الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما جرت العادة بالانتظار فيه، والمراجعة لصاحبه، لعدم التحديد فيه من الشارع.
"أو تجهل المسافة، أو يجهل مكانه مع قربه" أو تعذرت مراجعته فيزوج الأبعد، لأن الأقرب هنا كالمعدوم.
"أو يمنع من بلغت تسعاً كفءاً رضيته" ورغب بما صح مهراً فللأبعد تزويجها. نص عليه، واختاره الخرقي. وعنه: يزوج الحاكم، وهو اختيار أبي بكر، لقوله صلى الله عليه وسلم:"فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له".
فصل ووكيل الولي يقوم مقامه:
سواء كان الولي حاضراً أو غائباً مجبراً أو غير مجبر، لأنه عقد معاوضة فجاز التوكيل فيه كالبيع، وقياساً على توكيل الزوج، لأنه صلى الله عليه وسلم وكل أبا رافع في تزويجه ميمونة. رواه مالك. ووكل عمرو بن أمية في تزويجه أم حبيبة.
"وله" أي: الولي
"أن يوكل بدون إذنها" لأنه إذن من الولي في التزويج، فلا يفتقر إلى إذن المرأة، ولأن الولي ليس وكيلاً للمرأة بدليل أنها لا تملك عزله من الولاية.
"لكن لا بد من إذن غير المجبرة للوكيل بعد توكيله" لأنه نائب عن غير مجبر فيثبت له ما يثبت لمن ينوب عنه، ولا أثر لإذنها له قبل أن يوكله الولي، لأنه أجنبي إذاً. وأما بعده فولي.
"ويشترط في وكيل الولي ما يشترط فيه" لأنها ولاية فلا يصح أن يباشرها غير أهلها، ولأنه إذا لم يملك تزويج موليته أصالة فلأن لا يملك تزويج مولية غيره بالتوكيل أولى.
"ويصح توكيل الفاسق في القبول" لأنه يصح قبول النكاح لنفسه، فصح لغيره.
"ويصح التوكيل مطلقاً، كـ: زوج من شئت" نص عليه.
"ويتقيد بالكفء" لما روي: أن رجلاً من العرب ترك ابنته عند عمر، وقال: إذا وجدت كفءاً فزوجه ولو بشراك نعله، فزوجها عثمان بن عفان فهي أم عمرو بن عثمان. واشتهر ذلك ولم ينكر.
"ومقيداً، كـ: زوج زيداً" فلا يزوج غيره.
" ويشترط" لنكاح فيه توكيل في القبول
"قول الولي أو وكيله: زوجت فلانة فلاناً، أو لفلان" ويصفه بما يتميز به، ولا يقول زوجتكها ونحوه.
"وقول وكيل الزوج: قبلته لموكلي فلان، أو لفلان" فإن لم يقل ذلك لم يصح النكاح، لفوات شرط من شروطه، وهو تعيين الزوجين.
"ووصي الولي في النكاح بمنزلته" إذا نص له عليه، لأنها ولاية ثابتة للموصي فجازت وصيته بها، كولاية المال، ولأنه يجوز أن يستنيب فيها في حياته، ويقوم نائبه مقامه، فجاز أن يستنيب فيها بعد موته.
"فيجبر من يجبره" الموصي لو كان حياً
"من ذكر وأنثى" قال في الكافي: وعنه: ليس له الوصية بذلك، لأنها ولاية لها من يستحقها بالشرع، فلم يملك نقلها بالوصية. كالحضانة.
وقال ابن حامد: إن كان لها عصبة لم تصح الوصية بها لذلك، وإن لم يكن صحت لعدمه. انتهى.
"وإن استوى وليان فأكثر في درجة، صح التزويج من كل واحد، إن أذنت لهم" لوجود سبب الولاية في كل منهم بإذن موليته، أشبه ما لو انفرد بالولاية.
"فإن أذنت لأحدهم تعين، ولم يصح نكاح غيره" لعدم الإذن قال في الشرح: وإذا كان لها وليان فأذنت لكل منهما في معين أو مطلق فزوجاها لرجلين، وعلم السابق منهما، فالنكاح له سواء دخل بها الثاني، أو لم يدخل. وقال مالك: إن دخل بها الثاني فهي له، لقول عمر: إذا أنكح وليان فالأول أحق ما لم يدخل بها الثاني. ولنا ما روى سمرة عنه، صلى الله عليه وسلم، قال:"أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول" رواه أبو داود والترمذي، وأخرجه النسائي عنه، وعن عقبة، وروى نحوه عن علي. وحديث عمر لم يصححه أصحاب الحديث. فإن جهل الأول منهما فسخ النكاحان. وعنه: يقرع بينهما. انتهى.
"ومن زوج بحضرة شاهدين عبده الصغير بأمته" جاز أن يتولى طرفي العقد بلا نزاع، لأنه عقد بحكم الملك لا بحكم الإذن.
"أو زوج ابنه بنحو بنت أخيه، أو وكل الزوج الولي" أن يقبل له النكاح من نفسه.
"أو عكسه" بأن وكل الولي الزوج في إيجاب النكاح لنفسه.
"أو وكلا واحداً" بأن وكله الولي في الإيجاب، والزوج في القبول
"صح أن يتولى طرفي العقد" ولا يشترط الجمع بين الإيجاب والقبول، فلذا قال:
"ويكفي: زوجت فلاناً فلانة" وإن لم يقل: وقبلت له نكاحها.
"أو: تزوجتها، إن كان هو الزوج" وإن لم يقل: وقبلت نكاحها لنفسي. وكذا إن كان الزوج هو وليها، وأذنت له، لما روى البخاري عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال لأم حكيم ابنة قارظ: أتجعلين أمرك إلي؟ قالت: نعم. قال: قد تزوجتك. ويجوز أن يجعل أمرها إلى من يزوجها منه بإذنها، لأن المغيرة بن شعبة أمر رجلاً أن يزوجه امرأة، المغيرة أولى بها منه رواه أبو داود.
"ومن قال لأمته: أعتقتك، وجعلت عتقك صداقك، عتقت، وصارت زوجة له" روي عن علي، وفعله أنس وروى أنس "أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أعتق صفية وجعل عتقها صداقها". رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه. وعن صفية قالت: "أعتقني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وجعل عتقي صداقي" رواه الأثرم.
"إن توفرت شروط النكاح" منها: أن يكون الكلام متصلاً بحضرة شاهدين عدلين، لحديث "لا نكاح إلا بولي وشاهدين" ذكره أحمد.
"الرابع: الشهادة، فلا ينعقد إلا بشهادة ذكرين مكلفين، ولو رقيقين متكلمين" لأن الأخرس لا يتمكن من أداء الشهادة.
"سميعين" لأن الأصم لا يسمع العقد فيشهد به.
"مسلمين عدلين ولو ظاهراً من غير أصلي الزوجين وفرعيهما" لأنهم لا تقبل شهادتهم للزوجين. واشتراط الشهادة في النكاح احتياط للنسب خوف الإنكار، روي عن عمر وعلي وغيرهما، لحديث عائشة مرفوعاً "لا بد في النكاح من حضور أربعة: الولي، والزوج،
والشاهدين" رواه الدارقطني. وعن عمران ابن حصين مرفوعاً "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" ذكره أحمد في رواية ابنه عبد الله، ورواه الخلال. ولمالك في الموطأ عن أبي الزبير أن عمر بن الخطاب أتي بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة، فقال: هذا نكاح السر، ولا أجيزه، ولو كنت تقدمت فيه لرجمت1 وعن ابن عباس مرفوعاً: "البغايا: اللواتي يزوجن أنفسهن بغير بينة" رواه الترمذي. قال في الشرح: وعنه: يصح بغير شهود، فعله عمر وابن الزبير وهو قول مالك إذا أعلنوه. قال ابن المنذر: لا يثبت في الشاهدين في النكاح خبر. وقد أعتق صفية وتزوجها بغير شهود. وقال يزيد بن هارون: أمر الله بالإشهاد في البيع دون النكاح، فاشترطه أصحاب الرأي للنكاح دون البيع. انتهى.
"الخامس: خلو الزوجين من الموانع" الآتية في باب المحرمات
"بأن لا يكون بهم، أو بأحدهما ما يمنع التزويج من النسب، أو سبب" كرضاع، ومصاهرة، واختلاف دين، ونحوها.
"والكفاءة ليست شرطاً لصحة النكاح" بل للزومه. قال في الشرح: وهي أصح. وهو قول أكثر أهل العلم لقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} 2. وفي البخاري "أن أبا حذيفة أنكح سالماً ابنة أخيه الوليد بن عتبة، وهو مولى لامرأة من الأنصار. وأمر صلى الله عليه وسلم، فاطمة بنت قيس أن تنكح أسامة، فنكحها بأمره" متفق عليه. وزوج أباه زيداً ابنة عمته زينب. وقال ابن مسعود لأخته أنشدك
1 قوله: تقدمت بضم التاء وكسر الدال المشددة وضم التاء على البناء للمجهول.
2 الحجرات من الآية/ 13.
الله ألا تنكحي إلا مسلماً، وإن كان أحمر رومياً، أو أسود حبشياً انتهى.
"لكن لمن زوجت بغير كفء أن تفسخ نكاحها. ولو متراخياً" لأنه لنقص في المعقود عليه، أشبه خيار العيب.
"ما لم ترض بقول أو فعل" كأن مكنته عالمة بأنه غير كفء.
"وكذا لأوليائها" الفسخ، لتساويهم في لحوق العار بفقد الكفاءة.
"ولو رضيت، أو رضي بعضهم، فلمن لم يرض الفسخ" ويملكه الأبعد مع رضي الأقرب، لعدم لزوم النكاح لفقد الكفاءة، ولأن العار عليهم أجمعين.
"ولو زالت الكفاءة بعد العقد، فلها فقط الفسخ" كعتقها تحت عبد، لأن حق الأولياء في ابتداء العقد، لا في استدامته. قيل لأحمد فيمن يشرب الخمر: يفرق بينهما؟ قال: أستغفر الله. وعنه: أن الكفاءة شرط لصحة النكاح. قدمها في الشرح والكافي والمنتهى. قال في شرحه: وهي المذهب عند أكثر المتقدمين، لأن منعها من تزويج نفسها لئلا تضعها في غير كفء فبطل العقد لتوهم العار، فها هنا أولى، ولما فيه من حق الله تعالى. وعن جابر مرفوعاً:"لا ينكح النساء إلا الأكفاء، ولا يزوجهن إلا الأولياء" وقال عمر، رضي الله عنه: لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء رواهما الدارقطني.
"والكفاءة معتبرة في خمسة أشياء:"
"1- الديانة" فلا تزوج عفيفة بفاجر، لأنه مردود الشهادة والرواية وذلك نقص في إنسانيته، فليس كفئاً لعدل. قال تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ
مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ} 1 وعن أبي حاتم المزني مرفوعاً: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير". قالوا: يا رسول الله: وإن كان فيه؟ قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه" ثلاث مرات رواه الترمذي، وقال حسن غريب.
"2- والصناعة:" فلا يكون صاحب صناعة دنيئة: - كالحجام، والكساح، والزبال، والحائك - كفئاً لمن هو أعلى منه، لأن ذلك نقص في عرف الناس أشبه نقص السبب. وفي حديث:"العرب بعضهم لبعض أكفاء، إلا حائكاً، أو حجاماً" قيل لأحمد: كيف تأخذ به وأنت تضعفه؟ قال: العمل عليه. أي أنه يوافق العرف.
"والميسرة" بحسب ما يجب لها: فلا تزوج موسرة بمعسر، لأن عليها ضرراً في إعساره، لإخلاله بنفقتها، ومؤنة أولاده، لقوله صلى الله عليه وسلم "الحسب المال" وقال:"إن أحساب الناس بينهم هذا المال" رواه النسائي بمعناه. وعنه: لا تعتبر، لأن الفقر شرف في الدين وقد قال النبي، صلى الله عليه وسلم:"اللهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً" رواه الترمذي. وليس هو أمراً لازماً، فأشبه العافية في المرض.
"3- والحرية:" فلا تزوج حرة بعبد، لأنه منقوص بالرق، ممنوع من التصرف في كسبه، غير مالك له. ولأنه صلى الله عليه وسلم خير
1 السجدة الآية/ 18.