الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{مسائل في المعاملات وأنواعها}
[فسخ البيع بعد العقد والمبيع مكيلا أو موزونا]
(مسألة) إذا عقد إنسان البيع من إنسان، والمبيع تمر أو عيش، وتفرقا على العقد من غير قبض ولا نقد ثمن، وأراد البائع أن يفسخ البيع وأبى المشتري، هل يلزم البيع أم لا؟
(الجواب): المبيع الذي يتعلق به حق توفية مثل المكيل والموزون، فهذا يلزم بالعقد، ولا يحصل فيه فسخ إلا بتراضيهما، وأما التصرف فيه بالبيع فلا يجوز إلا بعد قبضه.
[تعيب المبيع في يد المشتري]
(مسألة): إذا اشترى إنسان نخل مقياض، فلما كان في يد المشتري حدث به عيب، مثل هضاب أو عسلج أو خنان أو غير ذلك من العيوب، هل يملك المشتري الرد على البائع وأخذ ثمنه أم لا؟ وهل بين عيب النخل وغيره فرق؟
(الجواب): الثمرة إذا بيعت في رؤوس النخل ثم حدث بها عيب لم تجر به العادة، مثل السعيف الكثير أو الخنان، فهذا من ضمان البائع، وتثبت الجائحة عليه يطالبه المشتري بذلك.
[بيع اللحم والحيوان والدهن بالتمر نساء]
(مسألة): هل يصح بيع اللحم وكذلك الحيوان بالتمر نساء وكذلك الدهن هل يجوز بيعه بالتمر أو العيش نساءوهل يفرق بين النساء واليد باليد في هذه الأنواع؟
(الجواب): أما بيع الحيوان بالتمر نساء فلا أرى به بأسا، وأما بيع الدهن بالتمر أو العيش نساء فلا يجوز عند جمهور العلماء؛ وأجازه نفاة القياس القائلون بقصر الربا على الأنواع الستة المذكورة في حديث عبادة، لكن قول الجمهور
أولى وأحوط، وأما إذا بيع ذلك يدًا بيد فهو جائز لقوله صلى الله عليه وسلم:"فإذا اختلفت هذه الأجناس "1 إلخ.
[الفرق بين المحاقلة والمخابرة وتفسيرهما]
(مسألة): ما الفرق بين المحاقلة والمخابرة، وما تفسيرهما؟
(الجواب) أما الفرق بين المحاقلة والمخابرة، فالمحاقلة بيع الحب المشتد في سنبله بحب من جنسه، فإذا بيع هذا الزرع الذي قد اشتد حبه بعيش من جنس الحب الذي في الزرع، فهذه هي المحاقلة المنهي عنها، لأن الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل.
وأما المخابرة فاختلف الفقهاء في تفسيرها، فمنهم من فسرها بما جاء في سنن أبي داود عن زيد قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة؛ قلت: وما المخابرة قال: أن يأخذ الأرض بنصف أو ثلث أو ربع"2، ومنهم من فسر المخابرة المنهي عنها بما في حديث رافع قال:"كنا من أكثر الأنصار حقلا، فكنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه، فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه، فنهانا عن ذلك. وأما بالذهب والورق فلم ننه عنها "3 متفق عليه وفي لفظ "فأما بشيء معلوم مضمون فلا بأس"4.
وهذا الذي فسر به المخابرة في حديث رافع لا يختلف في فساده، وهذا التفسير هو الراجح في تفسير المخابرة المنهي عنها.
[تعيين الدراهم والدنانير بالتعيين]
(مسألة): هل تتعين الدراهم والدنانير بالتعيين أم لا؟ وما فائدة الخلاف وغيره
(الجواب): المسألة فيها روايتان عن أحمد، والمذهب أنها تتعين. وأما فائدة الخلاف فذكروا له فوائد كثيرة (منها) أنه لا يجوز إبدالها إذا عينت، وإن خرجت مغصوبة بطل العقد، ويحكم بملكها للمشتري بمجرد التعيين، فيملك التصرف فيها، وإن تلفت فمن ضمانه، وإن وجدها معيبة من غير جنسها بطل العقد، إلى غير ذلك من الفوائد كما نبه على ذلك في الإنصاف وغيره.
1 مسلم: المساقاة (1587)، والدارمي: البيوع (2579).
2 أبو داود: البيوع (3407).
3 البخاري: الشروط (2722)، ومسلم: البيوع (1547)، وابن ماجه: الأحكام (2458).
4 مسلم: البيوع (1547)، والنسائي: الأيمان والنذور (3899).
[معنى قوله: (لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به الكلأ)]
(مسألة) في قوله: "لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به الكلأ"1 ما معنى ذلك وهل يجوز ذلك
(الجواب): أما معنى قوله: "لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به الكلأ" 2 فقال الخطابي: تأويله أن الرجل إذا حفر بئرا في موات فيملكها بالإحياء، فإذا جاء قوم لينْزلوا في ذلك المكان الموات ويرعوا نباتها، وليس هناك ماء إلا تلك البئر، فلا يجوز له أن يمنع هؤلاء القوم من شرب ذلك الماء، لأنه لو منعهم منه لا يمكنهم رعي ذلك الكلأ، فكأنه منعهم عنه.
[إجراء الماء في أرض غيره بغير إذنه]
(مسألة): إذا أراد إنسان أن يجري ساقية في أرض غيره، إلى أرضه المحتاج إليها، بغير إذن صاحب الأرض. ماذا يكون وهل يمنع أم لا؟
(الجواب): إذا أراد أن يجري ساقية في أرض غيره بغير إذنه، فقال في المغني: وإذا أراد أن يجري ماء في أرض غيره لغير ضرورة لم يجز إلا بإذنه، وإن كان لضرورة مثل أن تكون له أرض للزراعة لها ماء لا طريق له إلا أرض جاره فهل له ذلك على روايتين:
(إحداهما): لا يجوز بغير إذنه، كما لو لم تدع إليه ضرورة، (والرواية الأخرى): تجوز، ثم ساق الأثر المروي عن عمر حين قال لمحمد بن مسلمة: لِم تمنع أخاك ما ينفعه وهو لك نافع والله ليمرن به ولو على بطنك. فأمره عمر أن يمر به ففعل. رواه مالك في الموطأ. انتهى.
والقول الأول هو المذهب، ومال إليه في المغني والشرح وقال: هو أقيس، والقول الثاني هو اختيار الشيخ تقي الدين.
[اشتراط البائع في بيع الأجل الخيار إلى الأجل]
(مسألة) بيع الحيوان وغيره إلى أجل، ويشترط البائع الخيار إلى الأجل إما بدراهم معلومة أو بتمر معلوم، هل هذا جائز أم لا؟
(الجواب) أما بيع الحيوان أو غيره إلى أجل، ويشترط البائع الخيار
1 البخاري: المساقاة (2353 ،2354) والحيل (6962)، ومسلم: المساقاة (1566)، والترمذي: البيوع (1272)، وأبو داود: البيوع (3473)، وابن ماجه: الأحكام (2478) ، وأحمد (2/ 244 ،2/ 273 ،2/ 309)، ومالك: الأقضية (1459).
2 البخاري: المساقاة (2353 ،2354) والحيل (6962)، ومسلم: المساقاة (1566)، والترمذي: البيوع (1272)، وأبو داود: البيوع (3473)، وابن ماجه: الأحكام (2478) ، وأحمد (2/ 244 ،2/ 273 ،2/ 309)، ومالك: الأقضية (1459).
إلى الأجل، إما بدراهم وإما بتمر، فهذا فيه تفصيل، فإن كان البيع بدراهم أو بتمر حاضر، فهو جائز ولا إشكال فيه. وأما إن جعله رأس مال سلم في تمر وشرط الخيار، فهذا فيه خلاف، والمشهور في المذهب: أن السلم لا يجوز فيه خيار الشرط، وذكر في الشرح أنه رواية واحدة، واختار الشيخ تقي الدين الجواز، وعليه عمل أكثر الناس اليوم عندنا. [لزوم البيع بمجرد العقد]
(مسألة): إذا شرى رجل من آخر مائة صاع ووعده أنه يكيلها غدا، فلما جاءه من غد يريد كيلها قال البائع: بدا لي، وقال المشتري: لا بد من اللزوم، ولم ينفد الثمن، هل يلزم أم لا؟
(الجواب): يلزم البيع بمجرد العقد، ولا يوافق على فسخ البيع إلا برضى المشتري، ولكن لا يجوز بيعه قبل قبضه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه"1 متفق عليه.
[اختلاف البائع والمشتري في قدر الثمن]
(مسألة): إذا باع رجل على رجل بعيرًا أو غيره، فقال البائع: الثمن عشرة، وقال: المشتري بل تسعة.
(الجواب): إذا اختلفا في قدر الثمن ولا بينة لأحدهما، تحالفا: فيحلف البائع أولا: ما بعته بكذا وإنما بعته بكذا، ثم يحلف المشتري: ما اشتريته بكذا وإنما اشتريته بكذا. فإذا تحالفا ولم يرض أحدهما بقول الآخر انفسخ البيع؛ وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي ورواية عن مالك، وعن أحمد أن القول قول البائع، أو يترادان البيع، لما روى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة فالقول ما قال البائع، أو يترادان البيع"2 رواه سعيد وابن ماجه. قال الزركشي: هذه الرواية وإن كانت خفية مذهبا، فهي ظاهرة دليلا، وذكر دليلها ومال إليها.
1 البخاري: البيوع (2126)، ومسلم: البيوع (1526)، والنسائي: البيوع (4595 ،4604)، وأبو داود: البيوع (3492 ،3495)، وابن ماجه: التجارات (2226)، ومالك: البيوع (1335).
2 الترمذي: البيوع (1270)، والنسائي: البيوع (4648)، وأبو داود: البيوع (3511)، والدارمي: البيوع (2549).