المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رسائل وفتاوى للشيخ علي بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب - مجموعة الرسائل والمسائل النجدية - ط المنار - جـ ١

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌القسم الأول‌‌رسائل وفتاوى للشيخ محمد بن عبد الوهابوأبنائه رحمهم الله

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌رسائل وفتاوى لأبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌(2)(رسالة عامة في الزجر عن الغلول ووجوب التذكير والموعظة)

- ‌(3)(رسالة في نصاب الزكاة بالريالات)

- ‌(4)(رسالة في المعاملات الربوية وأحكام الطلاق والعدة)

- ‌(5)(رسالة في مواعظ عامة في مهمات الدين)

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌{مسائل في الصلاة وما يتعلق بها}

- ‌{مسائل في دفن الميت والصلاة عليه وصفتها}

- ‌مسائل في نصاب الزكاة وزكاة العروض

- ‌{مسائل في صدقة الفطر وما يتعلق بها}

- ‌{مسائل في الرهن وما يتعلق به}

- ‌{مسائل في المساقاة والمزارعة وما في معناهما}

- ‌{مسائل في المعاملات وأنواعها}

- ‌{مسائل في الخيار وما في معناه}

- ‌{مسائل في السلم وما في معناه مما يتعلق به}

- ‌{مسائل في القرض وما في معناه وما يتعلق به}

- ‌{مسائل في الوقف}

- ‌{مسائل في النكاح وما يتعلق به مما في معناه}

- ‌{مسائل في العدد وما في معناها}

- ‌{مسائل في الإحداد وما يتعلق به}

- ‌من جواب) لعبد الله بن الشيخ رحمه الله:

- ‌(8){مسائل مختلفة أجاب عنها الشيخ عبد الله بن الشيخ

- ‌القسم الثانيرسائل وفتاوى أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ عبد الرحمن بن حسن

- ‌ 4 -(رسالة ضافية في الرّبا وحكم نقود الجدد الزّيوف فيه)

- ‌قال شيخنا ووالدنا الشّيخ عبد الرّحمن بن حسن في أثناء كلامٍ له*:

- ‌{فائدة}:

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ حسن بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌[فوائد]

- ‌مسألة: إذا غارس رجل رجلًا في أرضٍ، على أن يغرس فيها قدرًا معلومًا من النّخل والنّخل من العامل وينفق عليه العامل حتّى يثمر، ثم يقتسمان النّخل والأرض، هل يصحّ ذلك؟ أم لا يصحّ إلّا على أنّ الأرض لربّها والنّخل بينهما؟ أو تصحّ في الصّورتين كما أفتى به أبو العبّاس

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ علي بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌فائدة:

- ‌فائدة أصوليّة نافعة:

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌ جواب عبد الله بن الشّيخ إلى بعض الإخوان

- ‌من عليّ بن الشّيخ حسين إلى الأخ جمعان بن ناصر

- ‌فتويان من فتاوى الشيخ سليمان بن علي، جد شيخ الإسلام

- ‌فصل:

- ‌رسالة للشيخ عبد الوهاب بن الشيخ سليمان، والد شيخ الإسلام

- ‌القسم الثالثرسائل وفتاوى لغير سلالة الشيخ من علماء نجد

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ حمد بن ناصر بن معمر

- ‌[نقل من كتاب "حادي الأرواح" لابن القيم]

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين

- ‌{فائدة لأبي بطين}:

- ‌{مسألة} ما حكم ما يغرس أو ينبت من النّخل ونحوه على ماء الشّريك في المشاع إذا أراد الشّركاء القسمة

- ‌ سُئِل الشّيخ عبد الله بن عبد الرّحمن أبو بطين رحمه الله، وعفا عنه عن الذي يروى: "مَن كفّر مسلمًا فقد كفر

- ‌ اعلم أنّ ضدّ التّوحيد الشّرك، وهو ثلاثة أنواع:

- ‌(مسألة): ومن أعطى أرضه لرجل يغرسها بجزء معلوم وشرط عليه عمارتها فغرس بعض الأرض وتعطل باقي الأرض من الغراس

- ‌ حكم ما إذا وجد البدوي ماله عند حضري ونحوه ولم يعلم أنّه غصب، هل يفرق بين كون البدوي حربًا للآخر وقد أخذ ماله أم لا؟وكذا إذا عرف الحضري ماله عند حضري أو بدوي وادعى أنّه قد اشتراه من حربي للمدّعي وربّما أنّه قد أخذ مالًا للبائع، فما الحكم في ذلك

- ‌[فوائد]

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ سعيد بن حجي

- ‌رسالة للإمام عبد العزيز آل سعود

- ‌رسالة للشيخ أحمد بن محمد بن حسن القصير الأشيقري

- ‌رسالة للشيخ محمد بن عبد الله بن إسماعيل

- ‌رسالة للشيخ محمد بن أحمد بن إسماعيل

- ‌{رسالة للشّيخ عبد العزيز بن عبد الجبّار}

- ‌رسالة للشيخ حمد بن عتيق

- ‌رسالة لبعض علماء الرياض

- ‌رسالة لبعض علماء نجد

- ‌رسالة للشيخ محمد بن أحمد بن محمد القصير

- ‌{رسالة لبعض علماء الدّرعية}

- ‌{رسالة للشّيخ محمّد بن عمر بن سليم}

الفصل: ‌رسائل وفتاوى للشيخ علي بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب

السّهم المذكور بعينه دون ابن مسعد، والجماعة فلا لهم مدخل في الإجبار وأنكر عثمان وقوع المباشرة للإكراه من الرّوم، وادّعى أن ابن مسعد وبعض الجماعة هم الذّين أكرهوا والده على البيع، وأقام عثمان البيّنة على ذلك فحكمت بأنّ البيع والحالة هذه غير صحيح لعدم الشّرط المعتبر. وما قبضه ابن مسعد من مصالح السّهم المذكور مضمون عليه، وقت أخذه له ويحسب مما ساقه من مطلب السّهم بعد ما يثبت بالبيّنة أنّه سائق والباقي منه يدفعه الغرشي لابن مسعد حالًا. قاله حاكمًا به حسن بن حسين بن الشّيخ محمّد عفا الله عنهم. ويرفع ابن مسعد يده عن السّهم.

‌رسائل وفتاوى للشيخ علي بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب

رسايل وفتاوى

الشّيخ عليّ بن حسين بن الشّيخ

- 1 -

بسم الله الرحمن الرحيم

من عليّ بن حسين إلى الأخ المكرّم الأجل الأحشم الشّيخ جمعان بن ناصر جمع الله له بين العلم والعمل، وسدّ به طرق الميل والخلل.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أمّا بعد؛

فقد وصل إلينا كتابكم السّابق المتضمّن للبحث والسّؤال عن المسائل الدّقائق فتركنا الجواب عن المبادرة به من أجل أن وافق ذلك وفاة الشّيخ حسن -رحمة الله عليه- فتشوش الخاطر واشتغل القلب، ثم على أثر ذلك سافرنا إلى العارض من أجل تعزية الأهل والإخوان والاجتماع بهم من أجل ذلك قدر حصول المقصود من ردّ الجواب بحسب الطّاقة

ص: 482

والإيجاز فذكر أوّلًا:

إذا قال لأجنبية: أنت علي كظهر أمِّي أو قاله لِمَن أبانها ثم تزوّجها ما المفتَى به عند علمائنا؟

فالجواب: أنّ الأمر كما قال صاحب المحرّر وعليه تدلّ نصوص أحمد. قال في الإقناع: وإن قال لأجنبيّة أنتِ عليّ كظهر أمِّي أو إن تزوّجتك فأنت عليَّ كظهر أمِّي فتزوّجها لم يطأها حتّى يكفّر كفّارة الظّهار؛ لأنّه إذا تزوّجها تحقّق معنى الظّهار بينها وعلم صحّة الظّهار من الأجنبيّة. روى ذلك الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنّه قال في رجلٍ قال: إن تزوّجت فلانة فهي علي كظهر أمِّي، فتزوّجها. فقال عمر: عليه كفّارة الظّهار. قال الشّارح: لأنّها يمين مكفِّرة فصحّ عقدها قبل النّكاح كاليمين بالله تعالى والآية الكريمة خرجت مخرج الغالب وهي قوله: {مِنْ نِسَائِهِمْ} ، [الْمجادلة، من الآية: 2، و 3]. والفرق بينه وبين الطّلاق أنّ الطّلاق حلّ قيد النّكاح ولا يمكن حلّه قبل عقد والظّهار تحريم للوطء فيجوز تقديمه على العقد، وإنّما اختصّ حكم الإيلاء بنسائه لكونه يقصد الإضرار بيمين والكفّارة في الظّهار لكون المنكر والزّور فلا يختصّ ذلك بنسائه.

الثّانية: قول السّائل: هل حكم مَن ظاهر منها ووقت كشهر سمّاه وجامع قبل مضي المدّة ولزمته الكفارة هل إذا مضى الوقت المحدود الذي وقع الظّهار فيه قبل أن يكفّر هل حكمه حكم المظاهر منها مطلقًا حتّى يكفّر أم لا؟

الجواب: قال في الإقناع وشرحه: وإن وطئ المظاهر التي ظاهر منها قبل التّكفير أثم واستقرّت عليه الكفّارة ولو كان مجنونًا فلا تسقط

ص: 483

بعد ذلك كالصّلاة، وتحريم المظاهر باقٍ عليه لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا تقربها حتّى تفعل ما أمرك الله تعالى به"، وتجزؤه كفّارة واحدة لحديث سلمة بن صخر؛ لأنّه وجد الظّهار والعود في عموم الآية. والله أعلم.

المسألة الثّالثة: سفر المظاهر هل يقطع التّتابع أم لا يقطعه لأجل عذر السّفر؟

الجواب: أنّ فيه نظرًا. قال في الإقناع وشرحه: سفر المظاهر إذا أفطر فيه لا يقطع التّتابع. وقال في موضع آخر: وإذا تخلّله فطر كالسّفر أو المرض المبيحان للفطر في السّفر لم ينقطع التّتابع، أو تخلّله فطر لحامل أو مرضع لخوفهما على أنفسهما أو على ولديهما لم ينطقع التّتابع؛ لأنّه فطر أبيح لعذر. والله أعلم.

المسألة الرّابعة: قول السّائل عافاه الله: إذا كان لرجلٍ على آخر فضة كريالات النّاس وللأخر عليه مثلها فتصارفا بالقول الذي عندك لك عن الذي عليّ لك هل يصحّ ذلك أم لا بدّ كلّ واحدٍ يدفع لصاحبه ما عليه؟

الجواب: أنّ هذا ليس بصرفٍ، وإنّما هو تساقط، وليست هذه الصّورة التي ذكرها صاحب الشّرح بقوله: إذا كان لرجلٍ في ذمّته لآخر ذهب وللآخر عليه دراهم فاصطرفا لم يصحّ؛ لأنّه بيع دَين بدَينٍ؛ لأنّه تصارف في الذّمم، وهذا تساقط فيصحّ. قال في المنتهى وشرحه: ومَن استحقّ على غريمه مثل ما له عليه من دَينٍ جنسًا، وقدرًا وصفة حالين بأن اقترض زيد من عمرو دينارًا مصريًا ثم اشترى عمرو من زيد شيئًا بدينار مصري حال أو من أجلين أجلًا واحدًا، كثمنين اتّحد أجلهما تساقطا إن استويا أو سقط من الأكثر بقدر الأقلّ إن تفاوتا قدرًا؛ لأنّه لا فائدة

ص: 484

في أخذ الدَّين من أحدهما ثم ردّه إليه. انتهى. والله أعلم.

المسألة الخامسة: رجل بينه وبين آخر معاملة فأوصى عند الموت بقوله: صدّقوا فلانًا فيما ادّعى به.

فالجواب: إذا كان المقرّ له غير وارث فظاهر كلام أهل المذهب أنّه يصدق فيما ادّعى به إذا كان يمكن أن يتصوّر منه التزامه بخلاف ما لو ادّعى بما لا يتصوّر كدعواه عليه جناية من عشرين سنة وعمره عشرون سنة أو أقلّ، فهذا لا يصحّ إقراره بذلك.

قلت: ومثل ذلك: لو كان هذا المصدّق فقيرًا كالذي يعرفه أهل بلده بالفقر فيدعي أنّ عند هذا المقرّ ما لا يعرف أنّه قد ملكه كمَن رأسُ مالِهِ الذي يعامل فيه عشرون درهمًا مثلًا أو قريبًا، فيدّعي على هذا المقرّ لما سمع قوله صدّقوه لي عنده مائة دينار أو مائتان، فالظّاهر أنّه لا يصدق وما أمكن صدقه فيه صدق. والله أعلم.

المسألة السّادسة: قول السّائل: كتاب عمر لأبي موسى رضي الله عنهما المسلمون عدول بعضهم على بعضٍ إلّا مجلود في حدٍ أو مجرّب عليه شهادة زورٍ أو ظنّين في ولاء أو نسب.

فالجواب: أنّ الظّنين هو المتّهم. قاله صاحب النّهاية. ومنه حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجوز شهادة خائنٍ ولا خائنةٍ ولا مجلود في حدٍّ ولا ذي غمرٍ على أخيه ولا ظنين في ولاء ولا قرابة ولا القانع مع أهل البيت". رواه التّرمذي. وقال: هذا حديث غريب. وفي إسناده يزيد بن زياد الدّمشقي الرّاوي منكر الحديث. والله وأعلم.

وصلّى الله على محمّد وآله وصحبه وسلّم.

ص: 485

- 2 -

بسم الله الرحمن الرحيم

من عليّ بن حسين إلى الأخ جمعان جمع الله له بين خيري الدّنيا والآخر وغفر ذنبه أوّله وآخره. وأصلح أعماله الباطنة والظّاهرة.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أمّا بعد؛

فقد وصل السّؤال عن المسائل الجلال فعوقت العوائق عن الجواب لما اشترطت علينا من مطالعة الكتاب.

المسألة الأولى: سألت عن قسمة الإجبار ومحلّ الإشكال عليك أنّ أهل المذهب أطلقوا فيها على أشياء من غير شرط غرر. قال في المحرّر: فأمّا ما لا ضرر فيه، ولا ردّ عوضٍ في قسمته كالقرية والبستان والدّار الكبيرة والأرض والدّكان الواسعة

إلى أن قال: إذا طلب الشّريك قسمة أجبر الآخر عليها. انتهى. فأطلق على البستان ولم يشترط ضررًا والبستان والنّخل قد يكثر ويقل وتكثر سهامه وتقل فأشكل عليه إطلاقهم نفي الضّرر عن البستان قليله وكثيره.

فالجواب -وبالله التّوفيق- أنّ المسألة كما ذكروا. لكن الغالب أنّ الضّرر وردّ العوض يقلّ فيما ذكروا لسعة المكان فتمكن قسمة بلا ضرر ولا ردّ عوض والصّغير بالعكس. فمتى وجدنا الضّرر وردّ العوض كبر المكان أو صغر، كثر الشّجر أو قلّ، وكثرت السّهام أو قلّت فهي قسمة تراض. وهذا هو المفتي به عند مشائهنا. وهو صريح عبارات الأصحاب في القسمة.

قال في الشّرح الكبير: والقسمة نوعان: قسمة تراضٍ، وقسمة إجبارٍ. فأمّا قسمة التّراضي فهي ما فيه ضرر على أحد الشّركاء أو ردّ عوض من

ص: 486

أحدهم كالدّور الصّغار التِي لا يمكن قسمها فلا يجوز فيها إلّا ما يجوز في البيع وهل تلزم بالقرعة إذا قسمها حاكم أو رضوا بقاسم فيه وجهان: أحدهما: يلزم القسم. والثّاني: لا يلزم إلّا بالتّراضي. واختلفوا في الضّرر. فقال بعضهم الضّرر والمانع نقص القيمة. وهو رواية عن الإمام أحمد. وعنه الضّرر ما لا يمكن أحدهما الانتفاع بنصيبه مفردًا فيما كان ينتفع به مع الشّركة والأوّل ظاهر كلام الشّافعي؛ لأنّ النّقص ضرر، وهو منفي شرعًا. الثّاني: قسمة الإجبار وهي ما لا ضرر فيه ولا ردّ عوض. وهذه القسمة إفراز حقّ لا بيع. انتهى كلام الشّارح.

المسألة الثّانية: فيمَن أوصى في داره ببيت لإنسانٍ وتضرّر أهل الدّار بسكنى الموصى له ما الحكم؟

الجواب: أنّ هذه الوصيّة صحيحة وليس لأهل البيت منع الموصى له من السّكنى في الموصى به وإن تضرّروا فلهم طلب القسمة، فإن كانت قسمة إجبار أفرز له حقّه، وإن كانت قسمة تراضٍ لم يقسم إلّا برضاهم، لكن إن تضرّروا فللحاكم بيعه، وقسم الثّمن على قدر الملك إن لم يرضوا بالقسمة ولا بسكناه معهم.

المسألة الثّالثة: قال علماؤنا في المحجور عليه لحظ نفسه كالسّفيه والمجنون والصّبي لا يصحّ تصرّفهم قبل الإذن، ومن دفع إليهم ماله ببيعٍ أو قرضٍ رجع فيه ما كان باقيًا فإن أتلفه واحد منهم فمن ضامن مالكه؛ لأنّه سلطه عليه برضاه علم بالحجر أو لم يعلم.

قلت: فإذا بلغ الصّبي وانفكّ الحجر عن السّفيه وأفاق المجنون هل يضمنون أم لا؟

الجواب: لا يضمنون شيئًا من ذلك إلّا إن حصل في يد أحدهم

ص: 487

بغير رضا صاحبه كالغصب والجناية، فعليه ضمانه. وإن أودع عند الصّبي أو المجنون أو أعارهما فلا ضمان عليهما، وإن أتلفاه فوجهان. قال في الشّرح الكبير:(الضّرب الثّاني): المحجور عليه لحظ نفسه، وهو الصّبي والمجنون والسّفيه فلا يصحّ تصرّفهم، ومَن دفع إليهم ماله ببيع أو قرض رجع فيه ما كان باقيًا، فإن أتلف واحد منهم فمن ضمان مالكه؛ لأنّه سلط عليه برضاه علم بالحجر أو لم يعلم. فإن حصل في يده برضا صاحبه من غير تسليط كالوديعة والعارية، فاختار القاضي أنّه يلزمه الضّمان إن كان تلفه بتفريطه وإلّا يحتمل أن لا يضمن، وأمّا ما أخذه من ذكر بغير اختيار المالك كالغصب أو الجناية فعليه ضمانه.

المسألة الرّابعة: إذا غصب رجلٌ شجرًا أو نخلًا ثم بايع به آخر بنخل مثله ونزع المغصوب من يد مشتريه وضمن زوائده مدّته في يده ما حكم نخل المشترى الذي بايع به الغاصب هل يضمن الغاصب غلاة نخلٍ من بايعه كما ضمن الغاصب نماء الغصب لمالكه، ومعلوم أنّ البيع فاسد والبيع الفاسد لا يملك به؟

فالجواب: أنّ هذا المغصوب من أفسد العقود، وقد ذكروا في العقد الفاسد ما يبيّن أنّ لصاحب النّخل أو الشّجر الرّجوع على الغاصب بما أخذ منه المالك، قال في الإقناع: ومنافع المقبوض بعقدٍ فاسدٍ كمنافع المغصوب تضمن بالفوات والتّفريت.

المسألة الخامسة: قول علمائنا: الأيدي المترتّبة على يد الغاصب عشر، ما هي؟

فالجواب -وبالله التّوفيق-: الأولى والثّانية من الأيدي المترتّبة على يد

ص: 488

الغاصب يد المشتري منه ويد المستعير. الثّالثة: يد المستأجر. الرّابعة والخامسة: يد المتملّك بلا عوض، ويد القابض بعقد أمانة. السّادسة: يد المتزوّج للأمة المغصوبة إذا تزوّجها وكانت بيده وماتت. السّابعة: يد المتصرّف في المال بما ينمّيه كالمضارب والشّريك والمساقي والمزارع، إذا تلف ذلك بيد العامل ونحوه. الثّامنة: يد القابض تعويضًا بغير عقد البيع بأن يجعل المغصوب عوضًا في نكاحٍ أو خلعٍ أو طلاقٍ أو عقدٍ أو صلحٍ، أو إيفاء دَينٍ ونحوه. التّاسعة: يد المتلف للمغصوب نائبًا للغاصب كالذّابح للحيوان المغصوب والطّابخ له، وهذا يرجع بما ضمنه للمالك على الغاصب إن لم يعلم بالحال لوقوع الفعل للغاصب فهو كالمباشرة، لكن إن أتلفه على وجه محرّمٍ كأن قتل العبد أو أحرق المال المغصوب عالمًا بتحريمه ففي التّلخيص يستقرّ عليه الضّمان لعلمه بالتّحريم، ورجّح الحارثي دخوله في قسم المغرور لعدم علمه بالتّحريم والضّمان.

العاشرة: يد الغاصب من الغاصب فالقرار على الثّاني مطلقًا ولا يطالب بِما زاد على مدّته. وهذا كلّه يعلم مما ذكره بالتّأمّل. ومتى وجدت زيادة بيد أحدهما كسمن وتعلم صنعة ثم زالت، فإن كانت في يد الثّاني فكما لو كانت بأيديهما، وإن كانت بيد الأوّل اختصّ بضمان تلك الزّيادة. وأمّا الأصل فعلى ما سبق قاله في الإقناع وشرحه.

المسألة السّادسة: هل وجدت في كتب المذهب جواز الأخذ من الزّكاة مع الغنَى لِمَن قام بمصلحة من مصالح المسلمين عامّة كالقضاء والتّدريس والإفتاء، أو ما هنا إلّا عموم كقول أحمد في التّطوّع لما ذكر الجهاد ذكر

ص: 489

رواية أخرى أنّ طلب العلم أفضل، وأنّه داخل في الجهاد، وأنّه نوع منه إلى آخر السّؤال.

فالجواب: أمّا هذه المسألة فأكثر أهل العلم على المنع من الأخذ مع الغنى عمومًا، وأمّا مع التّخصيص فلم أجد لأهل المذهب تصريحًا في الأخذ مع الغنى غير عموم الأخذ من بيت المال وإن كثر، والأخذ من الزّكاة لِمَن له الأخذ منها بقدر الكفاية، وأمّا قياسه على الجهاد وأنّه نوع منه، وأنّ للغازي الأخذ من الزّكاة مع الغنى فالغازي مخصوص في الآية الكريمة، وهو الثّامن وليس فيه تصريح بجواز الأخذ مع الغنى لغير الغازي إلّا بفهم عمومات كالقياس على الغازي والعامل والغارم مع الغنى. قال القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى:{وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} ، [التّوبة، من الآية: 60]، أنّ العامل عطّل نفسه لمصلحة الفقراء فكانت كفايته وكفاية أعوانه في مالهم؛ كالمرأة لما عطّلت نفسها لحقّ الزّوج كانت نفقتها ونفقة أتباعها من خادم أو خادمين على زوجها، ولا يقدر رزق العامل بالثّمن؛ بل تعتبر الكفاية؛ ثمنًا كان أو أقلّ أو أكثر؛ كرزق القاضي.

وقال في موضعٍ آخر: دلّ قوله تعالى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} ، [التّوبة، من الآية: 60]، على أنّ كلّ ما كان من فروض الكفايات؛ كالسّاعي والكاتب والقسّام والعاشر وغيرهم فالقائم به يجوز له أخذ الأجرة عليه، ومن ذلك الإمامة فإنّ الصّلاة وإن كانت متوّجهة على جميع الخلق، فإنّ تقدّم بعضم بهم من فروض الكفايات، ولا جرم أنّه يجوز له الأخذ عليها، وهذا أصل الباب وإليه أشار النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بقوله:"ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة". قاله ابن العربي. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تحلّ الصّدقة لغني إلّا خمسة: العامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم، أو غازي في سبيل

ص: 490