المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث العاشر: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول - التعيين في شرح الأربعين - جـ ١

[الطوفي]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الأول:

- ‌الحديث الثَّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌الحديث السابع:

- ‌الحديث الثامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌الحديث العاشر:

- ‌الحديث الحادي عشر:

- ‌الحديث الثاني عشر:

- ‌الحديث الثالث عشر:

- ‌الحديث الرابع عشر:

- ‌الحديث الخامس عشر:

- ‌الحديث السادس عشر:

- ‌الحديث السابع عشر:

- ‌الحديث الثامن عشر:

- ‌الحديث التاسع عشر:

- ‌الحديث العشرون:

- ‌الحديث الحادي والعشرون:

- ‌الحديث الثاني والعشرون:

- ‌الحديث الثالث والعشرون:

- ‌الحديث الرابع والعشرون:

- ‌الحديث الخامس والعشرون:

- ‌الحديث السادس والعشرون:

- ‌الحديث السابع والعشرون:

- ‌الحديث الثامن والعشرون:

- ‌الحديث التاسع والعشرون:

- ‌الحديث الثلاثون:

- ‌الحديث الحادي والثلاثون:

- ‌الحديث الثاني والثلاثون:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون:

- ‌الحديث الرابع والثلاثون:

- ‌الحديث الخامس والثلاثون:

- ‌الحديث السادس والثلاثون:

- ‌الحديث السابع والثلاثون:

- ‌الحديث الثامن والثلاثون:

- ‌الحديث التاسع والثلاثون:

- ‌الحديث الأربعون:

- ‌الحديث الحادي والأربعون:

- ‌الحديث الثاني والأربعون:

الفصل: ‌ ‌الحديث العاشر: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول

‌الحديث العاشر:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال:{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: 51] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك. رواه مسلم (1).

وغذي بالحرام بغين معجمة مضمومة، وذال معجمة مكسورة مخففة، أي: كان غذاؤه الحرام.

ثم في هذا الحديث أبحاث:

البحث الأول: قوله: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا" هذا توطئة لباقي الحديث، وهو طيب المطعم لإجابة الدعاء.

واعلم أن الطيب يطلق بمعان:

أحدهما: المُستَلَذُّ طبعا نحو هذا طعام طيب {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3].

والثاني: بمعنى الحلال، ويقابله الخبيث نحو قوله {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} [المائدة: 100].

(1) 2/ 703.

ص: 114

والثالث: الطيب بمعنى الطاهر ومنه قوله عز وجل {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} {وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} [النور: 26] أي: الطاهرون من العيوب للطاهرات، والله عز وجل طيب بهذا المعنى، أي: هو طاهر منزه عن جميع النقائص، فلا يقبل من الأعمال إلا طاهرًا من المفسدات كالرياء، والعجب ونحوه، ولا من الأموال إلا طاهرا (أ) من الحرام، وفي الحديث:"من عمل عملا أشرك فيه غيري تركته وشركه"(1) وفيه "من صلى في ثوب قيمته عشرة دراهم فيه درهم حرام لم يقبل الله له صلاة "(2).

البحث الثاني: قوله: "وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين" إلى آخره، فيه دليل على أن الرسل وأممهم سواء في عبادة الله عز وجل، والدخول تحت خطابه إلا ما قام عليه الدليل من اختصاصهم على الأمم ببعض الأحكام لأن الجميع عبيد الله، ومأمورون بعبادة الله عز وجل.

والظاهر أن المراد بالطيبات في الآيتين الحلال بدليل ما سِيْقَ (ب) قبله وما بعده من ذم المطعم الحرام.

البحث الثالث: قوله: "ثم ذكر الرجل يطيل السفر" هذا من كلام أبي هريرة رضي الله عنه يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما سبق ذكره استطرد الكلام

(أ) في أإلا ما كان.

(ب) في م سبق.

(1)

سبق تخريجه.

(2)

رواه أحمد (10/ 24 الطبعة المحققة) من حديث ابن عمر بنحوه وضعف محققو المسند إسناده جدا.

ص: 115

حتى ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر إلى آخره. وفيه أمران: أحدهما: قوله: "يمد يديه" إلى السماء يدل على أن من أدب الدعاء رفع اليدين إلى السماء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الاستسقاء حتى يرى بياض إبطيه، أو كما روى أنس (1). وجاء في الحديث "إن الله عز وجل حيي كريم يستحي من عبده أن يرفع إليه كفيه ثم يردهما صفرا "(2).

والثاني: أن تناول الحلال في المطعم والمشرب والملبس ونشوء الجسد على الغداء الحلال -وبالجملة اجتناب الحرام من كل شيء- شرط في إحابة الدعاء، وأن تناول الحرام مانع منه لقوله:"فأنى يستجاب لذلك" ووجه ذلك أن مبدأ إرادة الدعاء القلب، ثم تفيض تلك الإرادة على اللسان فينطق به، والقلب يفسد بتناول الحرام، وهو مدرك بالنظر والوحدان، وإذا أفسد القلب فسد الجسد وجوارحه، والدعاء نتيجة الجسد الفاسد، ونتيجة الفاسد فاسدة، فالدعاء فاسد، والفاسد ليس بطيب، والله عز وجل لا يقبل إلا الطيب، فالله عز وجل لا يقبل دعاء من أكل الحرام وغذي به.

وللدعاء آداب وشروط أخر ذكرها القرافي (3) وغيره في كتاب الدعاء.

(1) رواه البخاري 1/ 349 ومسلم 2/ 612 من حديث أنس.

(2)

رواه أبو داود 2/ 165 والترمذي 5/ 557 وابن ماجه 2/ 1271 من حديث سلمان. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

(3)

لعله شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أبي العلاء إدريس الصنهاجي القرافي المصري ت 684 هـ صاحب الذخيرة فإن له كتابًا في الأدعية (المنجيات والموبقات في الأدعية وما يجوز منها وما يكره وما يحرم) له نسخة في مكتبة البلدية بالأسكندرية رقم (16) فقه مالكي.

ص: 116

منها أن الداعي لا يدعو بمعصية كالإثم وقطيعة الرحم.

ومنها أن لا يدعو بمحال لأن وجوده ممتنع.

ومنها أن لا يخرج عن العادة خروجا بعيدا لأنه سوء أدب على الله عز وجل لأنه جعل للأشياء عادات مضبوطة فالدعاء بخرقها شبيه بالتحكم على القدرة.

قلت: إلا أن يدعوه باسمه الأعظم فيجوز تأسيا بالذي عنده علم من الكتاب إذ دعا بحضور عرش بلقيس فأجيب.

ومنها حضور القلب عند (أ) الدعاء لقوله صلى الله عليه وسلم: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يسمع دعاء من قلب غَافِلٍ لَاهٍ"(1).

ومنها أن يحسن ظنه بالإجابة للحديث المذكور قبله، ولقوله صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل: "أنا عند ظن عبدي بي"(2).

ومنها أن لا يستعجل فيقول: قد دعوت فلم يستجب لي لأن ذلك استحثاث للقدرة، وهو سوء أدب، ولأن ذلك يقطعه عن الدعاء فتفوته الإجابة.

واعلم أن هذا الحديث عظيم (ب) النفع لأنه تضمن بيان حكم الدعاء،

(أ) في أفي.

(ب) في س، م كثير.

(1)

رواه الترمذي 5/ 517 والحاكم 1/ 493 قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو أخرجه أحمد (11/ 235 الطبعة المحققة).

(2)

رواه البخاري 6/ 2694 ومسلم 4/ 2102 من حديث أبي هريرة.

ص: 117

وشرطه، ومانعه، والدعاء كما ورد في السنة "مخ العبادة" (1) وقال الله عز وجل {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [غافر: 60] الآية جعل الدعاء عبادة، ولأن الداعي إنما يدعو الله عز وجل عند انقطاع أمله مما سواه، وذلك حقيقة التوحيد والإخلاص ولا عبادة فوقهما. فالدعاء مخ العبادة من هذا الوجه. والله عز وجل أعلم بالصواب.

(1) رواه الترمذي 5/ 456 من حديث أنس وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه.

ص: 118