الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأدلّة هذا كثيرة ولا تنسوا ما ذكر الله في سورة التّوبة: {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} ، [التّوبة، من الآية: 66].
وقوله: {وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْر} ، [التّوبة، من الآية: 74]. واذكر قوله تعالى: {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ، [آل عمران: 80].
وتأمل قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} ، [الحجّ، من الآية: 72]، في موضعين وقد علمت حالهم إذا دعوا إلى التّوحيد انتهى والله أعلم.
…
رسالة لبعض علماء الرياض
…
{رسالة لبعض علماء المسلمين من أهل الرّياض}
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على محمّد وآله وصحبه أجمعين.
قال ابن القيّم -رحمه الله تعالى- في الهدي النّبوي:
(فصل): في حكمه صلى الله عليه وسلم في قسمة الغنائم حكم صلى الله عليه وسلم إنّ للفارس ثلاثة أسهم وللرّاجل سهم، هذا حكمه الثّابت عنه في مغازيه كلّها عند الجمهور العلماء، وحكم أنّ السّلب للقاتل ثمّ قال: وقال عبادة بن الصّامت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، فلّما هزم الله العدوّ وتبعتهم طائفة يقتلونهم وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم وطائفة استولت على المعسكر والغنيمة فلمّا رجع الّذين طلبوهم قالوا لنا النّقل ونحن طلبنا العدوّ، وقال الّذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم نحن أحقّ به لأنا أحدقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا ينال العدوّ غرّته، وقال الّذين استولوا على المعسكر هو لنا نحن حويناه، فأنزل الله تعالى:{يَسْأَلونَكَ عَنِ اْلأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [لأنفال، من الآية: 1]، فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بواء قبل أن ينْزل {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ
لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال، من الآية: 41]، اهـ ثمّ قال ابن القيّم في الهدي:
(فصل): في حكم النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالسّلب للقاتل ولم يخمسه ولم يجعله من الخمس بل من أصل الغنيمة وهذا حكمه وقضاؤه. قال البخاري في صحيحه: السّلب للقاتل إنّما هو من غير الخمس وحكم به بشهادة الواحد وحكم به بعد القتل؛ فهذه أربعة أحكام تضمّنها حكمه صلى الله عليه وسلم بالسّلب لمن قتل قتيلا -ثمّ قال- والصّحيح أنّه يكتفى في هذا بالشّاهد الواحد ولا يحتاج إلى شاهد آخر ولا يمين كما جاءت به السّنّة الصّحيحة الصّريحة الّتي لا معارض لها اهـ.
(مسألة): قال في الشّرح الكبير "والسّلب ما كان عليه من ثياب وحلي وسلاح والدّابة بآلتها، وعنه أنّ الدّابة ليست من السّلب ونفقته وخيمته ورحله غنيمة" سلب القتيل ما كان لابسه من ثياب وعمامة وقلنسوة ومنطقة ودرع ومغفر وبيضة وتاج وأسورة وران وخف بما في ذلك من حلية لأنّ المفهوم من السّلب اللّباس، وكذلك السّلاح من السّيف والرّمح واللت والقوس ونحوه؛ لأنّه يستعين به في قتاله فهو أولى بالأخذ من اللّباس.
فأمّا المال الّذي معه في هميانه وخريطته فليس بسلب، لأنّه ليس من الملبوس ولا ممّا يستعين به في الحرب وكذلك رحله وإناؤه وما ليست يده عليه -ثمّ قال- واختلفت الرّواية عن أحمد في الدّابة فنقل عنه أنّها ليست من السّلب اختاره أبو بكر؛ لأنّ السّلب ما كان على بدنه والدّابة ليست كذلك فلا تدخل في الخبر -ثمّ قال-: ونقل عنه أنّها من السّلب وهو المذهب وبه قال الشّافعي لما روى عوف بن مالك قال: خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة ووافقني مددي من أهل اليمن فلقينا جموع الرّوم وفيهم
رجل على فرس أشقر عليه سرج مذهّب وسلاح مذهّب فجعل يغري بالمسلمين وقعد له المددي خلف صخرة فمر به الرومي فعرقب فرسه فعلاه ققتله وحاز فرسه وسلاحه، فلما فتح الله للمسلمين بعث إليه خالد فأخذ منه السلب، قال عوف: فأتيته فقلت: يا خالد أما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى. رواه الأثرم.
وفي حديث شهر بن علقمة أنه أخذ فرسه كذلك، قال أحمد كقوله فيه ولأن الفرس يستعان بها في الحرب فأشبهت السلاح. ثم قال: إذا ثبت هذا فإن الدابة وما عليها من سرجها ولجامها وتحقيبها وحلية إن كانت عليها وجميع آلتها* من السلب لأنه تابع لها ويستعان به في الحرب وإنما تكون من السلب إذا كان راكبًا عليها، فإن كانت في منزله أو مع غيره أو منقلبة لم تكن من السلب كالسلاح الذي ليس معه. ثم قال: وان كان على فرس وفي يده جنيبه لم تكن الجنيبة من السلب لأنه لا يمكنه ركوبهما. ثم قال في الشرح الكبير:
{مسألة} (وإن أخذ منهم مال مسلم فأدركه صاحبه قبل قسمه فهو أحق به، وإن أدركه مقسومًا فهو أحق به بثمنه، وعنه لا حق لهم فيه، وإن أخذه منهم أحد الرعية بثمن فصاحبه أحق به بثمنه، وإن أخذه بغير عوض فصاحبه أحق به بغير شيء) إذا أخذ الكفار أموال المسلمين ثم أخذها المسلمون منهم قهرًا، فإن علم صاحبها قبل قسمها ردت إليه بغير شيء في قول عامة أهل العلم منهم عمر رضي الله عنه وسلمان بن ربيعة وعطاء والنخعي والليث والثوري ومالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي.
وقال الزهري: لا يرد إليه وهو للجيش، ونحوه عن عمرو بن دينار
* في الأصل المطبوع: (آلهتها)، والتصويب من "الشرح الكبير على متن المقنع". [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
لأنّ الكفّار ملكوه بالاستيلاء فصار غنيمة كسائر أمولهم.
ولنا ما روى ابن عمر أن غلامًا له أبق إلى العدوّ فظهر عليه المسلمون فردّه النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى ابن عمر ولم يقسمه، وعنه قال ذهب فرس له فأخذها العدوّ فظهر عليه المسلمون فردّ عليه في زمن النّبيّ صلى الله عليه وسلم رواهما أبو داود.
وعن رجاء بن حيوة أنّ أبا عبيدة كتب إلى عمر بن الخطّاب فيما أحرز المشركون من المسلمين ثمّ ظهر المسلمون عليهم بعد، قال من وجد ماله بعينه فهو أحقّ به مالم يقسم. رواه سعيد والأثرم، وكذلك إن علم الإمام بمال مسلم قبل قسمه فقسمه وجب ردّه وصاحبه أحقّ به بغير شيء -ثمّ قال-:
(فصل): فإن أخذه أحد الرّعية نهبة أو سرقة أو بغير شيء فصاحبه أحقّ به بغير شيء -ثمّ قال-: ولنا ما روي أنّ قومًا أغاروا على سرح النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأخذوا ناقة وجارية من الأنصار فأقامت عندهم أيّامًا ثمّ خرجت في بعض اللّيل قالت فما وضعت يديّ على ناقة الأرغب قالت حتّى وضعتها على ناقة ذلول فامتطيتها ثمّ توجّهت إلى المدينة ونذرت أن نجاني الله عليها أن أنحرها، فلمّا قدمت المدينة إستعرفت النّاقة فإذا هي ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذها فقلت يا رسول الله إنّي نذرت أن أنحرها، قال:"بئسما جازيتها لا نذر في معصية الله" وفي رواية "لا نذر لابن آدم فيما لا يملك" أخرجه مسلم، ولأنّه لم يحصل في يده بعوض فكان صاحبه أحقّ به بغير شيء كما لو أدركه في الغنيمة قبل القسمة انتهى.
وهذا عام في كلّ مال مسلم أخذ من العدوّ سواء ذهب إليهم من الغزو أو أخذه منهم أو من بلادهم ثمّ قال في الشّرح الكبير:
(مسألة): وإذا أراد القسمة بدأ بالأسلاب فدفعها إلى أهلها فإن كان فيها مال مسلم دفعه إليه؛ لأنّ صاحبه متعين؛ ولأنّه استحقه بسبب سابق ثمّ بمؤنة الغنيمة، من أجرة النّقال والجمال والحافظ والمخزن والحاسب؛ لأنّه لمصلحة الغنيمة، ثمّ بالرّضخ في أحد الوجهين؛ لأنّه استحق بالمعاونة في تحصيل الغنيمة أشبه أجرة النّقالين والحافظين وفي الآخر يبدأ بالخمس قبله؛ لأنّه استحق بحضور الوقعة وهذا أقيس. ثمّ قال ويرضخ لمن لا سهم له وهم العبيد والنّساء والصّبيان، ومعنى الرّضخ أن يعطوا شيئًا من الغنيمة دون السّهم ولا تقدير فيما يعطونه بل ذلك إلى اجتهاد الإمام فإن شاء التّسوية بينهم سوَّى، وإنّ رأي التّفضيل فَضَّلَ. وهذا قول أكثر العلماء -ثمّ قال-.
(مسألة): وإن غزا العبد على فرس لسيّده قسم للفرس ورضخ للعبد - ثمّ قال: وقال أبو حنيفة والشّافعي: لا يسهم للفرس لأنّها تحت من لا يسهم له فلم يسهم له كما لو كانت تحت مخذل، ولنا أنّه فرس حضر الوقعة وقوتل عليه فأسهم له كما لو كان السّيّد راكبه، إذا ثبت هذا فإنّ سهم الفرس ورضخ العبد لسيّده لأنّه مالكه ومالك فرسه سواء حضر السّيّد القتال أو غاب عنه -ثمّ قال-: أجمع أهل العلم على أنّ للغانمين أربعة أخماس الغنيمة، وقد دلّ النّص على ذلك بقوله تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال، من الآية:41]، يفهم منه أنّ أربعة أخماسها الباقية لهم؛ لأنّه أضافها إليهم ثمّ أخذ منها سهمًا لغيرهم فبقي سائرها لهم ويقسم بينهم للرّاجل سهم وللفارس ثلاث أسهم سهم له وسهمان لفرسه -ثمّ قال-: قال ابن المنذر: أجمع كلّ من نحفظ عنه من أهل العلم على أنّ من غزا على بعير فله سهم راجل، كذلك قال الحسن ومكحول والثّوري والشّافعي وأصحاب الرّأي، وهو الصّحيح إن شاء الله
تعالى؛ لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنّه أسهم لغير الخيل من البهائم ولو أسهم لها لنقل وكذلك بعد النّبيّ صلى الله عليه وسلم من خلفائه وغيرهم مع كثرة غزواتهم لم ينقل عن أحد منهم فيما علمنا أنّه أسهم لغير الخيل، قال في الشّرح الكبير وهي لمن شهد الوقعة من أهل القتال قاتل أو لم يقاتل وقال فيه أيضا ومن بعثه الإمام لمصلحة الجيش مثل الرّسول والدّليل والجاسوس وأشباههم فإنّه يسهم له وإن لم يحضر لأنّه لمصلحة الجيش أشبه السّريّة.
قال أحمد: إذا غنم المسلمون غنيمة فلحقهم العدوّ وجاء المسلمين مدد فقاتلوا العدوّ معهم حتّى سلموا الغنيمة فلا شيء لهم من الغنيمة؛ لأنّهم قاتلوا عن أصحابهم دون الغنيمة؛ لأنّ الغنيمة قد صارت في أيديهم وحووها. قيل له فإن أهل المصيصة غنموا ثمّ استنقذ منهم العدوّ فجاء أهل طرسوس فقاتلوا معهم حتّى استنقذوه؟ فقال: أحب أن يصطلحوا. أمّا في الصّورة الأولى فإنّ أهل الغنيمة قد أحرزوها وملكوها بحيازتها فكانت لهم دون من قاتل معهم. وأمّا في الصّورة الثّانية فإنّما حصلت الغنيمة بقتال الّذين استنقذوها في المرّة الثّانية فينبغي أن يشتركوا فيها؛ لأنّ الإحراز الأوّل قد زال يأخذ الكفّار لها. ويحتمل أنّ الأوّلين قد ملكوها بالحيازة الأولى ولم يزل ملكهم بأخذ الكفّار لها منهم فلهذا أحبّ أحمد أن يصطلحوا على هذا انتهى ملخصًا من الشّرح الكبير.
وقال في الشّرح الكبير أيضا: والنّفل في الغزو ينقسم ثلاثة أقسام:
(أحدها): هذا وهو أنّ الإمام أو نائبه إذا دخل دار الحرب غازيا بعث بين يديه سريّة تغيّر على العدوّ ويجعل لهم الرّبع بعد الخمس فما قدمت به السّريّة أخرج خمسه وأعطى السّريّة ما جعل لهم وهو ربع الباقي وقسم ما بقي