الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب العدة
مدخل
مدخل
…
كتاب العدة:
وأجمعوا على وجوبها للكتاب والسنة في الجملة.
"وهي: تربص من فارقت زوجها بوفاة أو حياة" بطلاق، أو خلع أو فسخ.
"والمفارقة بالوفاة تعتد مطلقا" كبيرا كان الزوج أو صغيرا، يمكنه الوطء أو لا كبيرة كانت الزوجة أو صغيرة، لعموم قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} 1.
"فإن كانت، حاملا من الميت، فعدتها: حتى تضع كل الحمل" لقوله تعالى: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} 2 وأجمعوا على ذلك إلا ابن عباس، فإنه قال: تعتد بأقصى الأجلين. ذكره في الشرح. وإنما تنقضي العدة بوضع ما تصير به أمة أم ولد، وهو ما تبين فيه خلق إنسان. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن عدة المرأة تنقضي بالسقط إذا علم أنه ولد. ذكره في الشرح.
"وإن لم تكن حاملا، فإن كانت حرة فعدتها: أربعة أشهر، وعشر ليال بأيامها" لأن النهار تبع الليل، للآية، ولقوله صلى الله عليه وسلم "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث،
1 البقرة من الآية/ 234.
2 الطلاق من الآية/ 4.
إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا" متفق عليه. ولا يعتبر الحيض في عدة الوفاة في قول عامة أهل العلم.
"وعدة الأمة نصفها" شهران وخمس ليال، في قول عامة أهل العلم لإجماع الصحابة على تنصيف عدة الأمة في الطلاق، فكذا عدة الوفاة. وإذا مات زوج الرجعية استأنفت عدة الوفاة. حكاه ابن المنذر إجماعا لأنها زوجته، ويلحقها طلاقه وإيلاؤه، ولا تنتقل البائن لأنها أجنبية منه.
"والمفارقة في الحياة" لطلاق أو غيره قبل المسيس
"لا تعتد" بالإ جماع لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} 1 الآية.
"ولا إن خلا بها" ولو لم يمسها فتجب العدة بالخلوة، لما روى أحمد بإسناده عن زرارة بن أوفى قال قضى الخلفاء الراشدون أن من أغلق بابا، أو أرخى حجابا، فقد وجب المهر، ووجبت العدة.
"أو وطئها وكان ممن يطأ مثله، ويوطأ مثلها، وهو: ابن عشر، وبنت تسع" فعليها العدة بالإجماع، لقوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} 2 ولأنه مظنة لاشتغال الرحم بالحمل، فتجب العدة لاستبرائه. فإن وطئ ابن دون عشر، أو وطئت بنت دون تسع، فلا عدة لذلك الوطء، لتيقن براءة الرحم من الحمل.
"وعدتها إن كانت حاملا بوضع الحمل" كله، للآية السابقة. وعن
1 الأحزاب من الآية/ 49.
2 البقرة من الآية/ 228.
أبي بن كعب قلت: يا رسول الله وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن: للمطلقة ثلاثا، أو للمتوفى عنها؟ فقال:"هي للمطلقة ثلاثا، وللمتوفى عنها" رواه أحمد، والدارقطني. وعن الزبير بن العوام أنها كانت عنده أم كلثوم بنت عقبة، فقالت لي وهي حامل: طيب نفسي بتطليقة. فطلقها تطليقة. ثم خرج إلى الصلاة، فرجع وقد وضعت. فقال: ما لها خدعتني، خدعها الله ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"سبق الكتاب أجله، اخطبها إلى نفسها" رواه ابن ماجه.
"وإن لم تكن حاملا، فإن كانت تحيض فعدتها: ثلاث حيض إن كانت حرة" أومبعضة بغير خلاف بين أهل العلم، لقوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} 1، الآية. والقرء الحيض. روي عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس، رضي الله عنهم. وبه قال الحسن ومجاهد، وإليه ذهب الأوزاعي والثوري وأصحاب الرأي، لأنه المعهود في لسان الشرع، لحديث:"تدع الصلاة أيام أقرائها" رواه أبو داود. وحديث "إذا أتى قرؤك فلا تصلي، وإذا مر قرؤك فتطهري ثم صلي ما بين القرء إلى القرء" رواه النسائي. ولم يعهد في لسانه استعمال القرء بمعنى: الطهر، وإن كان في اللغة مشتركا بين الحيض والطهر. وقالت عائشة، رضي الله عنها أمرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض رواه ابن ماجه.
"وحيضتان إن كانت أمة" لحديث ابن عمر مرفوعا: "طلاق الأمة: طلقتان، وقرؤها: حيضتان" رواه أبو داود. ولأنه قول: عمر وابنه،
1 البقرة من الآية/ 228.
وعلي. ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة، فكان إجماعا، وهو مخصص لعموم الآية. وكان القياس أن تكون عدتها. حيضة ونصفها، كحدها، إلا أن الحيض لا يتبعض ولاتعتد بحيضة طلقت فيها، بل تعتد بعدها بثلاث حيض كوامل. قال في الشرح: لا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم. ولا تحل مطلقته لغيره إذا انقطع دم الحيضة الأخيرة حتى تغتسل في قول أكابر الصحابة، منهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبو موسى وعبادة بن الصامت وأبو الدرداء رضي الله عنهم. وعنه: القرء الطهر. روي عن زيد بن ثابت وعائشة، وهو قول: الفقهاء السبعة والزهري، وبه قال: ربيعة ومالك والشافعي، لقوله تعالى:{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} 1 أي: في عدتهن. وإنما يطلق في الطهر، فعليها آخر العدة آخر الطهر الثالث إذا رأت الدم بعده انقضت عدتها. ويحتمل أن لا يحكم بانقضائها حتى ترى الدم يوما وليلة، لأن ما دونه يحتمل أن لا يكون حيضا. قاله في الكافي.
"وإن لم تكن تحيض: بأن كانت صغيرة، أو بالغة ولم تر حيضا ولا نفاسا أو كانت آيسة، وهي: من بلغت خمسين سنة" أو ستين سنة كما تقدم.
"فعدتها: ثلاثة أشهر إن كانت حرة" إجماعا لقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} 2، أي كذلك.
1 الطلاق من الآية/ 1.
2 الطلاق من الآية/4.
"وشهران إن كانت أمة" نص عليه. واحتج بقول عمر: عدة أم الولد حيضتان، ولو لم تحض كان عدتها شهرين رواه الأثرم.
"ومن كانت تحيض ثم ارتفع حيضها قبل أن تبلغ سن الإياس، ولم تعلم ما رفعه، فتتربص تسعة أشهر" للحمل لأنها غالب مدته لتعلم براءة رحمها.
"ثم تعتد عدة آيسة" ثلاثة أشهر. قال الشافعي: هذا قضاء عمر بين المهاجرين والأنصار، لا ينكره منهم منكر، علمناه فصار إجماعا قاله في الكافي والشرح.
"وإن علمت ما رفعه من مرض، أو رضاع، أو نحوه، فلا تزال متربصة حتى يعود الحيض، فتعتد به" وإن طال الزمن لأنها مطلقة، لم تيأس من الدم، فيتناولها عموم الآية. وعن محمد بن يحيى بن حبان أنه كانت عند جده امرأتان: هاشمية، وأنصارية. فطلق الأنصارية وهي ترضع. فمر بها سنة، ثم هلك ولم تحض، فقالت الأنصارية لم أحض فاختصموا إلى عثمان، فقضى لها بالميراث، فلامت الهاشمية عثمان، فقال: هذا عمل ابن عمك، وهو أشار علينا بهذا. يعني: علي بن أبي طالب رضى الله عنه رواه الأثرم
"أو تصير آيسة فتعتد كآيسة" نص عليه. قال في الإنصاف: وعنه تنتظر زوال ما دفعه، ثم إن حاضت اعتدت به، وإلا اعتدت بسنة. ذكره محمد بن نصر المروزي عن مالك. ومن تابعه منهم: أحمد. ونقل ابن هانئ أنها تعتد بسنة. واختار الشيخ تقي الدين: إن علمت عدم عوده فكآيسة، وإلا اعتدت سنة. انتهى.