المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌{مسائل في السلم وما في معناه مما يتعلق به} - مجموعة الرسائل والمسائل النجدية - ط المنار - جـ ١

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌القسم الأول‌‌رسائل وفتاوى للشيخ محمد بن عبد الوهابوأبنائه رحمهم الله

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌رسائل وفتاوى لأبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌(2)(رسالة عامة في الزجر عن الغلول ووجوب التذكير والموعظة)

- ‌(3)(رسالة في نصاب الزكاة بالريالات)

- ‌(4)(رسالة في المعاملات الربوية وأحكام الطلاق والعدة)

- ‌(5)(رسالة في مواعظ عامة في مهمات الدين)

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌{مسائل في الصلاة وما يتعلق بها}

- ‌{مسائل في دفن الميت والصلاة عليه وصفتها}

- ‌مسائل في نصاب الزكاة وزكاة العروض

- ‌{مسائل في صدقة الفطر وما يتعلق بها}

- ‌{مسائل في الرهن وما يتعلق به}

- ‌{مسائل في المساقاة والمزارعة وما في معناهما}

- ‌{مسائل في المعاملات وأنواعها}

- ‌{مسائل في الخيار وما في معناه}

- ‌{مسائل في السلم وما في معناه مما يتعلق به}

- ‌{مسائل في القرض وما في معناه وما يتعلق به}

- ‌{مسائل في الوقف}

- ‌{مسائل في النكاح وما يتعلق به مما في معناه}

- ‌{مسائل في العدد وما في معناها}

- ‌{مسائل في الإحداد وما يتعلق به}

- ‌من جواب) لعبد الله بن الشيخ رحمه الله:

- ‌(8){مسائل مختلفة أجاب عنها الشيخ عبد الله بن الشيخ

- ‌القسم الثانيرسائل وفتاوى أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ عبد الرحمن بن حسن

- ‌ 4 -(رسالة ضافية في الرّبا وحكم نقود الجدد الزّيوف فيه)

- ‌قال شيخنا ووالدنا الشّيخ عبد الرّحمن بن حسن في أثناء كلامٍ له*:

- ‌{فائدة}:

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ حسن بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌[فوائد]

- ‌مسألة: إذا غارس رجل رجلًا في أرضٍ، على أن يغرس فيها قدرًا معلومًا من النّخل والنّخل من العامل وينفق عليه العامل حتّى يثمر، ثم يقتسمان النّخل والأرض، هل يصحّ ذلك؟ أم لا يصحّ إلّا على أنّ الأرض لربّها والنّخل بينهما؟ أو تصحّ في الصّورتين كما أفتى به أبو العبّاس

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ علي بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌فائدة:

- ‌فائدة أصوليّة نافعة:

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌ جواب عبد الله بن الشّيخ إلى بعض الإخوان

- ‌من عليّ بن الشّيخ حسين إلى الأخ جمعان بن ناصر

- ‌فتويان من فتاوى الشيخ سليمان بن علي، جد شيخ الإسلام

- ‌فصل:

- ‌رسالة للشيخ عبد الوهاب بن الشيخ سليمان، والد شيخ الإسلام

- ‌القسم الثالثرسائل وفتاوى لغير سلالة الشيخ من علماء نجد

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ حمد بن ناصر بن معمر

- ‌[نقل من كتاب "حادي الأرواح" لابن القيم]

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين

- ‌{فائدة لأبي بطين}:

- ‌{مسألة} ما حكم ما يغرس أو ينبت من النّخل ونحوه على ماء الشّريك في المشاع إذا أراد الشّركاء القسمة

- ‌ سُئِل الشّيخ عبد الله بن عبد الرّحمن أبو بطين رحمه الله، وعفا عنه عن الذي يروى: "مَن كفّر مسلمًا فقد كفر

- ‌ اعلم أنّ ضدّ التّوحيد الشّرك، وهو ثلاثة أنواع:

- ‌(مسألة): ومن أعطى أرضه لرجل يغرسها بجزء معلوم وشرط عليه عمارتها فغرس بعض الأرض وتعطل باقي الأرض من الغراس

- ‌ حكم ما إذا وجد البدوي ماله عند حضري ونحوه ولم يعلم أنّه غصب، هل يفرق بين كون البدوي حربًا للآخر وقد أخذ ماله أم لا؟وكذا إذا عرف الحضري ماله عند حضري أو بدوي وادعى أنّه قد اشتراه من حربي للمدّعي وربّما أنّه قد أخذ مالًا للبائع، فما الحكم في ذلك

- ‌[فوائد]

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ سعيد بن حجي

- ‌رسالة للإمام عبد العزيز آل سعود

- ‌رسالة للشيخ أحمد بن محمد بن حسن القصير الأشيقري

- ‌رسالة للشيخ محمد بن عبد الله بن إسماعيل

- ‌رسالة للشيخ محمد بن أحمد بن إسماعيل

- ‌{رسالة للشّيخ عبد العزيز بن عبد الجبّار}

- ‌رسالة للشيخ حمد بن عتيق

- ‌رسالة لبعض علماء الرياض

- ‌رسالة لبعض علماء نجد

- ‌رسالة للشيخ محمد بن أحمد بن محمد القصير

- ‌{رسالة لبعض علماء الدّرعية}

- ‌{رسالة للشّيخ محمّد بن عمر بن سليم}

الفصل: ‌{مسائل في السلم وما في معناه مما يتعلق به}

الصحيحة، ويثبت في الصلح بمعنى البيع، وفي الهبة إذا شرط فيها عوضا معلوما. ويثبت في الإجارة وفي الصرف وفي السلم، كل هذا يثبت فيه خيار المجلس، ولا يثبت في سائر العقود كالنكاح والوقف والهبة بغير عوض، فكل هذا لازم لا خيار فيه، وكذلك الرهن لازم في حق الراهن وحده لا خيار فيه، وكذلك الضامن والكفيل لا خيار لهما، وكذلك الحوالة والأخذ بالشفعة عقد لازم لا خيار فيهما على المشهور.

وأما المساقاة والمزارعة، فإن قلنا إنهما عقد لازم على القول الراجح ثبت فيهما خيار المجلس، وإن قلنا أنهما عقد جائز فلا خيار فيهما، لأن الخيار مستغنى عنه حينئذ.

(مسألة) في خيار الشرط، ما يثبت فيه من هذه الأشياء سوى البيع، والصلح بمعنى البيع، والإجارة في الذمة. ما حكم هذه الأشياء عند الحنابلة وما الخلاف والتوافق بينهم وبين غيرهم وما الدليل وما قول الشيخ تقي الدين يثبت خيار الشرط في كل العقود، ما الداخل منها في قوله وما الخارج

(الجواب): أما خيار الشرط فيثبت في البيع، والصلح بمعنى البيع، والهبة بعوض، والإجارة في الذمة، ونحو ذلك، ولا يثبت في الصرف والسلم ونحوهما. وقال الشيخ تقي الدين: يثبت خيار الشرط في كل العقود، فيثبت عنده في الصرف والسلم، إذا تقابضا، ثم جعلا الخيار لهما أو لأحدهما مدة معلومة، والله أعلم.

{مسائل في السلم وما في معناه مما يتعلق به}

[هل يلزم السلم بالعقد أو لا بد من القبض؟]

(مسألة): إذا أراد إنسان أن يسلم إلى إنسان دراهم كثيرة أو قليلة، وعرفا السعر، ودفع المسلم بعض الدراهم إلى المسلم إليه، وبعضها لم يدفعه إليه،

ص: 131

بل أعطاها أجير المسلم إليه أو غريمه، أو تقاولوا على سعر ولم يقبض المسلم إليه شيئا من الدراهم، بل فرقها المسلم أو استوفى بها، وهل يلزم السلم بالعقد أو لا بد من القبض ومن أراد الفسخ قبل القبض يكون له أم لا وهل يشترط لصحة السلم قبض رأس المال في مجلس العقد ويجعل في يد المسلم إليه

(الجواب): إذا أراد إنسان أن يسلم إلى إنسان مائة جديدة، وساومه وعرفا السعر، ثم دفعها إليه متفرقة، أو أعطاها أجيره أو غريمه (فاعلم) -وفقك الله- أن الذي عليه جمهور العلماء أن من شرط صحة السلم قبض رأس المال في مجلس العقد، فإن تفرقا قبل القبض بطل العقد. فإن أحضرا رأس المال في مجلس آخر وتراضيا على إمضاء العقد وأسلمها إليه صح، فإن أسلم إليه بعض الدراهم صح فيما أسلم إليه وبطل فيما لم يقبض. فإذا أحضره بعد ذلك ودفعه إلى المسلم إليه وقبله صح كالذي قبله؛ وأما إذا لم يكن أسلم إليه رأس المال، بل دفعه إلى أجير المسلم إليه أو غريمه، ولم يقبضه المسلم إليه، فإن ذلك لا يصح عند الجمهور.

[قلب الدين على الأجير وعلى المعسر وعلى المليء]

(مسألة): إذا كان في ذمة إنسان لآخر دراهم وهو مليء، هل له أن يكتبها عليه وهل يجوز ذلك وكذلك الكداد إذا كان في ذمته دراهم للتاجر، هل يجوز للتاجر أن يجعلها سلما قبل قبضها أم لا؟ وكذلك الأجير أو الكالف إذا كان له على مؤجره دراهم ولم يقبضها، وأراد صاحب الدراهم أن يجعلها سلما في ذمة من كان يطلب منه الدراهم، ولم يقبض من ذلك شيئا، هل يجوز ذلك؟ وهل يفرق بين المليء الباذل وبين المعسر المماطل؟

وكذلك التصحيح إذا عجز الإنسان عن غريمه قال: هاك دراهم أصححها عليك بتمر أو عيش في ذمتك، هل يجوز ذلك وهل يفرق بين القادر والمعسر في

ص: 132

ذلك أم لا؟ وكذلك إذا كان لإنسان على آخر تمر، ثم جاءه وقت الوجوب ولم يحصل له شيء من عمله ومنعه وقال: الذي هو في ذمته بعنني تمرًا أوفيك به، وكذلك إذا تحقق التاجر أن ما حصل له تمر يأخذه، قال للكداد: اشتره مني، وباعه عليه، ثم أوفاه به. هل يصح ذلك أم لا؟

(الجواب): إذا كان في ذمة الكداد دراهم للتاجر أو الأجير، وبغى يقلبها عليه في زاد، فهذه المسألة خطرها كبير؛ فينبغي التفطن لها لئلا يقع الإنسان في الربا وهو لا يشعر. وصورة المسألة أن العلماء اختلفوا، هل يجوز للتاجر أن يسلم إلى غريمه دراهم ثم يستوفي بها عن دينه، فمنعه مالك رحمه الله وقال: ما خرج من اليد وعاد إليها فهو لغو وجوده كعدمه، ومذهبه رحمه الله أن هذا التصحيح الذي يفعله الناس اليوم لا يجوز.

وأما الأئمة الثلاثة فيفرقون بين المليء الباذل والمعسر المماطل، فالمعسر لا يجوز قلب الدين عليه والواجب إنظاره، قال الله تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة من الآية: 280]، وأما المليء الباذل فظاهر كلامهم جواز السلم إليه، ولو أوفاه من الدراهم التي أسلمها إليه إذا كان على غير وجه الحيلة.

ومن أعظم ما يكون وأشده خطرا التحيل على قلب الدين إذا عجز عن استيفائه، فتجد الرجل يطلب من الكداد دراهمه، فإذا عجز عن استيفائها كتبها عليه، وصحح فيها، وهو لو يطمع في أن دراهمه تحصل له بتمامها، ولو عقب دور السنة ما كتبها عليه، ولكن إذا علم أنه ما حصل له دراهم، وعرف أنها باقية في ذمة الكداد قلبها عليه بزاد لئلا يفوته الربح، وكذلك إذا كان في الصغرى، وحل أجل التمر، وعرف أنه إن أراد أن يأخذ تمره من الكداد ما حصل له، وخاف أن يقول: إن أخذت تمري وقفت، فإذا تحقق أنه ما حصل له شيء

ص: 133

يأخذه قال: اشتره مني، وجاءه التاجر في نخله ووزنه ورده عليه؛ وكل هذا من الحيل الباطلة المفضية إلى الربا.

والواجب على من يداين الناس أو يفتيهم التفطن لهذه الأمور، وكثير من الناس يعقد العقود ظاهرها الصحة وهي باطلة لأجل الحيلة. فينبغي لمن أسلم إلى غريمه أن يدفعها إليه، ولا يستوفي منها بشيء في مجلس العقد، بل يدفعها إليه ويمضي بها إلى بيته، فإذا حازها وتملكها، وصارت الدراهم مالا له يتصرف فيها كسائر ماله، فلا بأس إذا أوفاه منها بعد ذلك.

وكذلك التمر إذا حل فينبغي للتاجر أن ينظر في حال ديانه، فإن علم منه أنه يبغي أن يوفيه ثمره بتمامه، ولو ما باع عليه منه شيئا، ووزنه له، وصار مالا للتاجر إن أراد أخذه أخذه وحمله من عنده، فهذا لا بأس أن يبيعه عليه بعد قبضه؛ وأما إن كان ما يحصل له يأخذه، وعرف أنه إن كان ما باعه عليه خنس عنده، فهذا لا يجوز بيعه، فإن باعه فهو فاسد. والحيل ما تحل الحرام، ولا تجوز في أمور الدين والله أعلم.

[أسلم في دراهم معلومة واشترط ثمنين]

(مسألة) في السلم: إذا أسلم إنسان إلى آخر شيئا معلوما، وشرط إن كان من هذه السنة فعلى ثمان، وإن كان من السنة التي بعدها فعلى عشر، ولم يقطع الخيار في مدة قريبة، بل هو متعلق إلى حدوث الثمرة الأولى. هل هو جائز أم لا وهل حكم الشرط واحد من الطرفين

(الجواب): أما إذا أسلم إنسان إلى آخر دراهم معلومة، وشرط إن كان من هذه السنة فعلى ثمان، وإن كان من السنة التي بعدها فعلى عشر، ولم يقطع الخيار في مدة قريبة، بل معلق إلى حصول الثمرة الأولى، فهذا لا يجوز عند جمهور العلماء من الحنابلة وغيرهم، وذكروا أن هذا بيعتان في بيعة.

ص: 134

[أخذ بعض الثمرة المسلم فيها بخرصها]

(مسألة) في السلم: إذا أسلم إنسان على آخر شيئا معلوما، فلما حضرت الثمرة أراد المسلم أخذ هذه النخلة بخرصها، وتكون من السلم. هل يجوز ذلك؟ وإن قلنا بعدم الجواز في ذلك، ما العلة هل هو لأجل الجهل أو غيره

(الجواب): أما إذا قبض التمر خرصا، بأن يكون في ذمة زيد لعمرو تمر قرضا أو سلما، فأراد أن يأخذ منه نخلة بخرصها من الدين الذي في ذمته، فلا أعلم فيه منعا إذا تراضيا إلى ذلك، ولم يكن بينهما شرط عند العقد، فأما مع الشرط فلا يجوز، خصوصا في مسألة القرض فهو أبلغ، لأن كل قرض جر نفعا فهو ربا.

[كان له تمر على آخر ودفع إلى غريمه دراهم يشتري له بها تمرا مثل الذي عليه]

(مسألة): إذا كان لرجل تمر على آخر ودفع إلى غريمه دراهم يشتري له بها تمرًا مثل الذي عليه.

(فالجواب): هذه المسألة إذا كان لرجل تمر على آخر، ودفع إلى غريمه دراهم يشتري له بها تمرا مثل الذي عليه، فهذه المسألة فيها تفصيل، قال في المغني:

ولو دفع زيد إلى عمرو دراهم وقال: اشتر لك بها مثل الطعام الذي لك عليّ، لم يصح، لأن دراهم زيد لا يكون عوضها لعمرو، فإن اشترى الطعام بعينها أو في ذمته فهو كتصرف الفضولي، وإن قال: اشتر لي بها طعاما ثم اقبضه لنفسك ففعل صح الشراء ولم يصح القبض لنفسه، وإن قال: اقبضه لي ثم اقبضه لنفسك، ففعل فهو جائز.

وقال أصحاب الشافعي: لا يجوز، لأنه يكون قابضا من نفسه لنفسه. انتهى. فقد تبين بما ذكرناه أن الذي يجوز في مسألة السؤال أن يدفع إليه الدراهم ويأمره أن يشتري بها للدافع، فإذا اشترى بها طعاما لموكله، وقبضه الوكيل للموكل، ثم أذن له الموكل أن يقبضه لنفسه قبضا ثانيا، وفعل ذلك جائز، ومنعه أصحاب الشافعي.

ص: 135

[قبض الطعام وصفته]

(مسألة) في القبض للطعام ونحوه ما صفته هل يكون بالكيل أو الوزن، وإن لم ينقل، وكذا الصبرة

(الجواب): أما قبض الطعام ونحوه، فأهل العلم ذكروا أن القبض في كل شيء بحسبه، فإن كان مكيلا أو موزونا بيع كيلا أو وزنا فقبضه بكيله أو وزنه، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من اشترى طعاما فلا يبعه حتى يكتاله"1 رواه مسلم.

وأما قول السائل: وهل القبض يحصل بالكيل أو الوزن وإن لم ينقل؟ فالمشهور أن القبض يحصل بالكيل والوزن وإن لم ينقل، كما نبه عليه منصور في شرح الإقناع والمنتهى، وهو ظاهر الحديث المتقدم. وأما الصبرة فإذا بيع الطعام جزافا فقبضه نقله، ولا يجوز بيعه قبل نقله؛ لحديث ابن عمر المتفق عليه.

[كال المشتري الطعام ثم أراد أن يبيعه بكيله الأول]

(مسألة): إذا كال المشتري الطعام ثم أراد أن يبيعه بكيله الأول من غير كيل. هل يجوز أم لا؟ وما الجائز؟

(الجواب): المشهور جوازه إذا كان المشتري الثاني حاضرا يشاهد الكيل الأول، وفيه وجه لا يجوز إلا بكيل ثان، وهو مذهب الشافعي لما روى ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان، صاع البائع وصاع المشتري.

[باع تمرا بعينه فاقترض بدله ووفى منه]

(مسألة) إذا باع تمرًا وعنده تمر في رؤوس النخل، فاستلف تمرًا ودفعه إلى المشتري، ثم دفع إليه بعد ذلك. هل يجوز ذلك أم لا؟

(الجواب) هذا فيه تفصيل، فإن كان المشتري قد اشترى من ذمته تمرًا موصوفا بصفات السلم، ولم يعينه من هذا التمر بعينه، فلا بد من قبض الثمن، لئلا يكون بيع دين بدين، فإذا أحضر الثمن صح البيع ولزم، وحينئذ

1 مسلم: البيوع (1528).

ص: 136

فلا بأس أن يقترض ويوفي المشتري، لأن البيع وقع على موصوف غير معين، ولا يقال: هذا بيع ما ليس عندك، لأن هذا عنده جنس ما باع. وأما أن البيع قد وقع على تمر بعينه فليس له أن يقترض بدله، بل عليه أن يوفيه تمره الذي وقع عليه العقد.

[استنابة من عليه الحق للمستحق]

(مسألة): إذا كان لإنسان عند آخر تمر، وأمر صاحب التمر الذي هو عنده أن يبيعه على أجنبي أو غيره. هل يجوز أم لا

(الجواب): هذه المسألة مسألة استنابة من عليه الحق للمستحق وهي جائزة، لكن لا يجوز له بيعه حتى يقبضه من نفسه لموكله، فإذا قبضه ثم باعه جاز، ولا بد من وزن ثان، إلا أن يكون المشتري قد حضر الوزن الأول، فيجري فيه الخلاف الذي تقدم ذكره في المسألة الرابعة.

[بيع المسلم فيه قبل قبضه]

(مسألة) إذا كان لإنسان عند آخر تمر فباعه على الذي هو في ذمته. هل هذا جائز أم لا؟ وهل يفسد البيع؟

(الجواب): إذا كان لإنسان عند آخر تمر فباعه على الذي هو في ذمته قبل قبضه فهو بيع فاسد بالسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الطعام قبل قبضه. وهو عام في النهي عن بيعه ممن هو عليه أو من أجنبي، ولا نرى إذا باعه لمن هو في ذمته فقد ربح فيما لم يدخل في ضمانه، وقد ثبت في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ربح ما لم يضمن.

وحكى في المبهج رواية عن أحمد أنه يجوز بيعه من بائعه قبل قبضه، وهي رواية ضعيفة في المذهب؛ لأنها تخالف ظاهر السنة، وتخالف ما عليه الجمهور، بل أكثر العلماء على أنه لا يجوز الاعتياض عن المسلم فيه قبل قبضه، قال في المغني: فأما بيع المسلم فيه من بائعه فهو أن يأخذ ما أسلم فيه عوضا عن المسلم فيه، فهذا حرام سواء كان

ص: 137

المسلم فيه موجودًا أو معدوما، وسواء كان العوض مثل المسلم فيه في القيمة أو أقل أو أكثر، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي.

وذكر ابن أبي موسى عن أحمد رواية أخرى فيمن أسلم في بر فعدمه عند المحل، فرضي أن يأخذ الشعير مكان البر، جاز ولم يجز أكثر من ذلك. وهذا يحمل على الرواية التي فيها البر والشعير جنس واحد، والصحيح في المذهب خلافه. وقال مالك: يجوز أن يأخذ غير المسلم فيه مكانه يتعجله ولا يؤخره إلا الطعام، قال ابن المنذر: ثبت عن ابن عباس أنه قال: إذا أسلم في شيء إلى أجل فإن أخذت ما أسلفت فيه وإلا فخذ عوضه أنقص منه ولا تربح مرتين. رواه سعيد.

ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أسلم في شيء فلا يصرفه، إلى غيره"1 رواه أبو داود وابن ماجه، ولأن أخذ العوض عن المسلم فيه بيع له فلم يجز كبيعه من غيره. انتهى كلامه في المغني. فتبين مما ذكرناه أن بيع المسلم فيه قبل قبضه لا يجوز، ولو لمن هو في ذمته كما هو ظاهر الأحاديث.

ومن أجاز ذلك احتج بكلام ابن عباس، ولا يعارض به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأيضا فقوله: ولا تربح مرتين، يخالف ظاهر الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ربح ما لم يضمن، لأنه نهى عن ربحه مطلقا، والمسلم فيه قبل قبضه من ضمان البائع، فلا يباح ربحه قبل قبضه، والله أعلم.

[الحوالة بدين السلم وعليه]

(مسألة) وأما الحوالة بدين السلم هل يجوز أم لا؟

(فالجواب): أما الحوالة بدين السلم، فقال في المغني: وأما الحوالة به فغير جائزة، ومعنى الحوالة به أن يكون لرجل طعام من سلم وعليه مثله من قرض أو سلم أو بيع، فيحيل من عليه الطعام على الذي له عنده السلم، فلا يجوز؛ وإن أحال المسلم إليه بالطعام الذي عليه لم يصح أيضا، لأنه معاوضة

1 أبو داود: البيوع (3468)، وابن ماجه: التجارات (2283).

ص: 138

بالمسلم فيه قبل قبضه، فلم يجز كالبيع. انتهى كلامه.

واختار الشيخ تقي الدين جواز الحوالة بدين السلم والحوالة عليه، وعلله بتعاليل جيدة، فعلى القول بجوازه لا يجوز للمحال بيعه قبل قبضه من نفسه وبيعه، فلا بد أن يقبضه من نفسه قبل البيع، فإذا قبضه ثم بعد ذلك باعه لموكله فلا بأس -إن شاء الله-، وأما الشافعية فلا يجوزون القبض في مثل هذه الصورة.

[الحوالة بالمسلم فيه]

(مسألة): هل يصح الحوالة بالمسلم فيه على كلام الزركشي أم على كلام غيره لا يصح؟

(الجواب): أما الحوالة بالمسلم فيه فالأكثرون لا يجيزونه، وأجازه الشيخ تقي الدين؛ لأنه لا محذور فيه، لأن الحوالة ليست بيعا.

[أسلم في طعام ولم يوجد ذلك الطعام عند الحلول]

(مسألة): إذا أسلم إلى رجل في طعام، ولم يوجد عند المسلم إليه شيء، وهو مليء، وأراد أن يشتري له طعاما من السوق، فقال صاحب الطعام: اعطني عن طعامي الذي لي عليك ذهبا أو فضة على ما كان يباع في السوق. هل له ذلك أم لا؟

(الجواب): أما إذا أسلم إلى رجل في طعام، ولم يوجد ذلك الطعام عند الحلول، فلا يجوز له أن يأخذ عن الطعام دراهم عن الشعر، هذا الذي يترجح عندي في المسألة، والله أعلم.

[اختلاف المسلم والمسلم إليه في حلول الأجل]

(مسألة) إذا اختلف المسلم والمسلم إليه في حلول الأجل، من القول قوله؟

(الجواب): نقول: القول قول المسلم إليه، لأنه منكر، والأصل معه، إذ الأصل في السلم التأجيل؛ وهذا بخلاف الأداء، إذا قال المسلم إليه: أديت إليك دينك، فإن القول قول المسلم، لأنه منكر، والأصل معه، وهو ثبوت الدين في ذمة المسلم إليه.

[قبض رأس مال السلم]

(مسألة): إذا تواعد رجلان أن يسلم أحدهما إلى الآخر مائة درهم، فلما صار

ص: 139