المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الثالث والثلاثون: - التعيين في شرح الأربعين - جـ ١

[الطوفي]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الأول:

- ‌الحديث الثَّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌الحديث السابع:

- ‌الحديث الثامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌الحديث العاشر:

- ‌الحديث الحادي عشر:

- ‌الحديث الثاني عشر:

- ‌الحديث الثالث عشر:

- ‌الحديث الرابع عشر:

- ‌الحديث الخامس عشر:

- ‌الحديث السادس عشر:

- ‌الحديث السابع عشر:

- ‌الحديث الثامن عشر:

- ‌الحديث التاسع عشر:

- ‌الحديث العشرون:

- ‌الحديث الحادي والعشرون:

- ‌الحديث الثاني والعشرون:

- ‌الحديث الثالث والعشرون:

- ‌الحديث الرابع والعشرون:

- ‌الحديث الخامس والعشرون:

- ‌الحديث السادس والعشرون:

- ‌الحديث السابع والعشرون:

- ‌الحديث الثامن والعشرون:

- ‌الحديث التاسع والعشرون:

- ‌الحديث الثلاثون:

- ‌الحديث الحادي والثلاثون:

- ‌الحديث الثاني والثلاثون:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون:

- ‌الحديث الرابع والثلاثون:

- ‌الحديث الخامس والثلاثون:

- ‌الحديث السادس والثلاثون:

- ‌الحديث السابع والثلاثون:

- ‌الحديث الثامن والثلاثون:

- ‌الحديث التاسع والثلاثون:

- ‌الحديث الأربعون:

- ‌الحديث الحادي والأربعون:

- ‌الحديث الثاني والأربعون:

الفصل: ‌الحديث الثالث والثلاثون:

‌الحديث الثالث والثلاثون:

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموالَ قومٍ ودماءَهمْ، ولكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر. حديث حسن، رواه البيهقي وغيره هكذا (1)، وبعضه في الصحيحين. الكلام على هذا الحديث في مباحث:

الأول: قوله: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم" إن قيل: قد اشتهر في (لو) أنها تقتضي امتناع الشيء لامتناع غيره، فهي إذًا هاهنا تقتضي امتناع دعوى رجال أموال غيرهم، لامتناع أن يعطى الناس بدعواهم، لكن ذلك لم يمتنع (أ)، إذ دعوى بعض الناس مال بعض ودمه كثير جدًّا.

فجوابه من وجهين:

أحدهما: أن قولهم في (لو): إنها تقتضي امتناع الشيء لامتناع غيره (2)، هي عبارة مشايخ النحاة، أما عبارة إمام الفن سيبويه فيها فهي: إنَّ (لَوْ) لِمَا كان سيقع لوقوع غيره (3). وعلى هذا فلا إشكال، فإن (ب) دعوى

(أ) في ب تلك لم تمتنع.

(ب) في ب لان.

(1)

رواه ابن ماجه 2/ 778 والبيهقي في السنن الكبرى 10/ 252 صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 2/ 252.

(2)

انظر همع الهوامع في شرح جمع الجوامع للسيوطي 4/ 343.

(3)

الكتاب لسيبويه 4/ 224.

ص: 281

رِجَالٍ مَالَ قَوْمٍ كان سيقع، لوقوع إعطاء الناس بدعاويهم (أ).

فإن قيل: الإشكال باق لأن الناس يدعى بعضهم مال (ب) بعض، سواء أعطُوا بدعاويهم (جـ)، أو لم يعطَوا.

فجوابه بالوجه الثاني: وهو أن المراد بدعوى الرجال أَمْوَالَ قَومٍ إعطاؤهم إياها، ودفعها إليهم.

وتقدس الحديث: لو يعطى الناس بدعواهم لأخذ رجال أموالَ قومٍ وسفكوا دماءهم، فوضع الدعوى موضع الأخذ، لأنها سببه، ولا شك أن أخذ مال المُدَّعَى عليه يمتنع، لامتناع إعطاء المُدَّعِي بمجرد دعواه (1)، وكذلك أخذ مال المُدَّعَى عليه سيقع لوقوع إعطاء المُدَّعِي بدعواه (2)، ولا يقع بدون ذلك. فصح معنى (لو) في الحديث على القولين فيه.

البحث الثاني: أن الرجال هم ذكور بني آدم بلا خلاف، أما القوم فهل يختص بالرجال، أم يعمهم والنساء؟ فيه قولان:

حجة الأول: قوله عز وجل {لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرًا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرًا منهن} [سورة الحجرات: 12].

(أ) في م بدعواهم.

(ب) في م على بعض.

(جـ) في م بدعواهم.

(1)

هذا التقرير مبني على أن لو حرف امتناع الشيء لامتناع غيره.

(2)

وهذا مبني على أنها لو حرف لما كان سيقع لوقوع غيره.

ص: 282

وقول زهير (1):

وما أَدرِي -وَسَوفَ إِخَالُ أَدْرِيْ-

أَقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِسَاءُ

وجه الدلالة أنه في الآية قابل بين القوم والنساء مقابلة صحيحة، والمقابلة الصحيحة إنما هي بين الرجال والنساء، فالقوم إذًا هم الرجال، لا غير.

حجة الثاني: قوله عز وجل {كذبت قوم نوح} [سورة الشعراء: 106] ونحوه، والمراد الرجال والنساء جميعا، وكذلك العرب يقول (أ) أحدهم: هذا ليس في أرض قومي، وليس من لسان قومي ونحوه، ومراده الرجال والنساء. فقد بان مأخذ القولين، وعلى كل واحد منهما اعتراض:

أما الأول: فيعترض عليه بأنه إنما دل على أن القوم هم الرجال خاصة بقرينة التقسيم، إذ قابل بين القوم والنساء، كما يقابل بين الرجال والنساء، حتى إنه لولا ذلك لم يدل على اختصاص القوم بالرجال.

وأما الثاني: فيعترض عليه بأن النساء إنما دخلن في لفظ القوم بقرينة التكليف ونحوها (ب)، ولولاها (جـ) لما دخلن فيه.

إذا عرف هذا فالمتداعيان إما رجلان، أو امرأتان، أو رجل وامرأة.

فإن قيل (د): فلم قال: "لادَّعى رجال أموال قوم" ولم يقل: رجالٌ

(أ) في م يقول ليس هذا.

(ب) في م ونحوه.

(جـ) في (س) ولولاهما.

(د) في م قلت.

(1)

شعر زهير بن أبي سلمى صنعة الأعلم الشنتمري (136 تحقيق د / فخر الدين قباوة).

ص: 283

أموالَ رجالٍ، أو قومٌ أموالَ قومٍ؟

قلنا: يحتمل أنه غاير بين اللفظين دفعا لتكرار (أ) أحدهما بغير فائدة، ويحتمل على القول بأن النساء يدخلن في لفظ القوم أن يقال: لما كان الغالب أن المدعي إنما يكون رجلا إذ (ب) المرأة ليست من أهل الدعوى وحضور مجالس الحُكَّامِ، والمُدَّعَى عليه يكون رجلا وامرأة قال:"لا دَّعى رجال أموال قوم" حملا على الغالب في ذلك.

البحث الثالث: لم قدم ذكر الأموال على الدماء مع أنها أهم من الأموال وأعظم خطرا، ولذلك أول ما يُقْضَى بين الناس يوم القيامة في الدماء (1).

وجوابه: أن الخصومات في الأموال أكثر، لأن أخذها أيسر (جـ)، وامتداد الأيدي إليها أسهل (د)، ولهذا ترى الإنسان يسرق ويغصب ويخطف ويجحد المال في عمره ألف مرة وأكثر، ولعله لا يقتل أحدا أبدا، وإن قتل فنفسًا واحدة أو نفسين، وهو قليل بالنسبة إلى أخذ المال.

ولو قدم ذكر الدماء على الأموال هاهنا لكان ذلك لكونها أهم كما ذكرنا، على أن عطف الدماء على الأموال بالواو، وهي لا تفيد ترتيبا.

(أ) في (س) لتكرر.

(ب) في م لأن.

(جـ) في م أسهل.

(د) في م أيسر.

(1)

رواه البخاري 6/ 2517 ومسلم 3/ 1304 من حديث ابن مسعود.

ص: 284

البحث الرابع: قوله: "لكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر" إن قيل: لكن معناها الاستدراك، وهي إنما تكون بين نفي وإثبات نحو ما قام زيد، لكن عمرو قام، وزيد قائم، لكن عمرو لم يقم. وليست لكن هاهنا كذلك، إذ لا (أ) بعدها إثبات، ولا نفي قبلها.

قلنا: هي كذلك في المعنى، إذ معنى قوله:"لو يعطى الناس بدعواهم" لا يعطى الناس بدعواهم المجردة، لكن بالبينة، وهي على المدعي، وهو كلام صحيع جار على القاعدة في لكن.

البحث الخامس: قد كان يمكن أن يقال: البينة على المدعي واليمين على المنكر، والبينة على من ادعى واليمين على من أنكر، والبينة على من ادعى واليمين على المنكر، والبينة على المدعي واليمين على من أنكر، كما في لفظ الحديث، فلم خص هذه العبارة، دون العبارات الثلاث الأُوَّلِ؟

قلنا: يحتمل أن يكون هذا من باب الاتفاق، وأنه لو أتى بغير هذه العبارة من تلك العبارات لجاز، ويحتمل أن يقال: إن في المدعى ضربا من التعريف المعنوي لظهوره وإقدامه على الدعوى فأتى فيه بلام التعريف المناسب له، والمنكر فيه ضرب من الإبهام والتنكير لاستخفائه (ب) وتأخره وكونه إذا (جـ) سكت لم يترك، فأتي فيه بِمَنْ إذ فيها إبهام وتنكير شبيه بحاله،

(أ) في (ب) ليس.

(ب) في (ب) لإخفائه.

(جـ) في م إن.

ص: 285

ويحتمل أن يجعل هذا السؤال دوريًّا مردودًا لأنه لو أتى بغير هذه العبارة لقيل: لم لم يأت بغيرها؟

البحث السادس: وجه الحكمة في أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر هو أن جانب المدعي ضعيف لدعواه خلاف الأصل، وجانب المنكر قوي لموافقته الأصل (أ) في براءة ذمته، والبينة حجة قوية لبعدها عن التهمة، واليمين حجة ضعيفة لقربها منها، فجعلت الحجة القوية وهي البينة في الجانب الضعيف وهو جانب المدعي، والحجة الضعيفة في الجانب القوى وهو جانب المنكر تعديلا، وهو توجيه حسن ذكره بعض أهل العلم.

واعلم أن قوله: "واليمين على من أنكر" عام خُصَّ بِصُوَرٍ استثنيت منه:

إحداهن: اليمين مع الشاهد الواحد في جانب المدعي.

الثانية: يمين المدعى إذا ردَّها عليه المنكر على رأي الشافعي (1)، ورواية عن أحمد، ووجه في مذهبه (2).

الثالثه: يمين ولي الدم في القسامة وهو مدعي.

الرابعة: أيمان الأمناء حين يتهمون في دعاويهم كالوكيل والمرتهن ونحوهما وما وجد من هذه الصور. والله عز وجل أعلم بالصواب.

(أ) في (س) للأصل.

(1)

انظر المهذب للشيرازي (5/ 571 طبعة الزحيلي).

(2)

انظر المغني لابن قدامة (14/ 220 طبعة التركي).

ص: 286