المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رسائل وفتاوى للشيخ حمد بن ناصر بن معمر - مجموعة الرسائل والمسائل النجدية - ط المنار - جـ ١

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌القسم الأول‌‌رسائل وفتاوى للشيخ محمد بن عبد الوهابوأبنائه رحمهم الله

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌رسائل وفتاوى لأبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌(2)(رسالة عامة في الزجر عن الغلول ووجوب التذكير والموعظة)

- ‌(3)(رسالة في نصاب الزكاة بالريالات)

- ‌(4)(رسالة في المعاملات الربوية وأحكام الطلاق والعدة)

- ‌(5)(رسالة في مواعظ عامة في مهمات الدين)

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌{مسائل في الصلاة وما يتعلق بها}

- ‌{مسائل في دفن الميت والصلاة عليه وصفتها}

- ‌مسائل في نصاب الزكاة وزكاة العروض

- ‌{مسائل في صدقة الفطر وما يتعلق بها}

- ‌{مسائل في الرهن وما يتعلق به}

- ‌{مسائل في المساقاة والمزارعة وما في معناهما}

- ‌{مسائل في المعاملات وأنواعها}

- ‌{مسائل في الخيار وما في معناه}

- ‌{مسائل في السلم وما في معناه مما يتعلق به}

- ‌{مسائل في القرض وما في معناه وما يتعلق به}

- ‌{مسائل في الوقف}

- ‌{مسائل في النكاح وما يتعلق به مما في معناه}

- ‌{مسائل في العدد وما في معناها}

- ‌{مسائل في الإحداد وما يتعلق به}

- ‌من جواب) لعبد الله بن الشيخ رحمه الله:

- ‌(8){مسائل مختلفة أجاب عنها الشيخ عبد الله بن الشيخ

- ‌القسم الثانيرسائل وفتاوى أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ عبد الرحمن بن حسن

- ‌ 4 -(رسالة ضافية في الرّبا وحكم نقود الجدد الزّيوف فيه)

- ‌قال شيخنا ووالدنا الشّيخ عبد الرّحمن بن حسن في أثناء كلامٍ له*:

- ‌{فائدة}:

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ حسن بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌[فوائد]

- ‌مسألة: إذا غارس رجل رجلًا في أرضٍ، على أن يغرس فيها قدرًا معلومًا من النّخل والنّخل من العامل وينفق عليه العامل حتّى يثمر، ثم يقتسمان النّخل والأرض، هل يصحّ ذلك؟ أم لا يصحّ إلّا على أنّ الأرض لربّها والنّخل بينهما؟ أو تصحّ في الصّورتين كما أفتى به أبو العبّاس

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ علي بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌فائدة:

- ‌فائدة أصوليّة نافعة:

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌ جواب عبد الله بن الشّيخ إلى بعض الإخوان

- ‌من عليّ بن الشّيخ حسين إلى الأخ جمعان بن ناصر

- ‌فتويان من فتاوى الشيخ سليمان بن علي، جد شيخ الإسلام

- ‌فصل:

- ‌رسالة للشيخ عبد الوهاب بن الشيخ سليمان، والد شيخ الإسلام

- ‌القسم الثالثرسائل وفتاوى لغير سلالة الشيخ من علماء نجد

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ حمد بن ناصر بن معمر

- ‌[نقل من كتاب "حادي الأرواح" لابن القيم]

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين

- ‌{فائدة لأبي بطين}:

- ‌{مسألة} ما حكم ما يغرس أو ينبت من النّخل ونحوه على ماء الشّريك في المشاع إذا أراد الشّركاء القسمة

- ‌ سُئِل الشّيخ عبد الله بن عبد الرّحمن أبو بطين رحمه الله، وعفا عنه عن الذي يروى: "مَن كفّر مسلمًا فقد كفر

- ‌ اعلم أنّ ضدّ التّوحيد الشّرك، وهو ثلاثة أنواع:

- ‌(مسألة): ومن أعطى أرضه لرجل يغرسها بجزء معلوم وشرط عليه عمارتها فغرس بعض الأرض وتعطل باقي الأرض من الغراس

- ‌ حكم ما إذا وجد البدوي ماله عند حضري ونحوه ولم يعلم أنّه غصب، هل يفرق بين كون البدوي حربًا للآخر وقد أخذ ماله أم لا؟وكذا إذا عرف الحضري ماله عند حضري أو بدوي وادعى أنّه قد اشتراه من حربي للمدّعي وربّما أنّه قد أخذ مالًا للبائع، فما الحكم في ذلك

- ‌[فوائد]

- ‌رسائل وفتاوى للشيخ سعيد بن حجي

- ‌رسالة للإمام عبد العزيز آل سعود

- ‌رسالة للشيخ أحمد بن محمد بن حسن القصير الأشيقري

- ‌رسالة للشيخ محمد بن عبد الله بن إسماعيل

- ‌رسالة للشيخ محمد بن أحمد بن إسماعيل

- ‌{رسالة للشّيخ عبد العزيز بن عبد الجبّار}

- ‌رسالة للشيخ حمد بن عتيق

- ‌رسالة لبعض علماء الرياض

- ‌رسالة لبعض علماء نجد

- ‌رسالة للشيخ محمد بن أحمد بن محمد القصير

- ‌{رسالة لبعض علماء الدّرعية}

- ‌{رسالة للشّيخ محمّد بن عمر بن سليم}

الفصل: ‌رسائل وفتاوى للشيخ حمد بن ناصر بن معمر

‌القسم الثالث

رسائل وفتاوى لغير سلالة الشيخ من علماء نجد

‌رسائل وفتاوى للشيخ حمد بن ناصر بن معمر

القسم الثّالث من الجزء الأوّل

{من مجموعة الرّسائل والمسائل النّجدية}

رسائل وفتاوى لبعض علماء نجد الأعلام

{رسائل وفتاوى الشّيخ حمد بن ناصر بن معمر}

- 1 -

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم، وصلّى الله على محمّد وآله وصحبه وسلّم.

مسائل*:

الأولى: ما قول العلماء رضي الله عنهم فيمَن صلّى خلف الإمام، ما حكمه؟

الْجواب -وبالله التّوفيق-: السّنة أن يقوم المأمومون خلف الإمام، فإن كان واحدًا صلّى عن يمينه، فإن كانت معهم امرأة قامت خلفهم، فإن وقف المأموم قدام الإمام لم تصّح صلاته، وإن وقف الرّجل خلف الصّفّ أو خلف الإمام لم تصحّ صلاته.

الثّانية: هل تصحّ صلاة مَن أخلّ بإعراب الفاتحة أم لا؟

الْجواب -وبالله التّوفيق-: يلزم القارئ أن يقرأ الفاتحة مرتّبة مشدّدة غير ملحون فيها لحنًا يحيل المعنى نحو أن يقول: (أَنْعَمْتُ) برفع التّاء، فإن فعل لم يعتد بقراءته إلّا أن يكون عاجزًا وهذا مذهب الشّافعي، فإن كان لحن فيها لحنًا لا يحيل المعنى، نحو أن يكسر النّون لم تبطل صلاته.

الثّالثة: إذا صلّى مَن في بدنه أو ثوبه نجاسة نسيها أو لم يعلم بها إلّا بعد انقضاء صلاته هل يعيدها أم لا؟

* هذه 16 مسألة تكررت بعد ذلك في 5/ 812. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]

ص: 526

الْجواب -وبالله التّوفيق-: هذه المسألة فيها روايتان عن أحمد: إحداهما: لا تفسد صلاته. وهو قول ابن عمر وعطاء، لحديث النّعلين، وفيه:"يصلّي بأصحابه إذا خلع نعليه إلى أن قال: إنّ جبريل أتانِي فأخبرنِي أنّ فيهما أذى". رواه أبو داود، ولو بطلت لاستأنفها.

والثّانية: يعيد، وهو مذهب الشّافعي، فإن علم بها في أثناء الصّلاة وأمكنه إزالتها من غير عمل كثيرٍ كخلع النّعال والعمامة ونحوها أزالها وبنى على ما مضى من صلاته وإلّا بطلت.

الرّابعة: إذا صلّى الإمام محدثًا جاهلًا هو والمأمومون حتّى سلّموا ما حكم صلاتهم؟

الْجواب -وبالله التّوفيق-: صلاتهم صحيحة دون الإمام؛ فإنّه يعيد. روي عن عمر وعثمان عليّ ومالك والشّافعي، وإن علمه في الصّلاة بطلت وأعادها.

الخامسة: إذا كان في أعضاء الوضوء نجاسة أو في بدن الجنب نجاسة فزالت بغسل مَن نوى غسل الجنابة ولم ينو إزالتها هل تزول أم لا بدّ من النّيّة؟

الجواب: غسل الجنابة لا يفتقر إلى النّيّة بل متى زالت النّجاسة بالماء طهر المحلّ؛ لأنّها من باب التّروك بخلاف الأوامر فإنّها تفتقر إلى النّيّة لقوله عليه الصلاة والسلام: "إنّما الأعمال بالنيّات، وإنّما لكلّ امرئ ما نوى". الحديث لكن عليه أن يزيل النّجاسة عن أعضائه وعن بدنه قبل الغسل.

السّادسة: إذا توضّأ الإنسان لمشروع كالنّافلة وصلاة الجنازة لم ينو به الفرض هل يصلّي به الفرض أم لا؟

ص: 527

(الجواب): يصلي به ما شاء فرضًا أو نفلًا، قال في "الشرح الكبير": ولا بأس أن يصلي الصلوات بالوضوء الواحد. لا نعلم فيه خلافًا.

(السابعة): إذا دخل الوقت على عادم الماء، وهو يرجو أن يصلي في آخر الوقت، هل يصلي بالتيمم في أول الوقت أو يؤخر الصلاة حتى يأتي الماء؟

(الجواب): قال في "الشرح": يستحب تأخير التيمم لآخر الوقت كمن يرجو وجود الماء، روي ذلك عن علي وعطاء والحسن وأصحاب الرأي، وقال الشافعي في أحد قوليه: التقديم أفضل. انتهى.

(الثامنة): إذا طلقت المرأة وهي ترضع، ولم يأتها الحيض بسبب الرضاع ما عدتها؟

(الجواب): هي في عدة حتى يأتيها الحيض، فتعتد به ثلاث حيض أو تصير آيسة فتعتد بثلاثة أشهر.

(التاسعة): إذا ادعت المرأة أنها اعتدت بعد الطلاق في وقت تمكن العدة فيه، هل تصدق أم لا؟ وإذا شهدت امرأة أو امرأتان أنها اعتدت بالحيض، هل تقبل شهادتهن في ذلك لعدم اطلاع الرجال أم لا؟

(الجواب): تصدق، لقوله تعالى:{وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} الآية، وإذا شهدت امرأة عدلة أنها حاضت ثلاث حيض وهو ممكن قبلت، والأحوط شهادة امرأتين.

(العاشرة): هل وجه الأمة المملوكة عورة، فيلزمها الخمار كالحرة أم لا؟

(الجواب): لا يلزمها؛ لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان ينهى الإماء عن التقنع، فاشتهر ولم ينكر فكان إجماعًا، لكن إن كانت المرأة جميلة يخشى بها الفتنة فلا يجوز النظر إليها بشهوة. وأما الحرة فلا يجوز كشف

ص: 528

وجهها في غير الصّلاة بغير خلاف، والأمة إذا عتقت فهي حرّة.

الحادية عشرة: ما حكم الكلام عند الأذان والإقامة وتلاوة القرآن والكلام عند الجماع؟

الجواب: قال في الشّرح: يستحبّ لِمَن سمع الأذان أن يقول كما يقول المؤذّن إلّا في الحيعلة فإنّه يقول: لا حول ولا قوّة إلّا بالله، وهذا مستحبّ لا نعلم فيه خلافًا. ثم يقول: اللهمّ ربّ هذه الدّعوة التّامّة والصّلاة القائمة آت محمّدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته. رواه البخاري. وقال بعض العلماء: كذلك عند الإقامة.

وأمّا الكلام عند تلاوة القرآن فقال النّووي في كتابه: (التّبيان) ويتأكّد الأمر باحترام القرآن من أمور، فمنها: اجتناب الضّحك واللّغط والحديث في خلال القرآن إلّا كلام يضطرّ إليه ويتمثل لأمر الله. قال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ، [الأعراف: 204]. أي: اسكتوا، وعن عمر أنّه كان إذا قرأ القرآن لا يتكلّم حتّى يفرغ مما أراد أن يقرأه. انتهى.

وأمّا الكلام حال الجماع فيكره كثرة الكلام حال الوطء، قيل: إنّه يكون منه الخرس والفأفاء.

الثّانية عشرة: هل ينادي الشّخص والديه بأسمائهم، أو قرابته أم هو من العقوق؟

الجواب: قال في (كتاب الأذكار): باب نهي الولد، والمتعلّم والتّلميذ أن ينادي أباه، أو معلّمه، أو شيخه باسمه. رويناه في كتاب ابن السّنِي عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا معه غلام، فقال:"يا غلام مَن هذا؟ "

ص: 529

قال: أبِي. قال: "لا تَمْش أمامه، ولا تستبر* له، ولا تجلس قبله، ولا تدعه باسمه".

قلت: معنى "لا تستبر* له"، أي: لا تفعل فعلًا تتعرّض فيه إلى أن يسبك زجرًا وتأديبًا على فعلك القبيح.

وروينا فيه عن عبد الله بن زحر قال: كان يقال من العقوق أن تدعو أباك باسمه، وأن تمشي أمامه في الطّريق. انتهى.

وأمّا القرابة غير الوالدين فلا أعلم بندائهم بأسمائهم بأسًا.

الثالثة عشرة: هل يجوز التّفرقة بين المملوكة وولدها في البيع أم لا؟

الجواب: لا يجوز التّفريق بين ذوي رحم محرّم قبل البلوغ لقوله صلى الله عليه وسلم: "مَن فرَّق بين والدة وولدها فرّق بينه وبين أحبّته يوم القيامة". حديث حسن.

الرّابعة عشرة: هل يفتقر غسل النّجاسة إلى عددٍ أم لا؟

الجواب: أمّا نجاسة الكلب والخنْزير وما تولد منهما إذا أصابت غير الأرض فيجب غسله سبعًا إحداهن بالتّراب سواء من ولوغه أو غيره؛ لأنّهما نجسان وما توالد منهما؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا". متّفق عليه. ولمسلم: "أولاهن بالتّراب".

وأمّا النّجاسة على الأرض فيطهرها أن يغمرها في الماء، ويذهب عينها ولونها لقوله صلى الله عليه وسلم:"صبوا على بول الأعرابي ذَنوبًا من ماء". متّفق عليه. وأمّا باقي النّجاسات ففيه عن أحمد ثلاث روايات: الأولى: تغسل سبعًا. والثّانية: ثلاثًا. والثّالثة: تكاثر بالماء حتّى تذهب عينها ولونها من غير عددٍ لقوله صلى الله عليه وسلم: "اغسليه بالماء". ولم يذكر عددًا، وهو مذهب الشّافعي واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو المفتى به عندنا.

الخامسة عشر: إذا تكلّم المصلّي في نفس الصّلاة أو تنحنح هل تبطل صلاته أم لا؟

* كذا في الأصل المطبوع، والصواب:(لا تَسْتَسِبَّ). [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]

ص: 530

الجواب: إن تكلّم فيها عمدًا لغير إصلاحٍ بطلت بالإجماع وإن تكلّم ناسيًا أو جاهلًا بتحريمه لم تبطل في إحدى الرّوايتين عن أحمد، وهو مذهب الشّافعي، لحديث معاوية بن حكيم حيث تكلّم في صلاته ولم يأمره بالإعادة، وكذلك إن تنحنح لم تبطل، وقيل: إن بان حرفان بطلت.

السّادسة عشرة: هل يحل عرض أحدٍ من المسلمين أم لا؟

الجواب: الغيبة محرّمة بالإجماع، وهي ذكرك أخاك بما يكرهه لو كان حاضرأ. ويباح منها ستة أسباب:

الأوّل: التّظلّم فيجوز للمظلوم أن يقول لِمَن له قدرة: فلان ظلمنِي، أو فعل بِي كذا ونحو ذلك.

الثّاني: الاستعانة على تغيير المنكر وردّ العاصي إلى الصّواب، فيقول لِمَن يرجو قدرته على إزالة المنكر: فلان يعمل كذا، فازجره عنه.

الثّالث: الاستفتاء، بأن يقول للمفتي: ظلمنِي أبي، أو أخي، أو فلان بكذا، ونحو ذلك، فهذا جائز للحاجة.

الرّابع: تحذير المسلمين من الشّرّ ونصيحتهم، فمنها: جرح المجروحين من الرّواة والشّهود، ومنها: إذا تشارك إنسان في مصاهرة أو معاملة ونحو ذلك فيجب عليك أن تذكر له ما تعلم منه على وجه النّصيحة. ومنها: إذا رأيت مَن يشتري سلعة معيبة فعليك أن تبيّن للمشتري، وهذا على كلّ مَن علم بالعيب وجب عليه تبيانه.

الخامس: أن يكون مجاهرًا بالفسق أو ببدعة، كالمجاهرة بشرب الخمر وخيانة الأموال ظلمًا وتولي الأمور الباطلة فيجوز ذكره بما يجاهر به، ويحرم ذكره بغيره من العيوب إلّا أن يكون لجوازه سبب آخر.

السّادس: التّعريف إذا كان الإنسان معروفًا بلقبٍ كالأعرج

ص: 531

والأعمى ونحوهما، جاز تعريفه بذلك بنيّة التّعريف لا التّلقيب.

فهذه السّتة ذكرها العلماء مما تباح الغيبة، ودلائلها مشهورة في الأحاديث.

تَمَّت فرحم الله مَن نظر فيها، وأصلح خلل ألفاظها ومعانيها بعد التّحقيق، فإنّ الإنسان لا يعصم من الخطأ والنّسيان.

وصلّى الله على محمّد وآله وصحبه وسلّم

- 2 -

بسم الله الرحمن الرحيم

من حمد بن ناصر إلى الإخوان: جمعان ومرزوق حفظهما الله تعالى.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد؛

وصل الخط أوصلكما الله إلى رضوانه. والمسائل وصلت لكن إحدى الورقتين ضاعت قبل النّظر فيها. والجواب عنها، وهذا جواب الموجودة:

المسألة الأولى: في الخلية والبرية والبائن في الكنايات في الطّلاق، هل تقع ثلاثًا أم واحدة؟

فهذه المسألة اختلف الفقهاء فيها، وأكثر الرّوايات عن أحمد كراهة الفتيا في هذه الكنايات الظّاهرة مع ميله إلى أنّها ثلاث. وحكى ابن أبي موسى عنه روايتين: إحداهما: أنّها ثلاث. والثّانية: يرجع إلى ما نواه. وهو مذهب الشّافعي. قال يرجع إلى ما نوى، فإن لم ينو شيئًا وقعت واحدة. واحتج بحديث ابن عبد يزيد، وقال الثّوري وأصحاب الرّأي إن نوى ثلاثًا فثلاث، وإن نوى ثنتين أو واحدة وقعت واحدة ولا تقع اثنتين. وقال ربيعة ومالك يقع بها الثّلاث. وإن لم ينو إلّا في خلعه أو قبل الدّخول، فإنّها تطلق واحدة. لأنّها تقتضي البينونة وهي تحصل في الخلع وقبل الدّخول بالواحدة وفي غيرهما تقع الثّلاث. فهذه مذاهب الأئمة في هذه المسألة. والله أعلم.

ص: 532

وأمّا المسّالة الثّانية: إذا ملّك الزّوج امرأته أمرها بأن قال لها: أمرك بيدك؟

فالمشهور أنّ القضاء ما قضت، فإن طلّقت نفسها ثلاثًا وقع، وإن نوى أقلّ منها. يروى ذلك عن عثمان وابن عمر وابن عبّاس. وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء والزّهري، وروي عن عمر وابن مسعود أنّها طلقة واحدة. وبه قال عطاء ومجاهد والقسم وربيعة ومالك والشّافعي. قال الشّافعي: القول قوله في نيّته. وعن أحمد ما يدلّ على ذلك، وأنّه إذا نوى واحدة فهي واحدة.

المسألة الثّالثة: أنت عليّ كظهر أمِّي أعنِي به الطّلاق؟

فهذا لفظ الظّهار لا يكون طلاقًا، ولو نوى به الطّلاق أو صرّح به، ويكون عليه كفارة ظهار.

المسألة الرّابعة: هل العارية مضمونة وإن لم يشترط المعير الضّمان؟

فالمسألة فيها خلاف مشهور

1

على الظّن أنّا لم تقع وكثير منها عبارات تنقل من بعض الكتب، ويحملنا هذا على التّغافل عن الجواب. وترى ودي أنّكم ما تسألون إلّا عن الواقع، وأيضًا لا تكثروا عدد المسائل فإنّ الطّول يملّ ولا يأيتكم على المسائل الكثيرة جواب يشفي، فإذا قلت المسائل وصارت من المسائل الواقعة فهو أحرى بسرعة الجواب وبسطه بدليله وتعليله وأنتم في حفظ الله وأمانه. والسّلام.

وبقي مسألة وهي هل يعتبر في البيّنات كثرة العدد واشتهار العدالة أم لا؟

قال في المغني: ولا ترجح إحدى البيّنتين بكثرة العدد ولا اشتهار العدالة.

1 هنا بياض في الأصل.

ص: 533

وبهذا قال أبو حنيفة والشّافعي. ويتخرّج أن ترجح، وهو قول مالك؛ لأنّ الشّهادة إنّما اعتبرت لغلبة الظّنّ بالمشهود به، وإذا كثر العدد أو قويت العدالة كان الظّنّ أقوى.

ولنا أنّ الشّهادة مقدرة في الشّرع فلا تختلف بالزّيادة كالدّية فصار الحكم متعلّقًا بها دون اعتبار الظّنّ، ألا ترى أنّه لو شهد النّساء منفردات لا تقبل شهادتهن، وإن كثرن حتّى صار الظّنّ بشهادتهن أغلب من شهادة الذّكرين، وعلى هذا لا يرجّح شهادة الرّجلين على شهادة الرّجل والمرأتين في المال؛ لأنّ كلّ واحدةٍ من البيّنتين حجّة في المال، فإذا اجتمعا تعارضا، فأمّا إن كان لأحدهما شاهدان وللآخر شاهد فبذل يمينه معه ففيه وجهان: أحدهما: يتعارضان. والثّاني: يقدّم الشّاهدان؛ لأنّهما حجّة متّفق عليها، والشّاهد واليمين مختلف فيها. وهذا الوجه أصحّ إن شاء الله تعالى. انتهى كلامه رحمه الله. والله أعلم.

- 3 -

بسم الله الرحمن الرحيم

من حمد بن ناصر إلى الأخ جمعان حفظه الله تعالى.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد؛

الخط وصل وصلك الله إلى رضوانه.

وأمّا ما ذكرت من المسائل فمن جهة تقدير نصاب الذّهب في الزّكاة فالنّصاب عشرون مثقالًا وحررناه تقريبًا سبعة وعشرين زرًا بزرور النّاس العابرة بينهم اليوم، ونصاب الفضّة مئتا درهم وحررناها أحد وعشرين ريالًا من ريالات النّاس التي يعاملون بها اليوم وهي من الجدد قدر مائة جديدة تزيد قدر خمس جدد، فإذا صار عند المسلم من هذا

ص: 534

ما ذكرنا زكّاه إذا حال عليه الحول، ونصاب العيش قدر مائتين وستّين بصاع العارض.

وما سألت عنه من صفة الخل، فيذكر أهل العلم أنّه يعمل من التّمر أو العنب أو غيرهما، ويطرح فيه ملح أو شيء حامض حتّى لا يتخمّر ويذكرون أنّ هذا صفة الخل المباح. وعندنا ناس يعملونه على ما ذكرنا لك.

وأمّا علامة القطنية فإذا غطيت بخرقة قطن أو صوف وخيطت عليها من داخل العبات ومن ظاهرها فلا بأس؛ لأنّها تصير حشوًا، وما ذكرت من جهة الذي يفوته ركعتان من المغرب فهو إذا قام يقضي صلّى ركعة وجلس وتشهّد، ثم قام وصلّى الرّكعة الثّالثة. هذا هو الذي عليه العمل. والله أعلم.

- 4 -

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ما تقول السّادة العلماء الجهابذة الحكماء ورثة الأنبياء الأواخر والقدماء في مسائل سأل السّائل عنها وطلب ذلك من أهله من الباذلين له فضلًا، وتكرمًا لا زالوا بعون الله مسدّدين بالقول والفعل، ومغفور لهم ما اجترحوه من الكبائر على الإطلاق واللمما، وقذف في قلوبهم من النّور السّاطع المذهب عنها الظّلم والظّلمة والعمي. وصلّى الله على أشرف الخلق مطلقًا عربًا وعجمًا، وعلى آله وصحبه ما قهقه سحاب ومطرهما وحياهم بأكرم التّحيّات وسلمًا فنقول:

الأولى: إذا زوّج ولي أو نحوه موليته وهو معلن بالظّلم في مال النّاس وغيره أو الشّاهدان وتاب مَن وجد ذلك فيه في مجلس العقد ولا نعلم ما في حقيقة قلبه، لكن الظّاهر منه طلبه صحّة ذلك، والحاصل من ذلك أنّ مظلمته التي عنده أو عليه لا يمكن ردّها في ذلك المجلس فهل

ص: 535

إذا كانت الحالة على هذه الصّفة يثبت النّكاح معها أم لا؟

الثّانية: إذا كنت ببادية أو نحوها واحتجت لِمَن أشهده على عقدٍ فالتمست عدلًا فلم أجده، فهل إذا اخترت مِمَّن أجد في نفسي ولو غير عدل لتعذر غيره وتكون شهادته مقبولة شرعًا أم لا؟

الثّالثة: إذا اشتريت خشب إثل ونحوه وهو قائم على أصله وشرطت على البائع إبقاءه في أرضه أو أطلقت فلم أشترط لكن أبقيته فلم اقطعه حتّى زاد فهل العقد والشّرط صحيحان أم باطلان أم الشّرط فقط؟

الرّابعة: إذا أوصى بشيء نحو حجّة في ماله فباع الوصي المال أو الوارث التّركة ولم تنفّذ الوصية وتعذر الرّجوع على البائع لإفلاسه أو نحوه، فهل تعيّن الوصيّة في التّركة التي وقع عليها عقد البيع كالدَّين فتلزم المشتري أم تبطل الوصية؟

الخامسة: إذا رهن إنسان عند إنسانٍ رهنًا وقال: أنا مقبضك هذا في دَينك فقبضه ولم يزد في الإيجاب على هذه الكلمة، فهل إذا وقع الإيجاب على هذا المنوال يثبت عقد الرّهن أم يلغى؟

السّادسة: إذا كان رجل موصى على يتيم أو نحوه وليس للموصى مسكن يسكن فيه ولليتيم بيت وسكنه الموصى بزوجته مع اليتيم وليس بفقيرٍ، فهل حكم سكناه هذه كسكنى الغاصب في الإثم وامتناع صحّة الصّلاة منه ومن نحو زوجته أم لا؟

السّابعة: ليف النّخل الموقوف ومزقه وجماره وخشبه وسعفه ونحو ذلك، هل هو نماء فيستحقّه مستحقّ النّماء أم لا؟

الثّامنة: هل يسوغ التّقليد في نحو عقدٍ واحدٍ، أو صلاةٍ واحدةٍ،

ص: 536

أو في مسألتين لنحو إمامين كالشّافعي وغيره في نحو أكل لحم الجزور وأبي حنيفة في نحو مسّ الذّكر أم لا؟

التّاسعة: إذا قتل نسان إنسانًا ووجبت عليه الدّية وكانت محدّدة في اصطلاح النّاس حينئذٍ وليست بدية الشّرع الذي حدّه الشّارع فهل إذا سلّمها القاتل أو وارثه من بعده تامّة والورثة أي: ورثة المقتول فيهم نساء وضعفاء وفيهم عكسهم، فهل إذا فضل العكس بزيادة لخوف منه أو غير ذلك لكن هو من سبب القتل هل يشترك معه الباقون أم يختصّ به دونهم؟

العاشرة: إذا بعت لرجلٍ حديقة بمغنمها ومغرمها بجميع حدودها وحقوقها ولها مسيل أو نحوه وحصل في ذلك المسيل نحو رملٍ ليس بسبب أحد لكن بسبب السّيل والرّياح ونحوهما وربّما إنّه أو بعضه حصل على هذا السّبب أيّام ملكي لكن بغير فعلي، فهل إذا كان على هذا المنوال وأراد هو أي المشتري أو بعض شركائه إصلاح المسيل أو نحوه بإزالة رمل أو غيره، وطلب من البائع بعض الغرم أو جميعه لكون الرّمل أو بعضه حصل أيّام ملكه، فهل يمكن من ذلك شرعًا أم لا؟ لأنّ ذلك حصل بغير فعل أحدٍ فيكون حكم ذلك حكم أجزاء الأرض والأحجار التي فيها، ولكونه مالكًا أي المشتري حال نفعها فلزمه الغرم في مقابلة الغنم.

الحادية عشرة: إذا ساق إنسان إناسًا على نخل بجزء من تمره بعدد أدوار معلومة وجذت الثّمرة قبل كمال الأدوار، فهل الخيرة في قيمة ما بقي من الأدوار إلى المالك فإن شاء أخذ قيمتها من الثّمرة أو زادهم أو غير ذلك من سقيه له بعد الجذاذ وغير ذلك أم هي إلى العامل أم كيف الحكم؟

الثّانية عشرة: إذا شهد شاهد أو تصرّف ولي فيما تعتبر العدالة فيه،

ص: 537

أي: فيما صدر منهما ثم حصل مشاجرة فأوجب الشّرع لصحّة الشّهادة وتصرّف الولي العدالة فيهما فهل يقبل على الخصم جرحهما نفسهما أنّهما حين صدور الشّهادة والتّصرّف منهما ليسا بعدلين أم لا يقبل جرحهما أنفسهما على الخصم المشهود له والمتصرّف له إذ الحق ثبت له أوّلًا بسببهما فلا يملكان إبطاله أيضًا أم كيف الحكم؟

الثّالثة عشرة: إذا كان ثم أرض موقوفة على معيّن واستحقّ إنسان ريعها في بعض الأزمنة فغارس المستحقّ للرّيع ذلك ونظره آخر بجزء من الغراس كنصفه أو ثلثه على حسب ما يتّفقان عليه، ثم بعد ما غرس العامل وثبت الغراس باع ذلك المغارس نصيب الأرض أي الجزء المشروط أو غيره من المستحقّين، فهل هذا البيع سائغ شرعًا أم لا؟ وهل إذا ساغ ثم حدث مستحقّ آخر يستحقّ الرّيع هل له على المشتري شيء سوى الأجرة، وهل حكم من حدث من أهل الوقف في جواز بيع ذلك الجزء المشروط لهم وعدمه لأحد أم لا؟

الرّابعة عشرة: إذا ساقيت رجلًا على حديقة لي فنضب ماء بئره ولا يمكن سقيه إلّا من بئر آخر فكيف الحكم في ذلك؟

الخامسة عشرة: إذا كان لي مال من الأموال الزّكوية مطلقًا ويتعبني تنضيضه بالحساب أو تقويمه أو خرصه، فهل إذا استضررت واحتطت وأخرجت الفرض بيقينٍ يكفي ذلك أم لا بد من تحرير الحساب في التّقويم والخرص؟

السّادسة عشرة: إذا كان ثم مزبلة قد ملئت من الزّبالة وتعذر معرفة أربابها وربّما أنّ ضررها تعدّى على جيرانها، فهل يسوغ لرؤساء

ص: 538

البلد إجارتها وصرف تلك الأجرة على المصالح كالمؤذّن والمدرِّس ونحوهما أم لا؟

السّابعة عشرة: إذا أوصى إنسان آخر على أولاده يقوم بأمرهم ويحفظ مالهم حتّى يرشدوا وأوصى الموصي للوصي بنحو غلة عقاره إلى أن يرشد الأولاد، ثم بعد ما يرشدوا لا شيء له؛ لأنّ تلك الوصية في مقابلة قيامه بأمرهم وحفظ المال وغير ذلك، فهل إذا أرشد أحد منهم وطلب حصته من جميع غلة عقاره وقال للوصي: إنّ والدي لم يوص لك بذلك إلّا في مقابلة عملك فيريد مَن أرشد منا وسقط عمله هو وماله عنك يسقط لك من الجزء المشروط بقدره. مثل ذلك: إذا كان للموصي ثلاثة بنين وأوصى للوصي بربع ماله فصحّ له ثلاثة من اثني عشر لكلّ ابن ثلاثة، فلمّا أرشد منهم واحد قال أريد سهمًا من الثّلاثة التي في يدك؛ لأنّ عملك عليّ وعلى مالي قد سقط والثّاني كذلك، فهل ذلك لهم أم يستحقّه الموصى إليه حتّى يرشد آخرهم؟

الثّامنة عشرة: إذا قال رجل لزوجته: أنت شيخة روحك فقالت هو طلاقي ثلاثًا هكذا، فهل تبين بذلك أم لا يقع إلّا بما حكى صاحب الإنصاف والإقناع وغيرهما عن صاحب الرّوضة؟

التّاسعة عشرة: إذا كان بينِي وبين شريكٍ لي نحو أربعة حيطان مشاعة بيننا فباع نصبه من آخر في الجميع صفقة واحدة ومن تلك الأربعة واحد أو اثنان على انفراد كلّ واحدٍ منهما تصحّ فيه الشّفعة لعدم الضّرر في القسمة وإجبار مَن امتنع عنها فيهما أو أحدهما، فهل يستحقّ الشّفيع أخذ ما لا ضرر في قسمته بقدره من الثّمن كما لو باع شقصًا وسيفًا؛ فإنّه

ص: 539

يأخذ الشّقص بقيمته. صرح به في الإقناع.

العشرون: إذا وهب إنسان مثله نخلًا أو أرضًا واستثنى غلة ذلك مدّة حياته أو مدّة معلومة، فهل تبطل الهبة والاستنثاء معًا أم تصحّ هي فقط ويلغى الاستثناء؟

الحادية والعشرون: إذا قال إنسان لآخر له عليه دراهم أو نحوها أنا مفضل لك مالي على فلان عن الذي لك عليَّ، فهل تكون هذه حوالة أم لا؟

الثّانية والعشرون: إذا كان بينِي وبين شريكٍ لي بئر وأراد أن يسقي عليها في نوبته على حمير أو نحوها ولا شكّ ولا ريب أنّهن ينجسن اللّزاء مصب الماء ومجاري الحبال، وذلك عندي وعنده وعند غيرنا حقيقة، فهل أمنعه عن ذلك أم لا؟

الثّالثة والعشرون: إذا دفعت إلى رجلٍ نقدًا كان له عليّ فيما مضى ثم خرج عن يده ثم ردّ إليه بعيبٍ وأراد ردّه عليَّ ولم أعلم، هل هو إيّاه أم لا، فهل يمينِي له مع إنكاري على البت أم على نفي العلم؟

الرّابعة والعشرون: إذا اشتريت حيوانًا أو متاعًا ووجدت به عيبًا ونويت غير إشهاد بالمطالبة بالأرش واستعملته فهل أصدق بيمين في نيّتِي أم لا بدّ من الإشهاد وإلّا لم أملك الرّدّ بعد ما استعملت المبيع؟

الخامسة والعشرون: إذا وضعت السّكين ونحوها في النّار وخرجت حامية وغمستها في ماء نجس أو قديت بها نحو خارجة إذا قد امتلئت قيحًا، فهل تطهر بعد ذلك أم لا؟

السّادسة والعشرون: إذا ادّعى إنسان على مورثه عينًا أو دَينًا في مرض ذلك المورث فتوجّهت عليه اليمين لعدم البيّنة فنكل، فهل تثبت

ص: 540

العين المدعاة أو الدَّين مع الحكم بنكوله أم لا للتّهمة؟

السّابعة والعشرون: إذا أوصى إنسان بوقف ثلث ماله أو وقفه في حياته وفي ذلك المال أثمان ومواشي وأواني وأثاث ومطعوم من نحو مكيل وموزون ونحو ذلك، فكيف العمل في ذلك؟

الثّامنة والعشرون: إذا اشترك رجل وآخرون في زرعٍ ونحوه وله أيضًا شركاء أخر وشركاء أخر أيضًا وطلب منه كلهم سقي الزّرع في نوبة واحدةٍ، وربّما أنّ الشّركاء اتّفقوا على نوبةٍ واحدةٍ، وربّما إنّ الشّركاء اتّفقوا على نوبةٍ مقيّدة بيومٍ، لكن استعجل بعضهم أو جميعهم عن النّوبة المقدّرة وطلبوا جميعًا منِّي العمل في وقتٍ واحدٍ فشقّ ذلك عليّ، فهل إذا كان يقينًا أنّه إذا ترك إليّ نوبته أنّه لا ينقص ومع السّقي فالظّاهر أنّه يزيد، فهل يجبرونَنِي على السّقي أم لا يجبرونَنِي إلّا على السّقي مثله في نوبته؟

التّاسعة والعشرون: ما كيفية قبض المتهب والمتملّك لمال ولده في العقار فيهما؟

الثّلاثون: إذا وقف إنسان على جهة باسم مشترك وتعذّر عليه الوصول إلى تمييز تلك الجهة عن الأخرى، ولم يكن ثم قرينة دالّة ولا غيرها، بل أبهم ذلك من أصله، فهل هذا الوقف باطل كالوصيّة صرح أنّه إذا أوصى لاسم مشترك وتعذر معرفته بصريحٍ أو قرينةٍ أنّ الوصية تبطل من أصلها، فيكون حكمه حكمها أم له حكم في هذه مفرد عنها؟

الحادية والثّلاثون: إذا كان ثم مساقاة بئر وبها حمام كحمام ميناح جعل ذلك لكافة المسلمين لرفع الحدث وزوال الخبث ونحوهما، وتلك البئر وما حولها فوقه غما لدفع الأذى عن الآتي إليها، ففي الصّيف عن

ص: 541

حرّ الشّمس ونحوها وفي الشّتاء عن المطر ونحوهما، وكان إذا قصده باللّيل تضرّر بظلمته وربما أنّه يقع في الماء المستنقع من حيث لا يدري أو ينْزع بالدّلو عن البئر فيصبه لسبب ذلك في غير مصبّه المعدّ للمصبّ وغير ذلك من المصاب، فلمّا رأى بعض النّاس هذه الضّرورة الشّاقّة على المسلمين وقف وقفًا يصرف ريعه في سراج معلّق في ذلك الموضع ليضيئه فيهتدي المتوجّه لذلك المكان ويبصر كلّ موضعٍ يحتاجه، فهل إذا كان الوقف على هذا المنوال هو صحيح مثاب فاعله أم باطل آثم فاعله؟ إذا كان بعض المتشبهين بالفقهاء وأظنّه من جهالهم قال هذا وقف باطل فقيل له: لِمَ ذلك؟ فقال: لعدم القربة؛ حيث اعتبرت شرعًا فقيل له: وما ذلك؟ فقال: إنّ القنديل إذا أضاء بالمكان رأى النّاس عورات بعضهم بعضًا، فقال له معارضه: هذا منك قول وقياس فأبعد، وليس لمثلك هذا، فإنّ مَن طلب الاستتار عن النّظر المحظور شمله الحياء إذ العورة في ضوء النّهار أبين لِمَن قصد اتّصال نظره إلى ما منع منه شرعًا، فليس هذا من قولك بعدم صحّة الوقف وعدم ثواب فاعله في شيء، بل الواجب في مثل هذا أن يقال: الثّواب بحسب النّيّة مطلقًا فكيف الحكم في هذا؟

الثّانية والثّلاثون: إذا أتلف إنسان لإنسانٍ ثمرة وهي طلع أو بلح أو نحوهما أو زرعًا وهو قطن فكيف حكم ضمان ذلك المتلف على المتلف؟

الثّالثة والثّلاثون: إذا قال مريض لورثته: إن قال فلان له عليّ أنا مائة فهو صادق، ثم مات القائل فادّعاها فلان فهل هذا منه إقرار فتسلم إلى فلان أم لا؟

الرّابعة والثّلاثون: إذا كان لي شريكٌ في نحو نخل والنّخل له نوبة

ص: 542

معروفة مثل أن يسقي يومًا ثم يترك ثلاثة ثم يسقي، واصطلحت أنا وشريكي أن كل واحد منا يسقي شهرًا مثلًا في نوبته لا قبلها ولا بعدها فبدأت وسقيت النخل فلما انقضت وتوجهت نوبة النخل في مدة شريكي كلمته في سقيه فهو يقول أسقي غدًا ومضت مدة النخل المضروبة لسقيه وتركه فيها، فهل إذا ثبت هذا ومضت نوبة النخل أي ثلاثة الأيام مثلًا، فاستأجرت عليه من يسقي النخل ونويت الرجوع عليه بالأجرة يسوغ الشرع لي الرجوع عليه، وذلك مع حضوره وعدم امتناعه بالقول لا بالفعل؟

(الخامسة والثلاثون) إذا كان ثم حديقة لرجل سدسها مثلًا ولآخر سدسها وللثالث سدسها أو نصفها وقف على معين يستحقه عشرة أشخاص وباع واحد من أهل المطلق نصيبه فشفع شريكاه على المشتري فهل يقال في نصيب أهل الوقف وهو النصف تقسم الحديقة على عدد رءوس أهل الوقف كأهل الطلق أم يكون النصيب الموقوف كنصيب واحد ولو استحقه عدد لأنه إن كان كذلك صحت المسألة من ستة، وإن كان بالعكس فمن ستين، وبينهما فرق ظاهر في وجوب الشفعة وعدمها.

(السادسة والثلاثون) إذا كنا نحو أربعة إخوة تحت يد أبينا وجميعنا يستحق أخذًا من الزكاة، فهل إذا دفع أحدنا فطرته لأخيه، ثم دفعها الثاني إلى الثالث، ثم الثالث كذلك إلى الرابع وهو الدافع الأول هل يسوغ هذا أم لا؟

(السابعة والثلاثون) إذا كان بيني وبين إنسان حائط قائم على أصله لكن تآكل وجه أساسه الذي من جهتي بسباخ ونحوه، فهل أجبره على إصلاح أساسه أم لا؟ وهل إذا لم أجبره وكان فوق ذلك الجدار خشب

ص: 543

لثالث وخشي إن انهدم بسبب تآكل أساسه أن يتلف عليه شيء فهل يجبر صاحب العلو صاحب الأسفل على إصلاح أساسه أم لا إجبار بعد الانهدام؟

الثّامنة والثّلاثون: إذا وقف إنسان عقارًا ونحوه وشرط أنّ ريعه يجعل في مسجدٍ معيَّنٍ سماطا في زمن معيّن نحو شهر رمضان على مَن حضر في ذلك المكان والزّمان، وليس ثم استحقاق مقدّر بل مطلق بحسب ما يرى النّاظر، فهل إذا حصل غلة من الوقف في يد النّاظر وتيقن أنّه يبقى من تلك الغلة بقية بعد مضي الزّمن المقدر، فهل يسوغ للنّاظر أن بجبر على صرف البقية إلى مسجد آخر محتاج وهو في ناحية البلد في ذلك الزّمن؛ لأنّه إذا أراد مدّه إلى العام المقبل اعترته الآفات من سوس ونقص وتلف وغير ذلك أم لا يسوغ له سوى الإرصاد أو البيع وإرصاد الثّمن؟

التّاسعة والثّلاثون: إذا قالت امرأة: خلِّنِي وأعطيك مائة، فقال: خلعتك. فقالت: لم أبذل لك العوض إلّا على الطّلاق فقط، فهل يقبل قولها فلا يقع الخلع ولا يستحقّ عليها العوض المبذول أم لا يقبل قولها؛ لأنّ مرادها الفراق بإبانة وقد حصلت، فلا مزية ولا فائدة للفظ الطّلاق بدلًا عن الخلع أم كيف الحكم في ذلك؟

الأربعون: إذا ادّعى إنسان على إنسانٍ عينًا في يده وأنكر المدّعى عليه فأقام المدّعي بيّنته أنّ آل فلان عمومًا أو فلانًا خصوصًا اغتصبها من المدّعي وليس مَن هي في يده من الأوّل ولا المعين، لكن إنّما انتقلت إليه من أحدهم أو مِمَّن انتقلت إليه منهم، فهل تكلّف البيّنة أن تشهد لها في ملكه إلى الآن أم يكتفى بشهادتها في صفة خروجها عن يد المدّعي ويكون للمدّعى عليه حكم الغاصب نفسه ولو لم يكن غصب ولا علم أنّها

ص: 544

غصبت، فهل تنْزع من يده على هذا المنوال أم إذا أدعها ملكه أي: المنكر تقبل؛ لأنّه لا يعلم لها غاصبًا، وربّما أنّه لا يعلم مَن انتقلت إليه منه أم يكفي الحكم في ذلك؟

والحمد لله أوّلًا وآخرًا. وصلّى الله على محمّد وآله وصحبه باطنًا وظاهرًا.

فأجابه -رحمه الله تعالى-: الحمد لله المسؤول الهدى والسّداد:

الأولى: نعم. إذا تاب الوليّ أو الشّاهد في مجلس العقد صحّ ذلك وقبل منهما وصاروا كمستور قبل ردّ الظّلامة.

الثّانية: تولية الأمثل فالأمثل في الأعمال المعتبر فيها العدالة عند عدم العدل والإشهاد في العقود جائز، ولا يستقيم أمر النّاس بدونه كالإشهاد في الأماكن التي يتعذر فيها العدل. صرح بذلك جماعة منهم شيخ الإسلام ابن تيمية والمذهب لا.

الثّالثة: إذا أخّر قطع الخشب مع شرطه فنما وغلظ فالبيع صحيح، ويشتركان في الزّيادة، ومع عدم شرط القطع البيع أيضًا صحيح، والكلّ للمشتري إلى وقت قطعه المعتبر عند أهله.

الرّابعة: إذا باع الوصي المال الموصى به أو الوارث لزم البائع الضّمان؛ لأنّه لا يصحّ أن يبيع بمؤجّل إن تلف المبيع الموصى به، ومع وجوده البيع فاسد؛ لأنّ الوصيّ لا يجوز له بيعه بمؤجّل كالوكيل.

الخامسة: قول الرّاهن: أنا مقبضك، وقول المرتهن: أنا قابض، كل ذلك صحيح لازم لكونه لسان أهل العصر لا نزاع في ذلك وفي مسائل غير ذلك.

السّادسة: إذا كان غنيًّا ولم تكن سكناه ببيت اليتيم في مصلحةٍ ظاهرةٍ لليتيم فمقامه هو وزوجته مقام الغاصب حذو القذة بالقذة.

ص: 545

السّابعة: الذي يظهر أنّ فسيل الوقف المضرّ الذي لا يرتجى كونه نخلة صالحة أنّه هو اللّيف غير المضرّ حكمه حكم الأغصان اليابسة.

الثّامنة: التّلفيق في التّقليد في واقعةٍ واحدةٍ لا يجوز، فالتّقليد في أكل لحم الجزور وفي مسّ الذّكر، صلاة المقلد صحيحة؛ لأنّ ذلك ليس بتلفيق، إنّما هو كالمقلّد لأبي حنيفة وحده، لأنّ أكل لحم الإبل غير ناقض عند الثّلاثة، وإنّما التّلفيق الباطل كالذي يقلّد أبا حنيفة في مسّ الذّكر والإمام أحمد في دم يسير لحقه بعد الوضوء ونحو ذلك؛ لأنّه صلاة باطلة عند الإمامين: أبي حنيفة بيسير الدّم وأحمد بمسّ الذّكر، هذا ونحوه هو التّلفيق.

التّاسعة: أمّا دية العمد فإذا رضي أولياء المقتول بشيءٍ صحّ ويشترك فيه جميع الورثة كالميراث، إلّا أن يرضى أحد منهم بالتّفضيل لبعضهم أو يرضى القاتل بعد رضاء الكلّ بأن لا يزيد المخوف منه شيئًا من غير الذي تراضوا عليه؛ لأنّ العمد لا دية فيه والرّضا بالقليل والكثير سواء.

وأمّا دية الخطأ فثابتة كثبوت الدَّين على العاقلة.

العاشرة: الحاصل في العقار المبيع في أرضه ومسيله بحركة الرّياح والسّيول حكمه حكم الأحجار والأشجار الحادثة تدخل في البيع كالتّراب تلزم المشتري الحادث ولو كان حدثوه في أيّام من قبله من ملّاك العقار، أمّا إن رفع التّراب أو أزاله عن موضعه الذي هو فيه بفعل الله شخص فإنّ مَن رفعه يلزمه ضمان نقص ما أحدث في ملك غيره. وهذا بلا إشكال.

الحادية عشرة: إذا ساقاه بعدد أدوار معلومة فبعد الجذاذ لا سقي إلّا بتراضيهما ومع التّسامح فليس للمالك إلّا قدر حسابه بما قبل الجذاذ من الأدوار؛ لأنّ الجزء المشروط إنّما حصل له في مقابلة الأدوار المشروطة

ص: 546

فإذا لم تكمل وجب ردّ ما قبلها من جزء العامل لكونه لم يستحقّه بالسّقي والشّرط صحيح لقوله صلى الله عليه وسلم: "المؤمنون على شروطهم إلّا شرطًا حرّم حلالًا أو حلّل حرامًا".

الثّانية عشرة: أمّا ولي اليتيم إذا أقرّ بمبطل لتصرّفه في مال اليتيم كفسقه، فإن كان في ذلك حظ لموليه لم يبطل العقد بمجرّد جرحه لنفسه؛ لأنّه متّهم فلا بدّ من البيّنة، وإن كان الحظ لليتيم في ثبوت العقد وعدم الحظ في بطلانه قبل لعدم التّهمة، وأمّا الشّاهد فمتى جرح نفسه قُبِلَ قَبْلَ الحكم، وبعده لا، لكن لا يضمن.

الثّالثة عشرة: إذا غارس النّاظر بأصل الاستحقاق أو غرس فيها وهي عليه وحده ثم حدث وارث فالظّاهر أنّ الحادث لا يقلع البناء والغراس، وإنّما يستحقّ تقدير أجرة الأرض من استحقاقه.

الرّابعة عشرة: إذا نضب ماء البئر فحصل المالك الماء من بئر بعيدة كان للمساقي تفاوت ما بين البئرين.

الخامسة عشرة: متى استظهر الإنسان زكاة ماله بيقينٍ برئت ذمّته من الزّكاة من غير كيلٍ ولا وزنٍ ولا عدٍّ ولا ذرعٍ؛ لأنّ المطلوب هو براءة الذّمّة، وكذلك حتّى في زكاة الفطر.

السّادسة عشرة: نعم. المزبلة المضرّة يجوز لرؤوساء البلد أن يفعلوا بها كما يفعل الحاكم من بيع وإجارة وصرف ذلك في المصالح، بل هو أحسن من بقائها مضرّة.

السّابعة عشرة: الوصية تصحّ مدّة معلومة ومجهولة، فإذا أوصى له بجزءٍ واحدٍ ذلك بالرّشد، فمن رشد لم يستحقّ ما قابله.

ص: 547

الثّامنة عشرة: لا يقع الطّلاق إلّا بما حكي عن صاحب الرّوضة، وهو موفق الدِّين ابن قدامة. رحمه الله تعالى.

التّاسعة عشرة: كلّ بستانٍ معتبرٍ ضرره بنفسه لا يضاف إليه البستان المضرّ.

العشرون: تصحّ هبة الشّيء واستثناء نفعه مدّة معلومة، لكن غلة العقار ليس من هذا القبيل في شيء لكونها معدومة مجهولة حينئذٍ، فتصحّ الهبة ويلغى استثناء الغلّة إلّا أن تكون الثّمرة موجودة وقت الهبة تشققت أم ظهرت بلا تشقّق.

الحادية والعشرون: تصحّ الحوالة بكلّ لفظٍ متعارفٍ عند أهل تلك اللّغة.

الثّانية والعشرون: نعم. نمنعه؛ لأنّ كلّ الأبوال نجسة عند أبي حنيفة إلّا بول الحمار، وعند الشّافعي مطلقًا وعند أحمد ومالك كلّ ما أكل لحمه فبوله طاهر وما لا فلا، فبول الحمار نجس عند الأربعة.

الثّالثة والعشرون: إذا خرج عن يده لم يكن له إلّا يمين الذي دفعه ما علمت أنّ هذا هو النّقد الذي دفعت إليك.

الرّابعة والعشرون: إذا وجد المشتري في المبيع عبيًا واختار الإمساك وأخذ الأرش فاستعمل صحّ ذلك وليس عليه أن يشهد عليه قبل استعماله أنّه يريد الأرش بل تكفي نيّته، ومتى اختلفا كان القول قوله في نيّته فيحلف بالله ما رضيت به بعد علمي بالعيب، وما استعملته إلّا بيّة أخذ الأرش.

الخامسة والعشرون: إذا سقيت السّكين ماء نجسًا لم تطهر، والظّاهر أنّ هذا هو سقيها، فإن كان للسّقي كيفية غير هذا فما أدري.

السّادسة والعشرون: إذا ادّعى الوارث على مورثه عينًا أو دَينًا ولا

ص: 548

بيّنة فنكل ولو في مرض الموت المخوف صحّ ذلك، ولو استغرق ماله كلّه بخلاف التّبرّع والوصيّة، لكن متى اتّهم حلف أنّ ذلك ليس بحيلة.

السّابعة والعشرون: يباع الأثاث والأواني وما يصلح ويضاف إلى الأثمان ويشترى به؛ لأنّه مراد الواقف، ولا يستقيم الأمر بدونه وأمّا العقار فيترك على حاله يقف ثلثه.

الثّامنة والعشرون: إذا كان الزّرع يزيده السّقي فلو لم ينقصه التّرك أجبر الممتنع.

التّاسعة والعشرون: صفة قبضه صفة قبض المشتري سواء بسواء.

الثّلاثون: الذي يظهر لي من هذه المسألة عدم صحّة الوقف إلحاقًا له بالمبهم.

الحادية والثّلاثون: وأمّا وقف المصباح المذكور عمّا ذكرتم في السّؤال فقربة، والقائل إنّه غير قربة غير مصيب.

الثّانية والثّلاثون: إذا أتلف الإنسان الثّمرة مع التّلقيح ونحوه أو تلف ولد الغرس ونحوها فكيفية ذلك أن يقال قيمة العقار مع ثمرته والغرس مع ولدها ألف مثلًا، ومع عدم ذلك ثمانمائة فيكون قيمة ذلك مائتين وعلى هذا فقس.

الثّاثلة والثّلاثون: إذا قال: إن قال فلان فهو صادق، فليس بإقرار.

الرّابعة والثّلاثون: الله أعلم.

الخامسة والثّلاثون: إذا اتّحد الواقف فكالشّخص الواحد، ولو تعدّد المستحقّ، وإن كان الواقف متعدّدًا فكلّ واحد حكم نفسه.

السّادسة والثّلاثون: إذا كان ذلك التّدافع بلا حيلة صحّ.

ص: 549

السّابعة والثّلاثون: الذي يظهر لي أنّ الممتنع على إصلاح أس الحائط 1.

الثّامنة والثّلاثون: نعم. يسوغ له اتّفاق الغلة التي يتحقّق لها تفضل إلى المسجد المحتاج لا إشكال في ذلك.

التّاسعة والثّلاثون: الذي يظهر صحّة الخلع واستحقاق الزّوج للعوض وبينونة الزّوجة بما جرى بينهما وأنّه خلع صحيح مبين، ولا أثر لقولها في إبطال العوض بدعوى الطّلاق ولاسيما مع أنّ هذه هي اللّغة المتعارفة في هذا الزّمان.

الأربعون: متى ثبت أنّ العين التي في يد مدّعيها ملكها الذي قبله بغصب وشهدت له بذلك بيّنة انْتزعها من صاحب اليد بشهادة البيّنة من غير أن تكلف البيّنة الشّاهدة بملكه حينئذٍ. والله سبحانه وتعالى أعلم.

- 5 -

بسم الله الرحمن الرحيم

وله رحمه الله جواب عن المسائل الآتية:*

الأولى: ما خيار المجلس وما صورته؟

الجواب: خيار المجلس يثبت للمتبايعين ولكلّ منهما فسخه ما داما مجتمعين، وهو قول أكثر أهل العلم كما في الصّحيحين عن ابن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال:"إذا تبايع الرّجلان فلكلّ واحدٍ منهما الخيار ما لم يتفارقا وكانا جميعًا أو يخيّر أحدهما الآخر، فإن خيّر أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع، وأن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك أحدهما البيع فقد وجب البيع". والمرجع في التّفرّق إلى عرف النّاس وعادتهم.

1 هكذا في الأصل.

* هذه 20 مسألة تكررت بعد ذلك في 5/ 795 - 801. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]

ص: 550

الثّانية: إذا تبايعا وشرطا أن ليس بينهما خيار مجلس؟

الجواب: يلزم البيع ويبطل الخيار لقول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر: "فإن خيّر أحدهما صاحبه فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع"، يعنِي: لزم. قال في الشّرح: وهذا مذهب الشّافعي، وهو الصّحيح إن شاء الله لحديث ابن عمر.

الثّالثة: إذا تواعد رجلان يبغي أن يكتب أحدهما على الآخر مائة جديدة وبعد ذلك جاءه بالدّراهم يريد أن يكتب عليه فقال بدا لي هل يلزم أم لا؟

الجواب: لا بدّ من قبض رأس مال السّلم في مجلس العقد، فإن تفرقا قبل قبضه لم يصحّ وهو مذهب أبي حنيفة والشّافعي، ومالك يجوّز أن يتأخّر قبضه يومين أو ثلاثًا أو أكثر ما لم يكن ذلك شرطًا.

الرّابعة: إذا شرى رجل من آخر مائة صاع وواعده أن يكيلها الصّبح فلمّا أتاه قال: بدا لي وهو لم ينقد الدّراهم هل يلزمه أم لا؟

الجواب: يلزم البيع بمجرّد العقد ولا يوافق على فسخ البيع إلّا برضا المشتري، ولكن لا يجوز بيعه قبل قبضه لقوله صلى الله عليه وسلم:"مَن ابتاع طعامًا فلا بيعه حتّى يستوفيه". متّفق عليه.

الخامسة: الإجارة والمساقاة هل هما عقد لازم أم جائز؟ وما معنى اللازم والجائز؟

الجواب: أمّا الإجارة فهي عقد لازم، وهو قول جمهور العلماء؛ لأنّها بمعنَى البيع، والمساقاة فأكثر الفقهاء على أنّها عقد لازم، واختاره الشّيخ تقيّ الدّين، وعند شيخنا أنّها عقد لازم من جهة المالك وعقد جائز من جهة العامل.

وأمّا معنى اللازم والجائز، فاللازم هو: الذي لا يملك أحد من العاقدين من فسخه إلّا برضا الآخر، والجائز هو: الذي يفسخه بغير رضا صاحبه.

ص: 551

السّادسة: إذا باع رجل بعيرًا على آخر، وقال البائع: الثّمن عشرة، وقال المشتري: بل تسعة؟

الجواب: إذا اختلفا في قدر الثّمن ولا بيّنة لأحدهما تحالفا فحلف البائع أوّلًا ما بعته بكذا، وإنّما بعته بكذا ثم يحلف المشتري ما اشتريته بكذا، فإن تحالفا ولم يرض أحدهم بقول الآخر انفسخ البيع، وهو مذهب أبي حنيفة والشّافعي، ورواية عن مالك، وعن أحمد أنّ القول قول البائع أو يترادا البيع لما روى ابن مسعود عن النَّبّيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال:"إذا اختلف البيّعان وليس بينهما بيّة فالقول ما قال البائع أو يترادان البيع". رواه سعيد وابن ماجه. قال الزّركشي: وهذه الرّواية وإن كانت خفية مذهبًا فهي ظاهرة دليلًا، وذكر دليلها وما إليها.

السّابعة: إذا أكرى رجل بعيرًا وقال صاحب البعير: الأجرة عشرة، وقال المكتري: الأجرة ثمانية.

الجواب: إذا اختلفا في قدر الأجرة فهو كما إذا اختلفا في قدر الثّمن، كما تقدّم في المسألة التي قبلها نصّ أحمد على أنّهما يتحالفان، وهو مذهب الشّافعي. قال في الشّرح: وهو الصّحيح إن شاء الله.

الثّامنة: إذا أكرى رجل بيتًا وقال صاحب البيت: أنا مكريك سنة، وقال المستأجر: أنا مستركي سنتين.

فالجواب: القول قول المالك مع يمينه، قال في الشّرح: لأنّه منكر للزّيادة، فكان القول قوله بيمينه، كما لو قال: بعتك هذا العبد بمائة، وقال: بل هذا العبد بمائتين.

التّاسعة: إذا تبايعا نخلًا وشرطا الخيار عشر سنين، وأخذ المشتري

ص: 552

العمارة في عشر هذه السّنين ويوم فكّ البائع النّخل هل العمائر تردّ على البائع أو تكون على المشتري يأخذها مع الدّراهم؟

الجواب: ما حصل من غلات المبيع ونمائه في مدّة الخيار فهو للمشتري أمضيا العقد أو فسخاه، لقول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"الخراج بالضّمان". قال التّرمذي: هذا حديث صحيح، وهذا من ضمان المشتري فيجب أن يكون له بمقالة ضمانه.

العاشرة: إذا رهن رجل سلعة وضاعت وهو لم يفرّط فيها هل يسقط الدَّين أو الدَّين ثابت ولو ضاع الرّهانة؟

الجواب: إذا تلف الرّهن في يد المرتهن، فإن كان بتعدّيه أو تفريطه في حفظه ضمنه، قال في الشّرح: لا نعلم فيها خلافًا، فأمّا إن تلف من غير تعدٍّ منه ولا تفريطٍ فلا ضمان عليه، وهو من مال الرّاهن. يروى ذلك عن عليّ رضي الله عنه، وبه قال عطاء والزّهري والأوزاعي والشّافعي وأبو ثور وابن المنذر، فإن تلف بغير تعدٍّ ولا تفريطٍ لم يضمنه ولم يسقط شيئًا من الدَّين بل هو ثابت في ذمّة الرّاهن ولم يوجد ما يسقطه.

الحادية عشرة: إذا ضمن رجل على آخر وادّعى المضمون عنه أنِّي أعطيت الضّمين.

الجواب: لصاحب الحقّ أن يطالب مَن شاء من الضّمين أو المضمون عنه، وبه قال الشّافعي والثّوري وإسحاق وأصحاب الرّأي وأبو عبيد لقوله عليه السلام:"الزّعيم غارم"، فإن أدّى المضمون عنه برئت ذمّة الضّامن بغير خلافٍ، وإن أدّى الضّامن الدَّين ونوى الرّجوع رجع على المضمون عنه لما أدّاه لصاحب الحقّ وهو مذهب مالك والشّافعي.

ص: 553

الثّانية عشرة: إذا أحال رجل على آخر عشرة دراهم مليء وقبله وبعد هذا أفلس المحال عليه هل ينحرف على صاحبه أم لا؟

الجواب: إذا أحاله على مليء برئت ذمّة المحيل ولم يعد الحقّ إليه سواء أمكن الاستيفاء أم لا؟ وبه قال اللّيث والشّافعي وأبو عبيد وابن المنذر؛ لأنّه أحاله على مليء برضاه وقبله ولم يكن له على المحيل رجوع بشرط أن تكون الحوالة صحيحة بشروطها.

الثّالثة عشرة: ما معنى: تعارض البيّنتين؟

الجواب: معنى تعارض البيّنتين تساويهما من كلّ وجهٍ، فإذا أقام المدّعي بيّنة وأقام المدّعى عليه بيّنة وتساويا فقد تعارضتا، فإذا تعارضت بيّنتاهما سقطتا وكانا كَمَن لا بيّنة لهما.

الرّابعة عشرة: ما معنى قولهم: بيّنة الدّاخل والخارج؟

الجواب: بيّنة الخارج بيّنة المدّعي، وبيّنة الدّاخل بيّنة المدّعى عليه.

الخامسة عشرة: ما الفرق بين قسمة التّراضي والإجبار؟

الجواب: قسمة الإجبار هي التي لا ضرر فيها على أحدٍ من الشّركاء، ويمكن تعديل السّهام من غير ردّ عوضٍ، فإن كان فيها ضرر لم يجبر الممتع لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا ضرر ولا ضرار"، فإن كان فيها ردّ عوض فهي بمعنى البيع فلا يجبر عليها الممتنع، فإن لم تكمل هذه الشّروط فهي قمسة تراضٍ لا يجبر الممتنع عليها بل برضاه.

السّادسة عشرة: إذا بنى رجل بيتًا وبنى فيه مدابغ وكنيفًا وبنى جاره بعده بيتًا وأقام التّالي بيّنة: إنّ كنيفك ومدابغك تضرّ بي؟

الجواب: إذا كانت المدابغ والكنيف سابقة على ملك جاره ولا

ص: 554

حدثت دار جاره إلّا بعد بناء الكنيف والمدابغ فلا تزال؛ لأنّها سابقة على ملك الجار والجار هو الذي أدخل الضّرر على نفسه، وفي إزالة ضرره ضررٌ بجاره؛ فلا يزال الضّرر بالضّرر إذا كانت المدابغ ونحوها سابقة على ملك الجار وإن أضرت بالجار. والله أعلم.

السّابعة عشرة: إذا بنى رجل مدابغ أو كنيفًا وأقام الأوّل البيّنة أنّ هذه التي حدثت تضرّ بي؟

الجواب: يمنع الجار أن يحدث في ملكه ما يضرّ بجاره لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم"لا ضرر ولا ضرار"فإذا أراد أن يحدث في ملكه ما يضرّ بجاره فإنّه يمنع منه للحديث وهذه المسألة عكس الّتي قبلها في الصّورة والحكم.

الثّامن عشرة: إذا مات رجل وجاء آخر إلى الوارث يدّعي أنّ له دينًا على الميّت وليس مع المدّعي شهود ما صفة يمين الوارث؟

الجواب: إذا لم يكن مع المدّعي بيّنة وأراد أن يستحلف الوارث، فإنّه يحلف على نفي العلم. قال في المغنِي: والأيمان كلّها على البت والقطع إلّا على نفي فعل الغير فإنّها على نفي العلم، فإذا حلف على مثال أن يدّعى عليه، أي: على غير دين أو غصب فإنّه يحلف على نفي العلم لا غير.

التّاسعة عشرة: إذا ادّعى رجل على آخر بدعوى وليس عند المدّعي بيّنة ما صفة يمين المنكر؟

الجواب: يحلف المنكر على البت والقطع؛ لأنّ الأيمان كلّها على البت إلّا على نفي فعل الغير فإنّها على نفي العلم كما تقدّم في المسألة قبلها.

العشرون: إذا تداعى اثنان ولا بيّنة معهما وصارت اليمين على المنكر فإن حلف قضي له، وإن أبى أن يحلف فهل يقضى عليه بنكوله أم يردّون

ص: 555