الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الأربعون:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنبكي فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك. رواه البخاري (1).
وهذا الحديث أصل في الفراغ عن الدنيا والزهد فيها والرغبة عنها والاحتقار لها والقناعة فيها بالبلغة.
قال الشيخ: معناه لا تَرْكَنْ إليها ولا تتخذها وطنا، ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها، ولا بالاعتناء بها، ولا تتعلق منها إلا بما يتعلق به الغريب في غير وطنه، ولا تشتغل فيها إلا بما يشتغل به الغريب الذي يريد الذهاب إلى أهله. انتهى.
قلت: عابر السبيل المارُّ على الطريق قاطعًا (أ) لها بالسير، أو من في معناه غير مقيم بها.
ولا شك أن الإنسان إنما أوجد ليمتحن بالطاعة والمعصية ليكون من أهل الثواب أو العقاب، أو من أصحاب اليمين، أو الشمال بدليل قوله عز وجل {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الكهف: 7] وقوله عز وجل {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ
(أ) في س قاطع.
(1)
5/ 2358.
عَمَلًا} [سورة الملك: 2] وحينئذ هو كعبد أرسله سيده في حاجة إلى بلد غربة، فهو فيه غريب عابر سبيل فشأنه أن يبادر بقضاء ما أرسله فيه ثم يعود إلى وطنه.
وقول ابن عمر رضي الله عنه هو مقتضب من معنى الحديث لأن الغريب لا يدري متى يتوجه إلى وطنه مساء أو صباحًا فهو إذا أمسى في بلد غربة لا ينتظر الصباح، وإذا أصبح لا ينتظر المساء، فكذلك الإنسان في الدنيا الذي هو مشبه (أ) بالغريب في حاله وإمكان (ب) حدوث ترحاله (جـ).
وقوله: "خذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" أي: اعمل في حياتك ما تلقى (د) نفعه بعد موتك، وبادر أيام صحتك فإن المرض قد يطرأ فيمنعك من العمل فتقدم المعاد بغير زاد.
والله عز وجل أعلم بالصواب.
(أ) في م يشبه الغريب.
(ب) في م وآن.
(ب) في س تراحله.
(د) في س يبقى.