الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الجيش والسّريّة معًا فإذا قفل فبعث سريّة تغيّر وجعل لهم الثّلث بعد الخمس فما قدمت السّريّة أخرج خمسه ثمّ أعطى السّريّة ثلث ما بقي ثمّ قسم سائره في الجيش والسّريّة معه.
(القسم الثّاني): أن ينفل الإمام بعض الجيش لعنائه وعنايته وبأسه أو لمكروه تحمله دون سائر الجيش.
(القسم الثّالث): أن يقول الأمير: من طلع هذا الحصن أو هدم هذا السّور أو نقب هذا النّقب أو فعل كذا فله كذا، أو من جاء بأسير فله كذا، فهذا جائز في قول أكثر أهل العلم. انتهى ما نقلته من الشّرح الكبير رحم الله مؤلّفه، فظهر ممّا نقل الجواب عن المسائل المسؤول عنها وبيان حكمها.
وأمّا من منع إنسانا من العدوّ وأمنه على أن يعطيه فرسه أو بعيره أو سلاحه أو ما معه فالظّاهر أنّه لا يستحقّه وحده إلّا أن يجعله الإمام له وإلّا فيجعل مع الغنيمة والله أعلم. وصلّى الله على محمّد وآله وصحبه وسلّم.
وقال في الشّرح الكبير:
(مسألة) وإذا لحق مدد وجاء أسير وأدركوا الحرب قبل تقضيها أسهم لهم وإن جاؤوا بعد إحراز الغنيمة فلا شيء لهم.
…
رسالة لبعض علماء نجد
…
{رسالة لبعض علماء المسلمين أهل نجد}
بسم الله الرحمن الرحيم
(مسألة): هل يجوز إطلاق لفظة تبارك على غير الله مثل من قول تبارك علينا فلان أو تباركت الدّابة ونحو ذلك وهل هو دعاء أو إخبار فلا يمنع منه أو صفة من الصّفات فلا تطلق إلا على الله؟
(الجواب): الحمد لله هذه المسألة قد كفانا جوابها شمس الدّين ابن القيّم -رحمه الله تعالى- في بدائع الفوائد بأوضح عبارة وأبيّنها لمن أراد الإنصاف
وسلم من التّعصب والاعتساف وصرف المعاني عن حقائقها إلى مالا تدلّ عليه ولا تفهم منه قال رحمه الله:
(فصل): وأمّا البركة فهي نوعان أحدها بركة هي فعله تبارك وتعالى، والفعل من بارك يتعدّى بنفسه تارة وبأداة على تارة وبأداة في تارة والمفعول منها مبارك وهو ما جعل كذلك فكان مباركًا بجعله تعالى.
(والنّوع الثّاني): بركة تضاف إليه تعالى إضافة الرّحمة والعزّة والفعل منها تبارك ولهذا لا يقال لغيره ذلك ولا يصلح إلّا له عز وجل فهو سبحانه المتبارك وعبده ورسوله المبارك وذلك كما قال المسيح: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم، من الآية:31] ، فما بارك الله فيه وعليه فهو المبارك.
وأمّا صيغة تبارك فمختصة به تعالى كما أطلقها على نفسه بقوله: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون، من الآية: 14]، {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} [الزخرف، من الآية: 85]، {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان، من الآية: 1]، {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ} [الفرقان، من الآية: 10]، {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ} [الفرقان، من الآية: 10]، {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} [الفرقان، من الآية: 61]، أفلا تراها كيف أطردت في القرآن جارية عليه مختصّة به لا تطلق على غيره وجاءت على بناء السّعة والمبالغة كتعالى وتعاظم ونحوه فجاء بناء تبارك على بناء تعالى الّذي هو دال على كمال العلوّ ونهايته؛ فكذلك تبارك دال على كمال بركته وعظمتها وسعتها، وهذا معنى قول من قال من السّلف تبارك تعاظم، وقال آخر: إن مجيء البركات من قبله، فالبركة كلّها منه وقال غيره: كثرة خيره وإحسانه إلى خلقه، وقيل: اتّسعت رأفته ورحمته بهم، وقيل: تزايد على كلّ شيء وتعالى عنه في صفاته وأفعاله، ومن هنا قيل: معناه تعالى وتعاظم، وقيل: تبارك تقدس وطهر الطّهارة، وقيل: تبارك أي: اسمه مبارك في كلّ شيء، وقيل: تبارك ارتفع المبارك المرتفع ذكره البغوي.
وقيل: تبارك أي: البركة تكتسب وتنال بذكره، وقال ابن عبّاس حاز كلّ بركة وحقيقة اللّفظة أنّ البركة كثرة الخير ودوامه ولا أحقّ بذلك وصفًا وفعلًا منه تبارك وتعالى، وتفسير السّلف يدور على هذين المعنيين وهما متلازمان لكن الأليق باللّفظ معنى الوصف لا الفعل؛ فإنّه فعل لازم مثل تعالى وتقدس وتعاظم، ومثل هذه الألفاظ لا يصحّ أن يكون معناها أنّه جعل غيره عاليًا ولا قدوسًا ولا عظيمًا وهذا ممّا لا يحتمله اللّفظ بوجه وإنّما معناها في نفس من نسبت إليه وهو المتعالي المتقدّس في نفسه، فكذلك تبارك لا يصحّ أن يكون معناها بارك في غيره وأين أحدهما من الآخر لفظًا ومعنى هذا لازم، وهذا متعد فقد علمت أنّ مَن فسّر تبارك بمعنى ألقى البركة وبارك في غيره لم يصب معناها، وإن كان هذا من لوازم كونه تعالى متباركا، فتبارك من باب مجد، والمجد صفات الجلال والكمال والسّعة والفضل، وبارك من باب أعطى وأنعم.
ولمّا كان المتعدّي في ذلك يستلزم الّلازم من غير عكس فسّر من فسّر من السّلف اللّفظة بالتّعدي لينتظم المعنيين فقال مجيء البركة كلّها من عنده أو البركة كلّها من قبله، وهذا فرع على تباركه في نفسه وتدبّر النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حديث ثوبان الّذي رواه مسلم في صحيحه عند انصرافه من الصّلاة:"اللهمّ أنت السّلام ومنك السّلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام"، فتأمّل هذه الألفاظ الكريمة كيف جمعت نوعي الثّناء أعني ثناء التّنْزيه والتّسبيح، وثناء الحمد والتّحميد بأبلغ لفظ وأوجزه وأتمّه معنى فأخبر أنّه السّلام ومنه السّلام، فالسّلام له وصفًا وملكًا، وقد تقدّم بيان هذا في وصفه تعالى بالسّلام، وأنّ صفات كماله ونعوت جلاله وأفعاله وأسمائه كلّها سلام.
وكذا الحمد كلّه له