المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث التاسع: عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر رضي الله - التعيين في شرح الأربعين - جـ ١

[الطوفي]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الأول:

- ‌الحديث الثَّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌الحديث السابع:

- ‌الحديث الثامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌الحديث العاشر:

- ‌الحديث الحادي عشر:

- ‌الحديث الثاني عشر:

- ‌الحديث الثالث عشر:

- ‌الحديث الرابع عشر:

- ‌الحديث الخامس عشر:

- ‌الحديث السادس عشر:

- ‌الحديث السابع عشر:

- ‌الحديث الثامن عشر:

- ‌الحديث التاسع عشر:

- ‌الحديث العشرون:

- ‌الحديث الحادي والعشرون:

- ‌الحديث الثاني والعشرون:

- ‌الحديث الثالث والعشرون:

- ‌الحديث الرابع والعشرون:

- ‌الحديث الخامس والعشرون:

- ‌الحديث السادس والعشرون:

- ‌الحديث السابع والعشرون:

- ‌الحديث الثامن والعشرون:

- ‌الحديث التاسع والعشرون:

- ‌الحديث الثلاثون:

- ‌الحديث الحادي والثلاثون:

- ‌الحديث الثاني والثلاثون:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون:

- ‌الحديث الرابع والثلاثون:

- ‌الحديث الخامس والثلاثون:

- ‌الحديث السادس والثلاثون:

- ‌الحديث السابع والثلاثون:

- ‌الحديث الثامن والثلاثون:

- ‌الحديث التاسع والثلاثون:

- ‌الحديث الأربعون:

- ‌الحديث الحادي والأربعون:

- ‌الحديث الثاني والأربعون:

الفصل: ‌ ‌الحديث التاسع: عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر رضي الله

‌الحديث التاسع:

عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرةُ مسائِلهِمْ واختلافُهُمْ على أنبيائهم. رواه البخاري ومسلم (1).

الكلام على هذا الحديت في إسناده ولفظه ومعناه.

أما إسناده: فإن أبا هريرة كني بهرة كان يصحبها إمَّا صغيرًا يلعب بها، أو كبيرًا يحسن إليها، لأنه هو الذي روى أن امرأة عذبت في هرة (2).

فلعله أخذ بقياس العكس (3)، ورجا الثواب في هرة. واختار الشيخ من أسمائه عبد الرحمن بن صخر، وفيه بضعة عشر قولا، أصحها هذا.

وأما لفظه: فقوله: "واختلافهم" مضموم الفاء، لا مكسورها (أ) عطفا على كثرة، لا على مسائلهم، أي: أهلكم كثرة مسائلهم (ب) وأهلكهم اختلافهم، وهو أبلغ لأن الهلاك بمسمى الاختلاف ومطلقه أبلغ في الزجر والازدجار من الهلاك بالاختلاف الكثير.

(أ) في م لا بكسرها.

(ب) في م سؤالهم.

(1)

رواه البخاري 6/ 2658 ومسلم 2/ 975.

(2)

رواه البخاري 3/ 1205 ومسلم 4/ 1760.

(3)

قياس العكس: هو إثبات نقيض حكم الشيء في غيره، لافتراقهما في علة الحكم. انظر التمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب 3/ 360.

ص: 110

وأما معناه فاعلم أن هذا الحديث من الجوامع، وقد تضمن أحكامًا: أحدها: وجوب ترك المنهيات لقوله: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه" والأمر باجتنابه للوحوب.

والثاني: وجوب فعل المستطاع من المأمورات لقوله: "فأتوا" أي: فافعلوا منه ما استطعتم، والأمر بفعله للوجوب، وهذا راجع إلى قوله عز وجل:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].

فإن قيل: الآية دلت على وجوب اتباع أوامره صلى الله عليه وسلم مطلقًا، ولم يستثن المستطاع من غيره، والحديث المذكور خصَّ المستطاع من ذلك دون غيره، فهذا الحديث مخصص للآية أو مبين لها.

قلنا: يحتمل أن يقال هذا، ويحتمل أن يقال: إن الآية المذكورة خُصَّت بقوله عز وجل {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] والتقوى تشتمل على جميع المأمورات فصار ذلك في قوة قوله: ما آتاكم (أ) به فافعلوا منه ما استطعتم، ثم جاء هذا الحديث موافقا لهذه الآية، كما جاء قوله في حديث جبريل:"وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا" موافقا لقوله عز وجل {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97].

فإن قيل: ما الفرق بين المأمور به، وبين المنهي عنه حيث سقط التكليف بما لا يستطاع من الأول، دون الثاني؟.

قلنا: لأن ترك المنهي عنه عبارة عن استصحاب حال عدمه والاستمرار

(أ) في م آتيتكم.

ص: 111

على عدمه، وليس في ذلك ما لا يستطاع حتى يسقط التكليف به، بخلاف فعل المأمور به فإنه عبارة عن إخراجه من العدم إلى الوجود، وذلك يتوقف على شروط وأسباب كالقدرة على الفعل ونحوها، وبعض ذلك يستطاع، وبعضه لا يستطاع، فلا جرم سقط التكليف به، لأن الله عز وجل أخبرنا أنه لا يكلف نفسا إلا وسعها، وهذه رخصة عظيمة في كثير من الأحكام، مثل من لم يجد إلا ما يكفي بعض الوضوء أو الغسل، أو وجد ترابا يكفي بعض التيمم، أو لم يقدر إلا على غسل بعض محل الحديث، أو لم يجد إلا بعض الفطرة، أو لم يقدر أن يصلي إلا جالسًا، أو نائما، أو لا يطوف إلا راكبًا، أو لا يفي من الإيلاء إلا بالقول، وهي فيئة المعذور ونحو ذلك كله يأتي منه بالمستطاع ويسقط غيره هدرًا أو إلى بدل.

فإن قيل: لو وجد بعض الرقبة في الكفارة هل يلزمه عتقه، ويسقط ما لم يجده منها؟.

قلنا: لا، لأن الرقبة لها بدل، وهو الإطعام أو الصيام بخلاف الفطرة إذا وجد بعضها إذ لا بدل لها.

الحكم الثالث في الحديث: تحريم الاختلاف وكثرة المسائل عن (أ) غير ضرورة لأنه توعد عليه بالهلاك، والوعيد على الشيء يقتضي تحريمه.

أما الاختلاف فلأنه سبب تَفَرُّقِ (ب) القلوب وَوَهْنِ الدين كما جرى للخوارج حين تبرأ بعضهم من بعض وهن أمرهم واندحضوا، وذلك حرام،

(أ) في س من.

(ب) في ب يفرق.

ص: 112

وسبب الحرام حرام.

وأما كثرة السؤال عن غير ضرورة فلأنه مشعر بالإعنات ومفض (أ) إليه، وهو (ب) أيضًا حرام.

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال، وكثرة السؤال (1)، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الأغلوطات، وهي صعاب المسائل (2).

وكان أبي بن كعب (3) وزيد بن ثابت (4) وغيرهما من أفاضل (جـ) الصحابة إن سئل أحدهم عن مسألة يقول: أوَقَعت هذه؟.

فإن قيل: نعم، قال فيها بعلمه، أو أحال على غيره، وإن قيل: لا، قال: فدعها حتى تقع.

وهذا الحكم يرجع إلى قوله عز وجل {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} [الأنعام: 159]{وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} [الروم: 31 - 32] الآيات ونحوها والله عز وجل أعلم بالصواب.

(أ) في س ويفضي.

(ب) في ب وهذا.

(جـ) في س من أكابر.

(1)

رواه البخاري 2/ 848 ومسلم 3/ 1341 من حديث المغيرة بن شعبة.

(2)

رواه أحمد 5/ 435 وأبو داود 4/ 65.

(3)

رواه الخطيب في الفقيه والمتفقه 2/ 14.

(4)

رواه الدارمي 1/ 54، والخطيب في الفقيه والمتفقه 2/ 14.

ص: 113