الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 -
تقدم ترجيح أن الشاذروان ليس من البيت، بل خارج عنه، فمن طاف عليه، فقد طاف بالبيت كله، وأدى المأمور به.
2 -
ما ذكره بعض الشافعية وتبعهم فيه غيرهم من الاحتراز عند التقبيل، أو مد اليد في هواء الشاذروان تكلف ما أنزل الله به من سلطان فلو كانت أمورا معتبرة لنبه عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لكونها مما تمس إليها الحاجة. (والله أعلم).
المطلب السابع: الابتداء من الحجر الأسود:
لا خلاف بين العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتدأ الطواف بالحجر الأسود فاستمله ثم طاف سبعة أشواط كما قال جابر في حديثه:
«حتى أتينا البيت معه، استلم الركن، فرمل ثلاثا، ومشى أربعا (1)» .
فهل يعد ابتداء الطواف من الحجر الأسود شرطا لصحة ذلك الشوط؟ أم أن الابتداء به سنة وليس بواجب، إذ الواجب أن يطوف بالبيت سبعة أشواط، فمن حيث ابتدأ جاز؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: أن الابتداء من الحجر الأسود شرط لصحة الطواف، فلو ابتدأ من عند الباب لم يحسب له ذلك الشوط، ولزمه أن يأتي ببدله.
وإلى هذا القول ذهب الشافعي، وأحمد، ومحمد بن الحسن من الحنفية، وأشار إليه بعض المالكية.
(1) تقدم تخريجه.
القول الثاني: أنه سنة، وليس بشرط، فلو ابتدأ من دون الحجر أجزأه، وينتهي شوطه من حيث ابتدأ.
وإلى هذا ذهب الأحناف في المشهور.
القول الثالث: أنه واجب، فلو تركه في طواف الفرض لزمه إعادته ما دام في مكة، وإن رجع ولم يعده، جبره بالدم. وإلى هذا ذهب الأحناف في قول، والمالكية في
المشهور.
الأدلة:
استدل أصحاب القول الأولى بما يلي:
الأول: بقوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (1)
(1) سورة الحج الآية 29
الثاني: وبحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف، يخب ثلاثة أطواف من السبع (1)» متفق عليه.
الثالث: وبحديث جابر رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه، ثم مشى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا (2)» رواه مسلم.
وجه الاستدلال منها:
أن الله أمر بالطواف ببيته العتيق، ولم يحدد مكان الابتداء منه، فجاء البيان بفعله صلى الله عليه وسلم، إذ ابتدأ من الحجر الأسود، وأمر بالاقتداء به في أعمال المناسك، فدل ذلك على وجوب الابتداء من الحجر الأسود، وأنه شرط لصحة الشوط.
واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي:
الأول: بقوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (3)
(1) أخرجه البخاري في الحج، باب استلام الحجر الأسود (56) 2/ 161، وبنحوه في باب من ساق البدن معه (104) 2/ 181، ومسلم في الحج باب وجوب الدم على المتمتع 8/ 209، وباب استحباب الرمل في الطواف والعمرة 9/ 8.
(2)
أخرجه مسلم في الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم 8/ 196.
(3)
سورة الحج الآية 29
وجه الاستدلال منها:
أن الله أمر بالطواف، ولم يقيد ابتداءه من الحجر الأسود، فدل ذلك على أن الابتداء به سنة يكره تركها.
واستدل أصحاب القول الثالث، القائلون بالوجوب بما يلي:
بالآية نفسها، وقالوا في وجه الاستدلال منها:
أن الله أمر بالطواف، ولم يقيد ابتداءه من الحجر الأسود، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم واظب في طوافه كله على الابتداء من الحجر الأسود فدل ذلك على وجوبه.
الرأي المختار:
الذي أختاره ما ذهب إليه أصحاب القول الأول. وهو: أن الابتداء من الحجر الأسود شرط لصحة الطواف، وأن على الطائف أن يحاذي الحجر الأسود، ولو ببعض بدنه، والأحوط للطائف- خاصة إذا كان الطواف واجبا- أن يبدأ طوافه قبل