المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثلاثون: عن أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر رضي الله - التعيين في شرح الأربعين - جـ ١

[الطوفي]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الأول:

- ‌الحديث الثَّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌الحديث السابع:

- ‌الحديث الثامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌الحديث العاشر:

- ‌الحديث الحادي عشر:

- ‌الحديث الثاني عشر:

- ‌الحديث الثالث عشر:

- ‌الحديث الرابع عشر:

- ‌الحديث الخامس عشر:

- ‌الحديث السادس عشر:

- ‌الحديث السابع عشر:

- ‌الحديث الثامن عشر:

- ‌الحديث التاسع عشر:

- ‌الحديث العشرون:

- ‌الحديث الحادي والعشرون:

- ‌الحديث الثاني والعشرون:

- ‌الحديث الثالث والعشرون:

- ‌الحديث الرابع والعشرون:

- ‌الحديث الخامس والعشرون:

- ‌الحديث السادس والعشرون:

- ‌الحديث السابع والعشرون:

- ‌الحديث الثامن والعشرون:

- ‌الحديث التاسع والعشرون:

- ‌الحديث الثلاثون:

- ‌الحديث الحادي والثلاثون:

- ‌الحديث الثاني والثلاثون:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون:

- ‌الحديث الرابع والثلاثون:

- ‌الحديث الخامس والثلاثون:

- ‌الحديث السادس والثلاثون:

- ‌الحديث السابع والثلاثون:

- ‌الحديث الثامن والثلاثون:

- ‌الحديث التاسع والثلاثون:

- ‌الحديث الأربعون:

- ‌الحديث الحادي والأربعون:

- ‌الحديث الثاني والأربعون:

الفصل: ‌ ‌الحديث الثلاثون: عن أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر رضي الله

‌الحديث الثلاثون:

عن أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحدَّد حدودا فلا تعتدوها، وَحَرَّمَ أشياءَ فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياءَ رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها. حديث حسن رواه الدارقطني وغيره (1).

قلت: يقال أيضًا: جرهم، وفي اسم أبيه ناشب (2).

وقد تضمن هذا الحديث قواعد الشرع؛ لأن الحكم الشرعى في نفس الأمر إما مسكوت عنه، أو متكلم به، وهو إما منهي عنه، أو مأمور به، أو حَدٌّ زَاجِرٌ عن منهى عنه، والمنهي عنه إما مكروه أو محرم، والمأمور به إما مندوب أو مفروض، فالمفروض حقه أن لا يُضَيَّعَ كالإيمان والإسلام وما وجب من خصالهما، والحرام حَقُّهُ أن لا يقارب كالكفر والزنى والربا والسرقة والقذف والسحر وشهادة الزور وأكل مال اليتيم، والحدود وهي الزواجر الشرعية كحد الردة والزنى والسرقة والشرب ونحوها حقها أن تقام على أهلها من غير محاباة ولا عدوان لقوله صلى الله عليه وسلم: "حد يقام في الأرض خير

(1) رواه الدارقطني 4/ 184 والبيهقي في السنن الكبرى 10/ 12 والطبراني في المعجم الكبير 22/ 589 والخطيب في الفقيه والمتفقه 20/ 16. وَحَسَّنَهُ النووي، ولكن إسناده ضعيف، وقد تكلم عليه الألباني في "غاية المرام" حديث 4 فراجعه.

(2)

قال الحافظ ابن كثير في جامع المسانيد 13/ 443 اختلف في اسمه واسم أبيه على أقوال تبلغ العشرين، فقيل: جرثوم بن ناشب، وقيل: ابن ناشر.

ص: 227

من مطر أربعين صباحا" (1) وإنما حملنا (أ) الحدود في الحديث على أنها الزواجر دون الوقوف عند النواهي والأوامر لئلا يتكرر مع ما قبلها وبعدها، إذ الفرائض المفروضة حدود محدودة لأنها مقدرة محصورة يجب الوقوف عند تقدير الشرع فيها، وكذلك المحرمات المحظورة حدود محدودة، وكلا الأمرين محتمل فيها، أعني حملها على الزواجر، وعلى الوقوف عند النواهي والأوامر.

فإن حملت على الزواجر فمعنى لا تعتدوها أي: لا تزيدوا عليها عما (ب) أمر به الشرع.

فإن قيل: كيف جلد عمر ثمانين في الخمر وإنما جلد النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فيه أربعين؟ (2).

قلنا: قد قال علي: "إن ذلك كله سنة"(3) ولأن الناس أكثروا من الشرب في زمن عمر ما لم يكثروا منه قبله فزاد في جلدهم تنكيلا وزجرًا، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر"(4) وقال:

(أ) في م حملت.

(ب) في م على ما.

(1)

رواه النسائي 8/ 76 وابن ماجه 2/ 848 من حديث أبي هريرة وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 2/ 317.

(2)

رواه مسلم 3/ 1331 من حديث أنس بن مالك.

(3)

رواه مسلم 3/ 1332.

(4)

سبق تخريجه.

ص: 228

"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي" فمن ها هنا كانت زيادة عمر في حد الشرب سنة إذ كان مأمورا بالاقتداء به.

فإن قيل: فكيف قال علي: "لا يموت أحد في حد وفي نفسي منه شيء إلا شارب الخمر فإنه لو مات وديته، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَسُنَّهُ"(1) وهذا يعارض قوله: "وكل سنة".

قلنا: أراد لم يسنه بِنَصٍّ بقوله (أ) أو بفعله، وأراد بقوله:"كل سنة" لأن حكم عمر بذلك مجتهدًا فيه مراعيا للمصلحة به سنة أيضًا.

وإن حملت (ب) الحدود على الوقوف عند النواهي والأوامر فمعنى لا تعتدوها لا تجاوزوا مَا حُدَّ لكم بمخالفة المأمور، وارتكاب المحظور.

وإضاعة الفرائض إما بتركها، أو بتأخيرها عن وقتها وهو أيسر التضييعين. وتنتهكوها ترتكبوها مقتحمين لها.

وأما ما سكت الله عز وجل عنه أي: لم يذكر حكمه فهو رحمة لهم وتخفيف عنهم لا نسيان لتلك الأحكام {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: 52] ويشهد لهذا قوله عليه الصلاة والسلام: "إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسئلته"(2) دَلَّ على أنَّ

(أ) في م بنص قوله وبفعله.

(ب) في م حملنا.

(1)

رواه مسلم 3/ 1332.

(2)

رواه البخاري 6/ 2658 ومسلم 4/ 1831 من حديث سعد.

ص: 229

ثَمَّ أشياءَ لم تذكر أحكامها، أو لا أحكام لها.

قوله: "فلا تبحثوا عنها" لا تستكشفوا عن أحوالها وتسألوا، ويرجع هذا إلى قوله عز وجل {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101].

واعلم أن للظاهرية في هذا الحديث ضربا من التمسك لأن مذهبهم اتباع ظواهر النصوص، وما لا حكم له في النصوص ردوه إلى حكم ما قبل الشرع، وهو ظاهر هذا الحديث؛ لأنه نهي عن البحث عما سكت عنه، والقول بالقياس وإلحاق المسكوت عنه بالمنطوق بحكمه بحث عما سكت عنه فيكون على خلاف الشرع، فيكون مردودًا عملا بقوله عليه الصلاة والسلام:"كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ".

واعلم أن هذا الاستدلال ظني، وأدلة القياس قاطعة فلا يعارضها الظني. والله عز وجل أعلم بالصواب.

ص: 230