الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمائة فرق حنطة، والمزابنة أن يبيع الثّمر في رؤوس النّخل بمائة فرق مثلًا، والمخابرة: كراء الأرض بالثّلث أو الرّبع، والمعاومة: أن يبيع حمل الشّجر المستقبل أعوامًا.
قوله: المنابذة: وهي طرح الرّجل ثوبه للبيع إلى الرّجل قبل أن يقبله أو ينظر إليه.
قوله: الملامسة: هي لمس الثّوب لا ينظر إليه.
قوله: حبل الحبلة: وكان بيعًا يبيعه أهل الجاهلية، كان الرّجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج النّاقة ثم أن تنتج التي في بطنها، وقيل: إنّه كان يبيع الشّارف وهي الكبيرة بالمسنة بنتاج الجنين الذي ببطن ناقته.
وقوله: بيع الحصاة، وهو: أن يقول: أيّ موضعٍ وقعت عليه هذه الحصاة من هذه الأرض فهو لي بكذا وكذا. اهـ.
إذا غلب حكم الكفر في بلدةٍ صارت دار حربٍ، وعند أبي حنيفة: لا تصير دار حربٍ إلّا باجتماع ثلاثة شروط: ظهور أحكام الكفر، وأن لا يبقى فيها مسلم ولا ذميّ إلا بالأمان الأصلي، وأن تكون ملحقة بدار الحرب. اهـ.
- 8 -
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله بن عبد الرّحمن أبي بطين إلى الأخ المحبّ الشّيخ عثمان بن عيسى وفّقه الله لطاعته وحفظه بحراسته.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد؛
تذكر من حال كتاب الحاكم
برؤية الهلال، وما ذكر لك عبد الرّحمن النّميري أنِّي ذكرت لك شيئًا في ذلك عن العسكري فعبد الرّحمن يثبت لكن ما حضرنِي الآن. والذي يظهر لي العمل به والاعتماد عليه في ذلك؛ لأنّ الفقهاء ذكروا أنّه إذا رئي هلال رمضان بمكان لزم جميع النّاس الصّوم، وإنّما يثبت ذلك غالبًا في حقّ غير أهل موضع الرّؤية بإخبار الثّقات فرعًا عن أصل وخطوط القضاة، بل أهل موضع الرّؤية ليسوا كلّهم يأتون إلى الشّاهد برؤية الهلال ليسمعوا شهادته، بل يعتمدون على إخبار بعضهم بضعًا عن الشّاهد؛ كشهادة الفرع على الأصل، فإذا تقرّر قبول خبر الفرع أو شهادته في ذلك، فكذا كتاب القاضي؛ لأنّ الفقهاء ذكروا أنّه لا تقبل الشّهادة على الشّهادة إلّا فيما يقبل فيه كتاب القاضي إلى القاضي، وأنّ كتاب القاضي حكمه كالشّهادة على الشّهادة، وكلامه في الكافي صريح في قبول الشّهادة على الشّهادة في ذلك لما ذكر وجهين في قبول قول المرأة في هلال رمضان. قال في تعليل الوجه الثّاني: وهذا لا يقبل فيه شهادة الفرع مع إمكان شهادة الأصلن فدلّ كلامه على قبول شهادة الفرع مع عدم الإمكان، ونظره صاحب الفروع بقوله: كذا قال. والذي يظهر لي أنّ تنظيره إنّما هو اعتباره لقبول شهادة الفرع إمكان شاهد الأصل، كما قدّمنا أنّ المسلمين يعتمدون على ذلك مع الإمكان وعدمه. والله سحبانه وتعالى أعلم.
ولعلّك وفقت على قول شارح الإقناع عند قول المتن في حكم كتاب القاضي: لا يقبل في حدّ الله كالزّنا ونحوه. قال الشّارح: وكالعبادات ووجه ذلك؛ أنّه لا مدخل لحكمه في عبادة، فكذا كتابه. قال الشّيخ تقيّ الدِّين: أمور الدِّين والعبادات المشتركة لا يحكم فيها إلّا الله ورسوله إجماعًا.
قال في الفروع عقبه: فدلّ على أنّ إثبات سبب الحكم كرؤية الهلال والزّوال ليس بحكم الخبر، فدلّ ذلك على أنّ كتاب القاضي بإثبات رؤية الهلال ليس حكمًا في عبادةٍ ولا إثباتًا لها. وإنّما هو لإثبات سببها فلا ينافي كونه لا يقبل في عبادةٍ ولا يحكم فيها، وقد صرّحوا بأنّه لا مدخل لحكمه في عبادةٍ أو وقتٍ، وإنّما هو فتوى فدلّ كلامهم على أنّ إثبات رؤية الهلال مثلًا فتوى، والفتوى يعمل فيها بالخط، وإن كان كتابه شهد عندي فلان وفلان مثلًا، برؤية الهلال، ففرع على أصلٍ لا فتوى مطلقًا. والله سبحانه وتعالى أعلم.
-9 -
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله بن عبد الرّحمن بن أبي بطين إلى الأخ عثمان بن عيسى.
قال بعد السّلام:
وما ذكرت من حال المرأة التي استدخلت ذكر زوجها وهما محرمان، مرادكم وهو نائم، هل يجب عليه الكفارة أم لا؟ وهل تتحملها عنه الزّوجة كالنّفقة أم لا؟
فالظّاهر وجوب الفدية عليه؛ لأنّ هذا نوع إكراه، والمكره تجب عليه الفدية على الصّحيح من المذهب. قال في الإنصاف في باب ما يفسد الصّوم
…
الخ: فتبيّن بذلك أنّ المذهب وجوب الكفارة على مَن استدخلت زوجته ذكره، وهو نائم، وأنّها لا تتحملها عنه على الصّحيح من المذهب.
وأمّا مَن قيل له: لم ضربت غلامك ولم أدميته؟ فقال: إن كان ظهر منه دم فهو حرّ، هل يعتق بذلك التّعليق إذا وجد الشّرط وهو ظهور الدّم؟
فالظّاهر أنّه يعتق إذا كان قد وجد الشّرط، وهو ظهور الدّم، والتّعليق
على الماضي معلوم من الكتاب والسّنة، ونحو هذا التّعليق يُسَمّى حلفًا؛ لأنّ التّعليق الذي يقصد به الحنث على فعلٍ أو المنع منه أو يراد به تصديق خبرٍ أو تكذيبه يُسمَّى حلفًا. وأمّا التّعليق الذي لا يقصد به شيء من ذلك فلا يُسَمَّى حلفًا على الصّحيح من المذهب. فلو قال: إن كنت فعلت كذا فزوجتِي طالق، وكان قد فعله حنث، وكذا لو قال: إن لم أكن فعلت كذا فزوجتِي طالق، أو فعبدي حرّ، وكان لم يفعله حنث إن لم يتأوّل حيث جاز التّاويل كما ذكره في باب التّأويل في الحلف. وما ذكرتموه من كلام منصور بأنّ المعلّق عليه لا يكون ماضيًا، فلعلّ مراده إذا تجرّد الشّرط عن لفظ كان، كما قال القاضي فيما روي عن أحمد في رجلٍ قال لامرأته: إن وهبت كذا فأنت طالق، وإذا هي قد وهبته. قال الإمام: أخاف أن يكون قد حنث.
قال القاضي: هذا محمول على أنّه قال: إن كنت قد وهبته، وإلّا فلا يحنث حتّى تبتدئ هبته. انتهى. فإذا اتّصلت كان بأداة الشّرط جاز كون المعلّق عليه ماضيًا وحالًا.
وقال م. ص: وقد يكون المعلّق عليه موجودًا في الحال، وقد يكون مستقبلًا ولا يكون ماضيًا، ولذلك تقلب أدوات الشّرط الماضي إلى الاستقبال، فدلّ قوله: وكذلك
…
الخ على أنّ مراده بقوله: ولا يكون ماضيًا، إذا تجرّد من كان؛ لأنّ الماضي إذا اقترنت به كان لا يكون مستقبلًا، بل يبقى على مضيه، وهي إنّما تقلب الماضي إلى الاستقبال إذا لم تقترن بكان أو يكون أو مضارعًا، فدلّ قوله: ولذلك الخ، تقلب أدوات الشّرط، آخر ما وجد من هذه الرّسالة. والله أعلم.
- 10 -
وله أيضًا رحمه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
ما قولكم -رفع الله قدركم- في ريع وقف عقار انتقل من طبقة إلى طبقة أرضًا أو نخلًا من مزارعة أو مساقاة أو إجارة بعد ظهور الثّمرة، ومتى تستحقّ الطّبقة الثّانية لذلك، وهل بين مَن كان يستحقّها بوصفٍ أو مقابلة عملٍ فرق؟ أفتونا مأجورين.
الجواب: الحمد لله ربّ العالمين، الكلام في هذه المسألة كالكلام في الحمل في أنّه يتجدّد حقّه من الوقف بوضعه لا قبله من ثمرٍ وزرعٍ، كتجدّد حقّ المشتري. هذا هو المشهور في المذهب. ومن المعلوم أنّه إذا بيعت أرض وفيها زرع كبر ونحوه أنّه للبائع ما لم يشترط مشترٍ. وكذا إذا بيع نخل قد تشقّق طلعه أنّه للبائع ما لم يشترطه المشتري. فهكذا حكم الحمل المستحقّ للوقف بعد وضعه. قال في المغنِي: ومَن وقف على أولاده أو أولاد غيره وفيهم حمل لم يستحقّ شيئًا قبل انفصاله. قال أحمد في رواية جعفر بن محمّد فيمَن وقف نخلًا على قومٍ وما توالدوا، ثم ولد مولود فإن كان النّخل قد أُبِّرَ فليس له فيه شيء، وهو للأوّل، وإن لم يكن قد أُبِّرَ فهو معهم، وإنّما قال ذلك؛ لأنّها قبل التّأبير تتبّع الأصل في البيع، وهذا الموجوب يستحقّ نصيبه فيتبعه حصته من الثّمر كما لو اشترى ذلك النّصيب من الأصل، وبعد التّأبير، لا تتبع الأصل، ويستحقّ مَن كان له الأصل، فكانت للأوّل؛ لأنّ الأصل كان كلّه له فاستحقّ ثمرته كما لو باع هذا النّصيب منها، ولم يستحقّ المولود منها شيئًا كالمشتري. وهكذا الحكم في سائر ثمر الشّجر الظّاهر، فإنّ المولود لا يستحقّ
منه شيئًا، ويستحقّ مما ظهر بعد ولادته. وإن كان الوقف أرضًا فيها زرع يستحقّه البائع فهو للأوّل، وإن كان مما يستحقّه المشتري فللمولود حصّته منه؛ لأنّ المولود يتجدّد استحقاقه للأصل كتجدّد ملك المشتري فيه. انتهى كلامه.
وهذا التّعليل الذي علّل به ظاهر في أنّ حكم الطّبقة الثّانية حكم الحمل. وهو واضح. ولله الحمد.
قال في الإنصاف: تجدّد حقّ الحمل بوضعه من ثمرٍ وزرعٍ لمشترٍ نقله المروذي وجزم به في المغنِي والشّرح والحارثي. وقال: ذكره الأصحاب في الأولاد وقدمه في الفروع. ونقل جعفر يستحقّ من زرع قبل بلوغه الحصاد، ومن نخل لم يؤبّر، فإن بلغ الزّرع الحصاد، وأُبِّرَ النّخل لم يستحقّ شيئًا إلى أن:
قال في الفروع: ويشبه الحمل إن قدم إلى ثغر موقوف عليه فيه أو خرج منه إلى بلد موقوف عليه فيه، نقله يعقوب. قال: وقياسه من نزل في مدرسته ونحوه. قال ابن عبد القوي: ولقائل أن يقول: ليس كذلك؛ لأنّ واقف المدرسة ونحوها جعل ريع الوقف في السّنة كالجعل على اشتغال مَن هو في المدرسة عامًا، فينبغي أن يستحقّ بقدر عمله من السّنة من ريع الوقف في السّنة لئلا يفضي إلى أن يحضر الإنسان شهرًا مثلًا فيأخذ جميع مغل الوقف ويحضر غيره باقي السّنة بعد ظهور الثّمرة، فلا يستحقّ شيئًا. وهذا يأباه مقتضى الوقوف. ومقاصدها. انتهى.
قال الشّيخ تقيّ الدِّين: يستحقّ بحصّته من مغله. وقال: من جعله كالولد فقد أخطأ. وللورثة من المغل بقدر ما باشر مورثهم. انتهى.
قال في القواعد الفقهية: واعلم أنّما ذكرناه في استحقاق الموقوف عليه ههنا إنّما هو إذا كان استحقاقه بصفةٍ محضةٍ مثل كونه ولدًا أو فقيرًا ونحوه، أمّا إن كان استحقاقه الوقف عوضًا عن عملٍ، وكان المغل كالأجرة فيقسط على جميع السّنة كالمقاسمة
القائمة مقام الأجرة حتّى مَن مات في أثنائه استحقّ بقسطه وإن لم يكن الزّرع قد وجد. وبنحو ذلك أفتى الشّيخ تقيّ الدِّين. انتهى.
فظهر من كلامهم أنّ مَن كان استحقاقه بصفةٍ لكونه ولدًا أو فقيرًا ونحو ذلك أنّ حكمه في الاستحقاق من زرع الأرض الموقوفة، وثمر الشّجر الموقوف حكم المشتري. هذا هو المعمول به في المذهب.
وأمّا مَن كان استحقاقه في مقابلة عملٍ ففيه الخلاف، كما تقدّم. فصاحب الفروع قاس هذه المسألة قبلها، فقال: وقياسه مَن نزل في مدرسةٍ ونحوه وتبعه. في الإقناع وغيره وكلام الشّيخ تقيّ الدِّين وابن عبد القوي وابن رجب بخلاف ذلك. والعمل به أولى إن شاء الله تعالى.
وأمّا إن كان الوقف مؤجّرًا فالذي ظهر لنا من كلامهم أنّ الأجرة تقسط على جميع السّنة، فَمَن مات من المستحقّين في أثناء السّنة فله من الأجرة بقدر ما مضى من السّنة. وهو صريح في كلام بعضهم، كما قال ابن رجب رحمه الله في أثناء كلامٍ له. قال: كما تقول في الوقف إذا انتقل إلى البطن الثّاني، ولم تنفسخ إجارته أنّهم يستحقّون الأجرة من يوم الانتقال. انتهى.
فهذا يدلّ على القول بأنّها لا تنفسخ بموت المؤجّر من الطّبعة الأولى، وعلى القول الثّاني الذي هو الصّحيح عند ابن رجب وصحّحه أيضًا الشّيخ تقيّ الدِّين وصوّبه في الإنصاف أنّها تنفسخ، فإنّ المنافع تنتقل للطّبقة الثّانية، فتكون الأجرة لهم من حين انتقل الوقف إليهم.
قال ابن رجب أيضًا في أثناء كلامٍ له: وفي أمثلة ذلك الوقف إذا زرع فيه أهل البطن الأوّل أو مَن آجروه ثم انتقل إلى البطن الثّاني والزّرع قائم، فإن قيل: إنّ الإجارة لا تنفسخ وللبطن الثّاني حصّتهم من الأجرة فالزّرع مبقى لمالكه بالأجرة
السّابقة، وإن قيل: بالانفساخ، وهو المذهب الصّحيح فهو كزرع المستأجر بعد انقضاء المدّة إذا كان بقاؤه بغير تفريطٍ من المستأجر فيبقى بالأجرة إلى أوان أخذه، وقد نصّ عليه الإمام أحمد في رواية مهنا في مسألة الإجارة المنقضية، وأفتى به في الوقف الشّيخ تقيّ الدِّين. والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ.
والمجيب هو: الشّيخ عبد الله بن عبد الرّحمن أبا بطين رحمه الله تعالى.
- 11 -
بسم الله الرحمن الرحيم
{مسألة} ما قول شيخنا -وفّقه الله لإيضاح المشكلات- في إنسانٍ اشترى قهوة من آخر مثلًا واكتالها كيلًا جيدًا، أو اشترط أنّه يكيلها فلان مثلًا، وأراد بعد ذلك بيعها، فلما باعها قال: أكيلها أنا، والحالة أنّ كيله هو أو فلان أنقص من ذلك الكيل الأوّل، هل يكون ذلك ممنوعًا في الشّرع المطهر أم لا؟
أيضًا -سلّمك الله-: إذا اشترط البائع على المشتري أنّه لا يكيلها إلّا أنت أو فلان، والحالة أنّه هو أو فلان لا يحسنون الكيل الذي يساوي كيله أو لا والتزم له المشتري بذلك هل يسوغ له الشّرط أم لا؟ نلتمس من فيض إفضالكم تحرير الجواب باختصارٍ وإيجاز. ولكم من الله بذلك الثّواث الجزيل والمفاز.
وأيضًا -سلّمك الله-: حصل زيادة بين كيلٍ البائع وكيل المشتري بلا شرط على المشتري، والحال أنّ المشتري الأوّل شرط على البائع الأوّل أنّه يكيلها فلان والمشتري الثّاني لم يشترط كيل أحدٍ.
فأجاب -رحمه الله تعالى-: الذي أرى -والله أعلم- أنّه إذا قال المشتري:
أكيلها أنا أو فلان والحالة أنّ كيله أو كيل فلان أنقص من الكيل الأوّل الذي اكتاله البائع أنّ ذلك لا يمنع.
وأمّا إذا شرط البائع على المشتري أنّه لا يكيلها إلّا أنت أو فلان، فهذا الشّرط غير صحيحٍ، ويجوز أن يتولّى الكيل غير المعيّن للمشروط، كما قالوا: إذا شرط في السّلم مكيالًا معيّنًا له عرف أنّه لا يصحّ هذا الشّرط ولا يلزم التّعيين. والله سبحانه وتعالى أعلم.
فائدة: قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في بدائع الفوائد: الحاكم محتاج إلى ثلاثة أشياء لا يصحّ له الحكم إلّا بها: معرفة الأدلّة، والأسباب، والبيّنات. فالأدلّة تعريفه: الحكم الشّرعي لا الكلّيّ، والأسباب معرفة ثبوته في هذا المحلّ المعتبر وانتفاؤه عنه. والبيّنات معرفة طريق الحكم عند التّنازع. ومَن أخطأ واحدًا من هذه الثّلاثة أخطأ في الحكم وجميع خطأ الحكام مداره على هذه الثّلاثة أو بعضها.
مثال ذلك: إذا تنازع اثنان في ردّ سلمة مشتراة فحكمه موقوف على العلم بالدّليل الشّرعي الذي سلط المشتري على الرّدّ، وهو إجماع الأمّة المستند إلى حديث المصراة، وعزاه على العلم بالسّبب المثبت بحكم الشّارع في هذا المبيع المعيّن، ويقولون هذا الوصف عيب سلط على الرّدّ أم لا؟ وهذا لا يتوقّف العلم به على الشّرع بل على الحسّ والعادّة أو العرف أو الجزاء ونحو ذلك، وعلى البيّنة التي هي طريق الحكم بين المتنازعين، وهي كلّ يبيّن ما له صدق أحدهما، أو ظنا من إقرار أو شهادة أربعة عدول، أو ثلاثة في دعوى الإعسار بتلف ماله على أصحّ القولين أو شاهدين، أو رجلٍ وامرأتين، أو شاهد ويمين، أو شهادة رجلٍ. انتهى.
- 12 -
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله بن عبد الرّحمن أبي بطين إلى الولد المحبّ عليّ بن عبد الله القاضي ألهمه الله رشده وهداه، ووفّقه لما يحبّه ويرضاه.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد؛
موجب الخطّ إبلاغك السّلام. والخط وصل وصلك الله إلى ما تحب. ومن حال ما ذكرت من أخذ الرّجل من طول لحيته إذا كانت دون القبضة فالظّاهر الكراهة، لقول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"اعفوا اللّحى"، وفي حديثٍ آخر:"ارخوا اللُّحى". والسّنة عدم الأخذ من طولها مطلقًا. وإنّما رخص بعض العلماء في أخذ ما زاد على القبضة لفعل ابن عمر رضي الله عنهما، وبعض العلماء يكره ذلك لقول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"اعفوا اللّحى".
وأمّا حلق ما على الخدّين من الشّعر فلا شكّ في كراهته لمخالفته قوله صلى الله عليه وسلم: "اعفوا اللّحى". واللّحية في اللّغة اسم لمحلّ الشّعر النّابت على الخدّين والذّقن. ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "اعفوا اللّحى"، أي: وفرّوها واتركوها على حالها مع أنّه ورد حديث في النّهي عن ذلك، فروى الطّبراني عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"مَن مثّل بالشّعر ليس له عند الله من خلاق". قال الزّمخشري: معناه: صيّره مثلة بنتفه أو حلقه من الخدود، وقيل: نتفه أو تغيير بسواد. وهذا الحديث ظاهر في تحريم هذا الفعل. والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقال أصحابنا: يباح للمرأة حلق وجهها وحفّه، ونصّ الإمام أحمد على كراهة حفّ الرّجل سوى وجهه، والحفّ أخذه بالمقراض والحلق
بالموسى. فإذا كره الحفّ فالحلق أولى بالكراهة. ويكفي ذلك أنّه يخالف سنة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: "اعفوا اللّحى". وفي الحديث: "وفّروا اللُّحى خالفوا المشركين". الله أعلم.
- 13 -
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه مسائل سُئِلَ عنها الشّيخ العالم العلّامة البحر الفهّامة عبد الله بن عبد الرّحمن أبو بطين رحمه الله وعفا عنه:
المسألة الأولى: إذا ترك السّاعي في الخرص لربّ المال شيئًا من كمال النّصاب كما إذا صار عنده خمسة أوسق فترك منها وسقًا فقد ذكروا إن كان ربّ المال أكل هذا الوسق المتروك فلا يجب عليه شيء في الأوسق الأربعة الباقية، وإن لم يأكل هذا الوسق المتروك زكى الأسوق الأربعة فقط.
الثّانية: وجوب الزّكاة في غلة الوقف فإن كان الوقف على معيّنٍ واحدٍ أو جماعةٍ وحصل لكلّ وحدٍ نصاب زكّاه، وإن كان الوقف على غير معيَّنٍ لم يجب شيء.
الثّالثة: إذا كان عند إنسانٍ نصاب في الشّتاء وبعض نصاب في القيظ أخرج زكاة نصاب الشّتاء ولم يجب عليه شيء في زرع القيظ إذا لم يبلغ نصابًا.
الرّابعة: إذا دبر عبده وأوصى بثلث ماله في جهة فزكاة الجميع تخرج من الثّلث؛ لأنّ التّبدير وصية على المشهور، وله الرّجوع في الوصية وبيع المدبّر على اختلاف في ذلك.