الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السابع:
عن أبي رُقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم رواه مسلم (1).
قال المصنف: رقية بضم الراء وفتح القاف وتشديد الياء، والداري منسوب إلى جد له اسمه الدار، وقيل: إلى موضع يقال له: دارين، ويقال له أيضًا: الديري نسبة إلى دير كان يتعبد فيه، انتهى كلامه.
والنصيحة إخلاص القول والعمل، وهي في العرف إخلاص الرأي من الغش للمستشير ونحوه، وإيثار مصلحته. والنصيحة على ما ذكرنا تختلف باختلاف المنصوح.
فنصيحة الله عز وجل الإيمان به، وطَاعَتُهُ بالقلبِ توحيدًا وبالبدن عِبَادةً، وفي التنزيل {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91].
ونصيحة كتاب الله تعظيمه، والإيمان به، والعمل بما فيه.
ونصيحة الرسول صلى الله عليه وسلم تصديقه فيما جاء به، وإعانته على إقامة أمر ربه بالقول والعمل والاعتقاد، كما فعل الصحابة رضي الله عنهم.
ونصيحة أئمة المسلمين بالوفاء لهم بعهدهم، والتنبيه لهم على مصالحهم ورشدهم.
ونصيحة عامة المسلمين بذلك، وبأن يحب لهم ما يحب لنفسه.
(1) 1/ 74.
واعلم أن هذا الحديث وإن أوجز في العبارة فلقد أعرض في الفائدة، وهذه الأحاديث الأربعون وسائر السنن داخلة تحته، بل تحت كلمة منه وهي قوله:"ولكتابه" لأن الكتاب مشتمل على أمور الدين جميعًا أصلا وفرعًا، وعملا واعتقادًا، فإذا آمن به وعمل بما تضمنه على ما ينبغي فقد جمع الكل.
تنبيه: تميم الداري روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، وروى عنه النبي صلى الله عليه وسلم حديث الدجال إذ وجده تميم وأصحابه في البحر (1)، وهذه من غرائب مسائل علم الحديث، يقال: أي الصحابة روى عنه النبي صلى الله عليه وسلم؟ فيقال: تميم الداري روى عنه النبي صلى الله عليه وسلم الحديث المذكور.
تنبيه: إن قيل: هل الدين محصور في النصيحة على قاعدة حصر المبتدأ في الخبر، أو وراء النصيحة من الدين شيء ويكون قوله:"الدين النصيحة" من باب قوله: "الحج عرفة"(2) أي: معظم الدين النصيحة؟ قلنا: بل الدين محصور في النصيحة لأن من جملة النصيحة طاعة الله ورسوله، والإيمان والعمل بما قالاه من كتاب وسنة، وليس وراء ذلك من الدين شيء، إذ قد سبق في حديث حبريل أن الدين هو الإسلام والإيمان والإحسان وجميع ذلك مندرج تحت ما ذكرناه في النصيحة والله أعلم.
(1) رواه مسلم 4/ 2261 - 2264.
(2)
رواه أبو داود 2/ 486 والترمذي 3/ 237 والنسائي 5/ 256 وابن ماحه 2/ 1003 من حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي.