الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسائل وفتاوى للشيخ حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب
…
رسائل وفتاوى
الشّيخ حسين بن الشّيخ محمّد بن عبد الوهّاب رحمهم الله تعالى*
- 1 -
بسم الله الرحمن الرحيم
(من حسين بن الشّيخ إلى الأخ جمعان بن ناصر)
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد؛
خطك الشّريف وصل وصلك الله إلى رضوانه، وهذا جواب المسائل واصلك إن شاء الله تعالى:
الأولى: مَن صلّى محدثًا أو صلّى صلاةً فاسدةً ثم صلى بعدها صلوات صحيحة قبل أن يقضي تلك الصّلاة الفاسدة ما حكم التّرتيب؟
فهذه المسألة فيها تفصيل، فإن كان لم يذكر الصّلاة الفاسدة إلّا بعد فراغه من الصّلاة الصّحيحة فليس فيه ترتيب؛ لأنّ التّرتيب يسقط بالنّسيان، قلّت الصّلوات أو كثرت، لقوله عليه السلام:"عفي لأمَّتِي عن الخطأ والنّسيان"، وإن ذكر أنّ عليه صلاةً وهو في أخرى كما لو ذكر أنّ عليه صلاةَ الظهر وقد شرع في صلاة العصر، فإنّه يتمّ العصر، ثم هل يجب عليه إعادة العصر؟ فيه قولان للعلماء، والأحوط الإعادة، كما هو المشهور عن أحمد؛ لأنّه عليه السلام عام الأحزاب صلّى المغرب فلمّا فرغ قال:"هل علم أحد منكم أنِّي صلّيت العصر؟ "، قالوا: يا رسول الله ما صلّيتَها. فأمر المؤذّن فأقام الصّلاة فصلّى العصر، ثم أعاد المغرب. رواه أحمد.
الثّانية: ما الفرق بين كون المرأة تشترط أن لا يتزوّج عليها وبين قولها: إن تزوّجت عليّ فهو طلاقي؟
* ذكر الناشر في فهرس الكتاب أنهم عثروا عليها بعد طبع القسم الأول، انظر فهرس الجزء الأول/ حرف الزاي. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
الجواب: الظّاهر أنّ الكّلّ شرط صحيح تملك به الفسخ إذا تزوّج. وأمّا وقوع الطّلاق فشرطه أن يكون حال التّعليق صادرًا من زوجٍ، فلو علقه قبل العقد عليها على شرط لم يكن طلاقًا؛ لأنّ الزّوجة لم تكن حال التّعليق في نكاحه، فإن كان قد عقد عليها وعلق طلاقها على شرط صحّ التّعليق ووقع عند وجود شرطه.
الثّالثة: إذا أخذ الكفّار مال مسلم ثم استولى عليه المسلمون قهرًا ولم تقع فيه قسمة كما لو قتل مسلمًا كافر وأخذ سلاحه وعرفه مسلم أو أخذه بعض المسلمين من الكفّار واختصّ به من غير قسمة. ففي هاتين الصّورتين يأخذه المسلم مِمَّن غنمه بغير شيءٍ لعدم وقوع القسمة المانعة، وذلك لما روى مسلم عن عمران بن حصين أنّ قومًا أغاروا على سرح النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأصيبت العضباء وأسرت امرأة من الأنصار فكانت المرأة في وثاق وأقامت عندهم أيّامًا ثم انفلتت من الوثاق فأتت الإبل فركبت العضباء ونذرت إن نجّاها الله لتنحرنّها فلما قدمت المدينة أخبرت أنّها نذرت لتنحرنّها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا وفاء لنذرٍ في معصية ولا فيما لا يملك العبد".
الرّابعة: إذا سرق إنسان تمرًا أو حبوبًا هل يغرم قيمته مرّتين؟
فأكثر العلماء يقولون عليه غرامة مثله من غير زيادة. وأحمد يقول: عليه غرامة مثليه. وحديث عمرو بن شعيب صريح الدّلالة لمذهب أحمد. قال أحمد: لا أعلم شيئًا يدفعه. وهذا إذا أخذ التّمر من الحوائط كما إذا أخذ ذلك من النّخل، وأمّا إذا أخذه من الجرين، فهذا عليه القطع بشرطه لقوله عليه السلام في حديث عمرو بن شعيب: "ومَن خرج بشيءٍ منه
فعليه غرامة مثليه والعقوبة، ومَن سرق منه شيئًا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع". رواه أحمد والنّسائي وأبو داود.
الخامسة: الحضانة هل تسقط بالتّزويج أم لا تسقط بالتّزويج لقصة بنت حمزة، فإنّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قضى بها للخالة وهي مع زوجٍ. فالذي عليه الجمهور أنّ الأم إذا تزوّجت سقط حقّها من الحضانة، لقوله صلى الله عليه وسلم:"أنت أحقّ به ما لم تنحكي". وأمّا قصة بنت حمزة فإنّما قضى بها لخالتها؛ لأنّ زوجها من أهل الحضانة، ولا يساوي جعفرًا في الاستحقاق إلّا عليّ، وقد ترجّح جعفر بأنّ امرأته من أهل الحضانة فكان أولى، فالحديث يدلّ على أنّه لو تنازع العمّان في الحضانة وأحدهما متزوّج بالأمّ أو الخالة فهو أحقّ بالحضانة فليس بين قصة بنت حمزة وبين قوله:"أنتِ أحقّ به ما لم تنكحي"اختلاف بل الحديثان متّفقان. ولله الحمد.
وأمّا قولك: هل قرابة الأمّ أحقّ أم قرابة الأب؟
فالمشهور عن أحمد أنّ الأمّ وقراباتها يقدمن على الأب وقراباته، وعن أحمد رواية أخرى أنّ الأب وقراباته أحق. قال في الاختيارات: العمّة أحقّ من الخالة، وكذا نساء الأب يقدمن على نساء الأمّ؛ لأنّ الولاية للأقرب. فكذا أقاربه، وإنّما قدمت الأمّ؛ لأنّه لا يقوم هنا مقامها في مصلحة الطّفل. وإنّما قدم الشّارع صلى الله عليه وسلم خالة بنت حمزة على عمّتها صفية؛ لأنّ صفية لم تطلب وجعفر طلب نائبًا عن خالتها فقضى لها بها في غيبتها.
السّادسة: نصاب السّرقة ربع دينار؛ والدّينار اثنا عشر درهمًا، فإذا سرق من الحرز ما يبلغ ثلاثة دراهم قطع كما جاءت به السّنة، فإذا حصل الشّكّ هل المسروق مما يساوي ثلاثة دراهم من الفضّة الخالصة أم لا؟
الجواب: يقطع بمجرّد الشّكّ. وفي الحديث: "ادرؤوا الحدود بالشّبهات".
وأمّا الحرز فهو ما جرت العادة به في حفظ الأموال، والأموال تختلف، فالدّراهم لها حرز، والقماش له حرز، والدّواب لها حرز، والثّمار لها حرز، والمسافر بماله له حرز، والنّائم على متاعه في المسجد والسّوق ونحو ذلك له حرز، والمسألة لها ضابط، وهو أنّ الحرز ما جرت به العادة يختلف ذلك باختلاف الأزمان والمكان وعدل السّلطان وجوره.
وأمّا المسألة السّابعة: إذا سرق إنسان شيئًا محرّمًا مثل التّنباك هل يجب فيه القطع؟
فاعلم أنّ للقطع شروطًا:
منها: أن يكون المال محترمًا فلا يقطع بسرقه الخمر والتّتن وآلة اللهو وكتب البدع ونحو ذلك.
وأما قولك: وهل حدّ السّرقة حقّ لله يقام على السّارق وإن لم يطلبه المسروق؟
فالأمر كذلك، يقام على السّارق وإن لم يطلبه المسروق منه، بل لو وهب السّارق المال بعد رفعه إلى الإمام لم يسقط الحدّ عنه، لقصة صفوان. والخلاف بين الفقهاء إنّما هو في المطالبة بالمال هل هي شرط في القطع أم لا؟ وفي ذلك عن أحمد روايتان:(إحداهما) يشترط مطالبة المسروق منه بماله، وهو المشهور في المذهب. (والرّواية الأخرى) ليس ذلك بشرط. اختارها الشّيخ تقيّ الدّين وابن القيم -رحمهما الله- عملًا بإطلاق الآية الكريمة والأحاديث.
وأمّا قولك: وهل يجتمع القطع وردّ المال؟
فالأمر كذلك، فتردّ العين المسروقة إلى مالكها، فإن كانت تالفة غرم قيمتها وقطعت يده. والله أعلم.
- 2 -
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على محمّد وآله وصحبه أجمعين. أما بعد؛
هذا كلام ذكره الشّيخ حسين بن الشّيخ لبعض الإخوان أحسن الله إلى السّائل وإلى المفتي آمين.
وأمّا ما ذكرت من أمر رجلٍ قال لامرأته: الله يرزقك وطلعت من العدّة فلا له طريق عليها إلّا بملاك. وأيضًا إن كان هو قائل لحرمته الله يرزقك ثلاث مرات ونيّته أنّها ثلاث تطليقات فلا له طريق عليها إلّا عقب ما تأخذ رجلًا آخر ويطلقّها، والرّجل الذي طلبت الحرمة منه الطّلاق وتبرؤه من النّفقة وطلّقها ثم طلبته بالنّفقة إن كانت الحرمة مبغضة للرّجل يوم يطلّقها البغضاء المعروفة فلا لها طريق عليه في النّفقة، فإن كان يوم تطلبه بالطّلاق مضيقًا عليها ومشينا عليها الطّبع فنفقتها تلزمه إلى أن تعتد، فإن كانت حاملًا فإلى أنّ تضع، والمرأة إذا عصت وطلعت من بيت الرّجل فالمعصية عليها والنّفقة عليه.
والرّجل إذا طلق امرأته الطّلقات الثّلاث فالذي يظهر ما لها عليه نفقة والرّجل الذي معه حرمتان فالتي يأتيها الحيض فهو يقسم لها في وقت الحيض وراعية النّفاس في عرفنا أنّها ما تشره أن يقاضيها، والرّجل الذي طلّق امرأته عدّة خوص النّخل فلا له طريق عليها، والإمام إذا سلم وقال بعض الجماعة بعد ركعة، وبعضهم يقول تامّة فهو يعمل بعمل الذي عليهم العمل، فإن كان أكثر ظنّه أن يلحقه شكّ فهو يعمل بقول الآخرين، والرّجل الذي قرأ في الرّكعتين الأخيرتين غير الفاتحة ساهيًا فلا علمنا عليه شيئًا،