الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الصدقة على الميت من ماله الذي خلفه]
(مسألة): إذا مات إنسان وأراد أهله أن يتصدقوا له بصدقة من ماله الذي خلف قبل القسمة، هل هذا جائز ومستحب أم لا وكذلك إذا كان في الورثة صغار، هل يجوز لوليهم مثل أخ أو أم أو غيرهما الصدقة لأبيهم من رأس المال، كل بحسبه أم لا؟
(الجواب): في الصدقة عن الميت من ماله الذي خلفه فهو حسن، والصدقة المالية تصل إلى الميت باتفاق أهل العلم، بخلاف الصدقة البدنية، بأحد الأعمال البدنية؛ فإن ذلك مختلف فيه، بخلاف الأول فهو بالاتفاق. وأما إذا كان في الورثة صغار، لم يجز لأوليائهم أن يتصدقوا لأبيهم من نصيبهم من الميراث، فإذا أراد الكبار أن يتصدقوا لميتهم فليجعلوا ذلك من نصيبهم خاصة.
مسائل في نصاب الزكاة وزكاة العروض
بسم الله الرحمن الرحيم
[نصاب زكاة الذهب والفضة]
(الأولى من المسائل): ما قدر الأنصبة في الزكاة من كل نوع بعد التحرير هل زكاة الذهب عشرون مثقالا على ما ذكروها المثقال في وقتنا هذا من الجدد وهل يشترط بلوغ العشرين مثقالا مائتي درهم على ما ذكر من الإجماع، أم على عامة قول الفقهاء نصاب الذهب عشرون مثقالا من غير اعتبار قيمتها وما الفرق في ذلك وما صورة المسألة؟ وما العمل عليه في وقتنا الآن بعد التحرير
(الجواب): ذكر أهل العلم أن نصاب الذهب عشرون مثقالا، وحررناه بالوزن فصار قدر سبعة وعشرين زرًا. وأما الفضة فنصابها مائتا درهم، وحررناه فوجدناه بالوزن أحدا وعشرين ريالا، وأمرنا من كان عنده من الذهب أو من الفضة هذا المقدار وقد حال عليه الحول أن يزكيه.
[قدر نصاب الفضة من الريالات اليوم]
(مسألة): زكاة الفضة كم قدرها من الريالات اليوم وما قدر المائتي درهم في وقتنا هذا وهل تقوم وما التقويم في ذلك هل هو على قيمة الصرف، أم على قيمة الفضة، أم غير ذلك
(الجواب): فكما ذكرنا لك أن الذي عليه العمل في نصاب الفضة أحد وعشرون ريالا، وأما الجدد فهي عرض تقوم بالفضة.
[العروض تقوم عند الحول بالريالات]
(مسألة) في العروض هل تقوم بالصرف من الريالات، أم تقوم على قدر قيمتها من الفضة وما الفرق بين الفضة والذهب والعروض، هل قيمتها واحدة أم متفاوتة؟
(الجواب): العروض تقوم عند الحول بالريالات، لأنها أنفع للفقراء، لأن العروض تقوم بالأحظ للفقراء من غير الورق، كما نص عليه الفقهاء.
[العروض هل هي جامعة جميع ما يملك الإنسان؟]
(مسألة) في العروض هل هي جامعة جميع ما يملك الإنسان من هدم وغنم وعيش وتمر وإبل وبقر وغير ذلك سوى النقدين، أم غير ذلك
(الجواب): العروض اسم للسلع المعدة للتجارة، فكل شيء يشتريه الإنسان يرصده للربح فهو عرض تجارة من جميع أنواع المال؛ وأما الإبل التي يجعلها صاحبها عديلة مع البدوي يقصد به تناسلها عنده ولا له نظر في بيعها وتقليبها للتجارة، فهي تزكى زكاة السائمة لا زكاة تجارة، وكذلك الغنم.
وأما إن كان قصد صاحبها التجارة ويظهرها مع البدو، فإذا سمنت وزانت باعها، فهذه تزكى زكاة تجارة. وأما العيش والتمر فإن كان محصله صاحبه من حرثه، فلا فيه زكاة بعدما يزكيه زكاة الحرث ولو بلغ أحوالا، ومتى باعه استقبل بثمنه حولا؛ وأما إن كان محصله من دين له على الناس، فمثل ما يفعل التجار، فهذا يزكى كل حول، ويقوم عند رأس الحول كغيره
من عروض التجارة، وهذا معنى قول الفقهاء: ولا تكرر زكاة معشرات ولو بلغت أحوالا ما لم تكن للتجارة.
[زكاة العوامل والعروض من الإبل والغنم]
(مسألة): ما الذي تجب في الزكاة من العروض من الإبل مثل الذلول والسانية، هل تضم مع العروض أم لا وكذلك الغنم التي تشرب اللبن والبقر التي مثل ذلك، هل هذه العوامل التي قال أحمد: ليس في العوامل زكاة
(الجواب): إذا كان الذلول للتجارة فهي عرض تقوم عند رأس الحول؛ وإن كانت لغير التجارة بل جعلها صاحبها للحرفة عليها أو الجهاد أو الحج ونحو ذلك، فينظر في ذلك: فإن كانت لم ترع غالب الحول عند الوديع فلا زكاة فيها، فإن كانت قد رعت دور السنة مع إبل الوديع وجبت فيها الزكاة زكاة خلطة. وأما العوامل التي قال أحمد ليس فيها زكاة، فهي التي تركب مثل زوامل البدو.
[ما الذي يخرج عن زكاة العروض بعد المعرفة والتقويم؟]
(مسألة): ما الذي يخرج عن زكاة العروض بعد المعرفة والتقويم هل هو دراهم، أم عين من أنواع العروض، أم ينظر إلى ما هو أحظ لبيت المال والمساكين، في مثل زكاة بلدنا التي زكاتها فيها إما لبيت المال أو للمساكين
(الجواب): الذي يخرج عن العروض دراهم بعد ما تقوم بها؛ فإذا قومت بالدراهم أخرجت زكاتها.
[زكاة المال الغائب]
(مسألة): إنسان غاب عنه ماله قدر ثلاث سنين أو أكثر، ثم جاءه ولم يزد من رأس المال لم يزكه، وهل يكون في الدين زكاة إن أخره صاحبه في يد من كان عنده وقت الوجوب، أم ما يجب عليه في ذلك شيء حتى يأخذه صاحبه من يد من كان عنده وهل يفرق بين من منع وبين من لم يمنع
(الجواب): إذا غاب مال الإنسان عنه ثم جاءه، زكاه لما مضى إذا
كانت غيبة في تجارة مثل البضاعة ونحوها؛ وكذلك إن كان دينا على مليء باذل. وأما إن كان دينا على معسر أو نحوه، ففيه خلاف. وأما إن كان صاحبه هو الذي أخره على المدين ولو أراد أخذه منه أعطاه إياه متى طلبه، فهذا يزكيه لما مضى من السنين.
[وقت زكاة الدين الذي على المليء]
(مسألة) في الدين الذي على المليء مثل القرض والصداق، أيما أحسن يزكيه قبل قبضه أو بعده.
(الجواب): إذا كان الدين على المليء، فإن شاء زكاه عند رأس الحول وهو أفضل لأنه مقدور عليه؛ وإن شاء أخر زكاته حتى يقبضه، فالتأخير رخصة في ذلك.
[قدر نصاب الحبوب والثمار]
(مسألة) في قدر نصاب العيش الذي مهما نقص سقطت الزكاة، هل هو مائتان وسبعون صاعا بصاعنا اليوم، أم أكثر من ذلك أم أنقص وما فرق صاعنا من صاع النبي صلى الله عليه وسلم وما قدر الصاع الذي ذكر أن الوسق ستون صاعا، كم ينقص عن صاعنا؟ وهل نقص الصاع أو الصاعين يسقط الزكاة
(الجواب): نصاب الحبوب والثمار خمسة أوسق، والوسق ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم؛ وأما تقديره بصاعنا فهو معروف عند عمال الزكاة، وصاعنا يزيد على الصاع القديم.
[حد النصاب الذي يسقط الزكاة]
(مسألة) في النقص اليسير في الأنصبة، هل هو يسقط الزكاة مثل الوزنة والوزنتين ومثل الجديدة والجديدتين ما حد الذي يسقط الزكاة
(الجواب): نقول: اختلف أهل العلم هل النصاب في الذهب والفضة تحديد أو تقريب، فالمشهور عند الحنابلة أنه تقريب، فعلى هذا لا يضر
النقص اليسير نحو الدرهم مثلا. وأما الحبوب والثمار فالمشهور عند الحنابلة أن النصاب فيها تحديد، فلو نقص يسيرا ولو نحو نصف صاع سقطت الزكاة؛ وعن أحمد رواية أخرى أن النصاب فيها تقريب، فلا يؤثر النقص اليسير، قال في الإنصاف: وهو الصواب.
[ضم الحبوب بعضها إلى بعض لتكميل النصاب]
(مسألة) في ضم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض في تكميل النصاب، هل البناء من العام الماضي أم المقبل وصورتها هل زرع القيض الذي مضى يضم مع ثمرة الحب الموجود الآن، أم يصح أن يضم حب الصيف إلى زرع القيض المقبل، أم غير ذلك أم يختلف ذلك باختلاف الثمار
(الجواب): أما مسألة ضم الحبوب بعضها إلى بعض في تكميل النصاب، فإن كانت من جنس واحد فإنه يضم بعضها إلى بعض بلا إشكال؛ وإن كانت من جنسين، فاختلف الفقهاء في ضم بعضها إلى بعض. والذي عليه العمل اليوم أنه يضم بعضها إلى بعض، فتضم الحنطة إلى الشعير، وتضم الذرة إلى الدخن. وأما معنى الضم فالمراد به إذا كانت الثمرة الأولى لا تبلغ نصابا، ثم جاءت الثمرة الثانية فإنها تضاف إلى الأولى؛ فإذا بلغ نصابا أخرج زكاته.
[زكاة ديوان صاحب الأرض وتأثير الخلطة في الحبوب والثمار]
(مسألة): إنسان حصل في هذا الصيف قدر مائتي صاع تزيد ولا أتمت النصاب، وفي القيض يحصل قدر أربعين صاعا أو أكثر، فصار هذا بكماله يبلغ النصاب؛ ولكن فيه ديوان لصاحب الأرض قدر ثلاثين صاعا أو أكثر أو دون ذلك، هل تجب الزكاة على هذه الحال، وتصير من رأس العيش فإن كانت من رأسه حصلت الزكاة، فإن أخذ صاحب الأرض ديوانه قبل الزكاة نقص النصاب، أم الزكاة تجب على صاحب الزرع إذا بلغ هذا،
ولكن صاحب الديوان ما على نصيبه زكاة أم مبنى هذه المسألة على تأثير الخلطة في الحبوب والثمار، وهذه كثير وقوعها عندنا
(الجواب): هذه مسألة مبنية على مسألة ضم الحبوب بعضها إلى بعض؛ فإذا قلنا تضم فمتى كمل النصاب أخرج زكاته. وأما ديوان الأرض الذي يأخذه المالك فيبنى وجوب الزكاة فيه على القول بتأثير الخلطة في غير السائمة؛ والذي عليه الجمهور أنها لا تؤثر في غير السائمة. وعن أحمد رواية ثانية أنها تؤثر في الحبوب والثمار، وهو قول إسحاق، واختارها الآجري وابن عقيل.
فعلى هذا تؤخذ الزكاة من المال، ويكون على صاحب الأرض قدر نصيبه من الزكاة؛ وأما على قول من قال أن الخلطة لا تؤثر في الثمار، فيخرج صاحب الزرع معروق الأرض، ثم يزكي الباقي إن بلغ نصابا؛ ولكن الأحوط في هذا إخراج الزكاة ولو نقص النصاب بإخراج الديوان، وذلك لأن الديوان أجرة في ذمة المستأجر، وليس مالك الأرض شريكا له في الزرع، وإنما الذي له آصع معلومة في ذمة المستأجر، والفقهاء يمثلون الخلطة في الثمار بنحو اشتراكهما في الزرع، ونحو اشتراط المالك جزءا معلوما من الثمرة، نحو ربع الثمرة أو خمسها.
(وأما مسألة) إجارة الأرض بآصع معلومة، فهي بعيدة من مسألة الخلطة، والأحوط في هذا أن صاحب الزرع إذا كمل عنده النصاب أخرج زكاته، ثم دفع ديوان الأرض إلى مالكها، ولا ينقص شيء من أجل الزكاة.
[الوقف الذي ما تجب فيه الزكاة]
(مسألة): ما الوقف الذي ما تجب فيه الزكاة هل هو الوقف على أي جهة كانت، مثل المسجد والجهاد والصوم والحج، أم غير ذلك وما صورة الوقف على معين الذي تجب فيه الزكاة وهل إذا كان نخل
موقوف على مسجد أو غيره وكان في يد كداد هل عليه زكاة تبعا لغيره، أم الوقف ما عليه زكاة ولا تؤثر فيه الخلطة، أم حكمه حكم الخلطة من غيره، أم يفرق بينهما
(الجواب): الوقف الذي تجب فيه الزكاة هو الوقف على معين، أما الوقف الذي على غير معين كالوقف على المساجد ونحو ذلك مثل المؤذن والصوام والسراج ونحو ذلك فلا زكاة فيه؛ فإذا كان النخل وقفا على المسجد فلا زكاة في عمارته التي تؤخذ لأهل المسجد.
[تأثير الخلطة في الثمار وصورتها]
(مسألة) في تأثير الخلطة في الثمار، ما صورتها؟ هل حكمها حكم السائمة، أم غير ذلك فمن ذلك رجلان اشتركا في زرع، فبلغ زرعهما جميعا قدر مائتين، هذا الذي بينهما، ولكل واحد منهما وحده زرع، فواحد عنده قدر خمسين ليس فيه شركة، وللآخر قدر مائة أو أكثر أو دون، وهذا صورة هذه المسألة ماذا يكون فيها وهذه من أشكل ما يقع عندنا.
(الجواب): الخلطة تؤثر في الماشية بالحديث الصحيح، وأما غير الماشية فالذي عليه أكثر أهل العلم أن الخلطة لا تأثير لها في الحبوب والثمار والدراهم، وعند بعض الفقهاء أنها تؤثر. وأما الصورة الواقعة عندكم إذا كان بين اثنين زرع قدر مائتي صاع لكل واحد مائة وله قدر خمسين أو أزيد من زرع آخر مختص به عن شريكه، فهذا لا زكاة فيه على القولين جميعا، لأنا إن قلنا أن الخلطة لا تأثير لها في غير الماشية فواضح؛ وإن قلنا تؤثر فهما لم يشتركا في نصاب، لأن المشترك لا يبلغ نصابا فلا زكاة فيه. فإذا اقتسما وأضاف كل واحد منهما نصيبه إلى ما حصل له من الزرع الآخر الذي اختص به عن شريكه نظرنا، فإن بلغ حصته نصابا زكاه، وإلا فلا.
[زكاة الصداق الذي في ذمة الزوج]
(مسألة) في رجل تزوج امرأة على صداق كثير، فبعضه بلغها، وبعضه لم يبلغها، وهو في ذمة الزوج، وهو قدر عشرين ريالا، هذا من السياق، وأما المهر الذي عقد عليه فهو ثمانية، وهو أيضا في ذمة الزوج إلى الآن، ومضى على ذلك قدر سنتين، هل تجب في ذلك زكاة ومتى تجب إن كانت واجبة؟ والمرأة لا مخلية ولا أخذت بين هذا وهذا، إن أرادوا الأخذ أخذوا، وإن أرادوا ما أخذوا، وهذا صورتها، هل تجب الزكاة على هذه الحالة أم لا؟
(الجواب): الصداق في ذمة الزوج لا زكاة فيه قبل القبض، واختلف الفقهاء في زكاته بعد قبضه، هل يزكى لما مضى من السنين، أم يزكى سنة واحدة، أم لا زكاة فيه.
[وقت وجوب الزكاة في الثمرة]
(مسألة) متى تجب الزكاة في الثمرة، وفيما يتركه الخارص لأهل النخل، هل هو سهم معلوم، أم على قدر حاجتهم وأكلهم وهديتهم وصدقتهم كما ذكر، أم غير ذلك وكذا ما يخرجه بعِوض وما يخرجه بلا عوض، وكذا إذا باع من الثمرة مثل مقياض ونحوه، هل يزكيه تمرًا أو يزكي ثمنه دراهم
(الجواب) الزكاة تجب في الثمرة إذا بلغت نصابا، لكن يؤمر الخارص أن يدع الثلث أو الربع لأهل النخيل، يأكلونه ويهدون منه ويتصدقون، وبعض أهل العلم يقول يدع لأهل النخيل قدر حاجتهم، كل إنسان على قدر حاجته، فما كان يحتاجه للأكل قبل الجذاذ، ويهديه لأقاربه ونحوهم، أو يتصدق به، فلا زكاة فيه، وما عدا ذلك ففيه الزكاة. فتبين لك أن ما أخرجه بلا عوض يعود إليه فلا زكاة فيه، وما باعه أو أهداه هدية يطلب عوضها ففيه الزكاة. وقولك: هل يزكي ثمنه إذا باعه؟ فليس الأمر كذلك، بل يزكي نفس الثمرة التي باعها.
[اعتبار النصاب في الزكاة بعد التصفية]
(مسألة) في الزرع كالصفراء، وهي نوع من العيش تنقص بعد اليبس والتصفية.
(الجواب): أهل العلم ذكروا اعتبار النصاب بعد التصفية فإذا صار العيش مدقوقا مصفى صالحا للأكل، فمتى بلغ النصاب وجبت فيه الزكاة.
[زكاة ما يتركه الخارص لأهل النخل]
(مسألة) في الخارص، هل يستوعب النخل بالخرص فلا يبقي شيئا، أم يترك لأهل النخيل حاجاتهم
(الجواب): كل ما يأكله صاحب النخل من المقياض هو وعياله وما يهديه لقريب وما يتصدق به على فقير، فكل هذا لا زكاة فيه، ويؤمر الخارص بترك ذلك، فلا يخرصه على أهل النخل ويخرص الباقي.
[بيع الزكاة قبل قبضها]
(مسألة) في بيع الزكاة قبل قبضها، هل يجوز ذلك أم لا؟
(الجواب): ذكر الفقهاء أن الفقير لا يملك الزكاة، ولا يتصرف فيها بالبيع قبل قبضها، واستدلوا على ذلك بحديث مرفوع رواه أحمد وابن ماجه.
[شراء المزكي زكاته]
(مسألة): هل للمزكي أن يشتري زكاته أم لا؟
(الجواب): أما شراء المزكي زكاته ففيه خلاف، والمشهور أنه لا يجوز.
[ملك من غير الأثمان ما لا يكفيه هل تجوز له الزكاة؟]
(مسألة): ما معنى قولهم: من ملك من غير الأثمان ما لم تتم به كفايته فله الأخذ من الزكاة، وما الفرق بين الأثمان وغيرها؟
(الجواب): نقول: معنى ذلك ما نص عليه أحمد في رواية الميموني قال: ذاكرت أبا عبد الله فقلت: قد يكون للرجل الإبل والغنم تجب فيها الزكاة وهو فقير، ويكون له أربعون شاة، وتكون له الضيعة لا تكفيه أفيعطى من الصدقة قال: نعم، وذكر قول عمر: أعطوهم وإن راحت عليهم من الإبل كذا أو كذا، قلت: فلهذا قدر من العدد والوقت؟ قال: لم أسمعه. وقال في رواية: من الحكمة إذا كان له عقار يستغله أو ضيعة تساوي
عشرة آلاف أو أقل أو أكثر لا تقيمه، يأخذ من الزكاة؛ وذلك لأنه لا يملك ما يغنيه ولا يقدر على كسب ما يكفيه، فجاز له الأخذ من الزكاة، لأن الفقر عبارة عن الحاجة.
ولا يقال: هذا لو يبيع عقاره صار غنيا، لأن بيع العقار الذي يحتاج إلى غلته لا يلزمه، وكذلك الغنم الذي يحتاج إليها، وكذلك سواني الكداد ودوابه وعروض القنية التي يحتاج إليها، وكل ذلك لا يمنع من أخذ الزكاة مع الحاجة.
[ملك من الأثمان ما يكفيه هل تجوز له الزكاة أم لا؟]
(مسألة) في الأثمان، إذا ملك منها ما يكفيه، هل تجوز له الزكاة أم لا؟ وهل الأثمان وغيرها سواء في عدم المنع من الأخذ من الزكاة
(الجواب): أما الأثمان فإذا ملك منها ما يكفيه لم تبح له الزكاة، كما أنه إذا كان له غلة نخل أو أرض تكفيه لا تباح له الزكاة، قال في المغني: اختلف العلماء في الغنى المانع من أخذها، ونقل عن أحمد فيه روايتان، أظهرهما أنه ملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب، أو وجود ما تحصل به الكفاية على الدوام من مكسب أو تجارة أو أجر عقار أو نحو ذلك، ولو ملك من العروض أو الحبوب أو السائمة أو العقار ما لا يحصل به الكفاية لم يكن غنيا وإن ملك نصبا؛ هذا الظاهر من مذهبه، وهو قول الثوري والنخعي وابن المبارك وإسحاق.
(والرواية الثانية) أن الغنى ما تحصل به الكفاية، فإذا لم يكن محتاجا حرمت عليه الصدقة وإن لم يملك شيئا، وإن كان محتاجا حلت له الصدقة وإن ملك نصبا، والأثمان وغيرها في هذا سواء. وهذا قول مالك والشافعي، وقال أصحاب الرأي: الغنى الموجب للزكاة هو المانع من أخذها - وهو ملك نصاب تجب فيه الزكاة من الأثمان أو عروض التجارة أو السائمة. انتهى ملخصا.
(مسألة) في الزكاة، هل تؤخذ من رأس العيش قبل أن يأخذ صاحب الأرض ديوانه، أو تصير الزكاة على صاحب الأرض والكداد أم صاحب الأرض يأخذ ديوانه قبل الزكاة أم غير ذلك؟
(الجواب): في ديوان الأرض وقولك: هل يأخذ صاحب الأرض ديوانه قبل إخراج الزكاة أو بعد ذلك؟ فهذه تنبني على تأثير الخلطة في الزرع؛ فإن قلنا تؤثر أخرجت الزكاة من رأس، ويكون على صاحب الأرض من الزكاة قدر ما يحصل له من الديوان. وأما إن قلنا لا تؤثر الخلطة في الزرع فلا زكاة على صاحب الديوان، إلا أن تبلغ حصته نصابا.
[شراء الإنسان زكاة ماله من عيش غيره]
(مسألة) في الذي تجب عليه الزكاة ولم يخرجها من حرثه، بل أخرجه على الديايين أو غيرهم، وشرى له عيشا وزكى به، هل هذا جائز أم لا؟
(الجواب): أما شراء الإنسان زكاة ماله من عيش غيره فلا علمت فيه خلافا، والذي فيه المنع شراؤها من الفقير بعدما يدفعها إليه. وأما كونه يخرج عيشه على الديايين، ويشتري عيشا، ولا يعطيه أهل الزكاة، فلا أرى به بأسًا.
[زكاة غنم الخلطة]
(مسألة) في الخلطة في الزكاة مثل الغنم، وأصل صورة ذلك رجل له غنم تبلغ أكثر من النصاب، ومعه غنم لأجنبي عدائل. هل له إخراج الزكاة من جميع الغنم إذا كانت واجبة فيها الزكاة بالخلطة بالشروط المذكورة، ويرجع بعضهم إلى بعض؟
(الجواب): في مسألة زكاة غنم الخلطة فالعامل يأخذ من أي المالين شاء، ويرجع المأخوذ منه على خليطه بقدر زكاة ماله، لقوله عليه السلام:"وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية"1، وسواء كان لكل منهما نصاب،
1 البخاري: الزكاة (1451).
أو كان لأحدهما نصاب دون الآخر، أو كانا لا يبلغان النصاب إلا باجتماعهما.
(مسألة): إذا كانت الخلطة توجب الزكاة، وكان لإنسان قدر نصاب أربعين، ولآخر أكثر، ولاثنين قدر نصاب، والجميع تجمعه الخلطة، وجاء الساعي لأخذ الزكاة، هل يأخذ الزكاة من رأس جميع المال من غير معرفة الغنم وتمييزها، ثم يرجع بعضهم إلى بعض أو يأخذ الزكاة من كل مال أم غير ذلك؟
(الجواب): متى اختلطا حولا بالشروط المذكورة في كتب الفقه، وبلغت غنمهما نصابا، فالخلطة تصير المالين كالمال الواحد، ويأخذ العامل الزكاة من مال أحدهما، ويرجع على خليطه بقدره.
[هلك الزرع قبل التمكن من إخراج الزكاة]
(مسألة) في الزرع إذا اشتد في سنبله، وبدا فيه الصلاح، وحصد بعضه وبعضه واقف، أو قد يكون حصد منه شيء، وأصابه آفة من الله مثل برد أو برَد، وذهب جميع الزرع أو بعضه، هل فيه زكاة أم لا أم يفرق بين المحصود والواقف، أم غير ذلك؟
(الجواب): المشهور عند أهل العلم أن الزكاة تجب إذا اشتد الحب، ولا يستقر الوجوب إلا إذا جعل في البيدر، فإن تلف بعضه سقطت الزكاة فيما تلف وزكى الباقي؛ ولا أعلم أحدا من العلماء قال بوجوبها فيما تلف قبل الحصاد، بل الذي عليه أكثر العلماء أو كلهم، بل أظنه إجماعا، أن الزرع إذا هلك بآفة سماوية قبل حصاده، والثمرة إذ هلكت قبل الجذاذ فالزكاة تسقط فيما تلف.
وأما إذا جذت الثمرة ووضعت في الجرين، أو حصد الزرع وجعل في البيدر، ثم أصابته آفة سماوية كالريح والنار التي تأكله قبل التمكن من إخراج الزكاة، فهذه المسألة هي محل الخلاف. فبعضهم يقول بوجوب الزكاة وبعضهم