبة، لزم وثبت، والجيبة: أن توجب البيع، واستوجبه استحقه، ووجبت الشمس وجوبا غربت، ووجب الحائط ونحوه وجبة سقط، ووجب القلب وجبا ووجبانا خفق واضطرب، والوجب: الجبان.
وأما في الاصطلاح: فقد اختلفت عبارات العلماء، في حد الواجب اصطلاحا، ولعل أولاها ما اختاره ابن النجار الفتوحي وهو: ما ذم شرعا تاركه قصدا مطلقا.
(1) معجم مقاييس اللغة 6/ 89.
ثالثا:
الفرق بين الشرط والواجب:
إن من المقرر عند العلماء، أن الأحكام الشرعية (1) تنقسم
(1) الحكم الشرعي هو: مدلول خطاب الشرع، المتعلق بفعل المكلف على جهة الاقتضاء أو التخيير أو الوضع.
إلى قسمين: تكليفية، ووضعية. وأن الأحكام التكليفية هي: الواجب، والمندوب، والحرام، والمكروه، والمباح. وأن الأحكام الوضعية هي: السبب، والشرط، والمانع.
وقد يجتمع خطاب التكليف وخطاب الوضع في شيء واحد، كالزنا، فإنه حرام وسبب للحد. وقد ينفرد خطاب الوضع، كأوقات العبادات، وكون الحيض مانعا من الصلاة والصوم ونحوهما، وكون البلوغ شرطا للتكليف، وحولان الحول شرطا لوجوب الزكاة.
وأما انفراد خطاب التكليف فقيل: لا يتصور، وذهب القرافي إلى إمكان انفراده، كأداء الواجبات، واجتناب المحرمات، كإيقاع الصلوات، وترك المنكرات. فقال: " فهذه من خطاب التكليف، ولم يجعلها صاحب الشرع سببا لفعل آخر نؤمر به، أو ننهى عنه، بل وقف الحال عند أدائها وترتبها على أسبابها، وإن
كان صاحب الشرع قد جعلها سببا لبراءة الذمة، وترتيب الثواب، ودرء العقاب، غير أن هذه ليست أفعالا للمكلف. ونحن لا نعني بكون الشيء سببا إلا كونه وضع سببا لفعل من قبل المكلف ".
ويتعلق بمسألتنا أيضا مسألة: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
قال ابن بدران: إن لهذه المسألة ملحظين:
أولهما: ما يتوقف على وجوب الواجب، وهذا لا يجب إجماعا سواء كان سببا، أو شرطا، أو انتفاء مانع، فالسبب كالنصاب، يتوقف عليه وجوب الزكاة، فلا يجب تحصيله على المكلف، لتجب عليه الزكاة، والشرط كالإقامة في البلد، إذ هي شرط لوجوب أداء الصوم، فلا يجب تحصيلها إذا عرض مقتضى السفر ليجب عليه فعل الصوم، والمانع كالدين، فلا يجب نفيه لتجب الزكاة.
وثانيهما: ما يتوقف عليه إيقاع الواجب، أي: الذي لا يتم الواجب إلا به، وهو نوعان:
(أحدهما) ما ليس في قدرة المكلف ووسعه وطاقة تحصيله، ولا هو إليه، كحضور الإمام، والعدد المشترط في الجمعة للجمعة، فإنهما شرط لها، وليس إلى آحاد المكلفين بالجمعة
إحضار الخطيب ليصلي الجمعة، ولا إحضار آحاد الناس، ليتم بهم العدد، فهذا النوع غير واجب.
(وثانيهما) ما هو مقدور للمكلف. وهو إما أن يكون شرطا لوقوع الفعل، أو غير شرط، فإن كان شرطا كالطهارة وسائر الشروط للصلاة، فإنه يكون واجبا، إلا إذا جاء التصريح بعدم وجوبه (1).
ويتضح مما سبق: أن الشروط التي نعنيها في بحثنا وهي: " شروط صحة الطواف " من الأمور المقدورة للمكلف، ولا يتم الواجب- وهو الطواف- إلا بها، فهي واجبة أيضا، وإنما الفرق بينها وبين الواجبات الأخرى، أنه بانتفائها، وعدم وجودها، ينتفي الطواف حكما، فلا يصح الطواف إلا بها.
فبينهما عموم وخصوص مطلق، فكل شرط واجب، وليس كل واجب شرطا.
(1) المدخل لابن بدران ص 61 بتصرف، وانظر: أصول الفقه الإسلامي ص 254.
شروط الطواف:
تبين لنا مما سبق أن هناك فرقا بين الشروط والواجبات، فالشرط لا يتم الواجب إلا به، وبالإخلال به أو عدم وجوده ينتفي حكم المشروط.
فشروط الطواف هي التي لا يصح الطواف إلا بها. فالإخلال بها، إخلال بصحة الطواف.
أما الواجبات فهي التي يأثم تاركها قصدا من غير عذر، ويمكن أن يجبر الإخلال بها بجابر يتناسب مع نوع الطواف وحكمه.
وسأتناول في هذا البحث الشروط التي يتوقف عليها صحة الطواف.
وقد اعتمدت في اعتبار هذه الشروط تقسيم الأحناف، إذ إنهم فرقوا بين الشروط والواجبات، أما غيرهم من أصحاب المذاهب فلم يفرقوا بينهما، وقد جعلت كل شرط في مطلب (1).
وحيث إن هذه الدراسة تناولت الشروط في طواف الإفاضة من حيث الجملة، فإن مما ينبغي أن يعلم أن الطواف يختلف في أنواعه اختلافا كبيرا:
- فمنه ما يكون ركنا في العبادة: كطواف الإفاضة فإنه ركن في الحج لا يتم الحج إلا به، وكطواف العمرة فإنه ركن من
(1) لم أشر إلى هذه الشروط لقرب الإشارة إليها في خطة البحث.